-A +A
منى المالكي
إن العمل المستمر على مراجعة الأنظمة وتطويرها؛ سيكفل لجميع المواطنين والمقيمين من كلا الجنسين، حصولهم على حقوقهم المدنية والاجتماعية كافة. من ذلك تعديل بعض مواد نظام وثائق السفر والأحوال المدنية الذي سمح للمرأة بالحصول على حقوقها النظامية كافة، دون تمييز بينها وبين الرجل.. «بهذه العبارات والجمل المحددة والواضحة جاء الخطاب الملكي لخادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى الأربعاء الفائت، ذلك الخطاب الذي جاء شاملاً لكل سياسات وإجراءات وطموحات الدولة، فكان خطاباً وافياً لكل من يريد السؤال أو التوضيح لمنجزات رؤية 2030 والطريق الطويل الذي تسير فيه».

والكتابة مغرية عن هذا الخطاب لأسباب متعددة؛ أولها غزارة مادة الخطاب الملكي، ونقصد بالمادة هنا تلك المواضيع المتعددة الثرية التي لامست جميع جوانب الحياة السياسية الداخلية والخارجية والاقتصادية والاجتماعية، ومدى تأثير جائحة كورونا ونجاحات المملكة في التعامل مع هذا الوباء العالمي، كذلك بنية الخطاب الداخلية التي تتآلف منها المفردات، والتراكيب، والجمل، والتي ظهرت متماسكة مترابطة تهدف إلى المعنى بشكل واضح وجلي، وهذه ميزة خطابات خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- والمرتجلة منها أيضاً ويدل ذلك على تمكن واضح من اللغة ومعرفة تأثيرها في الحجة والإقناع.


ولا يخفى على دارسي ومحللي الخطاب أهمية السياق «Context»، ويعني دراسة الخطاب في ضوء الظروف الخارجية والمؤثرات المباشرة عليه وظروف إنتاجه، وقد ظهر الخطاب الملكي خطاباً سياسياً اجتماعياً يرتبط بالمجتمع الذي يوجه إليه ويحمل قيمه، فتحليل الخطاب عبارة عن محاولة للتعرف على الرسائل التي يود النص أن يرسلها، ويضعها في سياقها التاريخي والاجتماعي، وهو يضمر في داخله هدفاً أو أكثر، وهذا ما ظهر في الخطاب الملكي الذي قصد قصداً إلى وضع الجميع داخل الظرف السياسي الاجتماعي ومحاورته والخروج منه بنتائج تضيء الطريق، فاسترجاع الظروف التي أدت إلى إنتاج النص جزء أساسي من عملية تحليل الخطاب، ذلك الخطاب الذي مثل جميع شرائح المجتمع باهتماماتها المتعددة المختلفة.

وما يلفت النظر في تحليل لغة الخطاب وما تحمله من أفعال كلامية اعتمدت على الاستمرارية، مثل جملة «العمل مستمر»، كذلك استخدام مفردة «التطوير»، وهذا ما يعني لدى المهتمين بالجودة إعطاء الدلالة العميقة على الاعتراف بالموجود والتأكيد على تعديله وتحسينه وتجويده، ويرمي إلى أبعد من ذلك وهو أن هذه الجهود عملت تحت خطط إستراتيجية وهذه الخطط تنظر إلى مفهومي الإزالة والإحلال بمعنى ضرورة إزالة هياكل وقوانين وإحلال البديل والإبقاء والإكثار مما يستحسن منه، وهذا المفهوم الإستراتيجي مهم جداً للبناء والتطوير.