لقطة من فيلم لاوجود للشيطان.
لقطة من فيلم لاوجود للشيطان.
علا الشيخ
علا الشيخ
-A +A
علا الشيخ - ناقدة سينمائية ola_k_alshekh@
نشرت إدارة مهرجان برلين السينمائي قبل أيام على صفحاتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي نداء إلى جميع السينمائيين جاء فيه «شعر مهرجان برلين السينمائي الدولي بالفزع عندما علم بأمر قرار الحبس الوشيك الذي أصدرته السلطات الإيرانية ضد المخرج الشهير محمد رسولوف. وكان فيلم رسولوف «لا وجود للشيطان» قد حصل على جائزة «الدب الذهبي» لأفضل فيلم في الدورة الأخيرة من مهرجان برلين».

هذا الموقف تحديدا يعيدنا إلى 5 سنوات مضت في الدورة الـ65 عندما فاز الفيلم الإيراني «تاكسي»، للمخرج جعفر بناهي، بجائزة الدب الذهبي، ولم تسنح له الفرصة لمغادرة بلاده لتسلم جائزته، مثل ما حدث تماما مع رسولوف، والتشابه أيضا في الكرسي الفارغ الذي حمل اسميهما مع فارق 5 سنوات بينهما.


في «تاكسي بناهي» تم حسم النتيجة التي كانت متوقعة والتي لعبت العاطفة دورها في استحقاق الدب الذهبي، وفي حال فيلم رسولوف الذي يحمل عنوان «لا وجود للشيطان» ثمة عوامل أخرى عززت فوزه، وهي أن المنافسة كانت مع غالبية أفلام متواضعة الصنع وصل عددها إلى 18 فيلما، وثمة عوامل مشتركة بين الفيلمين مثل ظروف التصوير التي جاءت بالسر بعيدا عن عيون السلطات الإيرانية.

فيلم بناهي الذي لعب فيه دور سائق تاكسي يجوب بالركاب من مختلف العقليات بينهم المخبر، الحالم، مهرب أشرطة الأفلام، نساء من كل صنف ولون وفكر، تسمع قصصهم وهمومهم بطريقة قريبة وملهمة، وإذا ما تم تصوير الفيلم نفسه في ظروف أفضل لا شك أنه سيكون أفضل بكثير، أما بالنسبة لفيلم رسولوف «لا وجود للشيطان» فهو دمج 4 أفلام قصيرة في فيلم واحد، يحكي من خلاله مفهوم الشر المرتبط بالشيطان، تحديدا من عاش تحت ظل الأحكام الديكتاتورية.

اللوحة 1 «لا وجود للشيطان» تحكي عن نموذج أب اسمه حشمت عطوف حنون مع عائلته، يحرص رسولوف ببث التفاصيل بشكل يجعلك تحب هذه الشخصية لتكتشف في النهاية أن عمله الأساسي هو الاستيقاظ فجرا وإعطاء الأمر بتنفيذ الإعدامات عبر زر يتحول من لون الأحمر إلى الأخضر لينتهي المشهد بكل هذه الصدمة المقترنة بصورة أقدام الذين تم الحكم عليهم بالإعدام.

لا شك أن الموسيقى التصويرية لأمير ملوكبور لعبت دورها في صناعة اللقطات والتباين في العاطفة والصدمة فيها، هذه هي البداية التي تعتبر الأقوى مقارنة مع اللوحات الـ3 اللاحقة وسمتها الحشو، مثل اللوحة 2 «يمكنك أن تفعلها»، التي تتحدث عن مجند عسكري يرفض أن يشارك في إعدام شخص بريء، ويقرر الهرب مع حبيبته لكنه في الوقت نفسه يتخذ إجراءات غير قانونية لتنفيذه هذه الرغبة التي تنتهي معه وحبيبته وأغنية بيلا تشاو.

«عيد ميلاد» هي الحكاية الـ3 التي تقع فيها الشابة نانا المنتمية لعائلة معارضة في حب مجند يتضح لاحقا أنه السبب في إعدام صديق العائلة، التي تحضر هدية لابنتها وهي إعلان خطبتها على هذا المجند، وتترك النهاية مفتوحة. وتأتي نهاية الفيلم مع اللوحة الـ4 «قبّليني» المأخوذ عنوانها من أغنية إيرانية معارضة، والقصة حول داريا التي تكتشف أن عمها بهرام هو والدها الحقيقي الذي غير نسبها إلى صديقه خوفا عليها لأنه كان معارضا سياسيا لتكون شاهدا على حوار عميق بين الشخصيتين، أي بين الجيلين، تتصاعد فيها مشاعر لا تدرك وقتها مع من تريد التعاطف.