-A +A
عبدالرحمن العكيمي
نعيش ولله الحمد مشهداً رياضياً مؤثراً يتابَع عربياً وآسيوياً وعالمياً، بسبب ما وصلت إليه الأندية الرياضية من احترافية وما وصلت إليه كرة القدم السعودية من قفزات هائلة نتيجة الدعم الكبير الذي توليه حكومتنا رعاها الله لقطاع الرياضة والشباب.

وفي المقابل يبلغ التعصب الرياضي ذروته هذه الأيام، صحيح أنه كان موجوداً سابقاً، لكنه بلغ اليوم حداً مذهلاً ومدهشاً، ومثيراً مع تزايد مواقع التواصل الاجتماعي، ومؤخراً مع ظهور مساحات وغرف صوتية تحتوي على صراخ وانفعالات الجماهير الفائزة من جهة، والمنكسرة بسبب إخفاقات أنديتها من جهة أخرى، بالإضافة إلى ما يحمله لنا عالم السوشيال ميديا من محتوى سريع ومتفاعل ومصنوع بعد كل مباراة جماهيرية، فصناعة محتوى ساخر أو تهكمي أو احتفالي تتم بشكل متقن لكي يحصد العديد من المشاهدات ويتم تداوله بشكل كبير، تتكرر هذه المشاهد لتغذي حالة التعصب الرياضي وتزيد من الانقسامات بين الجماهير.


ووفقاً لبحث منشور عن سمات الشخص المتعصب رياضياً أنه يصاب بحالة من التوتر والقلق النفسي، ويكون سريع الغضب ومتسرعا في تصرفاته، ولا يملك روحاً رياضية تمكنه من تقبل النتائج مهما كانت حصيلتها، ويعيش على الأوهام ويؤمن بصحتها، ولون ناديه المفضل يتحكم بحياته من خلال اختيار لون سيارته وواجهة منزله، شارد الذهن مشتت الأفكار، يفرض رأيه ويمنع الرأي المخالف من الانتصار أو الظهور، ويشعر بالحزن والضيق عند الهزيمة والتوتر الشديد قبل بدء المباريات، ويحب الشخص المتعصب عقد صداقات مع المشجعين لنفس النادي، والشعور بالنفور والكراهية للنجوم البارزين للفرق الأخرى، بالإضافة إلى العديد من السمات الأخرى المنوعة.

ومؤخرا شهد (ديربي القرن الآسيوي) مواجهة ثقيلة ومباراة كبرى بين الهلال والنصر، الناديان الجماهيريان في المملكة والخليج، وشهدت تعبئة إعلامية وجماهيرية غير مسبوقة، وتراشقا جماهيريا وإعلاميا قبل بدء المواجهة بوقت طويل، وتسبب فوز الهلال وإقصاء النصر من حلم تحقيق اللقب الآسيوي الذي طال انتظاره لدى عشاقه بخيبة أمل وإحباط ما زالت آثارها مستمرة، ويعبر عنها أنصار نادي النصر حاليا من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل.

إن ما شاهدناه وسمعناه ويصل إلينا بشكل كبير من هذه الجماهير يمثل حالة غاضبة وحانقة لا يرضيها إلا فوز جديد ولقب قاري، إن حالة من التعصب والتشنج في أوجها تبدو أمامنا من بعد ديربي القارة الكبير، وهي حالة كنت أعتقد أنها ستكون مؤقتة وتنتهي بعد الديربي بيومين على الأكثر، لكنها بلغت ذروتها، وما زالت تتمدد كظاهرة تستحق التأمل والمراجعة.