-A +A
أنمار مطاوع
لا تكاد تنتهي قضية متعلقة بثلاجة موتى إلا وتبدأ قضية أخرى. والقضايا وتذمر ذوي المتوفى أصبحت من الروتين اليومي للمستشفيات الحكومية، وردود وزارة الصحة على مثل هذه القضايا أصبحت جاهزة ومعلّبة كأدوية الصداع؛ تُصرف لذوي المتوفى والمتعاطفين معهم دون وصفة طبية.. وتؤدي الغرض منها. والحلول تتوه في أروقة البيروقراطية، والوضع يظل على ما هو عليه.

يروي أصحاب تجارب لمثل هذه الحالات أن بعض ثلاجات الموتى في المستشفيات الحكومية أشبه بـ(مراوح مائية)، لا تحافظ على الجثة في درجة حرارتها المطلوبة (4 درجات)؛ وهي الدرجة التي تبطئ نمو معظم أنواع البكتيريا الخاصة بتحلل الجثث وتمنع تكاثرها، وعدم الالتزام بهذه الدرجة الحرارية يؤدي إلى تعفن الجثة وربما انتفاخها لو تأخرت إجراءات استلامها لأكثر من يومين، وبالتأكيد عند وقوع مصيبة الموت تكون حالة الفقد مروعة، ومنظر انتفاخ الجثة أو تعفنها لن يكون ضمن المناظر التي يرغب أهل الميت رؤيتها.


الجمعيات الخيرية الخاصة التي تقدم خدمة غسل الموتى وتكفينهم تقوم بعملها باحترافية عالية، وأداء متميز ومشكور يدل على اهتمام واضح بتجهيز الموتى بطريقة إسلامية صحيحة، حتى الأهالي أصبحوا يفضلون غسل موتاهم وتكفينهم في الجمعيات الخيرية أكثر من رغبتهم في المنازل.

الحل الأمثل لمشكل ثلاجات الموتى هو أن تقوم وزارة الصحة بتسليم تشغيل ثلاجات الموتى كلها للجمعيات الخيرية، فهي ستتولى تشغيلها على أكمل وجه، لأنها تبحث عن الثواب من الله سبحانه وتعالى، وكثير من أهل البر والخير والإحسان سوف يموّلون هذه المشاريع طلبا للثواب، وستقوم الجمعيات بتحقيق الهدف والغاية من وجود ثلاجات موتى في المستشفيات، والوزارة سينوبها الثواب، وهذا خير مما تجنيه حاليا من الانتقادات.

الإجراءات النظامية الخاصة بدفن الموتى ازدادت، وبالتالي، ازدادت المدة الزمنية الفاصلة بين الموت والدفن. وبما أننا جميعا سنموت يوما ما -والأقدار بيد الله- فإن ثلاجة الموتى ستكون محطة انتظارنا لحين انتهاء تلك الإجراءات، لهذا يجب أن نهتم بها جميعا، ليس من أجل الذين نحبهم فقط، ولكن من أجل أنفسنا أيضا.