-A +A
بدر بن سعود
تعرضت مدينة جدة السعودية لموجة أمطار صادمة، يومي 24 و25 نوفمبرالحالي، وقد قدرت الأجهزة المختصة كمياتها بحوالى 182 ملليمتراً، وبالأخص في منطقة شرق جدة، والرقم كبير بالمقارنة مع أمطار 2009 و2011، التي راوحت ما بين 74 ملليمتراً و111 ملليمتراً، ولعل المشكلة تبدو في مجموعة من الأخطاء المتراكمة، أهمها، التخطيط غير المدروس في غالبية المدن الرئيسية بالمملكة، والذي يفترض فيه أن يضع ضمن حساباته، منذ البداية، كل التطورات المستقبلية الممكن حدوثها.

فالتعديلات وإن كانت بسيطة ستؤثر على كامل المدينة، ومن الأمثلة، ما قالته الأمانة، على لسان متحدثها، من أن شبكة تصريف مياه الأمطار لا تغطي إلا 20% من مدينة جدة، وإشارتها لوجود 15 سداً احترازياً، يفترض أنها، نظرياً، منعت وصول 49 مليون متر مكعب من مياه الأمطار المنقولة إلى داخل جدة وأنقذتها من الغرق، وكأن البنية التحتية في المدينة تستطيع تحمل أمطارها الداخلية، والسابق يفسر كثرة أعمال الصيانة فيها، فالخطأ في مكان سيؤدي إلى خطأ أكبر في مكان آخر.


ملف تصريف المياه في جدة بدأ مع المهندس محمد الفارسي في 1979، أو قبل 43 عاماً، وبكلفة 133 مليون دولار، وتناوب عليه بعد الفارسي وقبل صالح التركي 5 أمناء، ولدرجة أن تكاليفه المعلنة وصلت في عام واحد إلى قرابة 9 مليارات دولار، وما زالت المأساة حاضرة ومتكررة، ولكن الحلول ليست بعيدة، ومن الشواهد، مدينة حدودية اسمها (نوغاليس) تتقاسمها ولايتا سونورا المكسيكية ولويزيانا الأمريكية، وهذه المدينة عندما تجتاحها موجة أمطار عاتية، يلاحظ أن الجزء المكسيكي فيها يغرق والجزء الأمريكي تغادره الأمطار بسرعة وفي زمن قياسي، رغم أن المدينة واحدة وكمية الأمطار لم تتغير، وفي مدينة الجبيل الصناعية بالمملكة تجربة نموذجية، وبالإمكان توظيفها وفق احتياجات مدينة جدة.

أكثر من 30 كيلومتراً من المساحة العمرانية لمدينة جدة عبارة عن بحر مردوم، وقد كانت الأودية قريبة من البحر قبل التدخلات الآدمية، وحتى تعود الأوضاع لسابق عهدها فالمسألة، بحسب المختصين، تحتاج لبناء قناة مائية بطول 65 كيلومتراً لاستقبال مياه الأمطار والسيول من المنطقة الصناعية في جنوب جدة، ومن ثم العمل على إيصالها وتصريفها في أبحر الشمالية، والقناة المائية يمكن إدخالها ضمن مشاريع شركة وسط جدة، والاستفادة منها كواجهة بحرية جديدة، تطوف المدينة من الشمال إلى الجنوب، مع رفع الطاقة الاستيعابية لمسارب المياه من 60 ملليمتراً إلى 100 ملليمتر بأقل تقدير، وتخصيص أماكن في المسارب لفرز الطمي والعوالق والمخلفات، وبما يمنع انسداد القنوات الداخلية وامتلاء الشوارع بالمياه.

بالإضافة لتركيز وزارة البيئة على الخزن الاستراتيجي لمياه الأمطار، وإلزام القطاعين العام والخاص وأصحاب الأعمال وساكني البيوت العادية، بأن يضعوا خزانات في مبانيهم لحفظ مياه الأمطار، وعلى الطريقة المعمول بها في الحي الدبلوماسي بالرياض.