أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1117.jpg&w=220&q=100&f=webp

صالح شبرق

رجل التوازن بين الفكر والعمل.. ملامح قائدٍ صنع الفرق في كل موقع

الدكتور سعد عطية أحمد الغامدي… سيرة تمتد بين ضفاف العلم وفضاءات الشعر، وبين دقّة الأرقام ودفء الكلمة، فهو واحد من الرجال الذين صاغوا حضورهم بالعقل والوجدان معًا. وُلد في قرية الغشامرة، إحدى قرى بني ظبيان في منطقة الباحة، حيث تفتّح وعيه الأول بين الجبال والوديان، وتشرّب من بيئته قيم البساطة والإصرار، وحمل في قلبه حلماً أكبر من حدود القرية الصغيرة، فغادرها وهو يحمل جذورها في روحه، ليكتب فصلاً مشرقاً في مسيرة التعليم والإدارة والثقافة في المملكة.
بدأ طريقه معلماً للغة العربية والتربية البدنية في مدارس الباحة، فكان يزرع في طلابه حب الوطن والانتماء قبل أن يعلّمهم الحروف والحركات. ثم شدّ رحاله إلى العاصمة الرياض، حيث التحق بجامعة الملك سعود، وتخرج فيها عام 1971م بمرتبة الشرف الأولى في بكالوريوس المحاسبة وإدارة الأعمال، وكان الأول على دفعته، ليمضي بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية مواصلاً شغفه بالعلم، فحصل من جامعة ولاية أوكلاهوما على الماجستير عام 1974م، ثم الدكتوراه في المحاسبة عام 1980م، حاملاً معه مشروع عقلٍ سعوديٍّ متجدد يرى في المعرفة وسيلة للنهضة لا غايةً بحد ذاتها.
عاد إلى الوطن محاضراً في كلية التجارة بجامعة الملك سعود (العلوم الإدارية حالياً)، فدرّس محاسبة التكاليف ومبادئ المحاسبة وتحليل القوائم المالية، وأسهم في تطوير المناهج وإعداد البرامج الأكاديمية، وكان بين طلابه علماً وقدوة، يربّيهم على الفهم العميق والانضباط الفكري، ويغرس فيهم الإيمان بأن المحاسبة ليست أرقاماً فقط، بل منظومة قيم وعدالة ومصداقية. لم يكن التعليم عنده وظيفة، بل رسالة تُؤدى بالضمير قبل القلم.
انتقل بعد ذلك إلى العمل الإداري، فشغل منصب وكيل عمادة شؤون الطلاب بجامعة الملك سعود، وأسّس صندوق الطلاب، وأطلق عدداً من الأندية الثقافية كـ«نادي الشعر» و«نادي الحاسب الآلي»، فمزج بين الفكر والإبداع، وبين طموح الطالب وروح الجامعة. ثم واصل رحلته في القطاعين العام والخاص، فقاد الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري من الخسائر إلى الأرباح، وأعاد تنظيم هياكلها الإدارية والمالية، ثم تولّى إدارة الشركة السعودية للنقل الجماعي فوسّع أسطولها محلياً ودولياً، محققاً نجاحاً استثنائياً جعلها تعتمد على كفاءتها الذاتية بعيداً عن الإعانات الحكومية.
وفي القطاع الخاص، تولّى منصب النائب الأول لرئيس شركة عبداللطيف جميل المحدودة، إلى جانب رئاسته لمجلس أمناء مؤسسة مجتمع جميل الأهلية ونائب رئيس مجلس إدارة برامج عبداللطيف جميل لخدمة المجتمع، فكان من القلائل الذين جمعوا بين الخبرة الاقتصادية والرؤية الإنسانية، موظفاً خبرته في خدمة المجتمع وتعزيز التنمية الوطنية المستدامة.
عرف عن الدكتور سعد الغامدي حرصه على خدمة المجتمع من خلال عضوياته المتعددة في الجمعيات والمؤسسات الخيرية والحقوقية؛ فهو عضو مؤسس في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وعضو مجالس إدارات لبنك الإنماء، وجمعية الكشافة العربية السعودية، وجمعية إكرام لرعاية كبار السن، وجمعية نمو الأهلية، ورئيس لجان المراجعة والموارد في عدد من الكيانات الوطنية التي تجمع بين البعد الإنساني والرؤية المؤسسية. كما عمل مستشاراً غير متفرغ في ديوان المراقبة العامة وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء، وأسهم في تطوير مهنة المحاسبة السعودية عبر عضويته في الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وفي لجان التعليم والتدريب والجودة.
لكن وراء هذه السيرة الصارمة في أرقامها، يقف شاعرٌ رقيق الحرف، صاغ وجدان الوطن بقصائد أُلقيت في مناسبات وطنية رفيعة؛ من مهرجان الجنادرية إلى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومن حفلات تكريم حفظة القرآن إلى معارض الكتاب، حيث يمتزج صوته بالحضور الوطني والثقافي. له دواوين شعرية عديدة مثل: شطآن ظامئة، وصمت الليالي، وبعد أن تسكن الريح، ونسائم الفجر، وموعد الشمس، تتقاطع فيها العاطفة مع الفكرة، والذات مع الوطن.
يجمع الدكتور سعد الغامدي بين العقل المنضبط والعاطفة الحرة، بين لغة الإدارة التي تُدار بها المؤسسات، ولغة الشعر التي تُبنى بها الأمم. سيرته مرآة لجيلٍ صنع التحول الأكاديمي والاقتصادي والثقافي في المملكة، ومثالٌ على أن القيادة الحقيقية لا تُقاس بالمناصب، بل بما تتركه من أثرٍ خالد في الذاكرة والوجدان.

18:22 | 11-11-2025

بدور القاسمي تطلق كتاب «الشارقة: عاصمة الثقافة»

شهدت رئيسة هيئة الشارقة (شروق) الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، إطلاق كتاب «الشارقة: عاصمة الثقافة»، في عملٍ يوثق رحلة إمارةٍ صنعت من الثقافة ميثاقها، ومن الإبداع لغتها التي يخاطب بها العالم.

بدور القاسمي تطلق كتاب «الشارقة: عاصمة الثقافة»

تقول الشيخة بدور القاسمي: «تواصل الشارقة مسيرتها الثقافية في مدّ الجسور بين التراث والابتكار، لتضيء العالم بالمعرفة والإبداع والتواصل الإنساني». وتلخص كلماتها جوهر هذا الإصدار الذي يجمع بين الجمال والمعرفة في سبعة فصولٍ تمتد من العمارة والفنون إلى التعليم والبيئة والأدب والمتاحف والحرف اليدوية، في مشهدٍ متكامل يعكس نبض الإمارة وروحها.

بدور القاسمي تطلق كتاب «الشارقة: عاصمة الثقافة»

الكتاب ليس مجرد توثيقٍ بصري، بل رحلة فكرية وبصرية تُبرز كيف صاغت الشارقة هويتها بين التاريخ والحداثة، فصارت جسرًا يصل بين الثقافات، وميناءً للفكر، وفضاءً للفن الإنساني الخلاق. ومن بين صفحاته تتلألأ معالم مثل قلب الشارقة، بيت الحكمة، مسجد الشارقة، ومتنزه مليحة الوطني، شاهدةً على مشروع حضاري يرى في الجمال طريقًا للوعي.

وفي كلمته، أكد أحمد عبيد القصير، المدير التنفيذي لـ«شروق»، أن الكتاب يجسد رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي جعل الثقافة ركيزةً لبناء الإنسان والتنمية، مشيدًا بدور سمو الشيخة بدور القاسمي في إيصال رسالة الشارقة إلى العالم بلغة الفن والمعرفة.

أما بروسبر أسولين، فقال: «العمل على كتاب الشارقة كان امتيازًا خاصًا، فهي مدينة تحتفي بتراثها كما تحتفي بالمستقبل، وتمنح الثقافة ملامحها المتجددة».

وجاء حفل الإطلاق في بيت الحكمة احتفاءً متكاملاً بالحواس، حيث تناغمت العروض البصرية والموسيقية مع عروض الحرف الإماراتية التقليدية التي قدمها مجلس «إرثي»، إلى جانب عرض حيٍّ لفن الخط العربي أداه الفنان عدي الشلاح، وتجربة طهي إماراتية أصيلة بإبداع الشيف ميرة النقبي، ما جعل من الحدث وليمة للروح قبل أن يكون للعين.

الكتاب يكرّس حضور الشارقة كمنارة ثقافية عالمية، ويوثق إنجازاتها التي نالت بها ألقاب اليونسكو، من «عاصمة الثقافة العربية» (1998) إلى «عاصمة الثقافة الإسلامية» (2014) و«عاصمة عالمية للكتاب» (2019)، فضلاً عن إدراج موقع «الفاية» ضمن قائمة التراث العالمي.

«الشارقة: عاصمة الثقافة»

ليس مجرد إصدار فاخر، بل وثيقة جمالية وإنسانية لمدينةٍ تؤمن بأن الثقافة ليست ترفًا، بل طريقًا نحو النور.

الكتاب متوفر في بيت الحكمة، وعلى موقع Assouline.com، وفي مجموعة مختارة من متاجر الكتب العالمية.

16:04 | 10-11-2025

بين اللوحة والكلمة... وداع يشبه البداية

ثلاثة عقود كاملة عشتها في ميدان التعليم في جدة كانت أكثر من مجرد وظيفة، كانت حياة تنبض بالحب والعطاء، ومشاعر لا تقاس بالسنوات. بين اللوحة والكلمة عرفت معنى الانتماء، وبين المدرسة والميدان كتبت أجمل فصول عمري المهني. أصدقاء وزملاء وقادة ومواقف لا تنسى شكلت ذاكرة لا تُمحى من القلب قبل الورق.


منذ أن وطأت قدماي هذا الميدان حتى لحظة قراري بالتقاعد المبكر لم يكن اليوم يوماً عادياً، بل صفحة جديدة في كتاب العمر أودّع فيها رحلة امتلأت بالشغف، وأبدأ أخرى لا تقل حباً لكنها مختلفة في ملامحها واتجاهها. كنت محاطاً بقيادات عظيمة آمنت بأن الكلمة واللوحة ليستا عملاً وظيفياً بل رسالة وضمير ووجدان ترى في الكلمة مسؤولية، وفي اللوحة بصمة تبني، وفي التعليم وطناً يزرع بالعقل والإخلاص.


في تلك المسيرة الطويلة أدركت أن القيادة ليست موقعاً يذكر بل أثر يشكر، وأن النجاح لا يقاس بما نأخذه بل بما نمنحه للميدان وللناس. كنت شاهداً على تحولات صنعت الفرق، وعلى لحظات خرجت من المدارس لتصنع وعي المجتمع، وعلى معلمين ومعلمات تركوا في طلابهم أثراً لا يزول.


ولأن الوفاء سطر لا يختصر، فامتناني الكبير لكل من قاد الميدان التعليمي في جدة وصولاً إلى الأستاذة منال بنت مبارك اللهيبي ومساعديها الذين يقودون العمل بفكر يجمع بين الوعي الإداري والبعد الإنساني، ويؤمنون بالتحفيز واحتضان المبادرات وفتح المساحة لكل فكرة صادقة تحمل هم التعليم ورسالة الإنسان. ولا أنسى الراحلين عبدالله الثقفي وكمال الغامدي اللذين كانا عنواناً للإخلاص وقدوة في القيادة والعطاء، وكل من عملت معه فترك بصمة في المسار من حامد السلمي إلى عبدالله الهويمل والدكتور سعد المسعودي والدكتور نايف الزارع، رجال كان حضورهم امتداداً لضوء لا ينطفئ.


وأجد لزاماً علي أن أوجه شكري العميق لزملائي في الميدان من القيادات والمشرفين والمشرفات والمعلمين والمعلمات الذين كانوا شركاء النجاح في كل مبادرة وبرنامج، كما أشكر مديري المكاتب ومساعديهم الذين منحوني الثقة وفوضوني بالتنسيق المباشر لإقامة الفعاليات والبرامج الفنية والإعلامية والمناسبات الوطنية. وأشكر مديري مدارس مكتب النسيم ومديري ومديرات مدارس مكتب الفيحاء والسلامة، وزملائي مشرفي ومشرفات التربية الفنية الذين حملوا معي عبء العمل وجماله فكانوا نبض اللوحة وروح الميدان، أنتم شركاء الرحلة وصوتها النقي في كل فعالية وبرنامج.


أغادر اليوم الميدان راضي النفس مطمئن القلب محملاً بذكريات تضيء، ووجوه لن تُنسى، وأسماء نقشت نفسها في الوجدان قبل الذاكرة. سيبقى الحنين لجدة وتعليمها يسكنني ما حييت، وسأظل مؤمناً بأن المناصب تزول لكن الأثر الصادق يبقى، وأن أجمل ما يتركه الإنسان بعد رحيله هو الحب في قلوب من عمل معهم وصدقهم في الميدان.


ويعلم الله أن ما قدمته في مسيرتي لم يكن طلباً لتكريم ولا بحثاً عن ضوء، بل أداءً لواجب مهني وأمانة أرجو أن أكون قد وفيتها كما يحب الله ويرضى. كنت أراقب الله في كل خطوة، وأستشعر رقابته في كل قرار، مؤمناً أن التكريم الحقيقي هو أثر طيب في قلب إنسان، أو دعوة صادقة في ظهر الغيب، أو ذكر جميل يبقى حين يغيب الحضور.


سأبقى ممتناً لكل قلب صافٍ شاركني الدرب، ولكل يد امتدت بالعون، ولكل كلمة طيبة منحتني الأمل بأن الرسالة وصلت، وأن الأثر باقٍ ما بقيت القلوب تعرف الوفاء.


ولعل اللقاء القادم يحمل بداية أجمل في طريق جديد، يبقى فيه الشغف هو العنوان.

20:43 | 28-10-2025

«نافس» يرسم ملامح التميز في تعليم جدة

حين تلتقي الطموحات مع الجهود المخلصة يولد النجاح الاستثنائي، وهذا ما جسدته تجربة نافس في تعليم جدة، حيث تحولت الاختبارات الوطنية من مجرد أداة لقياس الأداء إلى منصة لتأكيد الريادة التعليمية وتحفيز التنافسية وصناعة مستقبل أكثر إشراقا، فقد جاء صعود طلاب وطالبات جدة إلى المراكز الأولى على مستوى المملكة ليعكس صورة حقيقية لجودة العمل المؤسسي وروح الفريق بين المعلم والطالب والأسرة والقيادة التعليمية.

في نتائج نافس الأخيرة للعام 1446هـ، كان الحصاد لافتا بكل المقاييس، إذ تصدرت جدة المراتب العليا في مختلف المراحل الدراسية، فنال طلاب الصف السادس الابتدائي المركز الأول في مادتي القراءة والرياضيات، والثاني في العلوم، فيما أحرز الصف الثالث الابتدائي المركز الثاني في الرياضيات والقراءة، بينما حقق الصف الثالث المتوسط الريادة المطلقة بحصوله على المركز الأول في العلوم والرياضيات والقراءة، وهو ما جعل جدة تتوج بلقب العاصمة التعليمية للإنجاز على مستوى المملكة.

هذا التميز لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة عمل تراكمي تقوده وزارة التعليم وتترجمه إدارة تعليم جدة بخطط مدروسة ومبادرات نوعية، إذ أكدت المدير العام للتعليم منال اللهيبي أن النجاح هو ثمرة تضافر جهود القيادات والمعلمين واولياء الأمور، ونافس يمثل أداة فاعلة لضبط جودة التعليم وتعزيز بيئة الإبداع والتطوير.

ومن اللافت أن المجتمع التعليمي لم يتعامل مع نافس كاختبار عابر، بل كمنهج حياة تعليمية، فقد نظمت لقاءات متخصصة لشرح الأدوار والمسؤوليات وتوزيع المهام بين المدرسة والمعلم والأسرة، وتخللتها أوراق عمل عن مفاهيم القيادة التعليمية ودور المدير في متابعة الأداء وتوظيف النتائج بما يخدم نواتج التعلم.

لقد أصبح نافس تجربة وطنية متكاملة تعزز الشفافية وتفتح الباب لمقارنة عادلة بين المدارس والمناطق، وتحفز الطلاب على الإبداع في التحصيل العلمي، وتدفع المعلم لمزيد من العطاء والتجديد، لتتجلى جدة كقصة نجاح وطنية تؤكد أن الاستثمار في التعليم هو الاستثمار الحقيقي في المستقبل، وأن نافس ليس مجرد اختبار، بل نافذة كبرى تتيح للمجتمع أن يرى بوضوح حجم المنجزات ومستوى الجاهزية لبناء أجيال واثقة قادرة على المنافسة والإبداع في عالم لا يعترف إلا المتميزين.

وما تحقق من إنجاز في تعليم جدة هو دليل وعي قياداته بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، واستشعارهم لأهمية بناء جيل متفوق ينهض بالوطن ويجسد تطلعاتها.

06:11 | 2-09-2025

القائد الشاعر.. الذي كتب تاريخ التعليم بمداد الفكر والكلمة

في ذاكرة التعليم بمكة المكرمة، يبرز حامد جابر صويلح السلمي كأحد أعمدة التربية والتعليم الذين صنعوا من مسيرتهم لوحة متكاملة تجمع بين صرامة القائد ورهافة الشاعر. لم يكن التعليم عنده وظيفة فحسب، بل رسالة عميقة وأثراً باقياً، فقد جمع بين الحزم الذي يحفظ للميدان هيبته، واللين الذي يزرع الثقة في قلوب رجاله، والابتسامة التي كانت جسراً يختصر المسافات.

بدأ السلمي حياته العملية معلماً في جدة عام 1396هـ، ثم مديراً لمدرسة متوسطة وثانوية، قبل أن ينتقل إلى الإشراف التربوي حيث برزت بصمته في الإدارة والقيادة، وتولى إدارة مركز إشراف الجنوب، ثم تولى إدارة الإشراف التربوي في تعليم جدة، وعاش الإشراف في فترة رئاسته أوج عطائه وقوة حضوره، فكان أثره بارزاً، امتداداً لجهود من سبق، ورافداً أغنى مسيرة من تلاه في قيادة الإشراف التربوي، وشكل بحضوره وإسهاماته ومتابعته الدقيقة للميدان التعليمي حلقة قوية في مسيرة الإشراف التربوي بتعليم جدة.

عام 1426هـ انتقل إلى ينبع ليكون مديراً لتعليم البنات، وهناك رسّخ نهجاً إدارياً يقوم على الانضباط والتطوير، فانعكس أداؤه على استقرار التعليم في المحافظة، وبعدها تولى منصب مدير عام التعليم للبنات في منطقة مكة المكرمة، ليواصل مسيرة بناء جعلت من التعليم في المنطقة أكثر ثباتاً ووضوحاً في الرؤية، وفي عام 1433هـ تقلد منصب مدير عام التربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة، فأدار المؤسسة التعليمية الكبرى بحزم القائد وفكر المخطط الإستراتيجي.

لم يكن السلمي إدارياً ناجحاً فحسب، فقد كان شاعراً متمكناً يطوّع الحروف لتبوح بالحكمة والعاطفة، وكاتباً بارعاً نشر مقالاته التي حملت قضايا التعليم والفكر والمجتمع في كبريات الصحف، وكان يرى أن الكلمة جناح آخر للقائد التربوي، بها يحلق في فضاء أوسع من حدود المكاتب والقرارات.

كتب في الإشراف التربوي وأعد كتاباً خاصاً به، وصاغ مسودة عن القيادة التربوية، كما شارك في إعداد وثائق ودلائل إجرائية أصبحت مراجع معتمدة للميدان، وعُرف عنه أنه صاحب فكر مختلف لا يكتفي بالتسيير اليومي، بل يرسم خططاً إستراتيجية تنعكس آثارها طويلاً على التعليم والمجتمع.

بعد تقاعده عام 1435هـ لم يتوقف عطاؤه، بل استمر في خدمة وطنه مستشاراً لوزارة التعليم، ومستشاراً لرابطة العالم الإسلامي في الشؤون التعليمية، ومشرفاً على مدارس أهلية، وعضواً بالمجلس البلدي في مكة المكرمة، ليؤكد أن التربية بالنسبة له كانت قدراً ومسؤولية لا تنتهي بسن التقاعد.

عرفه زملاؤه وتلاميذه قائداً يثق بالرجال ويقدر جهودهم، ويمنح من حوله مساحات من الثقة، فإذا تحدث عن التعليم بدا شاعراً يكتب أبياتاً من ضوء، وإذا خطط للمستقبل بدا قائداً يزرع شجرة للأجيال، جمع بين القرار الصارم والابتسامة الإنسانية، فأصبح رمزاً يُحتذى في القيادة التربوية.

02:43 | 31-08-2025

من النخبة إلى السوبر.. الأهلي يواصل صناعة المجد

أضاف النادي الأهلي لقبًا جديدًا إلى سجله الذهبي بتتويجه ببطولة كأس السوبر السعودي 2025، عقب فوزه المثير على النصر بركلات الترجيح، ليواصل مسيرة التألق التي بدأها هذا الموسم بتحقيق كأس النخبة الذهبية، مؤكداً حضوره القوي تحت قيادة إدارية واعية وجهاز فني محنك.

يُحسب هذا الإنجاز للإدارة برئاسة خالد الغامدي، الذي أعاد للنادي استقراره المالي والإداري، ورسّخ مفهوم العمل الجماعي داخل أروقته. فقد منح الجهاز الفني الثقة الكاملة وأحاط اللاعبين بأجواء دعم وتشجيع مما انعكس مباشرة على مستوى الفريق وأعاد للأهلي صورته المعهودة كأحد أعمدة المنافسة المحلية.

المدرب من جانبه أثبت قدرة فنية عالية في التعامل مع مجريات البطولة ففي نصف النهائي قدّم الفريق عرضاً استثنائياً بفوزه على القادسية بخماسية تاريخية ليكتب أكبر انتصار في سجل كأس السوبر. وفي النهائي أمام النصر تعامل الجهاز الفني بذكاء مع ظروف المباراة وحافظ على توازن الأداء حتى خطف اللقب عبر ركلات الترجيح.

تكامل الأدوار بين الإدارة والجهاز الفني انعكس على اللاعبين الذين لعبوا بروح قتالية عالية وأظهروا التزاماً وانضباطاً واضحين. فالأهلي في هذه النسخة لم يكن مجرد فريق يضم أسماء لامعة بل منظومة متكاملة تسير بخطى ثابتة نحو صناعة موسم استثنائي.

الجماهير الأهلاوية رأت في بطولة السوبر استمراراً لمسيرة ذهبية، واعتبرتها دليلاً على أن الفريق عاد ليكون منافساً دائماً على البطولات. فالأهلي اليوم يقدّم نفسه كمنظومة إدارية وفنية متجانسة تعرف ما تريد وتسعى لتحقيقه، لتبقى الرسالة الأبرز أن الاستقرار والقيادة الحكيمة تصنع البطولات.

وبهذا التتويج يثبت الأهلي أن ما تحقق ليس مجرد انتصار عابر بل خطوة راسخة على طريق عودة المجد الأخضر إلى منصات التتويج محلياً وقارياً، وأن الإدارة الواعية والمدرب الذكي هما العنوان الأبرز لبطولة السوبر 2025.
00:10 | 24-08-2025

أهلي القلوب.. من المدرج إلى المجد الآسيوي

كتب الأهلي سطراً جديداً في تاريخه الذهبي بعد تحقيقه لقب بطولة النخبة الآسيوية، في إنجاز استثنائي طال انتظاره، وأعاد للأذهان أمجاد الكيان الكبير. لكن خلف هذا النصر العظيم يقف رجل بحجم الطموح ورؤية المستقبل، هو رئيس النادي خالد العيسى، الذي قاد السفينة باقتدار وسط أمواج التحديات.

لم يكن الطريق إلى المجد سهلاً، بل مليئاً بالعقبات والضغوط، خصوصاً بعد فترة شهد فيها النادي تراجعاً في الأداء واهتزازاً في الثقة. لكن خالد العيسى، بعقليته الهادئة ورؤيته الثاقبة، أعاد ترتيب البيت الأهلاوي، ونجح في بناء منظومة احترافية حقيقية، جعلت من الأهلي رقماً صعباً في القارة الآسيوية.

هذا التتويج لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة عمل دؤوب، ودعم إداري لا محدود، وتلاحم جماهيري أعاد للمدرج هيبته وشغفه. ولعل أكثر ما يُحسب للعيسى هو ثقته بالكادر الفني واللاعبين، وإيمانه بأن العودة للمنافسة تبدأ من الداخل، من قيم الانتماء وروح الفانيلة.

جماهير الأهلي، التي عاشت سنوات من الصبر والترقب، تحتفل اليوم بلقب مستحق، وبقيادة تستحق التحية. فخالد العيسى لم يكن فقط رئيساً، بل قائد مؤمن بحلم الكيان، وحين يؤمن القائد، تنتصر الفِرَق.

أخيراً:

جمهور الأهلي ليس مجرد مشجعين، بل هو وفاء متجسد في كل حضور وهتاف. في لحظات النصر يملأ المدرجات فرحاً، وفي الهزيمة يقف سنداً لا يخذل. لم يتخلَّ عن ناديه يوماً، بل ظل داعماً ومؤمناً بأن الكبوة مؤقتة، والعودة أقرب مما يُظن.
00:01 | 5-05-2025

التشكيل والثورات

أدى الفن التشكيلي بجميع أنواعه دوره المهم في تأييد المتظاهرين في كافة الثورات، سواء العربية أو العالمية منها، وذلك عن طريق الفرشاة والألوان مفترشين الميادين ليقدموا عشرات اللوحات بأطوال مختلفة، مستلهمين أجواء الاعتصام ونبرات الاحتجاج لدى المعتصمين عن طريق الرسم والتلوين وكتابة بعض العبارات الموجهة، ومن هنا كان للفن التشكيلي في أوقات الثورات والتقلبات السياسية على مستوى العالم دور يكاد يرقى لمستوى المحرض والملهم في تنافس مع قوة السلاح واليد معا. هذه المشاهد البانورامية تكررت كثيرا على مستوى الأحداث والثورات السياسية في جميع أنحاء العالم، ولعلنا نتذكر الأحداث التاريخية المهمة التي وقعت في فرنسا أواخر القرن الثامن عشر، كانت فرنسا وقتها غارقة في أتون الدماء والعنف الذي طبع الثورة الفرنسية منذ بداياتها، وعبر الفنانون الفرنسيون بصدق عن تلك المعاناة في هذه الفترة، حيث تفجرت الثورة الفرنسية وحركت عجلة الفن مستمدة أفكارها من أداة الترويج الثورية. أيام خلت في ميدان التحرير في مصر، حيث لم يختلف المصريون كثيرا عن الفرنسيين فهم يحملون ثقافة عالية تراكمت على مدى تاريخ حضارات مصر، وحملتهم وعيا ثقافيا وفنيا استخدم كأداة تعبير مهمة في الميدان، مما أوجد حالة من الحوار الإيجابي من خلال التعليقات المشجعة، فضلا عن التساؤلات التشكيلية من الجمهور عما تعبر عنه رسوماتهم الملونة. فعلى أحد أرصفة الميدان توجد مجموعة كبيرة من اللوحات الفنية المعلقة التي تظهر أحاسيس ومشاعر الشعب تجاه الثورة والنظام، حيث تجمع كثير من المتظاهرين في الاستمتاع بهذه اللوحات يجمعهم فنهم وحبهم لمصر، فعبروا خطا ورسما وكاريكاتيرا وتصويرا في هذه الأحداث. في المقابل تجد اللافتات واللوحات والرسومات الكاريكاتيرية في ميادين سوريا المختلفة تقدم ذلك الأنموذج الصاخب للثورة والرافض لنظام الحكم الجائر والذي عاث في الأرض فسادا، فكم من لوحة جميلة وعبارات راقية كتبت بدماء الشهداء ورسمت بأنامل أطفال كان مصيرهم الموت ولتبقى أعمالهم شاهدة على جور الزمان. نخلص إلى أن دور الفن التشكيلي وأهميته تتعدى المفهوم الجمالي إلى آفاق أرحب، تختلط فيها أدوات الثقافة والأدب بأدوات السياسة.
21:15 | 5-06-2012

التشكيل والثورات

أدى الفن التشكيلي بجميع أنواعه دوره المهم في تأييد المتظاهرين في كافة الثورات، سواء العربية أو العالمية منها، وذلك عن طريق الفرشاة والألوان مفترشين الميادين ليقدموا عشرات اللوحات بأطوال مختلفة، مستلهمين أجواء الاعتصام ونبرات الاحتجاج لدى المعتصمين عن طريق الرسم والتلوين وكتابة بعض العبارات الموجهة، ومن هنا كان للفن التشكيلي في أوقات الثورات والتقلبات السياسية على مستوى العالم دور يكاد يرقى لمستوى المحرض والملهم في تنافس مع قوة السلاح واليد معا. هذه المشاهد البانورامية تكررت كثيرا على مستوى الأحداث والثورات السياسية في جميع أنحاء العالم، ولعلنا نتذكر الأحداث التاريخية المهمة التي وقعت في فرنسا أواخر القرن الثامن عشر، كانت فرنسا وقتها غارقة في أتون الدماء والعنف الذي طبع الثورة الفرنسية منذ بداياتها، وعبر الفنانون الفرنسيون بصدق عن تلك المعاناة في هذه الفترة، حيث تفجرت الثورة الفرنسية وحركت عجلة الفن مستمدة أفكارها من أداة الترويج الثورية. أيام خلت في ميدان التحرير في مصر، حيث لم يختلف المصريون كثيرا عن الفرنسيين فهم يحملون ثقافة عالية تراكمت على مدى تاريخ حضارات مصر، وحملتهم وعيا ثقافيا وفنيا استخدم كأداة تعبير مهمة في الميدان، مما أوجد حالة من الحوار الإيجابي من خلال التعليقات المشجعة، فضلا عن التساؤلات التشكيلية من الجمهور عما تعبر عنه رسوماتهم الملونة. فعلى أحد أرصفة الميدان توجد مجموعة كبيرة من اللوحات الفنية المعلقة التي تظهر أحاسيس ومشاعر الشعب تجاه الثورة والنظام، حيث تجمع كثير من المتظاهرين في الاستمتاع بهذه اللوحات يجمعهم فنهم وحبهم لمصر، فعبروا خطا ورسما وكاريكاتيرا وتصويرا في هذه الأحداث. في المقابل تجد اللافتات واللوحات والرسومات الكاريكاتيرية في ميادين سوريا المختلفة تقدم ذلك الأنموذج الصاخب للثورة والرافض لنظام الحكم الجائر والذي عاث في الأرض فسادا، فكم من لوحة جميلة وعبارات راقية كتبت بدماء الشهداء ورسمت بأنامل أطفال كان مصيرهم الموت ولتبقى أعمالهم شاهدة على جور الزمان. نخلص إلى أن دور الفن التشكيلي وأهميته تتعدى المفهوم الجمالي إلى آفاق أرحب، تختلط فيها أدوات الثقافة والأدب بأدوات السياسة.
21:15 | 5-06-2012

التشكيليون والجمعية

استبشر التشكيليون خيراً بعد الانتخابات الأخيرة التي أسست لفرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية في جدة، ذلك الفرع من ذاك الأصل الذي بدأ منذ مايقارب الأربع سنوات على استحياء؛ ولم يقدم مجلس الجمعية المنتخب مايشفع له بالبقاء فظل يتأمل الفعاليات التشكيلية في مختلف المناطق دون حراك، قد يكون المورد المالي وعبء المصروفات من أهم الأسباب في إخفاقها. وكان من المفترض البحث عن موارد مالية بطرق معينة تسمح لبقاء الجمعية التي فشلت حتى في اختيار شعارها الذي نعته الكثير من التشكيليين بشعار غير لائق لجمعية تضم فنانين يتعاملون مع اللون بذائقة تختلف عن غيرهم.
فرع جدة من المفترض أن يكون مختلفاً بسبب اختلاف النشاط التشكيلي في عروس البحر الأحمر تلك المدينة الحالمة التي تجمع العديد من التشكيليين والتشكيليات الذين أثَّروا في المشهد التشكيلي السعودي؛ وتضم أكبر متحف مفتوح على مستوى عالمي، ناهيك عن وجود صالات تشكيلية تعمل بطرق احترافية إضافة إلى وجود قاعدة كبيرة من محبي ومتذوقي الفنون البصرية ومقتنين للأعمال الفنية .
إن المسؤولية كبيرة على رئيس الفرع«نهار مرزوق» الذي يفترض أن ينطلق من حيث انتهى الآخرون وأن يسعى جاهداً إلى خلق حراك فني وأنشطة فنية لاسيما أن نائبه هو الفنان المخضرم هشام بنجابي؛ الذي عاصر بداية الفن منذ 40 عاماً ويحمل خبرة طويلة في مجال تنظيم المعارض؛ وأعتقد جازما أن مايؤرق الأعضاء حاليا هو ما أرق أقرانهم في الجمعية الأم «المورد المالي» والذي من المفترض أن يبحث من الآن الممثل المالي للفرع محمد العبلان لموارد مالية ولاينتظر وزارة الثقافة في الدعم. ونتمنى أن يعقد الفرع شراكة مجتمعية بينه وبين الداعمين للفنون في جدة وهم كثر إضافة إلى استقطاب أعضاء للجمعية داعمين ومؤثرين سواء بفكرهم أو بتخطيطهم للمستقبل.
21:24 | 13-03-2012