-A +A
جميل الذيابي
يبدو أن العالم بات على موعد قريب مع تفكك جماعة «الإخوان المسلمين» المولودة على يد المصري حسن البنا عام 1928، وحينها سيتنفس الإقليم والعالم بعد عقود من التلوث الفكري والعقائدي خلّفها التنظيم الإرهابي.

تحت وطأة الضربات المتلاحقة والموجعة في عدد من الدول العربية وجدت الجماعة الأبواب «موصدة»، ولم يعد هنالك مكان في العالم يرحّب بأعضائها الفارين والمجرمين والمطاردين من عقوبات وأحكام عدلية، وها هي إسطنبول التي احتضنتهم تسعى إلى اقتلاعهم والتخلص منهم؛ إما بالطرد والترحيل، أو تسليم المطلوبين منهم إلى دولهم.


إن المعركة مستمرة ضد هذه الجماعة التي نجح الشعب المصري في اقتلاعها بعد عام واحد من تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي السلطة، بعد أن لفظها المصريون وأطاحوا بها عبر ثورة شعبية واسعة.

وهكذا فشل «الإخوان» فى تطوير خطابهم بما يتوافق مع الاحتياجات السياسية والاجتماعية والأمنية، رغم ما بدا عليه التنظيم من استعداد لتقديم تنازلات فى أيديولوجيته الأساسية من أجل انتصارات سياسية تكتيكية قصيرة الأمد، إلا أن الحكومات والشعوب فضحت سلوكيات «الإخوان» المتّسمة بالتلّون والتحريض، وعدم القدرة على التكيّف مع الحالتين السياسية والشعبية.

واللافت في مسيرة التنظيم الدموي أن الشعوب العربية لفظته عبر ثوراتها، كما حدث في مصر 2013، والسودان 2019، وتونس 2020، وعبر صناديق الاقتراع كما جرى أخيراً في المغرب، عندما أطاحت الانتخابات التشريعية والبلدية في 2021 بحزب «العدالة والتنمية» الإخواني من رئاسة الحكومة والبلديات الكبرى (العُمد)، في ضربة وصفها مراقبون بـ«القاصمة».

وعلى رغم أن «إخوان» السودان وتونس والمغرب أخذوا فرصاً طويلة في السلطة، إلا أن التجارب أثبتت أنهم جماعة فاسدة ذات مشروع سياسي «فاشي» غير قابل للبقاء. وبعد انهيار حكمهم في مصر والسودان وتونس، ها هي المغرب تعلن وفاة سلطة الجماعة ودك قلاعها، ومن ثم فإنه ليس مفاجئاً سقوط «الإخوان» في تونس والمغرب في هذا العام ٢٠٢١، بل لقد تأخر سنوات طويلة، بعد أن فضحت تجاربهم في الحكم ارتباطهم بنشر الفوضى والخراب والاغتيالات، وتعطيل مؤسسات الدولة، والارتهان لأجندات خارجية، والعبث بمقدّرات الشعوب ومكتسباتها.

وبدأت ذيول التنظيم الإخواني أمثال «حماس» وغيرها من تلك الجماعات تواجه مصيرها، إذ صادرت الخرطوم أصول الحركة الإخوانية الفلسطينية التي شكّلت مورداً مهماً لأنشطتها، خلال سنوات حكم المخلوع عمر البشير الذي سقط في ثورة شعبية.

الأكيد أن التنظيم العابر للقارات لـ«الإخوان» أصبح محاصراً، ويلفظ أنفاسه، وتزايدت ملاحقاته في أوروبا أيضاً، ولكن هذا لا يكفي، وإنما يتعين على الأسرة الدولية عدم التساهل مع تلك الجماعة وسواها من التنظيمات الإرهابية أمثال «حزب الله» اللبناني، كونها تحاول إعادة التموضع، بوجوه ومسميات جديدة، وما زال «الجمر تحت الرماد»، ما يتطلب قدراً أكبر من التدابير لمنع تكرار تغوّل تلك الأجندات الإرهابية، وفضح ممارسات من يمولها ويؤويها ويتماهى مع أفكارها الشريرة، لكبح جماح «الإخوان» ومن على شاكلتها.