-A +A
نجيب يماني
في مرتقانا بسُلّم المجد.. وعند منعرج الطريق إلى العلياء..؛ وقفنا في الذكرى 88 لليوم الوطني لندير بوصلة الزمان إلى أعظم حدث في تاريخ الإنسانية الحديث، يوم أن توحّدت هذه الأرض المباركة تحت راية التوحيد، وأذعنت لصوت الحكمة الذي صدح به الملك المؤسس -طيّب الله ثراه-، وهو يدعو شتاتها لكلمة سواء، ويلمّ شعثها بدربة وحنكة وعزيمة البطل، ليخلد اسمه في سطور العظماء..

منذ 88 عامًا مضت، كان الوعد والبشارة ينادي «المملكة» أن «سارعي للمجد والعلياء».. على هذا الحداء الماجد كانت الخطى تمضي؛ الغاية أعلى الذرى، والهمة لا تعرف الونى، والطريق سالك..


حقبة إثر حقبة، وعامًا تلو آخر كانت المسيرة تمضي، وفي كل عام يكبر قرص الشمس في أفق الوطن، وتشرق ربوعه تنمية وازدهارًا ونماء.. قاعدته الأساسية الأمن والسلام والاطمئنان، ومنطلقه العطاء بلا منٍّ، والإنجاز بلا توقف.. فكانت المحصلة من كل هذا الجهد ما بلغته المملكة العربية السعودية اليوم من شأو ومكانة، عملت عليها بجد، وسعت إليها بعزيمة، وبلغتها بجدارة واستحقاق.. مسيرة عصية على التلخيص، وقمينة بأن تحتذى نموذجًا لنهضة أمة، أظهرت قدرتها في تخطّى الصعاب، وبلوغ الغايات العظام.

نقف اليوم على سلّم المجد الأثيل، وعلى منعرج الطريق إلى آفاق علياء أرحب، في عهد «سلمان» الحزم والعزم، و«محمد» الوثبة والطموح.. وقد تعاظمت التحديات، وتغيرت المعطيات، وبات ضروريًا أن نتطوّر بمرتكزاتنا وثوابتنا لنواكب الواقع؛ تفاعلاً وانفعالاً بقضاياه.. وهذا الذي نشهده اليوم ماثلاً في تكامل «الشموخ» و«الوثبة».

من المهم أن نفهم أن احتفاءنا باليوم الوطني ليس عادة نمارسها بلا وعي، أو مناسبة نجتازها بلا بصيرة، أو ذكرى نمر عليها مرور الكرام، ولكنها لحظة مهمة تستوجب علينا أن نقف عندها مليًا، ونسترجع في مرآة ذكراها المجد الذي تأسس، والشموخ الذي استطال، والوثبة التي تنتظر، بما يعمّق فينا جميعًا أسمى معاني الوطنية والانتماء، ويوجب علينا بذل الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن المعطاء، ويحملنا مسؤولية المحافظة على هذا الإرث العظيم إلى الأجيال القادمة، بذات الوهج والعنفوان، وبنفس الروح التي عرفها الأجداد والآباء، ليبلغ الشوط مداه، وتبقى رايتنا العربية السعودية خفاقة دومًا في أعلى الذرى الشوامخ..

لابد أن نعي جميعًا أن هذه المسيرة المباركة تنتاشها بالحقد والموجدة، سهام الحاقدين ومن شايعهم بالوكالة والارتزاق، وهنا يتعاظم معنى الفداء والتضحية ذودًا عن حمى هذا الوطن العزيز، وصونًا لترابه الغالي، فما أعظم تلك الأنفس الشهيدة التي جادت بالأرواح الغالية فداء للشرف والعزة والكرامة، فكان فداؤها مهرًا للقيم المصونة، التي يتوجب علينا جميعًا استشعار معانيها البارقة..

لقد كانت هذه القيادة على ذات الوعي الباصر، وهي تجتث «مستنقعات الفتنة»، وبؤر الغلو والتطرف والانحراف الفكري، الذي وجد فرصته للتمدد بيننا زمنًا، لتأتي عليه يد الحزم اجتثاثًا، والعزم بترًا، ليتخلّص الوطن من معوق كبير شوّش مسيرة انطلاقه، ورسم له صورة لا تلائمه في العقل الجمعي العالمي، لتأتي هذه الخطوة المباركة وتعيد الأمور إلى نصابها، وتضع المملكة العربية السعودية في الطريق الصحيح نحو التطور والنمو بشكل طبيعي، مسنودًا ذلك بفكر قائده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد الأمين، محمد الخير، حفظهما الله، الذي رسم ملامح مستقبلنا الزاهر بإطلاق رؤية المملكة 2030 التي أذهلت العالم بما انطوت عليه من طموحات كبيرة، واستشرف واعٍ للمستقبل، لا يقوم على الأماني الخُلّب، والوعد الأجوف؛ بل ينهض بتفجير الطاقات، وتسخير المعطيات، بأقصى الاحتمالات الممكنة، وتحريك كافة مفاصل الحياة المهملة، بما يجعل منها جميعًا تروسًا ضاجة بالحركة والنشاط، وصولاً إلى الغايات المطلوبة، والأمنيات المستشرفة.. وبهذه الرؤية المباركة، وهذا العقل المستنير، وتلك الروح الوثابة اقتعد ولي العهد الأمين موقعه في نادي زعماء العالم المؤثرين، فأصبح للمملكة صوتها الذي يجب أن يسمع، وكلمتها التي يجب أن تحترم، ودورها الذي لا يمكن تجاوزه سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، وبهذا يكتسب اليوم الوطني معناه الأعمق والأرسخ، بعمق المكانة التي بات وطننا يحتلها في خارطة عالم اليوم.

نجدد الولاء المطلق لقيادتنا الرشيدة في ذكرى يوم الوطن، مؤكدين أننا سنظل جنود أوفياء لمبادئ المؤسس وأبنائه، نقدم عطاءنا ما وسعنا الجهد لرفعة وطننا العزيز، ونسعى ما وسعتنا الخطى لمجده وعليائه. دامت أفراحك يا وطني ودام أمنك وأمانك.

* كاتب سعودي