-A +A
حسين شبكشي
كنت في مقهى مع صديق قديم بعد مغرب ذات ليلة نستغل فيها طقس جدة الجميل هذه الأيام، وبدأنا في حديث نقارن فيه أهم العبر والدروس من تجربة الحياة.

وتوصلنا إلى رؤوس أقلام لافتة وبسيطة ولكنها مهمة. بعد عمر معين، وعلى الأغلب سيكون بعد الخمسين عاماً، ستكتشف أن موعد الطبيب ستذهب إليه وحدك دون أن تخبر أحداً، وستكتفي دائماً بالعلاج عن طريق المسكن دون إجراءات مضاعفة أخرى، وسيكون هاتفك الجوال على الوضع الصامت دائماً لأنك لا تحب كثرة الكلام على الهاتف وتكتفي برسالة واتساب، دائم التفكير في مسؤولياتك والأشخاص المعنيين بك، تعتزل من يؤذيك في صمت وبلا عتاب.


تبذل قصارى جهدك في زيارة جرعة عمل الخير لاقتناعك بأن ما بقي من العمر أقل من الذي مضى وتعمل بالتالي على ترك بصمة في الحياة تترك أثراً طيباً مع عدم إغفال برك المتواصل لمن بقي من الأهل.

تقدر وتحترم العزلة والهدوء وتكون أكثر ردودك على النقاشات، التي تبذل قصارى جهدك في تفاديها، بلا بأس أو حاضر أو طيب لإراحة رأسك أولاً وأخيراً.

قرارك سيكون بقناعتك أنت فقط وسترتدي من الملابس ما يعجبك دون أن تعبأ برأي الغير، تحاول تفادي الازدحام والمجموعات، في الطعام ستأكل أي شيء دون التمسك بأكلة مفضلة، ترى أولادك يعيدون التاريخ أمامك فتحاول نصحهم وكأنك بذلك تصلح ما فاتك بلا جدوى، تحترم عمرك وتكتشف أن فنجان القهوة هو أهم اختراعات البشرية،

ثم بعد ذلك تصبح فيلسوفاً تضاهي أفلاطون وسقراط وأرسطو.

فيكون لديك الردود الجاهزة على أصعب أسئلة الحياة فإذا سئلت وماذا عن الحليب المسكوب؟ فتجيب ولماذا نبكي عليه هل هو من آخر بقرة في العالم؟ اشتر غيره. وماذا سنفعل مع السعي الذي لا يضمن حتمية الوصول؟ تنزهنا وتمتعنا وعشنا.. كفى نكد. وماذا عن نصف الكوب الممتلئ؟ نكمله قهوة مع ألذ وأطيب فطيرة. وماذا عن المعارك التي نخوضها ولا يعلم عنها أحد؟ ارفع الراية البيضاء وخذ قسطاً من الراحة ولا تدخل حروباً من الأساس. وأين يذهب الإنسان عندما يشعر أن جميع الأماكن لا تناسبه؟ على سريره ومخدته اللذين لم يخذلاه قط من قبل وينام وغدا يوم آخر وصباح جميل..

باختصار الدنيا مدرسة لا تتوقف دروسها ولكنها تصل بك إلى مرحلة تكون فيها الدروس أعمق وأبلغ مع قدر مهم من الطرافة والفكاهة.