-A +A
بدر بن سعود
معدلات الإنفاق على الطعام ترتفع في رمضان وتحديداً في المملكة ودول الخليج، فقد قدرت الإحصاءات ارتفاعها بنسبة 50% مقارنة بالأشهر الأخرى، وأن معدل الهدر الخليجي للأغذية يصل في هذا الشهر الكريم إلى 350 كيلوغراماً لكل شخص، بالإضافة لزيادة استهلاك العوائل العربية والخليجية للأطعمة بنسبة 150%، ومنظمة الفاو الأممية أكدت أن الناس في المنطقة العربية يهدرون كميات ضخمة من الأغذية في الشهر الفضيل، في مقابل معاناة 52 مليون شخص في المنطقة نفسها من نقص التغذية، وفي فبراير 2018، أجريت دراسة على حجم الطعام المهدر في مدينة مكة المكرمة، وجاء في نتائجها أن ما يتم إهداره في حفل زفاف مكي متوسط يكفي لإطعام 250 جائعاً.

فوائد الصيام الصحية عظيمة، فعالم الرياضيات اليوناني فيثاغورس جرب الصيام في شبابه، ولاحظ أنه أعطاه قوة جسدية وصفاء ذهنياً حَسَّن من أدائه، وصدر مؤخراً كتاب بريطاني عن حمية الصوم، تعتمد فكرته على الأكل الجيد لخمسة أيام ومن ثم الصيام لمدة يومين، تماما كصيام الإثنين والخميس، ولكن العرب وبالأخص السعوديين، يتعاملون مع الموضوع على طريقة مصارعي السومو المعروفين بضخامة أجسادهم، وهؤلاء يكسرون صيامهم بوجبات ثقيلة، لتحقيق عنصر المفاجأة وتسريع عملية زيادة الوزن.


بريطانيا تستفيـد من الغذاء المهدر فـي إنتاج الأسمدة والغاز والكهرباء، ووضعت كوريا الجنوبية قوانين تمنع التخلص من الأغذية في مكبات النفايات، وتلزم الكوريين بفصلها عن غيرها، وكانت النتيجة أنها في الوقت الحالي تقوم بتدوير 90% من نفاياتها الغذائية، وتنتجها في شكل سماد وعلف حيواني ووقود حيوي، مقارنة بنسبـة لم تتجاوز 2% في 1995، وفي فرنسا تم إقرار قانون في فبراير 2016، تلتزم بموجبه محال السـوبر ماركت بإعطاء الطعام الذي لا تبيعه للجمعيات الخيرية لتوزيعه، ومن يخالف يغرم بما قيمته 75 ألف يورو أو بالسجن لعامين.

الدول العربية تهدر 40 مليون طن من الطعام في اليوم الواحد، وهذه الكمية كافية لإطعام عشرات الملايين من الفقـراء العرب، مع ملاحظة أن الأراضي المزروعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقف عند نسبة 4% من إجمالي الأراضي، وأنها تستـورد 90% من احتياجاتها الغذائية، والتوقعات المستقبلية متشائمة، وتشير إلى أن حاجة العالم للغذاء ستزيد بنسبة 60% في 2050.

تكلفة الهدر الغذائي في المملكة تقدر بحوالى 10 مليارات دولار في العام، وربما أسهمت جهود البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر الغذائي في ضبط البوصلة، وترشيد الهدر الرمضاني والمناسباتي بما يحقق استفادة المحتاجين، ويخفض نسبته المقدرة بنحو 18% من إجمالي الاستهلاك المحلي، ومعه انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يحدثها، والتفكير في العمل على الجانب التشريعي والعملي والتثقيفي لمكافحة الهدر الغذائي، وإقرار نظام يضبط تجاوزاته ويقرر عقوبات بحقها، خصوصاً وأنه من مستهدفات رؤية 2030.