-A +A
حسين شبكشي
يواجه الإنسان في مشوار حياته العديد من الصعاب والتحديات والمشاق، ومنها تحديداً ما يصبو إلى مقام الابتلاء، وما يأتي معها من تحدٍ وجلد وتحمّل وصبر واختبار للإيمان والقدرات. ولعل أحد أخطر وأهم وأصعب هذه الابتلاءات هي الإصابة بالأمراض الصعبة والمستعصية، وحين استحضار هذه الأمثلة يأتي على رأسها مرض السرطان. فهو مرض يتحدى قدرات الإنسان ويستحضر إمكانيات صبره وإيمانه وتحمله.

ولعل من أهم التجارب الملهمة والمؤثرة هي تلك التي مرّت على السيدة ميادة باحارث وابنتها سحر بحراوي، اللتين مرتا بنفس التجربة الصعبة والمريرة عندما تم تشخيصهما بمرض السرطان في نفس الوقت. وكان عليهما مواجهة المرض المخيف بخلطة قوية من المشاعر العنيفة الخاصة بالأمومة والبنوة.


رفضت السيدتان نظرات الشفقة بحقهما وقررتا مواجهة المرض سوياً والتعامل بإيمان عميق وصبر كبير لمراحل العلاج الكيماوي المنهكة وتبعياته وآثاره الجانبية المؤلمة على الصعيدين النفسي والجسدي. خوف الأم على الابنة وخوف الابنة على أمها كان الشعور والإحساس الأهم الذي تحوّل بمثابة وقود تحمّل وطاقة صبر.

ومع صدمة التشخيص وآلامه وصعوبات المرض وأوجاعه وأهوال العلاج وآثاره وصولاً إلى جمال الشفاء وحلاوته كان المشوار الصعب بين اليأس والرجاء.

تابع المقربون قصة ميادة وسحر كما كان يشار إليهما، وسرعان ما كبرت واتسعت دائرة المهتمين بتفاصيل الموضوع بالرغم من عدم معرفتهم بأصحاب القصة شخصياً، لأن تفاصيل القصة كانت ملهمة ومحفزة وباعثة للأمل ومثبتة للإيمان ومعززة للصبر لكل من كان يمر بمشكلة أو مصيبة أو ابتلاء.

تعلمنا هذه القصة، كما كانت ميادة باحارث حريصة في التأكيد على ذلك في بودكاست أخير لها، أن قدرة الإنسان هائلة وكبيرة جداً في التعامل مع الصعاب متى ما آمن بذلك واستطاع سد باب اليأس تماماً. هذه القصة الرائعة الملهمة بدموعها وضحكاتها وبأحزانها وأتراحها تستحق أن توثّق وتسجّل وتروى عن طريق الروائية القديرة نفسها سحر بحراوي. وليست هناك أي مبالغة من طلب أن تتحوّل هذه القصة إلى فيلم أو مسلسل على إحدى المنصات المتخصصة المعروفة مثل شاهد أو نتفليكس.

تحدي الابتلاء يكمن في كيفية مواجهته والتعامل معه، وقصة ميادة وسحر فيها الكثير من الدروس والعبر والأمل.