-A +A
أريج الجهني
هكذا أعلنتها حملة مكافحة التسول الحازمة (لا تعطيهم)، نعم ورغم ارتباط العطاء بالنفس إلا أن الكثير منه يقودها إلى الخطر. وهذا ما استشعرته الأجهزة الأمنية «جرائم تمولها العاطفة». هكذا غرد الحساب الرسمي للأمن العام ليسدل الستار على ممارسات اجتماعية أساسها الخير وتم استغلالها من أهل الشر سواء الإرهابيين أو مروجي المخدرات والمحتالين. أقر نظام مكافحة التسول بقرار مجلس الوزراء رقم (٢٠٠) بتاريخ ٧/‏٢/‏١٤٤٣هـ. ويعرّف المتسول في مسودة النظام بأنه «من يستجدي للحصول على مال غيره دون مقابل أو بمقابل غير مقصود بذاته نقداً أو عيناً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الأماكن العامة أو المحال الخاصة أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة أو بأي وسيلة كانت». وهو مشابه لتعريفه في قاموس أكسفورد الذي زاد عليه (من يعيش بالمسألة). ويتفق الكثير من المختصين بالجرائم الاجتماعية أن حلول مكافحة التسول ليست منوطة بالحكومات فقط بل هي مسؤولية الأفراد بالدرجة الأولى.

وقد وضعت الكثير من الدول قوانين تجرّم التسول؛ واليوم بعد سريان النظام من المهم أن يتبع المواطنون ما ورد فيه. وتختص وزارة الداخلية بالقبض على المتسولين، ووزارة الموارد البشرية تختص بدراسة الحالة الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية للمتسولين السعوديين، وتقديم الخدمات لهم وإرشادهم للاستفادة من الجهات الرسمية، كما عليها أيضاً مهمة إنشاء قاعدة بيانات للمتسولين بالشراكة مع وزارة الداخلية للتأكد من امتهان التسول في سجل الفرد، أيضاً نشر الوعي بمخاطر التسول وإعداد الدراسات والبحوث وعقد الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة. وهذا انعكاس للعمل الجاد وعدم التهاون في هذا الملف الأمني/‏ الاجتماعي.


بالمقابل أوجدت الجهات المختصة منصة وطنية «إحسان»، وهي نموذج سعودي فريد يعكس الريادة التقنية والأصالة وفعل الخير، وقد شاهدنا حجم الإنفاق والسخاء الذي يرافق الحملات الوطنية الخيرية سواء في عامها الأول أو الثاني، فلا توجد حجة للعطاء العشوائي الذي لا تعلم كيف يمكن أن يوظف ضدك أو ضد وطنك. أيضاً منصة جود الإسكان والتي أفضلها بشكل شخصي فشعور أن تساهم في سكن إنسان لا يعدله شعور، وللخير موارد عديدة ووجوه لا تنتهي المهم أن لا توجه عطاءك في مسار خاطئ.

لعل التحدي الأكبر الذي سيواجه النظام هو الوعي المجتمعي، وتكلس فكرة البذل العشوائي والفطرة، لذا أقترح أن تنزل وزارة الموارد البشرية فرق عمل تكون مرتبطة بشكل مباشر بمكتب معالي الوزير ترصد الواقع للتسول وتضع التوقعات لكل منطقة إدارية، مع مسح شامل للمشكلات الاجتماعية بشكل عاجل. أخيراً، المملكة هي وطن العطاء والخير ومورد الجود والإحسان وحماية هذا الوطن خير ما تجود به لوطنك، نعم فالأمن الذي ننعم به ملحمة تاريخية خالدة ودورنا أن نكرس هذا الأمان جيلاً بعد جيل.. والله الموفق.