-A +A
حسين شبكشي
رؤية 2030 رؤية طموحة للغاية نعيش نتائجها في مختلف المجالات بشكل متواصل في السنوات الأخيرة، ومن أهمها تغيير الاقتصاد السعودي بشكل جذري ومتكامل ليصبح اقتصادا منافسا به كيانات قادرة على المنافسة وتحقيق الإنجازات والنمو الذي يليق بأحد اقتصاديات مجموعة العشرين، وأن تتصدر في كل مجالاتها بشكل واضح وصريح. ولقد قررت الدولة عن طريق صندوق الاستثمارات العامة الدخول في كيانات مختلفة، مثل شركة الاتصالات السعودية، وشركة المراعي، والبنك الأهلي السعودي؛ لتكون كل شركة من هؤلاء النموذج الأهم في مجالها على مستوى الشرق الأوسط بأسره وليس فقط على المستوى المحلي. والآن مع نمو هذه الشركات بعد ضخ الاستثمارات الكبرى فيها بات من المتوقع أن يرتقي الأداء الإداري والتوجهات والأهداف الاقتصادية فيها إلى مصاف الشركات المنافسة في مجالها على الصعيد الإقليمي والعالمي.

ومن ضمن الأهداف الاقتصادية اللافتة التي حدثت في السعودية في العالم المنصرم كان اندماج البنك الأهلي التجاري مع بنك سامبا ليشكلا كيانا كبيرا جديدا بمسمى البنك الأهلي السعودي، اندماجا من شأنه أن يشكل بنكا عملاقا جديدا قادرا على أن يتبوأ المنصب الأول على البنوك العربية والشرق أوسطية بلا منازع. ولكن مع شديد الأسف كان حجم المعاناة الناتجة من خلال عملية الاندماج هذه مسألة أثارت استياء المتعاملين وتسببت في حالة من السلبية لديهم نظرا لرداءة منهجية الاندماج وتعثر الكثير من العمليات الناتجة بسبب ذلك.


ليست هذه عملية الاندماج الأولى بين المصارف السعودية، ولقد سبقها العديد من تلك العمليات المهمة والتي من أهم عناصر نجاحها هو أن تتم العملية المعقدة سواء أكانت الجوانب المالية أو الجانب الإداري بشكل سلس وميسر دون أن يستشعر العملاء بأي خلل أو تغيير أو هبوط في مستوى رضاهم أو فعالية العملية المصرفية بشتى أنواعها وهو ما لم يتحقق في عملية الاندماج الأخيرة بين البنك الاهلي وسامبا، إذ بلغت درجة المعاناة والغموض والهبوط والسلبية في العمليات المصرفية بين عملاء البنكين بشكل كبير، تأثرت به القطاعات الإدارية في البنك وخصوصا المنضمين لها من قبل سامبا وكذلك العملاء المنضمين من سامبا إلى البنك العملاق الجديد، تبين لهم أن العملية لم يتم التحضير لها بشكل جيد ولا دراستها بشكل مستفيض.

تفاوت الأداء الإداري بين المصرفين يشير إلى أن هناك هوة وفجوة بين الفريقين اللذين أشرفا على عملية الاندماج في البنكين، ومع شديد الأسف كانت حالة التقييم لأداء الموظفين القادمين من سامبا والعملاء الذين أتوا معهم غير موفقة ولم يكن التدريج في تحويل الحسابات وبياناتها ومعلوماتها بشكل تقني سلس يساعد على إتمام هذه المهمة الكبيرة.

النجاح في الاندماجات هو محفز للتوسع بشكل أكبر في مجالات أخرى وهو ما لا يمكن القول به في هذه الحالة خاصة الاندماج المصرفي الأخير.

اليوم البنك الأهلي السعودي من الطبيعي أن يستهدف أن يكبر وينمو خارج جغرافية المملكة العربية السعودية، وأن يستحوذ على مصارف إقليمية أخرى وحتى دولية في المستقبل القريب، ويكون بالتالي لاعبا أساسيا على خارطة المصارف العالمية، مما يعكس مكانة السعودية المالية والاقتصادية المتعاظمة، ولكن حتما لا أعتقد أنه اليوم قادر على إتمام ذلك الطموح الهائل بهيكليته الإدارية الحالية التي لم تنجح في اندماج محلي محدد بالشكل الذي كان من المأمول أن يتم.

تجربة الاندماج بين البنك الأهلي وسامبا يجب أن تكون فرصة للتدبر ومراجعة ما تم من أخطاء والاستفادة منها حتى لا تتكرر مستقبلا وتكون بذلك فرصة للتعلم بدلا من الشكوى والتذمر من تجربة كانت من الممكن أن تكون أفضل بكثير.