-A +A
ماجد قاروب
أهم أسباب تعثر وتعطل شركات المقاولات والمشاريع الحكومية الإدارة العشوائية للقطاع الخاص بشكل عام وقطاع المقاولات بشكل خاص، البعيدة في معظمها عن الحوكمة والإدارة الرشيدة وعدم التركيز على الجوانب الفنية والقانونية والإدارية والمالية بشكل متناسق ومتناغم، ويساهم في ذلك الأسلوب القديم للعقود الحكومية والإجراءات الخاصة بتصميم وطرح وترسية المشاريع، ومن ثم أيضاً مرحلة التنفيذ والاستلام.

بخلاف ضعف القانون، هناك ضعف آخر بالكوادر البشرية من حيث التأهيل والقدرة على إنجاز وإتمام الأعمال، وهو ما ساعد على نشر وتعميق الفساد في العقود الحكومية التي عانت من الفساد المؤسسي والفردي في جميع مراحل الأعمال والأشغال عبر عقود جعل البعض يعتقد أن الجهات الحكومية لها الحق في المماطلة في سداد مستحقات القطاع الخاص، وهذا غير صحيح، بل هو انعكاس للفساد التشريعي والمؤسسي والإجرائي والفردي من القطاعين العام والخاص.


استناد العمل على الواسطة والمحسوبية واستغلال السلطة والنفوذ والرشاوى وجميع أشكال الفساد كانت الأساس في عدم لجوء القطاع الخاص للقضاء للمطالبة بحقوقه المالية سواء بتسليم المشاريع أو صرف المستحقات وحتى المطالبة بالضرر، لأن المقاولين والقطاع الخاص بنى علاقته مع الجهاز الحكومي على معايير شخصية وليست قانونية، لذلك لم يلجأ للحق الطبيعي للقضاء.

قانون المشتريات الحكومية الجديد وطرح المشاريع على منصة اعتماد وحوكمة الإجراءات الحكومية ومحاربة الفساد حسّنت مناخ عمل المقاولين والقطاع الخاص مع الدولة ولكن مشكلة القطاع الخاص تظل في إدارته العشوائية التي لم تمكنه حتى الآن من التأقلم مع المستجدات التشريعية والإجرائية للعمل الحكومي، وهو يتطلب العمل على التفكير الجدي والشجاع إلى الدخول في عمليات تصفية أو اندماج أو استحواذ تمكن القطاع الخاص من توفير الإمكانيات البشرية والمالية لإدارة الأعمال والعمل والتعامل مع القطاع الحكومي بالأسلوب التقني الحديث الذي أدخل الكثير من الشفافية والنزاهه وقضى على معظم أساليب وأشكال الفساد التشريعي والمؤسسي والإجرائي، وأتاح للقطاع الخاص اللجوء للقضاء للحصول على حقوقه والتعويض عن أي ضرر لحق به.

الهيئة السعودية للمقاولين تسعى لطرح الفرص الكبيرة والواعدة في قطاع المقاولات، وكان ذلك في ملتقى مؤتمر ومعرض المقاولات الدولي الافتراضي الثاني الذي نظّم مؤخراً بنجاح كبير، يوضح أن هناك مشاريع بعدة تريليونات ولكنها تحتاج إلى قطاع مقاولات محترف وليس عشوائي الإدارة في مختلف القطاعات الأساسية مثل النقل من مطارات وموانئ وبنية تأسيسية بمدن عملاقة جديدة مثل القدية ومشاريع إنشائية ضخمة مثل جزر البحر الأحمر والإسكان وتطوير المناطق ومدن مثل مكة المكرمة وغيرها من المشاريع الخاصة بالطاقه والغاز والطاقة المتجددة، وكلها تحتاج إلى كفاءات وإدارات نوعية في القطاع العام مع شركات تستطيع أن تتولى تنفيذ هذه المشاريع العملاقه، وأن تستوعب الأدوار الجديدة والخطيرة لمكاتب الاستشارات الهندسية والقانونية المتخصصة في أعمال المقاولات والمشاريع الهندسية النوعية والعملاقه والكبرى بكل احترافية واقتدار.