-A +A
مي خالد
في البرامج التلفزيونية لدينا أنواع مختلفة من المذيعات؛ نوع كارهة للرجال وتنصح المشاهدات بمشاركتها كراهيتهم. ونوع محتقرة للنساء «ميسوجينية» ويكفي بعض مقاطع منتشرة لها حتى نكوّن فكرة عن هذا النوع، ونوع يستحث الضيف على البكاء لتشاركه تلك المذيعة دموعاً بدموع، أما المذيعات القادمات من خلفية صحفية فتتم ملاحقتها وإلغاء برامجها باستمرار.

هذا إذا ظهرت المذيعة لوحدها داخل الكادر، أما لو كنّ أربع أو خمس مذيعات فأنت أمام نوعين من البرامج: إما شيء من قبيل «كلام نواعم» وهو يتناول الصحة والغذاء ونصائح متعلقة بالأزياء والمكياج وحياة الاستهلاك السطحية للنساء، أو شيء آخر في غاية السوء مثل برنامج «نفسنه» حيث يترك المخرج العنان للمذيعات يتنافسن ويتحاسدن بل ويشتم بعضهن بعضاً على الهواء مباشرة.


حتى في الأعمال الدرامية التي تصف منافسة المذيعات، نجد مسلسل (ذا مورنينق شو) على قنوات Apple TV في جزئيه، يصف علاقة مضطربة لمذيعة أصولية فاسدة ومذيعة أخرى متدربة تحاول شق طريقها في التلفزيون رغم محاولات الأولى لإقصائها.

أظن أن مخرجي هذه البرامج وصانعيها رجال، وهم هكذا يتصورون المرأة وعلاقاتها ببنات جنسها، أما حين كتبت المرأة نصها النسوي التاريخي الحقيقي ظهر مسلسل رائع ومؤثر يصف إنسانية المرأة وكونها إنساناً قبل كل شيء. وهنا أشير للمسلسل البديع (شارع فاير فلاي) الذي بث منه جزءان على شبكة (نتفليكس) ونحن موعودون بجزء ثالث قريباً.

في (شارع فاير فلاي) حكاية كتبتها الروائية كريستين هانا عن صداقة نسوية امتدت ثلاثين عاماً. منذ سبعينات القرن الماضي وحتى الألفية، إحدى الصديقتين مذيعة كبيرة ومشهورة، والأخرى ربة منزل تعمل في إعداد البرامج لصديقتها أحياناً.

هكذا يفعل صندوق العجائب (التلفزيون) بالنساء المذيعات، ولك أن تتصور الآن كيف تشوه برامج التواصل الحديثة مثل التيك توك وسناب شات صورة مستخدماتها من النساء. نحتاج لعدد من السنوات حتى نراقب النتائج.