-A +A
هيلة المشوح
منذ إطلاق الرؤية 2030 في عام 2016، انتهجت المملكة العربية السعودية مساراً رائداً لبناء مستقبل أكثر استدامة ببرامج كبيرة تندرج تحت اهتمام الدولة بجودة الحياة ومواءمتها للمواطن والمقيم، بل وامتد اهتمامها إلى جودة الحياة لتكيف البشرية قاطبة على كوكب الأرض بمشاريع محلية وعالمية رائدة، ومن هذه المشاريع مبادرتا: السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، اللتان انطلقتا في عام 2021. وبتعريف بسيط للمبادرتين فهما:

مبادرة السعودية الخضراء: تشمل جميع فئات المجتمع وتهدف إلى تمكين جميع أصحاب المصلحة في المملكة العربية السعودية من المساهمة في جهود الإبداع والابتكار الرامية لبناء مستقبل أخضر.


مبادرة الشرق الأوسط الأخضر: توسيع نطاق العمل المناخي في المنطقة عبر التعاون والاستثمار، وتوحيد الجهود الإقليمية لتحقيق الأهداف المناخية العالمية بزراعة 50 مليار شجرة واستصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.

تعد هاتان المبادرتان الرائدتان ترجمة لجزء من جهود المملكة في مواجهة التحديات المناخية التي تهدد الاستقرار البيئي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي بدأت تتبلور بمشاريع تحويل الطاقة وبرامج الاستدامة داخل المملكة وخارجها لتحقيق أهدافها الشاملة في تعويض وتقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة استخدام الطاقة النظيفة ومكافحة تغير المناخ، وبصفتها - أي المملكة - مُصدِّراً عالمياً للطاقة، فهي تؤمن بما يقع على عاتقها من مسؤولية دعم الجهود الدولية الرامية للحفاظ على أمن الطاقة العالمي، والإسهام في بناء مستقبل أكثر استدامة وأقل مخاطر على مستوى العالم أجمع، كون المملكة العربية السعودية تؤمن بإمكانية تحقيق مستقبل الحياد الصفري وتوفير فرص العمل لملايين الناس في المنطقة، وتوظيف جميع الخبرات والطاقات لدعم الابتكار العلمي، وتبادل أفضل الممارسات والتجارب مع دول العالم من أجل الحفاظ على الكوكب إزاء المهددات المناخية والبيئية المتفاقمة، إذ تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاجة ملحة لوقف تداعيات تغير المناخ من مظاهر التصحر والعواصف الرملية، وشحّ الموارد المائية العذبة، والارتفاع المستمر في درجات الحرارة، والظواهر المناخية المتطرفة التي تؤثر سلباً على الظروف المعيشية والفرص المتاحة لسكان المنطقة، فوفقاً للأمم المتحدة فإن السياسات الحالية التي تنتهجها دول العالم سوف تفضي بحلول 2100 إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 3 درجات، فضلاً عن زيادة أيام الصقيع سنوياً بمعدلات عالية.

عقد أول مؤتمر للمناخ في البرازيل في 1992 وقبل أيام (12 نوفمبر 2022) عقد كوب 27 في شرم الشيخ بتنسيق سعودي مصري، وأعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خلال المؤتمر، عن استهداف صندوق الاستثمارات العامة الوصول للحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول 2050، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، كما أعلن سموه عن إسهام المملكة بمبلغ ملياري دولار ونصف دعماً لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وبين هذين الحدثين - المؤتمرين - ما يقارب الثلاثين عاماً ارتفعت خلالهما حرارة الأرض 3 درجات مئوية بفعل الانبعاثات الكربونية، وهو رقم كبير ومقلق!