-A +A
طارق فدعق
يرمز عنوان المقال إلى الفشل المزمن، ويصف حالات الخيبة الكبرى التي تصل في بعض الأحيان إلى مراحل انحطاط إنساني عندما يكون ذلك الفشل مقروناً بالشر. اخترت لكم اليوم أمثلة كوارث جوية تعكس هذا المبدأ:

في الحادي والعشرين من فبراير 1973 كانت طائرة الخطوط الجوية الليبية من طراز بوينج 727 في طريقها من طرابلس إلى القاهرة في رحلتها 114 وعلى متنها 112 راكباً كلهم من المدنيين. وصادف مسارها إلى القاهرة هبوب رياح غربية قوية تسببت في انحرافها عن مسارها فعبرت فوق أجواء قناة السويس غرباً. وفجأة اعترضتها مجموعة طائرات فانتوم إسرائيلية فأسقطتها وتسبب ذلك في وفاة 108 من ركابها. وأتذكر هذه الجريمة لأن «أبله سلوى» كانت ضمن ضحايا الطائرة. وهي الشخصية الإعلامية الرائعة سلوى حجازي. وكانت «أبله سلوى» محبوبة لملايين الأطفال في مصر الشقيقة بالذات، وفي العالم العربي.. كان الاعتداء بلادة وشراً وعنفاً للقوات الإسرائيلية.


وفي 1 سبتمبر 1983 كانت الطائرة البوينج 747 التابعة لشركة الطيران الكورية في رحلتها 007 من مطار كينيدي في نيويورك إلى مطار العاصمة سيئول في كوريا. وبسبب انحرافها غير المقصود نحو الاتحاد السوفيتي اعترضتها مقاتلات سوفيتية وأطلقت عليها صواريخ فأسقطتها وقتلت جميع ركابها الأبرياء وعددهم 269.. بلادة وسياسة أبلد من البلادة.

وفي الثالث من يوليو 1988 كانت الطائرة الإيرانية من طراز ايرباص 300 في رحلتها رقم 655 من مطار مهرباد في طهران إلى مطار دبي الدولي وعلى متنها 290 من المدنيين. وكان وضع الخليج العربي في حالة متوترة عسكرياً وبالذات على متن السفينة الحربية الأمريكية «فينيسنز». وأطلقت تلك المركبة مجموعة إنذارات نحو الطائرة المدنية ثم بعدها مباشرة أطلقت صاروخاً من طراز اس ام 2 فتحطمت الطائرة وقتل كل ركابها... بلادة واستعراض عضلات لا داعي لهما.

وفي عام 2016 كانت الطائرة البوينج 777 التابعة لشركة الطيران الماليزية في رحلتها رقم 17 من أمستردام الى كوالالمبور في ماليزيا. وأثناء مرورها في الأجواء الأوكرانية، ودون أي إنذار أطلقت قوات منشقة موالية لروسيا صاروخ أرض جو من طراز «بوك» فأصاب الطائرة إصابة مميتة فتحطمت وقتل جميع ركابها وعددهم 298. بلادة حمقى وكذب.

وخلال هذا الأسبوع شهد العالم أحدث هذه المهازل عندما هاجمت قوات الحرس الجمهوري الإيراني طائرة بوينج مدنية من طراز 737 تابعة لشركة الخطوط الجوية الأوكرانية وعلى متنها 176 من المدنيين فحطمتها وقتلت جميع من عليها. أطلقت صاروخ من طراز «سام 15». وبالمناسبة فاسم سام هو اختصار لصاروخ أرض جو Surface to Air Missile (SAM). بلادة وأعذار أبلد من الجرم.

أمنيـــــة:

فضلاً ملاحظة بلادة الأعذار لتبرير الجرائم المذكورة أعلاه. أناس ركبوا طائرات مدنية ووضعوا ثقتهم في الأنظمة الدولية كما يفعل ملايين البشر يومياً. وانتهت حياتهم بسبب جرائم قوات عسكرية لا تعترف بالأسس الحضارية للمرور الجوي الآمن، ولا تفقه في تشغيل أسلحة متطورة لم تصمم لتحطيم طائرات مدنية. أتمنى أن تتحرك القوانين الدولية لإيقاف هذه المهازل، وأن يكفينا الله شر هذه البلادة المميتة. وهو من وراء القصد.