-A +A
حمود أبوطالب
«جزء كبير من مستقبل المنطقة يُرسم في السعودية والحوار معها ضروري لما لها من ثقل سياسي واقتصادي وثقافي في المنطقة وهي تشهد تطوراً في مختلف المجالات». هذه العبارة التي قالها الرئيس ايمانويل ماكرون في مؤتمره الصحفي بعد مباحثاته مع الأمير محمد بن سلمان تختصر واقع وحقيقة المملكة وتمثل الفهم الحقيقي لمكانتها وإمكاناتها وتأثيرها ودورها إقليمياً ودولياً، ما يجعلها الشريك الموثوق والمؤثر في ملفات السياسة والاقتصاد والأمن، ولعل البيان الختامي لزيارة ماكرون يؤكد ذلك بما احتواه من شمولية لمجمل القضايا الإقليمية والدولية الراهنة.

نعم، جزء كبير من مستقبل المنطقة يرسم في المملكة، إن لم يكن الأكبر، وهذا الدور هو نتاج سياسة متوازنة عاقلة ناضجة منذ تأسيس المملكة، لكنه ازداد تأثيراً في هذه المرحلة الديناميكية النشطة التي تعيشها في كل المجالات، والتي جعلتها قوة سياسية واقتصادية يُحسب لها حساب كبير، ولا يمكن القفز عليها في أي مسار لأي ملف أو قضية. وعلى سبيل المثال فإن الاتفاقيات التي تم توقيعها في جدة مع الطرف الفرنسي بمبالغها الضخمة وتنوعها واستدامتها لا يمكنها أن تتاح لفرنسا أو غيرها في دولة غير المملكة لوجود اقتصاد قوي ومناخ آمن للاستثمار وطموح كبير وتخطيط مدروس للمستقبل، وهذا ما تريده أي دولة لتوسيع شراكاتها ودعم اقتصادها، فالمصالح هي التي تفرض نفسها في النهاية وهي التي تؤثر على طبيعة المواقف تجاه بقية الملفات.


هذه الحقائق تؤكد أنه من العبث محاولة استفزاز دولة بحجم وقوة وتأثير المملكة، أو الإضرار بأمنها أو شن حروب بالوكالة عليها، وأيضاً لا يمكن التقليل من دورها المهم في أي مفاوضات أو تسويات أو ترتيبات دولية مع دول الإقليم، ببساطة لأن جزءاً كبيراً من مستقبل المنطقة يُرسم هنا كما قال الرئيس ماكرون.