-A +A
أسامة يماني
التقنية والعالم الافتراضي يكاد يطغى على عالمنا المحسوس. لقد أصبحنا أسرى الهاتف المحمول والحاسوب (اللاب توب) وكافة أجهزة التقنية التي تأخذنا بعيدًا عن واقعنا الملموس. أصبح عالمنا الافتراضي يسبح بنا ويأخذنا قصيًا عن أقرب الناس إلينا. لم يكتفِ العالم الافتراضي بأن غيّب الكثير عن حياتهم وواقعهم وأعمالهم وواجباتهم، بل استحوذ وسيطر على حياتهم حتى أصبحوا أشباحًا في الواقع الملموس يعيشون حياة افتراضية بعيدة عن الحياة المحسوسة، يقضون جلّ وقتهم أمام شاشات هواتفهم أو حواسيبهم.

العالم الافتراضي ومفرداته من تقنية رقمية وذكاء صناعي وحاسوب أصبح جزءًا من حياتنا الخاصة والعامة. لا نستطيع ممارسة الحياة العصرية بدونها. حيث أمست جزءا لا يتجزأ من نظام المستشفيات والترفيه والإدارة والحكومة الرقمية والتعليم والتواصل عن بعد (السوشيال ميديا) [Social Media] التي تعرف بأنّها البرامج أو المواقع التي تُستخدم عبر الشبكة الاجتماعية [Social Networks].


وراء وخلف هذا العالم الافتراضي ومواقع الشبكة الاجتماعية شركات عالمية عملاقة تدير هذا العالم الافتراضي من خلال البرامج التي طورتها والمواقع التي أنشأتها والأجهزة التي صنعتها. هذه الشركات أصبحت القوة الخفية التي تدير الشعوب، وتتحكم في اتجاهات العالم وأفكاره وذوقه. شركات تكاد تدير كل شيء في هذا العالم من أموال وبضائع ومشتريات حتى أصبح لها عملاتها الرقمية وجامعاتها التي عن بعد وغير ذلك أمور وأعمال تخص البشر أو تتعلق باحتياجاته الإنسانية التي تنفذ أو تمارس من خلال التقنية.

هؤلاء العمالقة الذين يتحكمون في الحياة الرقمية هم المستفيد الأول من جائحة كورونا ومعهم أيضًا الشركات الغربية الكبرى الطبية. مما يثير سؤالا هامًا: هل هم من أطفأ محرك العالم ليعيدوا تشغيل العالم على نحو يقوي من قبضتهم على هذه الأرض؟ واقعيًا إنهم الطرف المستفيد من وقف وإعادة تشغيل Restart العالم. فكل المؤشرات تشير إلى أن شركات التقنية تستفيد وتستثمر هذا الوضع الذي يعيشه العالم. وتكاد أن تتضاعف رؤوس أموالهم.

الموضوع لا يتعلق بنظرية المؤامرة، بل إنه يرتبط بالتخطيط وتحديد الأهداف والمصالح لهذه الشركات العابرة للحدود، والدول التي تحتضنها وترعاها. وقدرتها على استغلال كل الحاجات الإنسانية لفرض مصالحها وتحقيق أهدافها والتي منها السيطرة على الأسواق والموارد.

لقد أصبح لزاماً أن ننخرط في عالم التقنية وأن يكون لنا نصيب في سوق التقنية. من خلال الاستثمار فيها والعمل على إيجاد وخلق بنية تحتية حقيقية قادرة على المنافسة عالميًا وقادرة من أن تمكننا من أن نكون أحد المستفيدين من إعادة تشغيل العالم.

إن دخولنا إلى عالم التقنية، والقدرة على عمل شراكات مع هذه الشركات العالمية يجعلنا من اللاعبين الكبار في عالم التقنية الذي يحكم عالمنا المحسوس، الذي يكاد أن يخسر صراعه مع التقنية التي أصبحت تتحكم فيه.