-A +A
ماجد قاروب
عشرة آلاف كيلومتر قطعتها براً خلال الأسابيع الماضية وصلت بي شمالاً إلى القصيم وحائل وجنوباً عسير مروراً بالمدينة وأملج ورابغ وينبع.

وكانت لي أسبابي الاجتماعية والاقتصادية والمهنية لهذه الرحلات كمحامٍ ورئيس مركز للتدريب القانوني وشريك في شركات تعمل في مجالات الترفيه والرياضة المجتمعية والخدمات الطبية والأمنية والثقافة والفنون.


ولقد تولدت لي عديد من ملاحظات أساسية أضعها تحت أنظار القيادات في مختلف القطاعات ذات العلاقة، وفي مقدمتها السياحة، خاصة أن العلا ونجران وجيزان محطاتي الأسابيع القادمة.

1) تملك بلادي على أراضيها مواقع طبيعية من بحار وجزر ووديان وجبال وسهول وأودية جمعت في جمالها ما رأيناه في معظم الدول العربية والأوروبية مجتمعة، وإنني على يقين أن معظم أبناء الوطن مثلي لا يعلمون عنها بل لا يُصدقون وجودها أصلاً، وبالتالي فإن الإعلام وبالتعاون مع السياحة والترفيه والرياضة والثقافة مطالبون بالتعريف بهذه المناطق وما بها من طبيعة جاذبة للسياحة وبالفعاليات التي يمكن أن تستوعب عدة مئات من المليارات كاستثمارات متنوعة، وعلى الجميع بعد ذلك أن يحسب العوائد الاقتصادية والاجتماعية بهدوء.

2) الواجهة البحرية لعسير بل وكامل منطقة عسير، يمكن أن تكون البوابة السياحية لجنوب البلاد وأن تكون عاصمة السياحة الخضراء الريفية والتراثية، فما تملكه من مقومات يعجز وصفها في مقالات أو كتب ووصفها هو من مسؤولية الإعلام وأهالي الجنوب، وأتمنى من وزارات البلديات والسياحة والرياضة والزراعة والاستثمار رفع مستوى الإدارات الحكومية هناك لتكون بوكلاء وزارات لدعم المنطقة إدارياً لترقى لجهود أمير المنطقة الكبيرة لتحريك عجلة التطوير والتنمية لتحقيق تطلعات القيادة والمجتمع الجنوبي والوطن بكامله.

3) أعتقد جازماً أن من مفاخر الوطن الكبرى والعظيمة شبكة الطرق البرية التي اعتبرها الأفضل على مستوى العالم وفي بعض المناطق بالجنوب تعتبر إعجازاً وإنجازاً هندسياً ومعمارياً يجعلني أطالب وزارة النقل بتكثيف التعريف عن الطرق البرية التي أوصلت المياه والكهرباء والخدمات إلى كل منزل في بطن وادي أو سفح جبل أو قمته، ولكن للأسف بلا خدمات تُذكر على الطرق البرية وكأنها صُممت فقط لنقل البضائع، حيث يستحق السائقين أماكن لائقة للراحة، فما بالكم ونحن نسعى لصناعة السياحة التي تحتم النقل بجميع أنواعه.

4) كمية وحجم الأشجار والنخيل والمزارع تجعلني أطلب من وزراء الصناعة والزراعة والاستثمار تشكيل لجنة عليا مشتركة لنكون مصدرين للثروة الحيوانية والنباتية، إذ لم نكن على الأقل مكتفين باحتياجاتنا من اللحوم بجميع أنواعها.

5) معظم إن لم تكن جميع المتاحف التي زرتها في القصيم وحائل وعسير تحتاج من وزارة السياحة والثقافة شراكة مجتمعة لكسر العادات والتقاليد، لتحويل المنطقة إلى مجمع صناعة خاصة بالمتاحف التي تحتوي على الكثير من تاريخ الوطن والأرض لقرون بعيدة هي حق للوطن والمجتمع والعالم وركيزة وأساس قوي للسياحة، حيث يتحرج الكثيرون منهم لتحويلها إلى صناعة وعمل سياحي احترافي واقتصادي.

6) الترحاب بالضيوف والكرم في الحفاوة بهم قصص يصعب فهمها أو رواية تفاصيلها حتى لا تضيع، وهي جزء من ثقافة وتراث وطبائع أهالي المناطق التي زرتها وحياتهم اليومية، أتمنى فقط ليس تغييرها بل صيانتها ورعايتها والاستمرار عليها بحفظ النعم لتدوم ولا تزول لما أعتقد أنه إسراف وبذخ ومبالغة تخرج الضيافة والكرم من حدوده مالم تكن تحت سيطرة الحفظ وعدم الإتلاف، خاصة أنني متعود على الضيافة بصحن فول ومعصوب وقرص تميس للصباح وسمك وجمبري على الغذاء ومطبق وشاورما أو مظبى على العشاء.

7) كلي أمل وثقة في وزارة السياحة أن تقود حراك جميع سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية مع قطاع الأعمال إلى التعاون والتكامل لتحقيق الغايات والطموحات لخلق صناعة سياحية تجذب المواطن والمقيم في المقام الأول، وتؤدي إلى جذب السائح الخليجي، فالعربي والمسلم وصولاً إلى السائح العالمي لمشاريعنا السياحية العملاقة مثل جزر البحر الأحمر والعلا.

8) أتحفظ على كل الانتقادات والملاحظات التي وجهت إلى مدينة أبها التي تعايشت بواقعية من واقع السياحة الداخلية وخدمت أهلها وزوارها طوال عقود أحبوها كما هي ولن تتغير لأجل ضيف عابر مالم يتحول إلى ضيف دائم.

بالتأكيد للحديث بقية.

كاتب سعودي

majedgaroub@