-A +A
رامي الخليفة العلي
أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل عن تصنيف حركة حماس باعتبارها منظمة إرهابية، مما يعني حظر نشاطها في المملكة المتحدة وتجريم أي دعم لها سواء كان ماديا أو إعلاميا أو سياسيا. القرار هو حلقة ضمن سلسلة من الإجراءات قامت بها الدول الغربية مؤخرا في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتفرعة عنها. فقد أقرت فرنسا قانونا لمواجهة ما سماه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (الانعزالية الإسلامية)، تم بموجبه إغلاق عدد كبير من الجمعيات والتنظيمات التابعة للجماعة على الأراضي الفرنسية، كما حذت النمسا حذو جارتها الأوروبية وبدأت إجراءات ضد الجماعة. إذا أضفنا إلى ذلك انتفاضة الشعوب العربية في عدد من الدول ورفضها للجماعة المتطرفة، وكذا سقوط حكمها في مصر وترنح النماذج الأخرى سواء في المغرب أو الأردن أو تركيا أو السودان، ألا يطرح ذلك ضرورة على أعضاء الجماعة وبعض من تبقى لهم بعض العقل أن يقفوا مع ذواتهم ليسألوا أنفسهم سؤالا بسيطا للغاية وهو ما الذي جرته هذه الجماعة على نفسها وعلى الشعوب العربية بل على الإسلام كعقيدة وعلى قضايا المسلمين، وعلى رأسها القضية الفلسطينية؟ لقد وضعت هذه الجماعة المتطرفة الإسلام في خانة الاتهام مرارا وتكرارا عندما حملت عقيدة الإسلام السمحة أخطاءها وخطاياها، عندما اعتبرت نفسها ممثلة للإسلام، لدرجة أن الاتهام في تلك الكوارث التي جرتها الجماعة تجاوزها إلى اتهام العقيدة ذاتها، كما فعل أكثر من مسؤول غربي. بل قامت الجماعة بزج المسلمين بقضاياها فأصبح على الجاليات الإسلامية أن تدفع ثمنا باهظا لتحويلهم إلى بيادق في صراع الجماعة السياسي، وخصوصا في الغرب، هنا حيث أصبحت الجماعة رافعة لليمين الشعبوي وتحول اليمين أداة لتجنيد أعداد كبيرة من أبناء الجالية في حركات متطرفة وراديكالية، وليس صحيحا أن هذه التنظيمات الإرهابية مختلفة عن الجماعة، بل لا توجد جماعة متطرفة إلا ونشأ جنين فكرها في رحم الإخوان. أما حركة حماس فقد زادت على خطايا الإخوان خطايا أخرى عندما زجت القضية الفلسطينية على طهرها في قضية الإخوان الخاسرة منذ البداية، ثم عمدت إلى خوض معارك لا ناقة للفلسطينيين فيها ولا جمل. على أن خطيئة حماس الكبرى عندما رضيت لنفسها وللقضية الفلسطينية أن تكون بيدقا في يد قوى إقليمية تتاجر بالقضية. عندما يعلن قادة حماس ولاءهم لقوى إقليمية فما الذي يمكن أن ننتظره من أي دولة تريد أن تحافظ على أمنها واستقرارها، فإذا كانت الدول العربية قد أصابها القلق من حركة حماس وخشيت أن تتحول إلى حصان طروادة للقوى الإقليمية فمنعت نشاطها، ما الذي يمكن ننتظره من المملكة المتحدة أو أي دولة أخرى. إن قيادات الجماعة التي نشرت غسيلها القذر على رؤوس الأشهاد عندما راحت تتهم بعضها البعض بالسرقة والاحتيال والخيانة ووو، إن هؤلاء لا يرتجى منهم إصلاح ولا يرتجى منهم أي نقد ذاتي، فهم ربطوا مصائرهم بمصير هذه الكيانات الهرمة، ولكن الأمل أن يصحو أولئك المخدوعون من الأتباع، الذين حان الوقت ليسألوا أنفسهم ماذا جنوا وماذا جنت الأمة، بل ماذا جنى الإسلام بعد الهزائم المتكررة على مدى عقود.