-A +A
إحسان بن صالح طيب
في يوم الإثنين 27/5/1442هـ بمقبرة الصالحية، كان الوداع الأخير لرجل من الرعيل الأول ممن تركوا بصمات في العمل وبالذات في المجال الخيري بهذه البلاد الطاهرة، وكنت واحداً من مئات المشيعين لوزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق الشيخ عبدالرحمن أبا الخيل وكنيته (أبو أيمن)، وتوافد على المقبرة مئات المشيعين من أبنائه وأقاربه وزملائه وعارفي فضله، وكان في مقدمة من تلقى العزاء الأخ الدكتور عبدالوهاب عبدالسلام عطار الذي وقف في مقدمة صف العزاء لتلقي العزاء فيه مع أبنائه وأقاربه.

وقد انطلقت ألسنة الحاضرين بالدعاء له وذكر محاسنه وما قدم من خير، فالناس شهداء الله في أرضه على خلقه، واستمعت لأحد المشاركين في دفنه وهو يذكر مآثره في ما قدم من عمل صالح للأيتام والفقراء والمحتاجين، وتواضعه وحبه للخير ومساعدة الفئات المحتاجة بالنفس والنفيس.


عادت بي الذكرى لعام 1387هـ عندما التحقت بمعهد الخدمة الاجتماعية الثانوي بالرياض، في ثاني دفعة صباحية، حضر «أبو أيمن» حفل افتتاح مبنى المعهد الذي أنشئ لهذا الغرض، وكانت الرياض المدينة المتوثبة تتمدد في كل الاتجاهات، وأتذكر جهده (رحمه الله) في تطوير أنظمة ونشاطات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وإيمانه بالتعليم والتدريب لأبناء الوطن لإحداث التغيير، فعمل على إنشاء معهد الخدمة الاجتماعية الثانوي، ومركز التدريب والبحوث التطبيقية بالدرعية، لرفد قطاعات الوزارات بالكفاءات المؤهلة والمدربة لقيادة التغير المرغوب فيه، للنهوض بالمجتمع، والتركيز على إنشاء المؤسسات والمراكز والمعاهد والدور، لخدمة أهداف الوزارة الموجهة لقطاعات من أبناء هذا الوطن الكريم، من فئات الأيتام، أو الأحداث المعرضين للانحراف، والجانحين، والمسنين، وتأهيل المعوقين، وتنمية القرى والمدن، وأتذكر للفقيد مقولة كان يرددها أن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها، وخبرات ثقافة كبارها المتشربين لثقافته، والقادرين على النهوض بها. وقد حظي بدعم قيادات هذا البلد من الملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد (يرحمهم الله)، وآل سعود الميامين الذين يختارون الرجال القادرين في كل مرحلة بالقيام بواجباتها ومتطلباتها.

رحم الله الشيخ عبدالرحمن أبا الخيل، أدى الأمانة في مواقع عدة، وتولى مسؤولياته وزيرا وسفيرا وعضوا في أول مجلس شورى، وعمّر يرحمه الله. وتجلى العرفان لما قدمه من خدمات جليلة على مدى سنوات خدمته، ظل مرجعية شاملة في مجالات الشؤون الاجتماعية والعمل والعمال، وفي عهده صدر أكبر عدد من التشريعات بمجالات الشؤون الاجتماعية والعمل والعمال، والتدريب المهني، أسهمت في وضع القواعد الأساسية، واللبنات الأولى في تطوير هذه القطاعات.

رحم الله أبا أيمن، صاحب القلب الأبيض، والتاريخ المشرف الناصع، وعزاؤنا فيه ما شهد به خلقه، عاش طيب الذكر ومات حسن الأثر.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».