-A +A
أريج الجهني
نعم الله عديدة ولعل من أجملها وأعظمها أن تولد في هذا الوطن، وطن الإنسانية والعدالة والخير ومهبط التوحيد. في اليوم العالمي للطفل لهذا العام رأينا كيف احتفت الجهات والمنظمات بأطفالنا ما بين ساحات المدارس مروراً بهيئة حقوق الإنسان وانتهاء بالنيابة العامة. كل هذه الاحتفالات والتأكيدات ما هي إلا انعكاس لحكمة قادتنا الخالدة، ولا يمكن أن نتحدث عن الطفل دون التطرق لوثيقة (نظام حماية الطفل) وجهود وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المتصلة والمباشرة لترسية هذه اللوائح، التي أقرت في قرار مجلس الوزراء رقم (50) بتاريخ 24 /‏‏1/‏‏ 1436هـ والمكون من 5 فصول و25 مادة سأتطرق لها بشكل موجز.

بداية عرّفت اللائحة من هو الطفل؟: «هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره». وقدمت تفسيراً محدداً لمعنى الإيذاء والإساءة الجسدية والنفسية والجنسية والإهمال. وقد نص النظام بالتأكيد على ما قررته الشريعة الإسلامية والأنظمة والاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفاً فيها وهو أيضاً تعزيز لمكانة الوطن الدولية وأنها جزء يؤثر ويتأثر بالعالم بما يناسب قيمنا وديننا. ويعتبر هذا التعاون الدولي، الذي شهد انضمام المملكة عام 1995 وإقرار النظام وتطبيق السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال قبل سن 15 سنة وتجريم التحرش الجنسي أو تعريض الطفل لمشاهد جنسية بجانب تطوير آليات التعاون بين جميع الجهات المعنية لمواجهة العنف الأسري وتلقي البلاغات على الرقم 1919 وتفعيل خط المساندة 116111 وأيضاً الرعاية لذوي الإعاقة واحتضان الأطفال، كل هذا يعكس أبرز مجالات جهود الوطن في حماية الطفل، ويعطي صورة واضحة للتكامل مع رؤية 2030 العظيمة.


في المادة الثالثة للنظام فإن وجود الطفل في بيئة قد يتعرض فيها للخطر يعد إهمالاً والتقصير البين في تربيته، والتمييز ضده لأي سبب عرقي أو اجتماعي أو اقتصادي، إذاً لا عذر اليوم لادعاء الجهل أو حتى تجهيل الأطفال، بل في القديم كان يردد البعض عبارات مؤذية وبرمجات مجتمعية خطيرة مثل «خذوه لحم ورجعوه عظم» أو ترديد «انضربنا وما ضرنا» وتجد أن هذه البرمجات تجد رواجاً لا يستهان به بين البعض، ولعل الخطوة القادمة التي ستقودها وزارة الموارد البشرية كما عهدناها أن ترسل فرقاً استطلاعية للمدن الصغيرة تفحص عينات عشوائية للوعي المجتمعي سواء بحقوق الطفل أو بالمفاهيم المهمة بشكل عام.

أخيراً، إن تربية الطفل تبدأ قبل ولادته ليس فقط باختيار الشريك الصالح، بل باختيار المكان والزمان المناسبين والقدرة العقلية لا المالية فقط. أطفال اليوم أشد ذكاءً ولديهم أدوات حديثة قد لا نحسن استخدامها. وكم هو من المؤسف أن تسمع أصواتاً متطرفة تعزز الخلاف بين الزوجين أو تكرس قوالب نمطية مجحفة بحق الرجل أو المرأة. لذا من المهم أن نعي جميعاً أن الطفولة مسؤولية الجميع، وقد أتاحت وزارة الموارد كافة الوسائل لتلقي البلاغات وكيفية التعامل معها.

السعادة المجتمعية ليست حلماً، وجودة الحياة ليست غاية، بل هي نمط حياة، وبتكاتف الجميع نحن قادرون على تحقيق منجزات رؤيتنا قبل أوانها.. والحمد لله على فضله.. ودام أطفالنا برفاه ورخاء ومستقبل مبهر بإذن الله.