-A +A
حمود أبو طالب
‏هناك الكثير من المآخذ على البنك الدولي، الذي تم إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية (ومعه صندوق النقد الدولي)، وأهمها أن المساعدات أو القروض التي يقدمها للدول المحتاجة تفتح الباب للدول الكبرى، وخصوصاً أمريكا، للتدخل في اقتصادات تلك الدول عبر استثمارات وجماعات ضغط تجعل من هذه الدول تابعة لها، وبالتأكيد لا يمكن للبنك الدولي أن يعترف بذلك، بل ينفي هذه الاتهامات أو الحقائق التي أصبحت معروفة نتيجة تجارب كثير من الدول مع البنك الذي يدعي أن القيم التي يعمل بموجبها هي: الأثر والنزاهة والاحترام والعمل الجماعي والابتكار!

الآن يبدو أن البنك تطور من فرض الهيمنة الاقتصادية على الدول المحتاجة لقروضه إلى فرض الهيمنة الثقافية بالمعايير الأخلاقية التي بدأت تتقدم في ترتيب الأجندات الغربية، وهذا هو التطور السيئ العجيب الذي لم يكن متوقعاً أن يتمرغ البنك في وحله بهذه العلنية الوقحة، مثل ما حدث مع دولة أوغندا التي قطع البنك التمويل عنها بسبب معارضتها الشذوذ وفرض قوانين لمواجهته. يقول الرئيس الأوغندي: «من المؤسف أن يجرؤ البنك الدولي وغيره من الجهات الأخرى على إجبارنا على التخلي عن عقيدتنا وثقافتنا ومبادئنا وسيادتنا باستخدام المال، إنهم يستخفون حقاً بكل الأفارقة».. وقد بثت قناة الإخبارية قبل أيام تقريراً جريئاً عن البنك الدولي بنسخته الجديدة التي تشترط دعم الشذوذ والمثلية مقابل تلقي الدعم.


هذا السقوط المشين لمؤسسة دولية معنية بدعم الدول المحتاجة اقتصادياً، يؤكد أننا إزاء مرحلة استعمارية جديدة، هدفها مسخ المجتمعات، وسببها تبعية البنك للدول الكبرى التي تتبنى هذا التفسخ الأخلاقي الخطير، وهو دليل قطعي بأن كل ادعاءات البنك بالحياد والاستقلالية غير صحيحة أبداً. لكن المؤكد أن بعض الدول قد ترضخ لشروط وضغوط البنك الدولي الاقتصادية وتتحمل معاناتها الصعبة كمقابل لقروض البنك ومساعداته، ولكن يصعب على الشعوب أن تقايض بفطرتها وأخلاقها وتماسكها العائلي والاجتماعي مهما بلغت حاجتها. وعلى دول العالم السوية المشاركة في دعم وتمويل البنك أن تتدخل لإيقاف هذه المهزلة.