-A +A
خالد الذيابي
الاعتداء على الموظف العام بالقول أو الفعل بسبب أو بمناسبة ممارسته لمهام عمله، يعدّ جريمة في الشرع؛ لما فيه من الإيذاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وعقوبتها تعزيرية يُقدِّرها قاضي الموضوع ما لم يتخذ الاعتداء وصفًا شرعيًّا موجِبًا للحد أو القصاص، على التفصيل المعروف لدى فقهاء الإسلام.

والحكم في الحالة السابقة حكم عام يشمل الاعتداء على أي إنسان أيًّا كانت صفته؛ غير أنّ الاعتداء على الموظف العام بسبب أو بمناسبة ممارسته لمهام عمله يُعدّ سببًا لتشديد عقوبة التعزير؛ إعمالًا لقواعد الظروف المشددِّة المعروفة قانونًا والمقبولة شرعًا.


تأسيسًا على ما سبق، فالأصل أنّ النظام الجنائي العام للمملكة العربية السعودية المتمثِّل في أحكام الفقه الإسلامي هو الذي يَحكُم جريمة الاعتداء على الموظف العام بسبب أو بمناسبة ممارسته لمهام عمله.

غير أن هذا الأصل يرد عليه استثناء؛ إذا أخذ الاعتداء شكل استعمال القوة أو العنف أو التهديد في حق موظف عام ليحصل منه على قضاء أمر غير مشروع أو ليحمله على اجتناب أداء عمل من الأعمال المكلف بها نظامًا؛ عملًا بالمادة السابعة من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/‏36 بتاريخ 29/‏ 12/‏ 1412هـ، ففي هذه الحالة فالقواعد الجنائية الخاصة المستمدة من نظام مكافحة الرشوة هي التي تحكم جريمة الاعتداء على الموظف العام، وإنّما أُلحِقت هذه الجريمة بالرشوة؛ لاشتراكها معها في الانحراف بالوظيفة العامة، فكما أن الانحراف يحصل بالترغيب عند دفع الرشوة، فكذلك يحصل بالترهيب؛ وهنا تبرز الحكمة التشريعية، وفي هذه الحالة تكون عقوبة الاعتداء على الموظف العام السجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ عملًا بالمادة الأولى من نظام مكافحة الرشوة.

كل ما سبق يشمل الاعتداء على الممارس الصحي؛ باعتباره موظفًا عامًّا أو في حكم الموظف العام؛ استنادًا إلى المادة الثامنة من نظام مكافحة الرشوة.

ومن المؤكد أن الاعتداء على الموظف العام بسبب أو بمناسبة ممارسته لمهام عمله؛ أمر مؤثِّر على سير المرافق العامة، وعلى دوافع العمل لدى الموظف؛ فمن المناسب تحقيق الحماية الجنائية له بنصوص جزائية خاصة، يمكن تضمينها في النظام الجزائي الخاص للعقوبات التعزيرية المرتقب صدوره بإذن الله.