-A +A
بدر بن سعود
انتشرت قبل أيام حملة على تويتر تناولت أخباراً مفبركة عن موسم الرياض، وفيها كلام عن حالات تحرش ومخالفات مشابهة، وجاء في إحداها التشهير بأحد الأشخاص وتسميته، والقول بأنه قام بالتحرش ورش مادة كيماوية والتسبب في تأجيل فعالية، والصحيح أن هذا الشخص لم يحضر موسم الرياض ولا يقيم في العاصمة من الأساس، والفعالية لم تقم بسبب سوء الأحوال الجوية ونزول الأمطار بكميات كبيرة.

الثابت أن منصات التواصل تحولت إلى وسيلة للتشهير والإساءة للأشخاص والمؤسسات، وأصبحت أداة لتفريغ الأحقاد وإرباك المجتمع، ومن يشهّرون بغيرهم يمارسون النميمة الإلكترونية، وهو شكل صحافي فضائحي عرف منذ القرن التاسع عشر الميلادي، والفارق أنه تحول مع الإنترنت من الورق الضيق إلى عالم الإنترنت المتاح لكل الناس، وبلا ضوابط واضحة، رغم تأثيراته الكبيرة على السلم الاجتماعي، ومسؤوليته عن عدد لا محدود من حالات الانتحار وخسارة السمعة وفقدان الوظيفة.


كل ما ينشر على الإنترنت بدون موافقة أصحابه أو وجود سند قانوني يجيزه يعتبر تشهيراً، والأنظمة في المملكة تعاقب عليه، وما يقبل الاستثناء، في رأيي، هو ما يؤخذ للمسؤولين في الأماكن العامة ويدخل في طبيعة أعمالهم وحدها، والتشهير بالذات وبالآخر فيه تكريس لقيم الاستهلاك والتسليع، وقد يأتي كنتيجة لما يعرف باقتصاد الانتباه، وشركات التواصل تستثمر في كل محتوى يحقق هذا الغرض لزيادة أرباحها الجماهيرية والمادية.

الأصعب أن بعض الناس يمجِّد في المشهِّرين ويعتبرهم أبطالاً، ولا يهمه صدق أو كذب المحتوى الذي يقدمونه، أو من يقف خلفه وما يترتب عليه من أضرار خاصة وعامة، وبحسب ما ورد في موقع (بازفيد) الأميركي عام 2019، تعتبر منصة فيسبوك مسؤولة عن معظم أكاذيب وشائعات العالم، فقد استخدمت في التضليل وحملات الكراهية بين الجماعات المتنافسة على السلطة في الأزمة الليبية، وفي تبرير قتل المسلمين في ميانمار، واستخدمتها شخصيات سياسية في مهاجمة خصومها، وفي نشر سرديات منحرفة وغير صحيحة عن سلوكياتهم، وفي نشر شائعات اختطاف الأطفال في الهند، والدليل أنها في مارس 2020 قامت بحذف أربعين مليون خبر كاذب كتب بخمسين لغة من منصاتها، ولا أعتقد أن الأمر قد اختلف كثيراً، هذه الأيام، في فيسبوك وفي غيرها.

في نوفمبر 2021، بدأت أستراليا بفرض قوانين جديدة على منصات التواصل لحماية مواطنيها، وفيها إلزام لشركات التواصل بتقديم معلومات تفصيلية عن من يقومون بالتشهير، أو القيام بحذف المحتوى المسيء، ويدرس الكونغرس الأميركي، في الوقت الحالي، مشروع قانون (باتا) الذي سيفرض على شركات التواصل تقديم معلومات عن استخدامات الأشخاص لمنصاتها، وبما يسهم في إيجاد حلول لخطاب الكراهية، وللانقسامات الاجتماعية والسياسية التي تسببت فيها، وسيتم تغريم كل شركة تمتنع عن مشاركة بياناتها، ومن المناسب أن تعمل المملكة على نماذج مشابهة تدعم التشريعات الموجودة فيها.