-A +A
بشرى فيصل السباعي
للأسف الشديد لا يكاد يمر أسبوع دون أن نطالع في برنامج جماهيري كبرنامج «يا هلا» على قناة روتانا-خليجية وتغطيات الصحف والمقاطع التي يتم تداولها على نطاق واسع وتصبح «ترند» بمواقع التواصل، قصصاً تجعل الإنسان يرتجف ويشعر بأن كل كيانه تزلزل وتزعزع من شدة انفعالات الألم النفسي الناتج عن مطالعة القسوة الصادمة وغير الضرورية التي يتعامل بها موظفو البلدية مع الفئات الضعيفة كالأرامل والمسنات اللاتي ينفقن على أيتام من بسطة شاي وقهوة وما شابه فيتم تحطيم أغراضهن، وأيضاً إتلاف بضاعة خضراوات سليمة لفقير سيجوع هو وأهله وكان يمكنهم أكلها، هذا غير حوادث كحادثة دهس الطفلة المتفوقة نورة سلمان آل زبنه (9 أعوام) بإحدى معدات إزالة تعديات بناء بمحافظة الحرجة بمنطقة عسير، حيث لم يتم إمهال الأسرة فترة كافية لإخراج أغراضهم ولم ينتبهوا أن ابنتهم بقيت في البيت من شدة سرعة إخراجهم ولم ينتبهوا لعدم وجودها معهم بالسيارة إلا بعد فوات الأوان، ولما رجعوا للبيت رأى الأب الطفلة تحت عجلات الشيول فأغشي عليه، ووجه أمير عسير الأمير تركي بن طلال النيابة العامة بالمنطقة لإجراء تحقيق بالحادثة، وكذلك أصدر النائب العام توجيهاً بإجراء تحقيق بالحادثة «موقع العربية /‏11 /‏يونيو/‏2020» لذا لا شك أن هناك مشكلة جذرية بأسلوب موظفي البلديات بالتعامل مع الجمهور، وسرعان ما تصل تلك المقاطع الصادمة لـ (بي.بي.سي عربية) و(سي.ان.ان عربية) مما يخلق انطباعات أوسع بالغة السلبية، فدائماً وأبداً هناك طريقة محترمة متحضرة وإنسانية متعاطفة وطيبة لتنفيذ القوانين والأنظمة، والقسوة المادية والمعنوية ليست جزءاً ضرورياً لتنفيذ القوانين والأنظمة ولا تعكس صورة إيجابية لا في الداخل ولا الخارج، أما عن سبب القسوة الصادمة في تعامل البلديات مع الناس ليس فقط لدينا إنما بكل العالم العربي وكان سبب ثورة بتونس -لأجل بائع خضار-، وبالمغرب -لأجل بائع سمك-، فيمكن رؤيته بتجربة جامعة ستانفرد -1971م-لبروفيسور علم النفس «فيليب زيمباردو» والممولة من الحكومة الأمريكية وصورت بالكامل واختار لها أفضل الطلاب لجهة توازنهم العقلي والنفسي والأخلاقي وقسمهم لقسمين ومنح أحد القسمين سلطة مطلقة على القسم الآخر لكنه اضطر لإنهاء التجربة بعد ستة أيام فقط بسبب وصول قسوة وانتهاكات القسم الذين منحهم السلطة لدرجة خطيرة أدت لانهيارات نفسية وعصبية وشغب وثورة لدى القسم الآخر، وكانت العبرة من التجربة؛ أنه إن لم تُفرض على من بيدهم سلطة أساليب محددة للمعاملة تحترم حرمات وكرامة الإنسان ورقابة ومحاسبة فحتى أكثر الناس توازناً سيعاملون الآخرين بشكل مسيء.