أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/899.jpg&w=220&q=100&f=webp

خالد الجارالله

test desc

مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية.. حين تصدّر الجامعات جيلاً موهوباً يكتب قصته بنفسه

ليس أصدق من أن تنزوي في مقاعد قصيّة كمتفرّج بعين راصدة، لا تلتقط الفعل وحده بل وارتداداته في كل اتجاه.

دائماً ما أقول إن صناعة الإبداع ليست مشروعاً فوقياً ولا يجب أن تكون كذلك، بل تتشكل من الأسفل ومن قاع البدايات، من قاعة مسارح التدريب الجامعي، من كاميرا بسيطة، من فكرة أو موهبة صغيرة تكبر، من دور «كومبارس» أو من مشاهد بسيطة تُنفذ بعناية.

في مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية 2025، كانت أنفاس الحماس تتصاعد من قلب القاعات، كأنها جزء من الحدث، وتلمس مشاعر الاعتزاز والامتنان بين المشاركين والحضور، وكأن المكان كلّه يتهيأ لصناعة جيل سعودي يعرف تماماً لماذا يصنع فيلماً، ولمن يقدمه، وكيف يريد أن يُرى في عالم لا يرحم الصورة ولا ينسى أثَرها.

جاء المهرجان مختلفاً في روحه ومقاصده؛ فلم يقتصر على عروض طلابية عابرة، بل حمل مشروعاً حقيقياً لتأسيس وعي بصري جديد داخل الجامعات السعودية، يربط التعليم بالممارسة، والرؤية بالجرأة، والموهبة بالمنصة التي تستحقها، وأكثر ما يلفت الانتباه الشراكة النوعية مع MBC Academy كخطوة جادة تفعّل أهداف المؤتمر، إذ أُعلن عن بث 30 فيلماً طلابياً مختاراً عبر منصة «شاهد»، في حدث غير مسبوق كسر العزلة التقليدية بين الإنتاج الجامعي وسوق المشاهدة الفعلي، حيث سيجد الطالب نفسه فجأة أمام شاشة تتّسع للعالم، وأمام جمهور لا يعرفه لكنه يراه، ويقيّمه، ويتفاعل معه، وهي رسالة محفزة لكل موهوب ومبدع.

على امتداد أيام المهرجان، وبمشاركة أكثر من 140 فيلماً من 18 جامعة، كان المحتوى المعرفي إلى جانب التنافسي الإبداعي جزءاً من هويته الجوهرية، وجاءت الجلسات والورش والدورات لتكشف عن مزيج متكامل من التخصصات التي تُعيد تشكيل السينما المعاصرة؛ بدءاً من تقنيات الواقع الافتراضي والابتكار البصري، مروراً بفنون اختيار مواقع التصوير وصولاً إلى النقاشات حول كيف تُقدَّم ثقافتنا وقصصنا للعالم برؤية لا تستنسخ الماضي بل تستشرف المستقبل عبره بثقة وإبداع، ودور الفن والسينما كأحد أذرعته في نقل صورة المملكة بوصفه شريكاً أساسياً في تشكيل الانطباع العالمي لا مجرد متلقي أو ناقل للحدث.

كان لجامعة الملك عبدالعزيز إسهام مؤثر في نجاح هذا المهرجان عبر كلية الاتصال والإعلام بقيادة عميدها الدكتور أيمن باجنيد وأعضاء هيئة التدريس فيها في تحويل الفكرة إلى حدث والحدث إلى بيئة احترافية ومختبر حي لصناعة محتوى سينمائي وجيل موهوب، وجد مساحة للتجريب والدعم والتوجيه.

غير أن الأثر الأعمق للمهرجان لم يكن في الورش ولا الجلسات ولا الشراكات، بل في ردود الفعل الحقيقية للطلاب التي لمسناها بصدق ودون مبالغة، فالمشاركون والمتفرجون -على حد سواء- حملوا انطباعات لا تتكرر بين دهشة، فخر، إحساس بأن السينما لم تعد حلماً بعيداً، بل طريقاً يمكن السير فيه..ولاشك عندي أن القادم أجمل.

منذ 7 ساعات

«نفسك».. ومن بعدها الطوفان

الانطباعات التي تتشكل عنا ليست حقيقية بالمطلق، بل ربما كانت صدى أصوات لا تخصنا، لأنها في نهاية الأمر انعكاسات تتراقص على سطح مرآة الآخرين، وتأتي كمرآة مكسورة أحياناً، مشروخة بالمزاج، مغبّشة بالتجارب، مشوهة بالانفعالات، فتُظهرنا كما يريدون هم أن يرونا، لا كما نحن في الواقع.

وفي هذا التيه البشري المكتظ بالظنون والادّعاء، يراهن الكثير على تلك المرايا، فيعيشون على وقع نظرة، أو تعليق، أو حكم طارئ، أما الرهان الحقيقي، فهو ما راهن عليه العقلاء والراسخون «على النفس».

الثقة بالنفس، ليست ترفاً نفسانياً، بل ضرورة وجودية، فهي البوصلة التي تعيدنا إلى الطريق حين تتوه خرائط الآخرين. هي المفتاح إلى القبول، لا قبول الآخرين بنا، بل قبولنا لأنفسنا كما نحن بتجاربنا، بأخطائنا، وبحقيقتنا التي لا تتلوّن إلا بصدق.

من امتلك هذه الثقة، امتلك سلاحه في معركة الحياة، واستراح من عناء إرضاء من لا يُرضى.

كم من شخص انهزم لا لأن الحياة هزمته، بل لأنه صدّق شخصاً واهماً قال له إنه مهزوم، وكم من آخر ارتقى لا لأن الحظ سانده، بل لأنه آمن أنه يستحق الارتقاء.

لا يوجد فاشل على هذا الكوكب، بل هناك من توقف عند عثرته، ومن جعلها سُلّمه. فالنجاح لا يصنعه الطموح وحده، بل يُنحت من الألم، من التجربة، من ذلك الإخفاق الذي لم يكسرنا بل صقلنا.

وفي ذات السياق، لا يجب أن تغشّنا المظاهر ولا المناصب، فليست المناصب دوماً نتاج كفاءة، بل أحياناً ثمرة ظروف ومصادفات وتوازنات لا تعكس قيمة الشخص بقدر ما تعكس فوضى العالم. وهنا، من الغبن أن نجلد أنفسنا بمقارنات مع من لم يمرّ بطريقنا، ولم يحمل همّنا، ولا سقط مثلنا ثم نهض، ولا يعمل كما نعمل.

الأسوأ من نظرة الآخر، هو أن نُصبح نحن مرآة زائفة لأنفسنا، فكم مرة وثقنا بأشخاص وضعناهم في مقام المساندين، ثم كشف الزمن هشاشتهم.

الحقيقة هي أن الإنسان لا يجب أن يثق بأحد كما يثق بقدرته على النجاة، على التقييم، على النمو.

فالثقة بالذات تعني إدراكاً عميقاً لحقيقتك من أنت؟ وما تستطيع؟ إنها ملاذك حين يغدر بك من ظننته سنداً، وسلاحك حين تُقصى لأنك لم تكن جزءاً من لعبة الأقنعة.

وهي نصيحتي للشغوفين في كل مجالات الحياة، فليس من العقل أن نعيش بين ظلال الآخرين وإن كانوا مأزومين.
00:09 | 1-08-2025

«الذكاء الاصطناعي» نعمة ترتقي بالمبدع و«فوبيا» تسحق المتكاسل

كانت الكتابة الإبداعية هي أول تجليات الوعي البشري، وكانت أيضاً رحلتها طويلة وشاقة، بدأت من نحت الحرف، ومرت بمخاضات التدوين البدائي، حتى وصلت إلى العصر الذي فيه تُولد الأفكار بمجرد لمسة إصبع، وهذا واقع جميل لا مستقبل مخيف.

فالتفاصيل الصغيرة تصنع القفزات الكبرى، فمثلاً كنا قبل عقود فقط، عندما نحتاج إلى كتابة كلمة «خالد» على الآلة الكاتبة -المتطورة آنذاك- يعوزنا المكان والزمان والتركيز، وتتطلب معرفة موضع كل حرف، وتمريره عبر أربعة احتمالات على الأقل لشكل الحرف أول أم وسط أم آخر أم منفرد، وفقاً لموقعه في الكلمة.

لم تكن الكتابة فعلاً آنياً، بل عملية تتطلب جهداً بصرياً وميكانيكياً، وصبراً.

ثم جاءت لوحة المفاتيح «الكيبورد» فحررت الكتابة من القيود الميكانيكية فيتغير الحرف طبقاً لما بعده وقبله تلقائياً، واليوم، لم نعد نحتاج إلى كتابة الحرف كاملاً، فالكلمة تتوقع نفسها، والجملة تُستشرف قبل اكتمالها، والمعنى يكتمل قبل أن يُنطق، وهذا ليس سحراً، بل «ذكاء اصطناعي» يفهمنا إن كنا نفهمه.

«الذكاء الاصطناعي»، ليس مجرد نقلة تقنية، بل هو تطور طبيعي لسلسلة من الممكنات التي صنعها الإنسان عبر التاريخ، فكل مرحلة من مراحل التطور البشري كانت قائمة على أدوات: من المطرقة، إلى الطابعة، إلى معالجات النصوص، إلى الأنظمة الذكية التي لا تكتفي بفهم اللغة، بل تولّدها، وتحللها، وتقترح، وتعيد الصياغة، وتخلق المعنى.

لكن هذا كله، في جوهره، ليس بديلاً عن الإنسان المبدع، فالذكاء الاصطناعي مهما تقدم لا يبدع من العدم، فهو لا يُلهم، ولا يحلم، ولا يتألم، ولا يكتب لأن فكرة نبتت في قلبه.

بل هو مرآة تعكس، ومحرك يُسرّع، وأداة تُتقن، شأنه شأن الآلة الحاسبة ومشتقاتها!

الخوف من الذكاء الاصطناعي، أو ما يُعرف بـ«فوبيا الآلة الذكية»، هو في جوهره شكّ في القدرة، وخوف من المستقبل لا من التقنية.

يخشاه الموظف الذي لا يتعلم، والكاتب الذي لا يطوّر أدواته، والكسول الذي توقّف عند نقطة واحدة من ذاته.

لكن الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي، لا يُقصي المبدع تحديداً، بل يعظّم أثره، ويثري قدراته، ويبرز قدرته، لكن ذلك يتطلب براعة ذكية في هندسة الأوامر والتعمق في توجيه الـAI، فما ينجزه العقل البشري في ساعات، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوسعه في دقائق، ويُعيد ترتيبه، ويُنمذجه، ويختبره في بيئات متعددة.

في مجالات مثل التحليل، والإحصاء، والرقمنة، والتنظيم، والتوجيه، وحتى التنبؤ، أصبح الذكاء الاصطناعي عنصراً لا يمكن تجاهله.

لكنه -ورغم كل قدراته- ما زال يحتاج إلى الفكرة الأولى، إلى الجملة الأولى، إلى المعنى الذي ينبض من عقل بشري وحسّ إبداعي..

وإذا أردنا حقاً أن نستثمر في الذكاء الاصطناعي، فعلينا أولاً أن نستثمر في الذكاء البشري، فمن دون عقل مبدع، لا معنى لأعظم آلة. ومن دون فكرة، لا قيمة لأذكى خوارزمية.

الذكاء الاصطناعي، في نهاية الأمر، ليس خصماً.

بل هو الامتداد التقني الطبيعي للكاتب، والمصمم، والمفكر، والمبتكر، لكل من عرف أن الإبداع الحقيقي لا يمكن اختزاله في شفرة وبرمجة.
00:05 | 25-07-2025

عِش اللحظة.. فإنها الحياة

كم من يومٍ مرّ بنا ولم ننتبه له؟ كم صباح أشرق علينا ونحن نغلق أعيننا عن نعمٍ لا تُقدَّر بثمن؟ الحقيقة أن أجمل اللحظات في حياة الإنسان ليست دائماً تلك الكبيرة اللافتة، بل هي التي تمر بهدوء، بلا ضجيج.. تلك اللحظات التي تعيشها بكامل صحتك، دون ألمٍ ينهش الجسد، أو همٍّ ينهك القلب، أو سجنٍ يقيد حريتك، أو قيدٍ يمنعك من الحركة.

أن تستيقظ صباحاً دون ألم في رأسك أو صدرك، أن تفتح عينيك فترى النور، أن تتحرك بين غرف بيتك، تخرج، تتنقل، تقرر وحدك إلى أين تذهب ومتى تعود.. تلك حرية قد لا يشعر بعظمتها إلا من فقدها. أن تنام ليلك مطمئناً، دون خوفٍ أو جزعٍ، دون إزعاجٍ أو تهديد، هذا ليس أمراً عادياً، بل هو نعمة خفية، لا يلتفت لها كثيرون.

صحيح أن المرض، والموت، والفقد، والحزن، كلها أمور حتمية، وسنة من سنن الحياة، لكن الأيام التي تمر دون أن تزورنا تلك المنغصات، ليست مجرد أيام «عادية»، بل هي فرص نادرة يجب أن تُحتَفى بها. كل يوم يمر دون فقد أو وجع أو قلق أو عجز، هو يومٌ عظيمٌ، ونعمةٌ تستحق الحمد، تستحق السعادة، وتستحق أن تُعاش.

لكنّ التحدي الحقيقي ليس فقط في امتلاك هذه اللحظات، بل في أن ننتبه لها، أن نُدرك قيمتها ونحن نعيشها، لا بعد أن نفقدها. أن تستمتع بكوب القهوة الصباحي، بصوت من تحب، بلحظة صمتٍ هادئة، بنسمة تمرّ على وجهك، هذه مهارة لا يجيدها إلا القليل.

لا تُرهق قلبك بما لم يأتِ، ولا تكدّ ذهنك في الغد حتى يفقد طعمه اليوم. التفكير العميق في المستقبل، سواء كان دراسة، وظيفة، أو مشروع حياة، إذا طغى على جمال اللحظة، فإنه يسرق منك الحاضر.. وقد لا يضمن لك المستقبل.

عِش اللحظة.. بكل ما فيها. تجاهل السمّين في حياتك، أولئك الذين ينفثون إحباطهم كلما تكلموا. تجنب المثبطين، وتجنّب الحديث معهم عن أحلامك.. لا تعطهم مفاتيح روحك.

انظر إلى المستقبل بعينٍ ترى الأمل، لا بعينٍ تَحصي العراقيل. ففي كل موقف، مهما بدا عادياً، تكمن فرصة.. فرصة لأن تتألق، لأن تُبدع، لأن تنجح. فالكفاءة تُبنى، والرزق يُقسَم، وما بينهما طريقٌ لا يُقطع إلا بروحٍ ممتلئة بالثقة.

كل لحظة تعيشها -دون وجع، دون قيد، دون حزن- هي حياة صغيرة كاملة، فلا تجعلها تمرّ مرور العابرين.. بل عِشها كما لو أنها اللحظة الوحيدة التي تملكها؛ لأنها -في الحقيقة- كذلك.
00:02 | 11-07-2025

شغف كل سعودي وسعودية.. أمانة في عنق كل مسؤول..

الشغف ليس ميزة تكميلية، بل هو معيار جوهري يتقدَّم حتى على الكفاءة والقدرة. ليس مجرد انفعال عاطفي عابر، بل هو الطاقة الدافعة التي تضيء الطريق أمام أي إنسان في حياته، وتجعل من العمل رسالة لا وظيفة، ومن المنجزات محطات لصناعة الأثر لا مجرد أرقام.

في ضوء رؤية مُلهمنا ولي العهد -حفظه الله- عن الشغف، وأنه على رأس معايير اختياره لفريقه القيادي، لم تكن كلماته مجرد تصريح عابر أو إجابة تقليدية، بل قالها بعبارة واضحة: «أهم شيء الشغف عند المسؤول». ولهذا، فإن حماية شغف كل سعودي وسعودية في منظومة التنمية أمانة في عنق كل مسؤول، وجزء من شغفه الذي يجب أن يمنحه لكل فرد في دائرة مسؤوليته، من المستخدم إلى قادة الفرق والإدارات.

فالشغف هو الذي يحوّل الكفاءة من قدرة صامتة إلى إبداع مستدام، ويحوّل القدرة من أداة تنفيذية إلى قوة تغييرية تصنع الفرق، وتحمي الكفاءات من الانزلاق إلى أداء ميكانيكي مُهلك بدنيًّا ونفسيًّا بلا روح.

إن الحديث عن الشغف في حياة المهني هو حديث عن الإيمان بالقضية التي يعمل من أجلها، والاندماج الكامل مع رسالته، والسعي المستمر إلى التميز وتجاوز المألوف، وما أعظمها من رسالة حين تتكامل الكفاءة السعودية مع شغفها، لتُجسد رؤية المملكة 2030 القائمة على تحويل الأحلام إلى حقائق، والطموحات إلى إنجازات.

جرِّب -عزيزي المسؤول- ولو مرة أن تلتفت إلى أبعد موظف في أقصى الهامش، وتخلق منه روحًا متقدة منتجة.

جرِّبي -أيتها المسؤولة- أن تُحيي شغف موظفة غارقة في الإحباط، وأن تمنحيها بريقًا وتمكينًا واستعادة.

جرِّبوا أن تغيّروا وتطوروا قبل أن تستقطبوا. أن تلتفتوا إلى الفئات المستسلمة لليأس، واخلقوا منها عناصر منتجة؛ لأن داخل كل إنسان موهبة كامنة وقدرات خاصة تحتاج فقط إلى من يدعمها ويثق بها، لا إلى من يهملها أو يسحقها بأي شكل أو طريقة!

وتذكّروا أننا حين نبني المنظومات الإدارية وفرق العمل وفق معيار الشغف، فإننا نضمن منظومة نابضة بالحياة، مليئة بالحيوية، لا تخبو طاقتها، ولا تنكسر عزيمتها أمام التحديات.

وفي النهاية، يبقى حديث المُلهم قائد رؤيتنا ولي العهد أيده الله، خارطة طريق لكل من يسعى إلى بناء فريق أو منظومة أو حتى حياة شخصية مليئة بالمعنى والنجاح.

الشغف هو الوقود، هو الجسر بين الكفاءة والإنجاز، وهو المفتاح لكل تقدم. ومن هنا نفهم كيف أصبحت الكفاءات السعودية، بقيادة شغفها، حجر الزاوية في النهضة الكبرى التي تشهدها المملكة. فالشغف ليس خيارًا.. بل هو الحياة ذاتها.
00:03 | 27-06-2025

لطفاء لأنهم أقوياء.. يهذّبون التعامل.. ولا يجرّحون بالحروف

منذ أول حرف ينطقه الإنسان، يتشكل جزءٌ من حضوره، ومنذ أول عبارة، تُبنى حوله صورته، ولسنا بحاجة إلى دراسات علم النفس والسلوك الاجتماعي لنفهم أن الأسلوب هو المفتاح الذي يفتح القلوب أو يغلقها، وأن الكلمة قد تكون سلماً إلى الأعالي أو هاوية لا قرار لها.

لماذا يغفل البعض عن هذا المبدأ الإنساني العميق؟، ولماذا يختارون الكلمات المستفزة، والتعالي المصطنع، والنبرة الخشنة، بينما بين أيديهم قاموس واسع من اللطف والأناقة والتعاطف واللغة العذبة؟

إن من يتعامل بفظاظة، لا يملك تفوقاً في المنطق ولا رجاحة في الرأي، بل إن أسلوبه غالباً ما قد يُفسر على أنه قناع لخلل داخلي، إما في الثقة، أو في الاتزان النفسي، أو حتى في فهمه لذاته والآخرين.

الشخص الفظ، في الغالب، لا يدري أنه ينزف من رصيده الإنساني أكثر مما يكسب.

والسؤال هنا ليس عن القدرات، فكل إنسان منّا قادر على أن يسبّ، أن يشتم، أن يجرح، أن يحطّ من قدر الآخر، لكن المعضلة في الاختيار.

لماذا نختار أن نكون مؤذين؟ لماذا نختار أن نترك في الآخر ندبة بدلاً من أثر جميل؟ لماذا، ونحن نملك رصيداً لغوياً هائلاً من الجمال، لماذا نصرّ على استخدام أبشع ما فيه؟!

وفي محيط الحياة اليومية، سواء في العمل أو الأسرة أو الأصدقاء، نلمس بوضوح أن الأسلوب هو العامل الخفي الذي يحدد مسار العلاقة.

فالموظف قد ينجز مهامه، لكن أسلوبه الفظ يجعله مرفوضاً اجتماعياً، والقائد قد يكون حازماً في سيطرته، لكن قسوته تلغي قدرته على التأثير، والصديق قد يقول الحقيقة، لكن بأسلوبه الجارح يخسر من حوله.

وهكذا، يبقى اللطف تاجاً لا يضعه إلا من فهم أن الهيبة لا تُنتزع بالفظاظة والصراخ، بل تُكسب بالحضور الباسم، والكلمة الطيبة.

فالأساليب المستفزة لا تخلق إلا أجواءً سُمّيّة، ملغومة بالشكوك، وردود الأفعال، تُجهض كل مساحة للنمو والتفاهم والتألق.

هي سلاح قديم، لمن لا يجد من نفسه نوراً كافياً لينير قلوب الآخرين، فيُطفئ المصابيح.

الأسلوب هو أنا وأنت، ولا شيء يُعرّفك أكثر من طريقة تعاملك، فاختر أن تكون ضوءاً أنيقاً في عوالم لا تكفّ عن التعتيم.
00:21 | 20-06-2025

خير المحتوى ما صُمم ودّل.. الترهلات الرقمية..

في بيئتنا الإعلامية، لا يزال الترهل الكتابي يجثم على صدر التحولات الرقمية، رغم تسارع الذكاء الاصطناعي، وتقدم أدوات النشر، وتغيّر سلوك المتلقي. تُصر بعض الجهات -حتى الأكثر انخراطًا في مشروعات الرقمنة- على أن تُغرق رسائلها في الكثافة النصية والبيانات المسطحة، وكأنها تحاكي جمهورًا يملك رفاهية الوقت ورفقة الورق، لا جمهور الهاتف الذكي والزمن المضغوط.

وسط هذا المشهد، تبرز فجوة حقيقية بين الرسالة وبين الوصول، بين ما يُقال وبين ما يُفهم ويُستدعى، وهنا يُطرح السؤال الحاسم: هل نُحسن مخاطبة عقول الجمهور بلغة عصرهم؟!

الواقع يقول إن كثيرًا من الجهات الرسمية ما زالت تعتمد النصوص المطوّلة كأداة أولى للاتصال، متجاهلة أن قواعد الفهم والاهتمام تغيّرت جذريًا.

الصورة المصممة، لا النص، باتت المفتاح الأول للدخول إلى وعي المستخدم الرقمي.

وهي تحاكي «المانشيت» في الصحافة التقليدية، فالصورة، حين تُصمم باحتراف، تُغني عن مئات الكلمات، وتصل أسرع، وتُفهم أوضح، وتُشارك أوسع.

كلاهما (التصميم والمانشيت) يُشكلان ضربة البداية في سباق الرسالة.

كلاهما يُراهن على الانطباع الأول، ويخاطب العين قبل أن يستأذن العقل. المانشيت، في جوهره، جملة مُكثفة تُختصر فيها الفكرة وتُشحذ فيها الإثارة.

أما التصميم فليس جملة بل هو نص مرئي، يدمج بين الشكل والمعلومة، ويمنح المتلقي مفتاحًا بصريًا لفهم المضمون قبل قراءته.

المانشيت يُقرأ، لكن التصميم يُقرأ ويُفهم ويُفسر في آنٍ واحد. فبينما يحتاج المانشيت إلى متابعة لاحقة لفهم تفاصيله، يُغنيك التصميم -إذا أُنجز باحتراف- عن الغوص في التفاصيل، لأنه يحمل في تكوينه البصري رسائل متعددة في طبقة واحدة: الأرقام، الدلالات، الاتجاهات، وحتى العاطفة، ما يُضاعف التحدي هو الجهل بالجمهور المستهدف ودوافعه في التلقي.

فالعامة -وأنا منهم- لا يُطيلون التوقف عند رابط مرفق إن لم يمسّ حاجة شخصية مباشرة، ولن يشاهدوا مقطع فيديو يتجاوز نصف الدقيقة دون دافع داخلي للبحث أو الاستفهام.

هذا الانقطاع السلوكي، في تفاعل الجمهور مع الوسائط الطويلة والمحتوى النصي غير المحفّز، يعيد تشكيل قواعد اللعبة الاتصالية، ويجعل من التصميم البصري الجملة الكاملة التي تصل دفعة واحدة كـ«معلومة وتأثير».

فالرسالة حين تُصاغ داخل تصميم، لا تحتاج تمهيدًا، ولا رابطًا، ولا مشغلًا، فقط تُشاهد وتُفهم، والانطباعات الأولية تُبنى بصريًا.

تبقى الصور والصفحات الإلكترونية و«الانفوجرافيك» المصممة باحتراف اللغة الأكثر وضوحًا، والأسرع وصولًا، والأبقى في الذاكرة.
00:11 | 30-05-2025

علي العلياني.. نموذجٌ نحتاجه وحضورٌ نفتقده

في زمنٍ تدور فيه البرامج الحوارية في فلك الرتابة، وتخشَى ملامسة الحواف الحادّة للقضايا، خرج الزميل علي العلياني من عباءة التقليد، لا ليكسر القالب فحسب، بل ليصنع قالباً جديداً، يحترق فيه السكون لصالح الإثارة المدروسة، والجرأة المحسوبة.

أعرف علي العلياني، منذ عقدين، وتربطني به زمالة مهنة وصداقة حياة ومحبة خالصة، وعلى ذلك، فإن شهادتي له أو عليه لا يمكن أن تكون مجروحة قطعاً، لأنها ليست من قبيل الانحياز العاطفي، بل شواهد على ما أنجزه على مدار سنوات حفر فيها صخر الصحافة وارتحل في ركبانها.

العلياني، القادم من خلفية صحافية، لم يُغوِه بريق الكاميرا بقدر ما جذبه فضاء التأثير عبرها. فدخل الشاشة من بوابة الوعي، لا الشهرة، مُحمّلاً بأدوات الصحافي الميداني؛ عيناً تلتقط الزوايا المعتمة، ولساناً لا يخشى الملامسة، وذهناً لا يهاب الأسئلة الثقيلة.

في برامج مثل «يا هلا»، و«معالي المواطن» لم يكتفِ العلياني بدور المذيع، بل مارس دور المحرر السياسي، والمحقق الاجتماعي، والمثقف الناقد. لم يكن وسيطاً بين الضيف والجمهور، بل جزءاً من الحوار ذاته؛ يطرح، يلحّ، يراجع، ويفتح النوافذ المغلقة. كان يُزاوج بين اللهجة الحارة والانضباط المهني، وبين الاحتفاء بالضيف ومساءلته، وهو توازن صعب لم يُتقنه كثيرون.

اعتدنا عليه لسنوات صوتاً يومياً، وافتقدنا هذا الحضور الذي نحتاجه.

لكن علي العلياني، في تمرّده الواعي، لا يخلو من مفارقة: هو نفسه بات رمزاً لتيار تقليدي جديد، بمعنى أن أسلوبه «الجريء» أصبح النموذج الذي يُحتذى. ما يطرح السؤال: هل يمكن للتمرّد أن يظل تمرّداً حين يتحوّل إلى مدرسة؟

يبقى، أن ما فعله العلياني، في المشهد الإعلامي السعودي، ليس عابراً، بل يؤسس لوعي جديد بالحوار، حيث لا تغني الابتسامة عن السؤال الحاد، ولا يُغني اللطف عن الحقيقة، فالرجل جاء من الصحافة، واستوطن الشاشة، وبنى له مكاناً وسط صخب الميديا لا بالضجيج، بل بالاحتراف.
00:01 | 23-05-2025

«السكوت في الهلال من ذهب»

* أهدافٌ أربعة حددها عراب الهلال العالمي الأمير الوليد بن طلال للإدارة الشابة التي تولت مسؤولية إعادة الزعيم إلى مجده القاري، (آسيوية وعالمية، الدوري الاستثنائي، كأس الملك) وخلال موسم واحد فقط تمكن منها وطوعها الأزرق لسجله التاريخي بفضل عقلية ذكية لا تكترث بالأقوال المرسلة والوعود العشوائية اللامنطقية، ولا تنخدع بردات فعل «تويتر» والترندات الانفعالية..

* هذه الإنجازات التي تحققت، هي اليوم بكل وضوح أهدافٌ مستقبلية مُعلنة لجيرانه ومنافسيه، يحشدون لأجلها الدعم الشرفي الهائل والكفاءات والخطط، ويأملون في تحقيقها بعد سنوات من الفشل والخيبات والتعثر، في وقتٍ يواصل الهلال فيه الضرب بقوة لتكرارها عدة مرات متسلحاً بهدوء رجالاته ونجومه وجمهوره العملاق.

* أخص رمز الهلال وداعمه الأول في هذه المرحلة الأمير الوليد بن طلال، لكونه أعاد الكرة السعودية ممثلة في الزعيم الأزرق إلى جادتها على قمة القارة الصفراء بعدما روض البطولة المستعصية، وقفز بها إلى العالمية في خضم تحولات هائلة تشهدها رياضتنا، وقفزات نوعية جعلتها سوقاً واعدة وخصبة لصناعة رياضية غنية بالمداخيل والإنجازات، برز خلالها الأمير الوليد كداعم مؤثر للكيان الأزرق، دارت إليه أعناق عشاق الزعيم يقيناً منهم بأنه الأقدر على تحقيق ماعجز عنه الآخرون، وجعل الكيان الهلالي من قصص النجاح العالمية التي تزخر بها رياضة الوطن.

* تعززت الطموحات الهلالية بعد أن دعم تأسيس شركة الهلال على أسس استثمارية وتجارية، وصاغ للموج الأزرق قصة نجاحه الكبرى ومنح عشاقه الفرح بتحقق الأهداف الموضوعة بدقة، حين أخضع بكل هدوء وثقة البطولة الآسيوية المستعصية، بوقوفه خلف إدارة فهد بن نافل ليس بالمال وحسب، بل بالتخطيط والتحفيز الذكي والخبرة الإدارية الحكيمة.

* وفي عطلة الهلال -كما وصفها بعض المناكفين- تواصل الإدارة بدعم الرمز ومتابعته، عملها بهدوء تحضيراً لموسم قادم، تفاوض مدربين عالميين وتخطط لصفقات قوية تطبخ على نار هادئة، في وقت يتأهب الفريق لاستعادة لقبه الآسيوي ويواصل صدارة الدوري دفاعاً عن لقبه، كل ذلك دون تكتلات شرفية أو هالة استثنائية أو تهويل واستعراض فضفاض وبلا ديون ثقيلة وقضايا متعددة!

* في عطلة الهلال جدد الزعيم عقود أهم نجوم الكرة السعودية واستقطب عناصر واعدة مميزة بكل انتقائية، وحافظ على استقرار نجوم الفريق الأساسيين، دون إخلال بكفاءته المالية أو إضرار بسمعته المميزة.

* يجدر على الهلاليين إدراك أن أهدافهم التي تحققت والسمعة الجميلة لناديهم في الفيفا واتحاد القارة، هي اليوم أمنيات يُخطط لها في عدة أندية، وتُحشد لها التكتلات والأموال والديون كذلك!
00:08 | 6-04-2021

بالنقص والكمال .. زعيمهم يا هلال

• لأنه الهلال والهلال فقط، ودّوا جميعهم أن يغادر البطولة بأي ثمن وبأي طريقة، وأعني هنا أماني «المضغوطين» الطامحين لتحقيق اللقب القاري، لاسيما الذين يبحثون عنه لأول مرة وينشدون تذوق حلاوته ولو ببطولة مجمعة تضم قلة من فرق القارة التي ترزح تحت وطأة الوباء، وأولئك الآسيويين «الزعولين» الذين أحرقت ملحمة ٢٤ نوفمبر في السايتاما قلوبهم، وما زالت اليوم تعري أفكارهم وسذاجة طرحهم واضطراب رؤاهم.

• ماذا يعني أن يترجل كبير القوم عن جواده ويغادر المعركة مضطراً، وهو برديف احتياطه ما زال يتزعم مجموعته وحجز مقعده بكل ثقة في القمة، وتفوق بنقاطه على بقية المشاركين في المجموعات بعدتهم وعتادهم؟!

يعني أن يجد المكبوتة أنفاسهم من سطوته القارية فرصة للتنفس، وبصيص أمل في حمل الكأس اللولبية في غمرة غياب هوامير القارة وأسيادها.

• الهلال الذي أجبر أساتذة الكرة العالمية وخبراء الرياضة شرقاً وغرباً لتحيته في مواسم عدة آخرها «عالمية الملعب»، لا يهمه وجمهوره شماتة الحمقى وتحليلات السذج وضجيج الفارغين، الذين يرون في كل عثرة ونقص لمنظومته انتصاراً لهم، وفرصة لتحقيقهم الانتصارات بغياب قوته لأنهم دون مجاراته بكفاءة، تارة يطالبون بضرورة استمرار الدوري بغياب دولييه، وأخرى عدم تأجيل مواجهته القارية رغم ظروفه ليتسنى لهم مجاراة رديفه، ويرون ذلك عدالة ينشدونها ولا تختلف في قواميسهم عن فضائح نيشمورا التي وصفوها بالعدالة..

• آن للهلاليين أن يمدوا أقدامهم، وأن يستريح محاربوهم بعد أن «ختموا الأمجاد كلها»، فإن لم تأت الثامنة هذا العام فهي قادمة قريباً، وأن يدركوا أن هذه النسخة ليست إلا ممراً شرفياً لما سطروه قبل وبعد الجائحة، وأن الأندية الحالية صرفت مئات الملايين لتحقيق منجز حققه لأول مرة قبل ٣٠ عاماً وآخر مرة قبل أشهر فقط.

• أما محليا فأكمل دوري المحترفين السعودي قصته الاستثنائية بنهاية طبيعية وتتويجٍ مُستحق لكبير آسيا، الذي ظفر باللقب في نسخته الأقوى.

• بعد انقضاء الموسم واحتضان الزعيم القاري كأسيه الآسيوية والاستثنائية، وحتى لا يصيب «المتحسرين» الفريق الأزرق بأعينٍ حاسدة، صافحوا الإعلاميين المحسوبين على بطل الشتاء، الذين ما زالوا «يصيحون» ويرون أن فريقهم كان الأحق بلقب الدوري لو تم إلغاؤه، بما يوثقها لهم ولو بـ«دفاية فاخرة» في تتويج موثق، لأنها أجدى وأوضح من قصاصات تُفنى وقماشات تهترئ وقصص يُتسلى بها، وأخبروهم أن الزعيم العالمي حتى وكورونا تلتهم نصف فريقه، لا يتمنى الإلغاء وهو على رأس مجموعته، وفي حال انسحب نتمنى أن يحقق الأهلي أو النصر بصفتهما ممثلي الكرة السعودية ما عجزا عنه منذ تأسيسهما، وأن يحذوا حذو الهلال والاتحاد ولو لمرة واحدة ولن يجدا فرصة كهذه..

• وأخيراً..

القاع الذي يصله الهلال عندما يسقط، سقفٌ رفيع يطمح إليه منافسوه..

kjarallah@
23:55 | 19-09-2020