-A +A
علي حسن التواتي
alitawati@

الطاقة المتجددة بحسب تعريف وكالة الطاقة الدولية هي المنتجة من مصادر طبيعية كضوء الشمس والرياح والحرارة الجوفية والهيدروليكية وبعض أشكال الكتلة الحيوية.


والدافع خلف كتابة هذه المقالة هو إعلان وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح في افتتاح منتدى للطاقة عقد بالرياض، يوم الإثنين 17-4-2017، عن تدشين برنامج للطاقة المتجددة تحت مسمى (برنامج الملك سلمان للطاقة المتجددة) الذي سيبدأ في تنفيذه فورا بطرح 30 مشروعاً لإنتاج 10 غيغاوات من الطاقة الكهربائية بحلول 2023 تشكل 10 % من إجمالي الطاقة الكهربائية في المملكة.

وسبق للوزير الفالح أن صرح بهذه الأرقام في شهر يناير الماضي، مضيفا أن إجمالي الاستثمار في المشاريع سيكون (50) بليون دولار، وتوقع أن يكون المردود المالي لهذا الاستثمار (100) بليون دولار، والهدف النهائي هو توفير 30 % من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة بحلول 2030 بحسب الرؤية الوطنية.

والحقيقة أن خبر البدء في تنفيذ مشاريع للطاقة المتجددة يجب أن يكون مفرحا للمواطنين، بعد تاريخ حافل من الإحباطات بدأت بمشروع الطاقة الشمسية في مدينة الملك عبدالعزيز للبحوث الذي نسينا تاريخ بدئه لتقادمه وما إذا كان مستمرا أو تم صرف النظر عنه وما حجم الأموال التي صرفت عليه. وعلى كل حال قفزنا للأمام بالإعلان عن خطة جديدة عام 2012، تهدف لإنتاج 41 غيغاوات من الطاقة الشمسية بحلول 2032م، على أن يبدأ تنفيذ المشاريع على الفور. وبدلا من طرح مشاريع الطاقة للتنفيذ، تم الحديث عن تغيير الموعد النهائي لاستكمال المشاريع في 2040م. وفي 2017م ظهرت رؤية 2030 التي حملت رقما أكثر واقعية للطاقة المنتجة من مصادر متجددة بحدود 9.5 غيغاوات بحلول 2030م. ولكن تصريحات وزير الطاقة أعلاه تعود الى طرح إمكانية إنتاج 10 غيغاوات، من مصادر متجددة بحلول 2023، وهذا رقم يشكل طموحا أبعد من رؤية 2030 وفي نصف المدة تقريبا، وقد يفسر بأن هدف رؤية 2030 تغير إلى 20 غيغاوات.

وبنظرة على المستوى العالمي في إنتاج الطاقة من مصادر متجددة منذ 2012 (سنة الإعلان عن مشاريعنا في هذا القرن) نجد أن نصيب الطاقة المتجددة بعد 40 عاما من الجهود العالمية من إجمالي عرض الطاقة العالمية لم يتخط 13.8% بحلول 2014. وفي 2013 شكل إنتاج «الكهرباء» من هذه المصادر المتجددة 22% ويتوقع أن يرتفع إلى 26% في 2020؛ بمعنى أنه سيرتفع بمتوسط مقداره 4% على مدى 5 سنوات إذا ما عرفنا أن التقديرات ظهرت في تقرير الطاقة 2015؛ ما يعني بأن طموح وزير طاقتنا بإنتاج 10 غيغاوات في 7 سنوات يفوق طموح العالم بكثير.

أما الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة، كما تسمى أحيانا، فقد بلغت 287 بليون دولار سنة 2016 بعد التناقص الذي طرأ على الاستثمارات الصينية في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بعد سنين من النمو الاستثنائي. وبهذا يمكن أن نضع تقديرا لتكلفة برنامج وزارة الطاقة السعودي حول 17% من تكلفة الإنتاج العالمي للطاقة المتجددة في 2016 بحسب هذه التقديرات، وحول 16.66% بحسب تقديرات وزير الطاقة وهي كما نرى تكلفة كبيرة للغاية.

بقي أن نعرف أن أهم عشر دول في إنتاج الطاقة المتجددة بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية هي على التوالي، الصين، الهند، البرازيل، الولايات المتحدة، البرازيل، نيجيريا، إندونيسيا، كندا، أثيوبيا، ألمانيا وباكستان.

أما على مستوى الدول العربية فقد ضمت القائمة أيضا على التوالي، السودان، مصر، المغرب، تونس، العراق، سوريا، لبنان، الأردن، ليبيا، اليمن، الإمارات وقطر.

أما بلادنا فقد وردت ضمن القائمة الصفرية في بيانات الوكالة، ولكن بحسب بيانات مجلس الطاقة الدولي- لندن، نجد أن الطاقة المنتجة فعلاً من المصادر المتجددة في المملكة ليست صفرية، ولكنها ضئيلة وتنحصر حاليا بـ25 ميغاوات في العام من الطاقة الشمسية، و3.65 كيلو طن أو ما يعادلها في العام من الطاقة الحرارية من منشآت قائمة طاقتها الإجمالية 44 ميغاوات.

ويجب الاعتراف بأنني أثناء قراءة قواعد بيانات الطاقة المتجددة وغير المتجددة في العديد من المواقع العالمية، كانت كلمات سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في شرحه لرؤية 2030 تدق في أذني كجرس الإنذار حين قال في مقابلة تلفزيونية على قناة العربية «إن هناك ما يشبه حالة إدمان نفطية في السعودية، وهذا هو الخطر الحقيقي.. وبسبب حالة الإدمان النفطية الحالية أصبح هناك ما يشبه التعطيل للتنمية». بل تسببت هذه الحالة باسترخاء وتعطيل حقيقي للتنمية. ولعل ما جرى في مشاريع الطاقة المتجددة على مدى 40 عاما يمكن أن يطرح كشاهد على مصداقية وشفافية رؤية الأمير ومقولته التاريخية التي شخصت العلة وتحاول أن تعيد رسم معالم الطريق.

* كاتب ومحلل إستراتيجي سعودي

altawati@gmail.com