-A +A
برويز خزايي
لقد مر النظام الإيراني على مدار الـ41 عاما الماضية بتقلبات عديدة في تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة مع سبعة رؤساء ومرشدين اثنين.

وقد وظفت طهران كل جهودها خلال 41 عاما من خلال المفاوضات خلف الستار والضغوط الإرهابية، للاستفادة كذباً وبهتاناً من الفرص لتوسيع نفوذها من خلال انتشار قوات الوكالة - المیلیشیات الطائفیة التابعة لها، وزيادة قوة قوات الحرس وقدراتها من أجل القمع الداخلي وتصدير الإرهاب، وطبعاً نجحت إلى حد كبير.


وتحاول طهران أيضا في كل فرصة الاستمرار في تخصيب اليورانيوم والتملص من التزامات الاتفاق النووي للوصول لصنع القنبلة النووية.

ومن خلال افتعال العشرات من الأزمات الوهمية، حاولت الحفاظ على قواعد مرتزقتها في سوريا والعراق.

إن تراجع القوات السورية من لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري أعطى إيران الفرصة أن تصبح اللاعب الأول للمشهد السياسي اللبناني وأدى في نهاية المطاف إلى تعزیز هیمنة جماعة حزب الله الإرهابية.

في اليمن، بسبب الفراغ الذي خلقه الربيع العربي، اصطاد النظام الفرصة لاستخدام الحوثيين للسيطرة على العاصمة اليمنية وعلى القدرات التسليحية والقوة العسكرية.

كما يقول المثل الإيراني القديم: «عندما ينهار جدار الحديقة، فإذا بمقتطفي الثمار أي الانتهازیین، یظهرون في الساحة!».

فهولاء مقتطفو الثمار الوصولیون هم متبعو سياسات الاسترضاء أنفسهم، الذين حققوا مثل هذه الإنجازات للملالي.

كانت لإيران فرصة غير مسبوقة في ظل فترة حكم باراك أوباما، فقد توصلت إلى اتفاق «نووي» مع ست دول والولايات المتحدة، وبعد ذلك نجح قاسم سليماني في توسيع نطاق تدخلاته الإقليمية بشكل أوسع، واتضح في ما بعد أن تنفيذ الصفقة أعطى إيران الفرصة لجني مكاسب مالية منها، واستخدامها في تنفيذ تعدياتها. وسهلت غاراته وتدخلاته وقوات الحرس في ضم أربع عواصم عربية تحت السيطرة والهيمنة الإيرانية وذلك قبل أن تصل العقوبات إلى ذروتها، لدرجة أن محللين عراقيين قالوا إنه إن لم يأت قاسم سليماني إلى بغداد، لا يتم حل أي قضية أو مشكلة، وحديث أيضاً الكارثة الضخمة في تشريد ٦ ملايين شخص وقتل أكثر من 600 ألف مواطن سوري.

اليوم، تزعم طهران أنها تجد فرصة جيدة لتتخلص من حبال العقوبات المميتة الملفوفة على رقبتها تحت ذريعة كورونا.

لا يفكر خامنئي وروحاني في أي شيء في الوقت الحاضر، إلا بنسج الحيل وإطلاق الأكاذيب والدجل حول القيود التي تفرضها العقوبات، وذلك ليتمكنا من الضغط على المجتمع الدولي وإجبار الحكومات على الضغط على الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن إيران بحجة كورونا.

تحقيقا لهذه الغاية، كتب روحاني وظريف، في رسالة مليئة بالمظلومية والأسى موجهة إلى الشعب الأمريكي، قائلين فيها إن «العقوبات قللت من قدرة الشعب الإيراني على محاربة الفايروس، وحتى أن بعض مواطنينا فقدوا حياتهم بسبب هذه العقوبات».

ودعوا الشعب الأمريكي إلى «الصراخ بصوت عال» على حكومة بلادهم.

لكن طهران لا تقول لماذا أمر خامنئي بالرقابة على أنباء تفشي كورونا في قم من أجل الانتخابات، وعلى الرغم من تحذيرات مسؤولي وزارة الصحة، إلا أنه لم يفرض الحجر الصحي في قم.

ولجأ خامنئي في خطابه إلى نظرية المؤامرة، مشيراً بإصبع الاتهام بأنها حرب بيولوجية أمريكية، ليظهر أن تستره كان ضحية للمؤامرة التي تم التخطيط لها من قبل الولايات المتحدة.

وفي المحصلة، سيتمكن النظام من جهة من إرسال قوات الباسيج وقوات الحرس للشوارع تحت عنوان مناورات لمكافحة الحرب البيولوجية، وذلك من أجل مواجهة الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية ضد حكمهم، ومن جهة أخرى يتمكنوا من خلال إظهار مظلوميتهم من رفع حبال العقوبات المميتة الملفوفة على أعناقهم.

لهذا السبب، لا يمكن مقارنة أفعال النظام ونهجه في قضية أزمة كورونا بالدول الأخرى، ويتوقع المرء الشيء نفسه منهم.

الشعب الإيراني لديه ذاكرة جيدة في تاريخه المعاصر، عندما رأى ميرزا علي أصغر خان أتابك -الذي كان شخصاً انتهازياً- ناصر الدين شاه قد اغتيل في ضريح شاه عبدالعظيم، عمل جنازته مع إظهار أنه لا يزال على قيد الحياة مبقياً إياه في السرير، وأخذه إلى القصر الملكي لإثبات أن الملك لم يمت.

الآن يجب على أولئك الذين يريدون رفع العقوبات عن إيران أن يقولوا لماذا يريدون إنقاذ هذا النظام من هذه المهلكة.

يجب أن نسألهم لماذا إيران الملالي ليست مستعدة لقبول أطباء بلا حدود والمراقبين الدوليين والصحفيين والوفود والمساعدات دولية في إيران، ولماذا ليست بحاجة لوصول المساعدات الفورية وغير المشروطة إلى المحتاجين.

لماذا تنقل المرافق الطبية التي تخص الشعب الإیرانی إلی لبنان والعراق؟ ولماذا لا يفرج النظام عن السجناء؟ لماذا لا يستخدم خامنئي احتياطيات العملة الصعبة الموجودة في مقر «هيئة تنفيذ أوامر الإمام» من أجل الإنفاق لمكافحة كورونا.

ولماذا يقوم تلفزيون النظام، بدلاً من الإشارة إلى عدم كفاءة الأجهزة ذات الصلة، بالتركيز بشكل مستمر على سلوك الناس ويدين سلوك الأشخاص الذين لا يبقون في المنزل عن طريق تصوير الشوارع المزدحمة والمدن الصاخبة.

وبينما تنسج نظرية المؤامرة دولياً داخل إيران، يخطط لإجراء مناورات عسكرية وعمليات التعبئة من قبل قوات الحرس، فهل يمكن كبح جماح كورونا بمناورات عسكرية؟

لذلك، فإن رفع العقوبات عن النظام يعني منح النظام فرصة أخرى لإطلاق مواهبه الإرهابية والإجرامية ومن أجل زعزعة استقرار المنطقة.