وصلت غالب الأعمال التمثيلية الأمريكية لدرجة ما عاد يمكن للمشاهد العربي متابعتها؛ لأنها باتت مشبعة بقصص وشخصيات وممارسات شاذة، وفوق هذا وصلت لدرجة الإفلاس الأدبي الكامل، فهي تعيد إنتاج ذات القصص وبأجزاء متعدّدة، وتتمحور حول ذات نمط الشخصيات السطحية كشخصيات مجلات الرسوم المصورة «الكوميك» للأبطال الخارقين الموجهة بالأصل لفئة المراهقين ومستوى عمق الشخصيات فيها لا يتجاوز ذلك الذي للمراهقين، بالإضافة للأفلام والمسلسلات التي تمجّد الجريمة والمجرمين والانحرافات الجنسية. وهناك دراسة على دوافع المجرمين المتسلسلين بأمريكا وجدت أن الرغبة بالشهرة باتت الدافع الرئيسي للجرائم المتسلسلة المتضمّنة للاغتصاب والتعذيب والقتل؛ لأن المجرمين يعلمون أنه سيتم صنع أفلام ومسلسلات وبرامج عنهم تحوّلهم من نكرات لمشاهير، كما أنه يتم لوم موسيقى السود بأمريكا على أنها شائعات تمجيد الإثراء عبر الاتجار بالمخدرات والدعارة والجريمة. ولهذه المواد الترفيهية السيئة آثار مادية واقعية جعلت سلوك الناس يصبح أسوأ وتنتشر فيهم الجرائم والانحرافات، وانتشرت تلك الانحرافات والآثار السيئة بكل العالم عبر مواد الترفيه بخاصة لدى صغار السن؛ لأنهم يتأثرون بما يشاهدونه طوال اليوم على الشاشات أكثر من أي تعليم أخلاقي وديني عبر الأهل والدراسة، وضعف المستوى الأدبي والفني للأعمال الأمريكية وفرط تركيزها على الشذوذ أدّى لانتقال الجمهور العالمي لمراكز إنتاج بديلة وتحديداً الإنتاجات الصينية التي باتت لا تقل بمستواها التقني عن الإنتاجات الأمريكية، وفوق ذلك تتفوق عليها بمواضيعها الجذابة؛ لأن السلطات الصينية تمنع كل المواضيع السلبية التي باتت الإنتاجات الأمريكية تتمحور حولها، فالسلطات الصينية تمنع مواضيع الشذوذ وكل الانحرافات والعري والمشاهد الإباحية، وحظرت ممثلين صينيين لأنهم ظهروا بمشهد مخل في أعمال أجنبية والممثلين الذين لديهم بحياتهم الواقعية سلوكيات لا أخلاقية أو هوية جنسية مختلطة، ومنعت المشاهد التي تشجّع على الجريمة والإدمان والقمار والدعارة والعنف وتصوير الأعراق الأخرى بشكل عنصري ولا تظهر المسلمين كإرهابيين بعكس السينما الغربية والهندية، ولديهم قانون خاص بحماية «كرامة المرأة» بالأعمال الفنية يمنع تصوير النساء بشكل مهين ويميّز عنصرياً ضدهن كتصويرهن وفق التصورات التقليدية السلبية الخاطئة عنهن أو يبالغ بتصوير سلبيات للنساء، ويجب أن يقتدي به العرب، فالمسلسلات الخليجية مثلا مقدمتها كإعلان عن ملاكمة والمرأة فيها هي كيس الملاكمة حيث يعتبر عامل الجذب الأساسي فيها هو ضرب المرأة واضطهادها وإهانتها، وبالعموم في الأعمال العربية المرأة إما خائنة أو مختلة نفسياً أو مسخرة أو ممسحة أقدام، لذا العربيات يبحثن عن بدائل بالإنتاجات الصينية والكورية والتركية والهندية ولا تحظى الإنتاجات العربية بشعبية لدى العرب أنفسهم تعادل شعبية الإنتاجات الأجنبية؛ فهي تفتقر للخيال والجمال والقصص الجذابة وعرض الشذوذ قبل أمريكا، وسبب أساسي لامتياز الإنتاجات الصينية هو منع تمحورها حول المواضيع السلبية التي تتمحور حولها الإنتاجات الأمريكية والعربية، وهذا أجبر الكتّاب الصينيين على إعمال خيالهم بالمواضيع الإيجابية والأكثر إبداعاً وأجبرهم على معالجات أكثر عمقاً للشخصيات كعامل جذب بدل التركيز على محتوى الإثارة بالعنف والإباحية والفضائحية كعوامل جذب، لذا الأعمال الصينية تمثّل البديل الأكثر أماناً خاصة بالنسبة للصغار، والأفضل أن يحاول الوالدان تعويد أبنائهم على المواد الفنية الصينية حفاظاً على أخلاق وهوية وميول أبنائهم الجنسية وتتوفر بالمجان، ومواد «ديزني» باتت تعرض الشذوذ للأطفال بشكل صريح وتشجعهم عليه، لذا لم تعد مناسبة للأطفال، بينما الصين قامت بتعديل مشهد زواج شاذ بالفيلم الأمريكي Together عبر الذكاء الاصطناعي وجعلته زواجاً طبيعياً بين رجل وامرأة.