أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1789.jpg&w=220&q=100&f=webp

خميس الزهراني

من يصنع الآخر على الشاشة.. المذيع أم شهرة الضيف؟

كوني إعلامياً، أمسك بقلم قد يكون حراً حيناً ومسالماً أحياناً أخرى، فإنني أدرك جيداً أن مجريات الأحداث تفرضها الطبيعة والحياة، والخيارات تبقى دائماً بين وبين.

وفي ظل هذه الخيارات، يبرز حضور المحاور والضيف بوصفهما طرفين في معادلة واحدة، لا ينتصر فيها بالضرورة من يرفع صوته أكثر أو يربك الآخر أمام الكاميرا.

في عالم الإعلام، المجتمع المشاهد غالباً ما ينبهر بالمحاور الذي «يجندل» ضيفه، ويظهر بمظهر المسيطر على الحوار. فالمشاهد بطبيعته يحب الإثارة، ولهذا تلجأ بعض القنوات إلى تقديم البرامج الحوارية التي تعتمد على التصادم أكثر من النقاش. لكن هل يعني ذلك أن تفوق الإعلامي على الضيف دليل ثقافته وقوته؟

لو جئنا في الواقع، هناك فرق جوهري بين من يملك حرية السؤال ومن يُطلب منه الإجابة على الفور.

فالمحاور قد يحضر أسئلته لأيام، وربما يكون خلفه فريق من الإعداد، بينما الضيف يجد نفسه أمام الكاميرا مطالباً بإجابة فورية، وفي بعض الأحيان يقع في فخ سؤال أُعد مسبقاً للإيقاع به. هنا، قد يكون التلعثم مصير الضيف، ليس لأنه غير مثقف أو غير ملم، ولكن لأن السياق لم يمنحه ذات المساحة التي يمتلكها الإعلامي.

ولذلك، أجزم أن ما يبزغ للمشاهد من قوة الإعلامي ليس سوى الجزء الظاهر من المشهد، بينما يبقى الجزء الأكبر مستتراً خلف كواليس الإعداد، حيث يتشابك العمل بين فريق التحرير والمحاور، ولكلٍّ منهم نصيبه المخفي في رسم الصورة وإيصالها إلى قمة الإثارة؛ أحياناً بدافع المهنية، وأحياناً أخرى بدافع صنع تأثير يلمع على الشاشة.

وغالباً، بل كثيراً ما يحدث أن فريق الإعداد والمذيع، إذا لمحوا شخصية صعدت فجأة إلى الواجهة أو حقّقت شهرة طارئة بفعل موقف أو «ترند»، تسارع البرامج إلى اصطيادها وتقديمها للمذيع الذي يحدّ سكينه ليبدو أمام الجمهور بطلاً، ويقتات من شهرة الضيف التي لم يصنعها.

ولو تخيلنا سيناريو تبديل الكراسي، وأُتيحت للضيف فرصة محاورة المذيع، واستعراض سيرته، أجزم لن يجد ذلك المذيع كلمة يتخارج بها من الحصار القائم، ولا همسة يدافع بها عن نفسه.

سيبدو حينها هشّاً أمام من اعتاد أن يظهر أمامهم محاوراً لا يُجارى.

فبعض البريق ما هو إلا أثر ضوءٍ سُلط في الاتجاه الصحيح، لا أكثر.

لا يمكن إنكار دور الإعلامي، فهو جزء من السلطة المتقدّمة التي تجاوزت العديد من الحواجز، وصاحب رسالة مهنية لها أصولها.

لكن في الوقت نفسه، الضيف ليس مجرد طرف خاضع للحوار، تحت ضغوط وتتحوّل الحلقة كأنها تحقيق، تعترف أو لا تعترف، بل هو ركيزة أساسية وأحد أعمدة نجاح أي برنامج.

فلكل إنسان ذكاؤه في مجاله، والضيف حين يجلس أمام الكاميرا لا يمثّل نفسه فقط، بل يمثّل فكراً أو جهة أو قضية.

كذلك ليس جيداً إظهار محاور مبدئية ناعمة قبل الحوار ثم يتفاجأ الضيف بسيل عارم يخرجه عن المسار المتفق عليه من قبل.

وعلى الضيف في هذه الحالة مواجهة المذيع بالنوايا، ويقلب الموازين، لا بد من التحوّل ومواجهة المّد بمدٍ أقوى، مثل: ماذا تقصد؟، لماذا حوّلت المسار؟، هذه شكوك حاول توضح، لماذا الخروج عن الاتفاق في المحاور المعدة؟

في نهاية المطاف، لا ينبغي أن يكون الإعلام مجرد ساحة استعراض للانتصارات الجدلية، بل مساحة حقيقية للحوار والتفاعل.

الإعلامي الناجح ليس من يحرج ضيفه، بل من يفتح معه أفقاً جديداً للنقاش. وكذلك الضيف، ليس مستجيباً سلبياً، بل عقل يفكر ويضيف.

فالحوار الحقيقي لا ينتصر فيه طرف واحد، بل ينتصر فيه الوعي.

00:07 | 1-12-2025

مزدلفة المشاعر    

بين منى وعرفات، تمتد مزدلفة بمهابتها وهدوئها، مشعرًا خالدًا ارتبط بالحج وبالذاكرة المكية منذ الأزل.

وفي السنوات الأخيرة، استعادت هذه الساحة المباركة حضورها كفضاء رحب يستقبل الزوّار والمقيمين، لا حجاجًا هذه المرة، بل عشّاق المكان وساكني مكة الذين يجدون فيها متنفسًا ومتنزّهًا تتجدّد فيه الذكريات.

لم تكن مزدلفة مجرد محطة في طريق الحجاج، بل كانت على مرّ الزمن موئلًا للسكينة ووجهةً لأهل مكة في مواسمهم وأعيادهم.

تتوارث الأجيال اسمها كما تتوارث الدعاء على صعيدها، يذكرها الشعراء في قصائدهم، ويصفها الأدباء بأنها «السكينة التي تزدلف فيها القلوب قبل الخطى».

ذلك الاسم العابق بالتاريخ لا يحتاج إلى تعريف، فهو حاضر في ضمير الأمة ومناسكها وشعائرها.

وخلال زيارة حديثة لموقع مزدلفة، كان من اللافت بروز هوية الشركة المطوِّرة للموقع في أغلب التفاصيل؛ من الممرات والمظلات وحتى اللوحات والزجاجات.

هي جهود مشكورة لا شك، حيث تبذل الشركة جهدًا كبيرًا لتطوير المشاعر وتحديث مرافقها، وهو عمل وطني رائد يستحق التقدير، وتتقاضى عليه أجورًا سخية من الدولة أعزها الله.

لكن السؤال الذي يوشوش في الذهن، أليس المكان أولى بأن تبقى هويته هي الواجهة؟

أليس من الأجدر أن يُطلق على الطريق «مسار مزدلفة» أو «جادة مزدلفة» بدلًا من «مسار كدانة»؟

فالمشاعر المقدسة رموز دينية وتاريخية تمتد جذورها في قلوب الملايين من المسلمين حول العالم.

وحين يُستبدل الاسم العريق باسم حديث، يخشى أن تذوب الأصالة في زحمة العلامات.

ليست القضية هنا في ظهور شعار أو غياب لوحة، بل في مبدأ الحفاظ على هوية المكان وروحه.

فالتطوير الحقيقي يقدّم التاريخ بأبهى صورة، ويُبقي للمشاعر قدسيتها وألقها الذي لا يُمس.

وفي هذا، يمكن للشركات الوطنية أن تواصل عطاءها المبارك، مع إبقاء أسماء المشاعر عنوانًا وهوية ثابتة لا تتغيّر.

إن الحفاظ على أسماء المشاعر المقدسة ليس مجرد مسألة لغوية أو رمزية، بل هو حفاظ على ذاكرة الأمة ومفرداتها الروحية.

فالمكان حين يفقد اسمه، يفقد جزءًا من تاريخه، ومن هويته التي تميّزه في ضمير الزمان.

ولذلك، فإن بقاء مسميات المشاعر كما هي عرفات، منى، مزدلفة هو تكريم للقداسة التي أحاطها الله بها، وتقديرٌ لتاريخٍ سطّرته الملايين من الخطوات والأدعية والدموع.

وما أجمل أن تخلّد جهود التطوير في ظل هذه الأسماء لا في مكانها، وأن تُذكر الشركات بعطائها لا بعناوين المواقع.

فمن الوفاء أن تبقى مزدلفة هي مزدلفة، لا تختصر في اسم مشروع أو مسار، بل تبقى رمزًا كما أرادها التاريخ، ومهوى قلوب الزائرين كما كانت منذ أول زلفةٍ إليها.

ولتظل مزدلفة كما عرفها الحجاج والعاشقون: اسمًا خالدًا لا يُختزل، ولا يُستبدل.

00:16 | 7-11-2025

اشتروا ذهبنا حين رخص ورفضوه حين لمع!

سجل الذهب قمة تاريخية متجاوزًا 4 آلاف دولار للأوقية في المعاملات الفورية ليسجّل أعلى مستوى على الإطلاق، وهو رقم يثير الإعجاب والدهشة في آن واحد.

لكن خلف هذا الارتفاع تختبئ مفارقة غريبة! كثير من السيدات اللواتي يرغبن في بيع مصوغاتهن الذهبية يواجهن رفضًا من بعض المحلات، بينما نفس المحلات تتسابق على شراء الذهب وقت انخفاضه.

هذه الممارسات تكشف خللًا واضحًا في آلية السوق، حيث يُعامل المستهلك كطرف ضعيف يتحمّل وحده تقلبات الأسعار. الذهب سلعة عالمية لها سعر يومي معلن، وبالتالي البيع والشراء يجب أن يخضع للعرض والطلب وفق السعر العالمي، لا وفق هوى بعض التجار.

ولتجاوز هذه الظاهرة، يجب إلزام محلات الذهب بالشراء والبيع وفق الأسعار المعلنة، وتفعيل الفواتير الإلكترونية الموحدة لكل عملية بيع وشراء، وتشجيع الجمعيات الاستهلاكية والبنوك على شراء الذهب من الأفراد بأسعار عادلة لتخلق منافسة تقلل من تحكّم بعض المحلات، مع تفعيل العقوبات على الممتنعين عن الشراء.

فالذهب ليس مجرد زينة، بل هو مخزن قيمة وملاذ آمن للادخار، وحرمان الناس من بيعه وقت حاجتهم يضرب في صميم العدالة الاقتصادية.

وما بين ارتفاع الأسعار أو انخفاضها، يجب أن تبقى القاعدة الذهبية.. البيع والشراء حق مشروع للجميع بلا استثناء.
00:16 | 10-10-2025

الصورة الذهنية للمملكة مسؤولية الجميع

تحسين صورة المملكة ليست رفاهية ولا شيئاً جانبياً، هذا واجب على كل واحد منا، يتشارك فيه الجميع، أفراداً ومؤسسات.

فالمجتمع السعودي اليوم يواجه أشرس الهجمات الإعلامية، ليس فقط من الخارج، بل أحياناً من الداخل عبر بعض مشاهير «الميديا» الذين اقتنعوا أن يقدّموا صورة هزيلة عن أنفسهم، فانعكست على صورة وطنهم، حتى بات المتابع يظن أن هؤلاء هم الأميز بالمجتمع ونخبته!

لقد تمدد هذا الوباء للأسف في شرايين الإعلام الجديد، وصار هؤلاء بجهل أو عمد يروجون لقصص مختلقة عن هدايا وسيارات، أو يقدمون محتويات مخالفة للذوق العام، في وقت تحتاج المملكة أن تُعرض على حقيقتها.. أرض الحرمين، وقبلة المسلمين، ومجتمع القيم والنهضة.

والمُقلق أن هذه التجاوزات تتمدد أكثر فأكثر ويوماً بعد آخر بلا رادع، بينما الجمهور يتابع بدهشة واستغراب.

والحقيقة التي يعلمها الجميع أن هؤلاء المشاهير لم يظهروا فجأة، بل وجدوا دعماً مالياً ومعنوياً من جهات وأشخاص، حتى تصدّروا المشهد وكأنهم صفوة نتاج المجتمع السعودي، بينما هم في الواقع صورة سطحية لا تمثل علمه ولا ثقافته ولا إبداعه.

ومن هنا، فإن المسؤولية مشتركة، فكل متابعة أو إعجاب أو دعم يساهم في تضخيم هذه النماذج على حساب غيرها، ولا يمكن أن نطالب بإصلاح الصورة الذهنية ما دمنا نضخ لها الأوكسجين من داخلنا.

لذلك فإن الحاجة إلى حلول عملية باتت ملحة، تبدأ من تفعيل الرقابة الإعلامية المتخصصة التي ترصد المحتوى المسيء وتصدر العقوبات الفورية بحق من يتجاوز القيم أو يتلاعب باسم المملكة، مع سن أنظمة جزائية واضحة تشمل الغرامات والمنع من الظهور الإعلامي عند تكرار المخالفات.

كما أن ضبط الدعم المالي والإعلاني يمثل ركناً أساسياً في المعادلة، فلا يعقل أن تظل بعض الشركات ورجال الأعمال يغدقون على هذه النماذج بالتمويل، بينما المبدعون الحقيقيون يواجهون العزلة. وأجزم أن توجيه الدعم إلى أهله من الكفاءات والشباب المبدع سيجعل الأرض وأقاصيها تتحدث عن السعودية، وعندما تتاح الفرصة للمتميزين أن يتصدّروا المشهد فالمعادلة ستنقلب رأساً على عقب، وسيغضب المتربصون حين يرون صورة المملكة الحقيقية في أبهى صورها.

وهنا يبرز أيضاً دور المجتمع في الاختيار الواعي، حيث لا بد من إطلاق مؤشرات وطنية توثق التزام المؤثرين بالقيم والذوق العام، ويُمنح الملتزمون وساماً رسمياً يعزز حضورهم، فيما يُحجب المسيئون عن فرص الإعلانات والتعاونات.

فالحل ليس في المنع فقط، بل في صناعة البديل أيضاً، عبر دعم منصات وطنية ومبادرات شبابية قادرة على تقديم محتوى راقٍ ينافس تلك النماذج السطحية ويبرز الوجه الحقيقي للسعودية. ويبقى الجمهور شريكاً أصيلاً في المعركة، فهو من يصنع الشهرة بتفاعله.

وعليه أن يدرك أن كل إعجاب أو مشاركة أو مشاهدة هو تصويت ضمني على من يمثلنا، ومن هنا يأتي النداء الصريح: احجبوا «المهابيل» واتركوهم في محيط منازلهم ينفّسون، فالمجتمع السعودي ليس لديه وقت ليهدره على جماجم فارغة جلبت لنا أصواتاً ناعقة، ونحن من ندفع فاتورة ذلك.

إن الحفاظ على الصورة الذهنية للمملكة يبدأ من البيت، وينعكس في السلوك العام، ثم يُصان عبر الأنظمة والقوانين.

فإذا تعاون المجتمع مع الجهات الرقابية، وتوجّه الدعم نحو المبدعين الحقيقيين، وفُسح المجال لهم، عندها فقط سنحافظ على صورة المملكة المشرقة كما هي.. وطن العزة، وموئل القيم، وأرض الأنبياء والرسالات.
00:01 | 26-09-2025

الإعلام حصانة قوية من مقاعد الثانوية

نعيش اليوم في ذروة ثورة التكنولوجيا، بكل ما تعنيه الكلمة، سرعة تُذهل العقول وتُدهش الأبصار، حتى بات الإعلام في مقدمة أدواتها، لا مجرد نافذة على العالم، بل العالم كله.

وتدركون جميعًا أن كل بيت يملك من الوسائل ما كان يُعد بالأمس ترفًا، فأصبح الهاتف والحاسوب والشاشة أبوابًا مشرعة يدخل منها العالم إلينا وندخل بها إليه.

جيل اليوم يقف في قلب العاصفة، تُغريه التقنية بلمعة بريقها، لكنها تحمل بين طياتها مخاطر خفية، فهي كالسيف إن وُجّه بحكمة كان نصيرًا، وإن استُخدم بطيش كان وبالًا.

لهذا فإن إعداد الجيل الحالي والقادم لا يكون بالصدفة، بل ببنية معرفية راسخة، فالعلم بلا وعي كالمال بلا عقل، سرعان ما يضيع ويهلك صاحبه.

ولأن الشباب يشكلون أكثر من 70% من المجتمع، فإن الحاجة إلى تبصيرهم بكيفية إدارة هذه الوسائل باتت ملحّة.

فكل نافذة بلا وعي قد تتحوّل إلى ثغرة، وكل ثغرة قد تصبح خنجرًا في خاصرة الوطن. وهنا تتجلى أهمية الإعلام، بكل صوره من الصحافة الورقية إلى الإذاعة والتلفزيون، وصولًا إلى صناعة المحتوى في شبكات التواصل الاجتماعي.

ولذلك فإن الدعوة ليست إلى تخريج إعلاميين من مقاعد الثانوية، بل إلى غرس بذور الوعي الإعلامي منذ تلك المرحلة.

أجزم أن مادة الإعلام في المدارس ستكون حصانة للعقول، أشبه بسياج يحمي البساتين من الدواب، وكالقفل يحمي البيوت من اللصوص.

الهدف أن يتعلم أبناؤنا، كيف يميّزون الخبر من الإشاعة.

وكيف يردّون بأدب بدل الانفعال بجهل.

وكيف يصنعون محتوى راقيًا بدل استهلاك المحتوى الهابط.

ويتعلمون فنون إحباط تصيد الأصوات الناشزة التي تحاول تسميم العقول والإساءة للأوطان.

فالأوطان لا تُحمى بالسلاح وحده، بل تُحمى أولًا بحماية عقول سواعدها.

فما جدوى سور متين إن كان من داخله عقل هشّ يتلاعب به العابثون!

إننا نعلم أن للإعلام تخصصاته الجامعية الراسخة، لكن الواقع يفرض اليوم أن التعامل الإلكتروني بحد ذاته نوع من الإعلام. ومن الحكمة أن نُفقّه شبابنا مبكرًا في التعامل الأمثل معه، بدل أن نتركهم يتعلمون من التجارب المرة، أو نقف متفرجين وهم يقاتلون في ظلام التضليل.

العقل حصن، ومن هُدم حصنه هان أمره.

والإعلام هنا البوابة الكبرى لذلك الحصن.

فمن امتلك وعيًا إعلاميًا صار كالفارس الذي يعرف عدوه من صديقه، ومن تُرك في جهالة صار كمن يضرب في الظلام، يؤذي نفسه قبل غيره.

من هنا، يصبح استحداث مادة إعلامية في المرحلة الثانوية مشروعًا وطنيًا، لا مجرد اقتراح.

فالأوطان لا تُصان بالجيش وحده، بل بالوعي أولًا، والوعي هو الجيش الذي لا ينام.

فهل ستلتقط وزارة التعليم زمام المبادرة، وتفتح لأبنائنا أبواب المعرفة الإعلامية في سن مبكرة، ليكونوا حصونًا راسخة لا تقتلعها رياح التضليل؟
00:08 | 19-09-2025

الدولة تُصلح والهبات تُشوّه العقار..!

من الواضح أن الدولة دخلت مرحلة جديدة في إصلاح سوق العقار، والكل سمع خطاب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحت قبة الشورى، عندما قال:«إن أسعار السكن وصلت إلى مستوى غير مقبول بالنسبة لدخل المواطن، وإنه آن الأوان نصحح الوضع».

وأكد سموه أن التعديلات على نظام رسوم الأراضي البيضاء راح تصدر خلال شهرين فقط يعني المسألة جدّية وما فيها تأجيل.

هنا نقرأ نوايا الدولة الصافية، والهدف واضح توفير سكن ميسر ومناسب لكل مواطن. لكن المشكلة أن هناك نفوسا هزيلة ما يتركون بابا إلا ويحاولون يدخلون منه بحيلة.

آخر حيلهم المكشوفة ما يسمى بالهبات العقارية تجد الأرض الكبيرة تُقسم إلى قطع صغيرة، وتُسجل كهبات بين أصحابها، والهدف الحقيقي تهرّب من الرسوم، ليس كرمًا ولا عطاء.

النتيجة سوق سوداء على الورق، ومواطن مسكين يطالع الأسعار وما يدري وين يروح.

اللي نتمناه اليوم أن الجهات المختصة توقف هذه اللعبة من بدايتها وتجهضها بمعنى أي هبة مشبوهة تُرصد فورًا، والذي أخذ أرضًا بهبة وهمية ما يستفيد لا من قرض بنكي ولا عقاري.

والذي يدخل في دوامة عقود وهمية ويوقف عند باب المحكمة، لازم يعرف أن فيه عقوبة تنتظره، لأن المحاكم مو فاضية لمسرحيات من هالنوع.

الموضوع ببساطة معركة بين دولة تشتغل من أجل المواطن، وبين متحايلين يبحثون عن مصلحتهم حتى لو عطّلوا الإصلاح.

المواطن يستاهل بيتا وسكنا مريحا، والمتلاعب يستاهل نظاما يوقفه عند حدّه.

خلونا نقولها بصراحة الدولة تبني، والهبات الوهمية تهدم، والاختيار عندنا كلنا نكون مع الإصلاح أو مع التشويه.

فالتعاون مطلوب ودحر التلاعبات مطلب الجميع.
00:02 | 12-09-2025

إنتاج الحرير في السعودية

هل بالإمكان تحويل هذه الفكرة إلى واقع ملموس؟ خاصة أن المملكة اليوم أصبحت نموذجًا رائدًا في تنويع التجارب، وتمضي بخطى متسارعة نحو تقليل الاعتماد على الاستيراد في العديد من القطاعات.

منذ فترة لفت نظري خبر عن توجه السعودية لزراعة العود، رغم أنها من أكبر مستورديه عالميًا.

وفي ذات السياق ورد خبر مماثل عن توصل فريق بحثي سعودي في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) إلى تطوير فكرة زراعة الزعفران باستخدام تقنيات مبتكرة.

وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل يجول في خاطري: هل يمكن أن تتكرر التجربة مع الحرير؟ هل بإمكان السعودية أن تفعلها وتنجح في إنتاج الحرير محليًا، بدلًا من استيراده بالكامل؟

الحرير بُردة الجمال، ليس مجرد مادة فاخرة، تجوب العالم، وتغري الأسواق بنعومتها المتفردة، بل هو جزء أساسي من صناعة كسوة الكعبة المشرفة، التي تتفرد بها المملكة منذ أكثر من مئة عام. لكم أن تتخيلوا في كل عام يتم استهلاك ما يفوق 1000 كيلوغرام من الحرير الخام لصناعة حُلة البيت المعظم، ما يعني أن إجمالي الاستهلاك على مدى قرن يتجاوز مئات الأطنان، جميعها مستوردة من الخارج، حيث تصل هذه الكميات إلى المملكة على هيئة شلل خام، مغطاة بطبقة السيريسين، وهو الصمغ الذي تفرزه دودة القز أثناء بناء شرنقتها، ليتم لاحقًا معالجته في معامل متخصصة داخل مجمع الملك عبدالعزيز لصناعة كسوة الكعبة المشرفة بمكة المكرمة. هذا الاعتماد الدائم على الاستيراد يطرح تساؤلًا يتبادر إلى الذهن دائمًا: لماذا لا يتم استزراع هذا المورد محليًا؟

ولبحث إمكانية تحقيق ذلك، يجب أولًا دراسة مدى ملاءمة البيئة السعودية لاستزراع دودة القز، التي تعتمد في غذائها على أوراق التوت.

المملكة لا ينقصها التنوع الجغرافي فهو واسع، ما بين المرتفعات المعتدلة، والسهول، والأودية الخصبة، وحتى المناطق الساحلية، مما يجعل من الممكن تحديد مواقع مناسبة لإنشاء مزارع التوت، سواء في بيئة طبيعية أو داخل مزارع يتم التحكم في مناخها لضمان الإنتاج المستدام.

الهدف من المشروع في بدايته لا يجب أن يكون تحقيق الاكتفاء الذاتي فورًا، بل خوض تجربة عملية لتحديد مدى ملاءمة الظروف البيئية، ثم التوسع لاحقًا وفقًا للنتائج.

التجارب العالمية أثبتت أن تربية دودة القز ليست حكرًا على مناطق معينة، بل يمكن تهيئة الظروف المناسبة لها حتى في بيئات غير تقليدية. ومع توفر الإرادة والاستثمار في البحث والتطوير يمكن للمملكة ليس فقط إنتاج احتياجها السنوي من الحرير، بل ربما تصبح مستقبلًا أحد المصدرين لهذه المادة النادرة.

السعودية أكدت من خلال تجارب كثيرة أنها ليست مجرد مستهلك للأسواق العالمية، بل أصبحت دولة قادرة على خلق صناعات جديدة وتحقيق الاستدامة الاقتصادية.

إذا نجحت تجربة زراعة العود، وغيرها من التجارب التي تخوضها في هذا الجانب، واتجاهها الملحوظ نحو تعمير الأرض أشجارًا، فأعتقد أننا أمام تحدٍ جديد ربما نراه في المستقبل القريب لإنتاج الحرير السعودي.

الفكرة ليست بعيدة، والتحديات تستحق المحاولات.
00:21 | 20-06-2025

لا حج بلا تصريح.. غلّظوا العقوبة

تلوح في الأفق ملامح موسم الحج، ويصافح أنظارنا عِقد الحجيج وبريقه، بعد أن حطت قوافلهم في بطحاء مكة وشِعابها.

منظر بديع، ألفته قلوب أهل مكة قبل أبصارهم، واستكانت له نفوسهم بأنفاس الحجاج العطرة.

في وجدان كل سعودي بوح كبير، أجزم أن كثيراً منهم يودون تسطيره في مقال أو مقابلة أو حديث مجالس.

حتى إن عجزت ألسنتهم، تظل تفاصيل الترحيب الحار وتعبيرات الوجوه كفيلة بشرحه، فالسالفة تطول حين نروي عن عشق قديم بين الحجاج وأهل مكة، حاضرةً وبادية، منذ الأزل.

لكن، دون أن نبتعد عن جوهر الموضوع، ثمّة مفسدات للفرح والبهجة.

أولئك المخترقون للأنظمة، خانقو اللحظات السعيدة، ناقلو الحجاج غير النظاميين... لكم أن تتخيلوا كيف بحّت أصوات رجال أمن الحج في تصدير البيانات، والتذكير بالعقوبات، ونشر حالات الضبط.

لكن البعض لا يزال يصر على مخالفة تلك الأصوات، ومجانبة كل أمنية وطنية تسعى إلى تطبيق القرار الحاسم: «لا حج بلا تصريح».

في تصوّري، زعيم المخالفات، وقائدها ومدبّر أمرها هو من يتولى نقل المخالفين غير آبه بنتائج خطيرة تضرّ الوطن والتنظيم.

هو لا يشعر بوطنية، ولا خوف على أمنه أو أمن الحجاج.

تغليظ العقوبة حلّ ودواء، علّه يوقظ قلباً خواءً لاهثاً خلف دراهم، لو نُثرت على تراب المشاعر لانمحت.

إن أمن الأوطان لا يُبنى إلا بسواعد الشباب وغيرتهم، وإذا غاب هذا الشعور، فلا بد أن تُراجع كل وسائل الرفق التي لم تُجْدِ معهم نفعاً.

أخلوا المشاعر المقدسة وأبواب مكة من هؤلاء، إراحة لرجال الأمن، ليتفرغوا لخدمة ضيوف الرحمن.

فوعي المواطن والمقيم كفيل بأن يستقيم به ما اعوج، وكانت تلك معضلة طالما أرّقت الجهات المختصة.

أبواب مكة اليوم عامرة بحراس، وعيون ميدانية ويقظة إلكترونية، جعلتنا نتصفح الأيام الماضية بحصيلة منجزات: ضبط متسللين، وناقلي مخالفين، وكشف حملات وهمية.

هنا دعوة للتضافر يداً بيد، لإنجاح خطط تشغيلية سهر أصحابها الليالي في إعدادها.

ودعوة أخرى للتأمل: في أي شرف هذا الذي حظينا به كسعوديين، أن نكون خدّاماً لأكبر مناسبة عالمية على وجه الأرض، ترعاها المملكة بكل حفاوة وتكريم، على أرض الحرمين الشريفين.
00:04 | 16-05-2025

الصين.. جلد فاخر ومناكفات قوية ناعمة التأثير

الصين عظيمة، حتى في خلافها مع خصومها، تمارس فن الإقناع لا البكائيات، وتخوض الحرب بذكاء لا بضجيج.

هل شاهدتم كيف تعرِّي سياسة أمريكا تجاهها بهدوء، وتكشف زيف الفقاعات الكلامية التي لا تسمن ولا تغني من تأثير؟

منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحرب الاقتصادية على الصين عبر بوابة الرسوم الجمركية، والعالم يتابع واحدة من أكثر الحروب التجارية حدّة وتعقيدًا.

أمريكا أرادت كبح المدّ الصيني المتزايد، لكن الصين لم ترفع صوتها، بل رفعت مستوى حضورها في السوق العالمي، فدخلت من الأبواب الرئيسية، لا من فوق الأسوار.

وهنا نؤكد أن المقال لا يتجاهل واقع تأثير تلك الحرب على الشركات الصينية، خاصة الصغيرة منها، فالكثير منها تأثر فعليًا بالقرارات الأمريكية، وتضرر من ارتفاع الكلفة وتعقيد سلاسل التوريد.

ومع ذلك فإن الحديث هنا لا يُكتب لتسجيل نقطة نصر لترامب أو لأمريكا، بل لتسليط الضوء على كيفية توجيه التنين الصيني للحرب الإعلامية بطريقة هادئة ومدروسة، بعيدًا عن العبارات الانفعالية التي تشغل الناس ولا تقنعهم.

بكين أقنعت العالم بما فيها أمريكا نفسها أن منتجاتها تغمر الأسواق بأسلوب مهذب وفعّال، وأن مسألة «ختم الصناعة» لا تغيّر من حقيقة تفوقها شيئًا، سواء كُتب عليه «صنع في إيطاليا» أو «أمريكا» أو أي مسمى آخر.

ما يهم الصين ليست الأصوات المرتفعة المزعجة، بل الوصول إلى المستهلك عبر موانئ حرة، وأسواق نشطة، وذكاء تصنيعي، استطاعت أن تحقّق رسالتها التجارية، وتترك بصمة لا تمحى.

اليوم تُمطر الصين العالم بوابل يومي من المنتجات ذات الطابع الغزير، تدخل إلى المستهلكين من كل مكان، حتى من خلال علامات تجارية أوروبية وأمريكية، بعضها اليوم يواجه قضايا استرجاع بعد انكشاف حقيقة «التصنيع الصيني المُقنّع».

الشارع الأمريكي يعيش حالة من الاستياء، ليس فقط بسبب السلع، بل لأن الصين تفوقت بهدوء ولم ترد على الشتائم بشتائم، بل اختارت الرد بالإقناع المدروس.

والأهم: أنها اختارت التأثير لا مجرد الظهور في العناوين.

ولهذا.. نستفيد من الموقف الصيني. فحين تقرر أن ترد، فإنها تختار أدواتها بعناية، وتُمعن في دراسة نقاط الضعف، وتضغط في الوقت المناسب.

الجلد الحقيقي، هو ذاك الذي يُنهك الخصم دون أن يُسمع له صوت.

اما ما نراه اليوم في مواقع التواصل من مظاهر الحِراكات الاجتماعية والسياسية فهو مجرد صراخ «كلاميات» يتبخر في الهواء، قبل أن يصل إلى وجهته.. لا يؤذي أحدًا، ولا يزعج حتى العابرين إلى أهدافهم.
00:13 | 25-04-2025

الحجر الأسود.. بين السنّة النبوية والتحديات

هل يمكن للمدارس التعليمية والمراكز التوجيهية والفتاوى الدينية أن تتفق على جعل سنّة استلام الحجر الأسود حاضرة بالنية والعمل، كاستلامه عن بُعد والإشارة إليه، ونتفق بشكل جماعي حول ذلك.

في ظل الزحام الكبير الذي نراه بين المسلمين عند عتبة الحجر، حيث يصبح الحصول على فرصة استلامه أشبه بالصراع، وفي كثير من الأحيان، تصبح العبادة بعد كل نسك وكأن الأجر يتساقط منها بسبب ضغط المدافعة والمكافحة للحصول على تلك الرغبة.

لقد جاء الدين الإسلامي رحيمًا، مخففًا عن المسلمين، فلم يكن الهدف منه التشديد على القلوب المعلقة أو التربص بالأخطاء العابرة. فقد رخّص للمسافر أن يفطر، وللمصلي أن يقصر ويجمع، وللمريض أن يسقط عنه بعض الواجبات عند الحاجة. وكذلك الصلاة خلف المقام في أي مكان، والدخول إلى الكعبة باب كمال، والحِجر منفسٌ لها.

وقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحديث الصحيح: «إنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّلك لما قبّلتك»، ليؤكد بذلك أن الحجر الأسود ليس له من تأثير أو قداسة ذاتية، بل هو جزء من العبادة التي أمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم.

هذه الكلمات تفتح المجال لتفكير جديد في كيفية تعاملنا مع الحجر الأسود، بمعزل عن التزاحم والتدافع من أجل استلامه بشكل مصافحة وتقبيل، بل بالاكتفاء بالإشارة إليه.

فاليوم المسلمون تجاوزوا المليار عن ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

فهل من الممكن أن تتفق الشعوب الإسلامية قبل حكوماتها ومشايخها على المبادرة والاقتناع بسنّة استلام الحجر عن بُعد؟

مجرد رأي لا أكثر للحال الراهنة مع كثافة الضغط على الحرم، التي لم يشهد مثلها من قبل في تاريخه، حيث يحقق في اليوم أكثر من ثلاثة ملايين زائر في أوقات الذروة.

ونحن حرصنا من خلال هذه السطور على تخفيف الزحام وضغط الكرّ والفرّ الذي يجعل الأجساد تتزاحم لدفع بعضها من أجل الوصول إليه. وبدلاً من ذلك هل سنقوم بتحديد آلية لإيجاد طوق خفيف حول الحجر يحجب الوصول إليه، لكنه يظل ظاهرًا للأنظار، ويكون انطلاقًا لبداية أشواط النسك؟

عن نفسي، حججت البيت مرارًا واعتمرت تكرارًا، ولم أفكر في استلام الحجر الأسود أصلًا. بل في كثير من الأحيان، عندما أقترب منه، أشعر بالهدوء والسكينة، وعيني تراقب الحجر بمحبة، بينما يتعب جسدي بمجرد رؤية التدافع الذي يحدث عنده، وأخشى أن أقع في ذنب التدافع الذي هو أساس الوصول إليه، فلا يأتي أحد يخالف ذلك بمثالية.

فالتدافع أساس الوصول وليس ثمة حلول لذلك، فهنا تتعدد الثقافات، وقوة وضعف الأجساد.

فالتدافع يظل حاضرًا فلا حلول له غير الاقتناع بمصافحته عن بُعد ونرحم أجسادنا من كل هذا الزحام.
00:35 | 4-04-2025