كتاب ومقالات

زمن سعودي مختلف

تلميح تصريح

حمود أبو طالب

من المؤكد أن الشعب السعودي قرر إعادة صياغة مفاهيم كثيرة ومهمة، في مقدمتها طبيعة علاقته بالوطن وأساليب التعبير عنها. هذا التغيير جاء نتيجة طبيعية لظروف حساسة خاضها الوطن داخليا وخارجيا، جعلت الإحساس بمعنى الوطن يتكثف والاعتزاز به يتعمق والخوف عليه يزداد، وبالتالي كان لا بد أن يعبر هذا العام بالذات بطريقة مختلفة في اليوم الوطني.

كان اليوم الوطني لزمن طويل يوما عاديا، بل ربما يوما ملتبسا، لا يتورع بعض الوعاظ من تحذير الناس من إظهار الاحتفاء به، حاول أولئك تجفيف الشعور الوطني لصالح الشعور الأممي، لأن الوطن بدعة و«وثن». قطعوا علاقة الكثير من الشباب به، بدءاً من أول محاضن الدراسة. بتمويه خبيث وحق أريد به باطل تحول اسم الوطن إلى أرض الجزيرة العربية وبلاد الحرمين، وأصبح إخواننا في الله أقرب لنا من إخواننا في الوطن، ومشاكل الناس في أصقاع الأرض أولى بالاهتمام من مشاكلنا. لكن المواطن تنبه مؤخرا للحقيقة عندما شاهد الاستهداف الخطير الذي يواجهه الوطن، والحروب التي يخوضها على أصعدة مختلفة للحفاظ على مقدراته ومكتسباته، وأيضا عندما اكتشف الخونة في الداخل واتضح أنهم أولئك الذين كانوا يخدعونه باسم الدين ليختطفوا الوطن منه، فانتفض المواطن الشريف ضد كل من يهدد وطنه، وأعلن أنه سيحتفي بالوطن هذه المرة بطريقة خاصة.

هذا الكرنفال الوطني المتميز يدل بالفعل على إعادة ترتيب كثير من الأشياء بين المواطن والوطن، يمحو فيها شوائب الماضي ويحمي الحاضر ويرنو إلى المستقبل الأجمل.

ليسقط كل المتلونين والخونة والمزايدين، وليحيا الوطن والمواطن الشريف.