شنّت الطائرات الأمريكية غارات في سوريا انتقاماً لمقتل 3 أمريكيين، هم جنديان ومترجم، بهجوم قام به تنظيم «داعش» في تدمر بالبادية السورية، وشملت الضربات الأمريكية أهدافاً عدة بوادي دير الزور وحمص والرقة.
وفي لقاء على أثير بي بي سي لمعز مصطفى، المدير التنفيذي لفرقة العمل السورية للطوارئ (SETF)، «ذكر أنها عملية غير مفاجئة تم العمل عليها بشكل مشترك بين القوات السورية والأمريكية»، كما أكّد أنها ليست عملية منفردة وسنشهد المزيد من قبل القوات السورية والأمريكية خاصة في منطقة البادية، التي اعتبرها آخر معاقل تنظيم داعش.
لافتاً، حين سئل عن تأثير سقوط نظام الأسد على التنظيم، «إن وجود نظام الأسد كان شيئاً عظيماً بالنسبة لتنظيم داعش حيث ساهم في دعايته للتجنيد»، وأشار على متغيّر كبير على الأرض وهو تحوّل الحكومة في دمشق من عدو لحليف، مما يخلق فرصة لتكامل قدرات مقاتلين يفهمون طريق تفكير التنظيم مع القدرات العسكرية والاستخبارية لواشنطن.
وهذا نسق في إدارة ترمب ربما لا يكون بارزاً في الأخبار بشكل كافٍ، حيث قامت واشنطن بتوجيه ضربة أيضاً للتنظيم في الصومال فبراير الماضي، قضت فيه على القيادي بلال السوداني، وعشرة عناصر أخرى من التنظيم، وذلك بعد أسبوعين فقط من عودته للبيت الأبيض.
لكن مرور ما يقارب عقد من الزمان على نشأة داعش وشبه اندثارها اليوم، يفتح ذلك أسئلة عدة خاصة في العراق، حيث تشكّلت فصائل الحشد الشعبي بذريعة التصدي للتنظيم، خاصة بعد فشل الجيش العراقي آنذاك وسقوط المدن تباعاً في أيام ولعل أبرزها الموصل.
وهذه الأسئلة تلح خاصة مع الأخذ في الحسبان تقييم إسرائيل لهذا السلاح والمسيّرات التي تمثّل خطراً عليها، بعد الواقع الجديد الذي فرضته معركة السابع من أكتوبر في غزة، مروراً بضرب دول عدة من نفس المحور، وصولاً للضربات المستمرة ضد مواقع سلاح حزب الله اللبناني، الذي ما زال يمتنع عن تسليم سلاحه، رغم موافقته على شروط تسليم السلاح للجيش ضمن اتفاق وقت إطلاق النار.
والأحاديث عن ضربة للعراق في الطرح الإسرائيلي بدأت في نوفمبر من العام الماضي، حين أبلغت واشنطن العراق بأنه سيتعرّض لضربات من إسرائيل إذا لم تمتنع الفصائل عن مهاجمتها، بحسب تايمز أوف إسرائيل.
من جانبها ذكرت صحيفة الشرق الأوسط أن مسؤولين عراقيين تسلّموا خلال الأيام الماضية قاعدة بيانات أمنية إسرائيلية شديدة التفصيل عن الفصائل المسلحة العراقية، وتضمَّنت معلوماتٍ واسعة عن القيادات، والبنية العسكرية، والشبكات المالية، والواجهات الحكومية المرتبطة بهذه الجماعات.
إسرائيل بالفعل اخترقت الأجواء العراقية مرات عدة خلال ضرباتها لإيران، ولابد أن ذلك لم يخلُ من طائرات تجسّس على العراق، لكن العراق من جانبه غلبت عليه الحكمة في العامين الماضيين، فلم يذهب بعيداً كما ذهب حزب الله مع إسرائيل، وكذلك لم يذهب بعيداً عندما لاح في الأفق سقوط الأسد، الذي بطبيعة الحال لا يكن له العراقيون بمختلف طوائفهم مودة تذكر.
الرغبات الإسرائيلية في العنف والتدمير لم تعد تخمينات خلال العامين الماضيين، لكن كل مرة ارتدعت عن مزيد من الضربات سواء في لبنان أو غزة كان بضغط أمريكي، اليوم ينطلق سباق محموم بين الجموح الإسرائيلي وطلب ضوء أخضر أمريكي، وبين حكمة الفصائل في توحيد السلاح بيد الدولة وبالتالي سيادة قرارها.