تُعدّ زيارة رئيسة جمهورية كوسوفو فيوسا عثماني إلى الرياض حدثاً تاريخياً يُعيد رسم خريطة العلاقات بين البلقان والعالم العربي، ويُبرز الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في ترسيخ السلام ومدّ جسور التواصل بين الشعوب.

فقد أثمرت هذه الزيارة المباركة عن خطوة غير مسبوقة تمثّلت في اعتراف الجمهورية العربية السورية بدولة كوسوفا، وذلك بوساطة كريمة وجهود مباشرة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي أثبت مرة أخرى أنّ الرياض أصبحت عاصمة القرار الهادئ وصوت الحكمة في عالمٍ يموج بالتوترات.

إنّ هذا التطور الدبلوماسي لم يأتِ من فراغ، بل يعكس رؤية المملكة القائمة على سياسة التوازن والانفتاح، وعلى الإيمان العميق بأنّ الحوار والاحترام المتبادل هما السبيل الأمثل لحلّ الخلافات وتحقيق الاستقرار.

من زاوية البلقان، فإنّ هذا الاعتراف لا يحمل بعداً سياسياً فحسب، بل هو رسالة تضامن إنساني مع شعبٍ ناضل طويلاً من أجل حريته وسيادته. وبصفتي كاتباً من هذه المنطقة التي عانت الكثير من الانقسامات، أرى في هذه الخطوة السعودية تحولاً نوعياً يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التفاهم والتعاون بين الشرق والبلقان.

كما تُبرز الزيارة الناجحة للرئيسة فيوسا عثماني تقدير كوسوفا العميق للمملكة، ورغبتها في بناء شراكات إستراتيجية في مجالات التنمية والاستثمار والتعليم والثقافة، ضمن إطارٍ يعزز القيم المشتركة ويخدم السلام الإقليمي والدولي.

ختاماً، يُمكن القول إنّ وساطة ولي العهد لم تكن مجرد إنجاز سياسي، بل رسالة أملٍ تؤكد أنّ الدبلوماسية السعودية قادرة على جمع ما تفرّق، وبناء ما تهدّم، وصناعة المستقبل بروحٍ من الحكمة والمسؤولية.