أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author
--°C
تحميل...
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
تصفح عدد اليوم
أحلام محمد علاقي
طلبات المدارس.. بين الاختراعات والطلاسم
حملت صديقتي إلي بملف يحتوي على طلبات مدرسة ابنتها مكتوبة باللغة الإنجليزية لأساعدها في فك شفرات الطلبات «العجيبة» المدونة.
«أحلام قولي لي، إيش قصدهم بالـ«ليجال باد»الأصفر مقاس 8.5 x11.75 inches؟»
«الليجال باد هذا الله يسلمك يعني هذا الاختراع اللي يشبه الدفتر بس بدون غلاف، فيه ورق مسطر وخلفه خلفية كرتون ويقطع من أعلى الصفحة لكتابة الملاحظات،إلخ»
«آه! وهذا في إيش راح يحتاجوه، ولا بس زيادة وزن بالشنطة وتعذيب في البحث للأمهات، ما علينا، طيب، ايش هو «البول بوينت بين»؟ شكله شي مهم واختراع والله يستر ما يكون غالي لأنهم طالبين منه ألوان وأعداد، 4 من كل لون أحمر وأخضر وأزرق وأسود؟».
«لا ياعزيزتي لا تتوتري، هذا قصدهم به القلم الجاف العادي»
«هو القلم الجاف صار اسمه بول بوينت بين! يعني لازم الفزلكة والفلحنة مايقولوا قلم وخلاص»،
«طيب وإيش هو التو رينج بايندر، والتو هول بنش؟».
«هذا ياعزيزتي الملف اللي تضعي فيه الورق، وخرامة الورق بس طالبين النوع اللي بفتحتين والملف المناسب له».
«طيب سؤال هو «السوكس» مو معناه شراب بالإنجليزي؟».
«نعم صحيح».. «طيب والبوك أنا أعرف انه الكتاب صح؟» «نعم صحيح». «طيب وإيش البوك سوكس! هذا اللي في قائمة الطلبات، احترنا أنا وزوجي في أمره؟ كيف صارت؟» وهل تلبس الكتب جوارب؟ «ضحكنا سويا، وقلت «لا ياستي هذا يعني غطاء بلاستيك لحماية الكتاب». «يعني تجليد».«قلت: نعم ولكن يكون مقصوص وجاهز يدخل فيه الكتاب وهو مستورد عادة». «آه، يعني غالي، الله المستعان، وهذا من وين ننقب عليه مع البترول ولا المعادن؟ وليش ما ينفع الجلاد العادي اللي تربينا عليه، الله يرحم أيام كنا نلف الدفاتر بالورق البني، أمي مرة ما لقت تجليد، لفت الدفتر بكيس نايلون أبيض سميك ورتبته ودبسته وصار بمنتهى الجمال، وأهو تعلمنا وتخرجنا وتوظفنا وصرنا أوادم. ياللا، خلي الأولاد يتعلموا، وخلي المدارس الخاصة تنفعهم».
«نورني بالله طيب، إيش معنى السبجيكت ديفايدرز»
«هذا يا عزيزتي الورق أو البلاستيك الملون ذو الطرف الناتئ يوضع في الملفات لتفريق الورق حسب الموضوع».
«أه أوكي طيب».
طيب و«لاب كوت» هذا إيش؟ وإيش فايدته؟».
«هذا الله يسلمك المعطف الأبيض للمعمل».
«آه يعني ابني اللي في رابع ابتدائي راح يصير دكتور زي خاله، طيب الحمد لله» يعني هذا لازم له مشورا مخصوص بره المكتبة.
طيب وايش معنى «كستم ميد انترناشونال داي كلوز».
«هذا ياعزيزتي معناه لبس لليوم العالمي الذي سيحتفلون به يكون مصنوع خصيصاً للطفل بمقاسه»
«هلا، هلا! يعني لازم نزلة لسوق القماش وزيارة للخياط، جوزي راح تجيله جلطة من المشاوير».
«طيب وايش هو الجود كوالتي توث برش آند توث بيست».
«هذا ياعزيزتي يعني نوع جيد من فراشي الأسنان والمعجون».
«لا حول ولاقوة الا بالله! أنا راسلته المدرسة ولا دكتور الأسنان بس بدي أفهم؟ ياللا، ما علينا! نقول مدارس خاصة واهتمام بصحة الأطفال وأسنانهم. طيب، معناها زيارة للسوبرماركت كمان»
«طيب إيش يعني ديس انفكتنج ويت وايبس».
«هذه يا عزيزتي مناديل التعقيم».
«الله، معناها زيارة للصيدلية كمان! جوزي راح يذبحني، والله شكلها أوبر أو كريم، يعني باختصار التكاسي راح يستفيدوا من موسم المدارس، والسوبرماركتتات تستفيد من موسم المدارس، والمكتبات بتستفيد من موسم المدارس، والصيدليات بتستفيد من موسم المدارس والخياطين بيستفيدوا من موسم المدارس والمدارس بتستفيد من موسم المدارس، والأهل لهم الله بيتنكبوا من موسم المدارس».
21:14 | 29-09-2016
افتتاح المدارس وحرب الأمهات
مع بداية العام الدراسي تتكرر سنويا بعض العادات والتقاليد المرتبطة بهذا الحدث الهام للأسرة. فبجانب الروتين المعروف من شراء الأدوات المدرسية والملابس، هناك تقاليد أخرى «خفية» تدور حلقاتها بين بعض الأمهات في المجالس. ومنذ طفولتي كنت أحب متابعة هذه المواضيع ولكنني كنت أطرد شر طردة لئلا أستمع «لكلام الكبار». ولا أصف لكم أصدقائي سعادتي بأنني أصبحت اليوم أستطيع الجلوس بقلب الحدث.
ومؤخرا شهدت إحدى هذه الصدامات بين الموظفات وربات المنازل من ناحية. والكائنات الليلية والكائنات النهارية من ربات المنازل من ناحية أخرى.
فقد طرح للنقاش موضوع إفطار الأولاد قبل الذهاب للمدرسة، ومن يحضّره الأم أم الشغالة. وهنا بدأت حرب ناعمة بأنياب مسننة.
فهناك حزب معادٍ للمس العاملات للطعام، وصفت إحدى معتنقاته الأمهات اللواتي يعتمدن على الخدم لإطعام الأطفال بأنهن «رفلات» أو كسولات. «يالطيف على كاس حليب وساندوتش أصحي الشغالة، فين دورك كأم؟» وثانية تقول «بسرعة يكبروا وتصير ذكريات، قومي ياشيخة فطريهم» وثالثة تسرد جرائم الشغالات وتسميم طعام الأطفال، وتقول:«الأم اللي ما تصحى مع أولادها تفطرهم عشان بدها تسهر عالنت والمسلسلات والصاحبات وتكون بالصباح تشخر هذه بدها تلطيش وماتستحق أن تكون أم».
قطعت النقاش إحدى الموظفات، وفي هذه اللحظة تنبأت بأن الموضوع سيأخذ منحنى آخر، وقالت: «دعوكم من الفلسفة أرجوكم. فماذا عن الموظفة؟ اللي لا بدها تسهر ولا تطلع. ولا أصلا عندها حياة اجتماعية. ولا ترى أمها وأباها إلا بالويك إند؟ فتستيقظ من فجر الله تداوم مئات الكيلومترات بعيدا عن منزلها وتحتاج تلبس وتطلع، ولديها أولاد يحتاجون التجهيز وبنات يتطلبن التمشيط وتجهيز أحذية ويونيفورمات ولنش بوكسات وملابس رياضة وملابس حفلات. وأطفال يمدون أيديهم مطالبين بمصاريف تخترعها المدارس باستمرار وأوراق توقع من صباح الله لأن الأطفال يتذكرون الأشياء آخر لحظة. هل هو خطأ أن تطلب مساعدة الشغالة بهذا الوقت المتوتر ليلحقوا بباص المدرسة ويبدأوا يومهم؟»
وأخرى من ربات المنازل من الكائنات الليلية تفتح حدقتي عينيها على الآخر وتسأل ببرود: «انتوا تعرفوا الساعة كم لازم أصحى عشان أفطر الأولاد؟ ومين أصلا بيفطر الآن؟ يادوب بسكوتة أو كورن فليكس مع حليب تحركه لهم الشغالة وانتهينا».
وأخرى تقول: «بندفع للشغالة عشان تريحنا. ما احلاني قايمه البس وامشط واطبخ والشغالة نايمة».
وطبعا لا يخلو الأمر من تعليقات طريفة فقالت إحداهن: «طيب إذا الأم موظفة ودوامها بعيد، فين الأب؟ ليش الأب «العلة» (وأنا هنا فقط ناقلة للحديث كما ورد) ما يساعد ولا هو دوره بس الأكل والشرب والتبطح أمام التلفزيون».
وحينما سألتها إحداهن عن أعمار أبنائها قالت إنها غير متزوجة! وتضاحك الجميع.
وفي الحقيقة ورغم أنني شخصيا لدي آراء معينة في الموضوع، سأحتفظ بها لنفسي، إلا أنني أرى أننا لا يمكننا الحكم على الآخرين إطلاقا. فيا أصدقائي دعوا كل إنسان يعيش بطريقته. فكل منا يرتب حياته وأولوياته حسب قناعاته. فلو كانت قناعتي الشخصية مثلا بأن كل شخص يقوم باختيارات في الحياة ويجب أن يتحمل مسؤوليات وتبعات قراراته من عمل وإنجاب وغيره فسوف أطبق ذلك، ولو استدعى الأمر أن تصير الأم «سوبروومن» لعدة سنوات لتحقق أدوارا مختلفة (وكثير من الأحيان متضاربة) فهذا اختيار ويجب دفع ثمنه، ولكن لا مانع من تسهيل الحياة وطلب المساعدة بشرط أن تكون من ذوي الثقة، وهذا صعب جدا ولكنه ليس مستحيلا. ويجب ألا نحكم على الأمهات الأخريات ونطبق عليهن معاييرنا ومفاهيمنا، فهذه حياتهن لا حياتنا، كما يجب ألا ندعي الكمال وخاصة إن كنا نلعب أدوارا متعددة فنحن بأغلب الأحيان نسدد ونقارب. الأم اليوم ليست كأم الأمس بل انخرطت الكثيرات في القوى العاملة محركات عجلة الاقتصاد القومية. هؤلاء الأمهات أبطال اليوم كما كانت جداتنا أبطالاً في زمانهم. بل هن ربما ببعض الأحيان أكثر بطولة. فتعب الجسد بالزمان الماضي يمحوه نوم ليلة طويلة. ولكن التوتر النفسي والعقلي لموظفات اليوم وهن أمهات وزوجات وأحيانا قائمات بمنازلهن وحدهن ومسؤولات، لا يمحوه شيء، بل هو طريقة حياة نتعايش معها.
وأما حزب النساء، هداه الله، الذي يتقزز من لمس الخادمات للطعام، فرغم أنني أدقق في موضوع الطعام وأهواه وتعلمت في مدارس طهو أوروبية كورسات في تحضير الطعام حسب معايير نظافة معينة، إلا أنني لا أحب من يبالغ بتقززه من الآخرين ممن يعملون بالمنازل، فهذا فيه كسر لأنفسهم والأفضل والأفيد للجميع أن نعلم عمالنا طريقتنا باللين والتكرار.
ورجاء دعونا من الادعاءات المزيفة، فبعض النسوة اللواتي يبدين التقزز الشديد من أكل الخادمات، تراهن يشمرن الأكمام ويظهرن الضروس بمجرد رؤية تبسي مندي، أو شاورما مجهولة المصدر أو دجاجة بالشواية.
21:16 | 22-09-2016
سندريلا وسندريلو
كان يا مكان في قديم الزمان فتاة جميلة اسمها (سندريلا) من السيندر وهو (الرماد) وكانت محبوبة والدها، ولكن زوجة أبيها الشريرة كانت تكرهها، وبعد موته تيتمت سندريلا وأصبحت تنام على الأرض وتعذب من قبل زوجة أبيها التي تفرق بينها وبين بناتها الشريرات مثل أمهن. ولكن في يوم ما حضرت مخلوقة سحرية قلبت حال سندريلا فألبستها أجمل الثياب وأرسلتها لحفل الأمير فوقع في حبها، وبعد أحداث متشابكة استطاع الوصول إليها وتزوجها وكانت النهاية السعيدة وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات.
كان هذا في الزمان السحيق وفي مكان مجهول خيالي غير حقيقي.
أما اليوم أحبائي الأطفال، فقد أتيت لكم بقصة جديدة تعتبر مُلهمة من قصة سندريلا -adaptation-
وعملا بمبادئ الفيمينزم والمساواة، فبطلنا اليوم ليس فتاة بل فتى. كان هذا الفتى يدعى عمران، ولكنه أصبح في لحظات يدعى سندريلو، والسبب هو نفس سبب تسمية سندريلا؛ أي أنه أصبح مغطى بالرماد. وسندريلو بطلنا لم يغطه رماد المدخنة مثل سندريلا، وإنما رماد بيته الذي تحطم على رأسه في مفاجأة من العيار الثقيل، ثقل القنابل التي قذفت على بيته. واختلط الرماد بالدم الذي أخذ الصبي يمسحه عن وجهه بذهول وفزع وانفصال مؤلم عن الواقع. ومثل سندريلا أصدقائي الصغار -التي اجتمعت ضدها زوجة أبيها وأخواتها الشريرات- فبطلنا الصغير عمران تكالبت عليه القوى ولكن الفرق في القوى كبير. فسندريلا تواجه أفرادا، أما عمران فيواجه سياسات رؤساء ودول ومنظمات وميليشيات وجماعات. وسندريلا رغم كل شيء بقيت في دار أبيها وظل سقف البيت يحميها. أما عمران فقد انهدم البيت على رأسه، وفقد السقف الذي كان يظله وقعد بلا حراك مشدوها، ليراقبه المجتمع العالمي الفضولي واللامبالي أو المتأثر للحظات، في اختراق سافر لخصوصية الإنسان والطفل في حالة كارثة إنسانية لم تشهد لها البشرية مثيلا إلا في الحروب العالمية. وعمران كسندريلا اليتيمة، فاليتم ليس فقط فقدان الأب أو الأم وإنما فقدان الأمن والطمأنينة والقوة والكرامة والإنسانية. فقد قيل إن عائلته تم إنقاذها، ولكن ماذا تنتظر عائلة مثلها بعد الذي حدث لها؟ وهل سيجد عمران مخلوقا سحريا (مثلما وجدت سندريلا) ليعطف عليه ويغسل وجهه الطفولي وجسده الصغير ويلفه بمنشفة ناعمة ويعطيه ملابس نظيفة وحضنا دافئا وكلمات حنونة ووجبة مشبعة؟ ويطمئنه ويأخذ بيده لمنزل آمن وربما لطبيب نفسي ليستطيع مواجهة الحياة بعد انهيار -ليس فقط سقف منزله- وإنما عالمه وحياته بأسرها على رأسه حرفيا ومعنويا ومجازيا. ربما يا أصدقائي الصغار سيجد وربما لن يجد؟ ربما سيشفى وربما لن يندمل جرحه. ربما يجد (فيري جود مذر) أو مخلوقا سحريا يحول حياته لأحسن حال وربما لن يجد؟ والأفضل والأنسب أن نترك هذه القصة بنهاية مفتوحة لتحذروا وتتخيلوا مصير بطلنا الصغير عمران أو سندريلو.
وبنهاية القصة، أصدقائي الصغار، حان الآن وقت النوم وأتمنى لكم أحلاما سعيدة.
20:53 | 15-09-2016
«البوركيني» بشواطئ فرنسا
أثارت صور نشرت لأفراد شرطة يجبرون سيدة مسلمة على خلع أجزاء من البوركيني، أو ما يسمى «بالمايوه الإسلامي» في شواطئ نيس الفرنسية، الكثير من الصخب عالميا وتصدرت أغلفة الصحف والمجلات الأسبوع الماضي.
ولغة الجسد للناظر للصورة لم توح باللطف أبدا، فقد وقف أفراد الشرطة وهم يحيطون بالسيدة الجالسة على الشاطئ واضعين أيديهم على خواصرهم بوضعية حازمة وهم يأمرونها بخلع بعض ملابسها.
ورغم أن أعلى سلطة قضائية في البلاد، مجلس الدولة الفرنسي، قد قرر تعليق قرار منع البوركيني إلا في حالات الاشتباه في الإرهاب، إلا أن أغلبية رؤساء البلديات في نحو 30 مدينة ساحلية فرنسية ما زالوا يرفضون ذلك ويصرون على منع البوركيني وتفويض البوليس لتغريم وتوقيف مرتدياته من النساء مما خلق الكثير من التوتر وردود الفعل.
فاليمين المتطرف بفرنسا والمعادي للمهاجرين يحيي هذه الخطوة ولا نحتاج للصحف لنعرف ذلك. ولكنني أحب دائما سماع رأي الشارع العام فأخذت أسأل من أعرف من الفرنسيين ذوي الأصول الفرنسية البحتة عن آرائهم. ولكنني صدمت في آراء المتنورين ممن توسمت بهم الانفتاح الفكري فبالنسبة لهم من لا يريد «الاندماج» في المجتمع الفرنسي فعليه أن يرحل، وارتداء الحجاب دليل قاطع على عدم الاندماج بالنسبة لهم. ولم ينس أي منهم ذكر حادثة الدهس التي حدثت هذا الصيف في نيس وقتلت أكثر من 80 شخصا، بالإضافة إلى طعن الإرهابيين لقسيس في شمال فرنسا. للأسف الشديد تصاعدت حالات العنف الشعبي ضد المسلمين بفرنسا بعد هذه الحوادث وأصبح المجتمع يتقبلها، وهذا هو الجديد والمؤسف، وتناقل النت أخيرا فيديوهات لنساء محجبات يطردن من مطعم بفرنسا وغير ذلك من تصرفات عدائية ضد المسلمين. ولدي شخصيا أصدقاء فرنسيون من أصول جزائرية تعرضوا لهجوم شخصي لفظي وجسدي في الميترو مما لم يحدث لهم طوال إقامة بفرنسا امتدت لأجدادهم.
وتحولت قضية البوركيني لقضية أهم وأخطر وهي «الهوية الفرنسية» فاستثمر السياسيون الموجة لصالح انتخاباتهم، فنيكولا ساركوزي مثلا، وهو الشهير بتبنيه لقضية حماية الهوية الفرنسية، قد وعد ناخبيه بأنه شخصيا سوف يغير الدستور ويمنع البوركيني إن تم انتخابه كرئيس مقبل لفرنسا وهو رد على تصريح وزير الداخلية برنار كازينوف الذي قال بأن منع البوركيني ضد الدستور.
وبين محاولات «السي سي آي اف» CCIF وهي لجنة ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا لتخفيف التوتر وضمان التعايش السلمي، ومؤيدي حقوق الإنسان من الأفراد والمؤسسات مثل آمنيستي انترناشونال، نقف نحن المسلمين قلقين؛ فمن ناحية نتمنى أن نصرخ بوجوههم «لماذا نحن؟ فالراهبات المسيحيات، والمتشددات اليهوديات يغطين شعورهن وأجسادهن، فهل ستجرؤون على نزع ملابسهن؟»
ولكنهم سيقولون لنا أنتم إرهابيون! ننفعل ونقول «نحن أبرياء ولم نفعل شيئا وهذه أقلية فاسدة» ولكن ما نرى ونقرأ يوميا من أفعال الجماعات المدعية الإسلام تجعل كل شخص منا لاشعوريا يشعر بالغبن والعار لشيء لم يفعله، وصوت بداخلنا خافت يهمس بأنهم ربما يكونون محقين في خوفهم بعد كل ما يحدث في العالم، فالإعلام يشهر جيدا النماذج الفاسدة من «المتأسلمين» بينما ينحصر الضوء عن الكثير من النماذج المضيئة. فما أكبر هذه الورطة التي نحن فيها اليوم كمسلمين!
نقول يا جماعة لا تخلطوا الإسلام «ببعض» المسلمين فلديكم من المسيحيين أيضا إرهابيون وقتلة ومجرمون بل ويوجد تاريخ معروف لقساوسة مغتصبي أطفال وسارقي صدقات وفاسدين ومرتشين. ولكن هل سيسمعنا أحد؟ أنا شخصيا في نقاشاتي الكثيرة طوال سنوات وجدت تعنتا كبيرا لدى البعض. ولكنني استطعت تغيير آراء الكثير ممن عرفوني شخصيا عن المسلمين، ويقولون لي ذلك. فهم يكتشفون بالنهاية أننا جميعا بشر ولدينا صفات كثيرة مشتركة ويمكننا أن نصبح أصدقاء حتى وإن كنا مختلفين.
الحل إذن هو التواصل والتعريف. إن تقوقعنا على أنفسنا فلن يعرفنا أحد ولن يتقبلنا الآخرون. ولكننا إن تقبلنا نحن الآخرين ومددنا جسور التواصل فسنجد حتما من يسمعنا ومن يعرفنا ومن يدافع عنا ليس فقط؛ لأننا بشر لنا حقوق إنسانية، بل ولأننا فعلا نؤمن بدين كجميع الأديان السماوية يدعو إلى السلام إن طبق بصدق. أتمنى من مؤسساتنا الرائدة وجامعاتنا وضع هذه النقطة كأولوية في أجنداتها: لم لا نعرف عالميا بالمميزين والمميزات من أبنائنا وبناتنا والنماذج المضيئة الكثيرة موجودة بيننا؟. لم لا نجعلهم سفراء لنا في المحافل والمؤتمرات؟ أليست هذه النماذج أولى أن تشتهر بدلا من إرهابيي النت وقاطعي الرؤوس؟ والمحزن أن بعض أبطال الانستجرام والسناب شات الذين يشتهرون لدينا، يتابعهم العالم لأنهم يؤيدون صورة العربي المسلم المنفق ببذخ أو الشهواني المتبع للحسناوات اللواتي بالطبع لا يرتدين البوركيني.
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303زين تبدأ بالرمز 100 مسافة ثم الرسالة
21:59 | 8-09-2016
اسجنوا المتهربين من النفقة
إجراء مهم اتخذته وزارة العدل مؤخرا حينما وجهت المحاكم السعودية باعتبار امتناع الآباء عن النفقة الشرعية لأطفالهم كأحد وسائل التعنيف الأسري للطفل، يعاقب بموجبها الأب المتهرب من النفقة بمدة تصل لسبع سنوات.
ورغم أن الإجراء أتى متأخرا إلا أنه ولله الحمد أتى أخيرا، ونتمنى وندعو ونأمل بأنه سوف ينفذ ويفعّل على أرض الواقع بلا استثناءات.
فكم من طفل وكم من أم ما زالوا يعانون من ظلم التهرب من الإنفاق، ولا أتوقع أن يوجد بمجتمعنا من لم يسمع الأعاجيب عن قصص ألقى بها الأب بأطفاله وزوجته لتتلقفهم دوامة الحياة الطاحنة فيستجدون مساعدة القريب والغريب ليس فقط معنويا بل وماديا ليوفروا الخبز ويشتروا أقلام المدرسة.
هذا بينما ينطلق هذا الأب الذي يتحجج بالديون أو غلاء المعيشة ليهنأ بحياة مع زوجة جديدة وأطفال آخرين ربما يدللهم ويوفر لهم جميع متطلباتهم المادية فيتمتعون ليس فقط بالاستقرار النفسي لوجود الأب وإنما بالاستقرار المادي أيضا الشيئين اللذين حرم منهما إخوانهم السابقون من الزوجة الملقاة بإهمال بأطفالها، فهؤلاء في قاموس بعض الآباء ذكريات من الماضي لا داعي لتقليبها. ومن سيحاسبهم إن لم يكن هناك ضمير؟ ومن خبراتنا الحياتية تعلمنا أن أصحاب الضمير الحي قليلون.
والخبر يحصر 8 حالات يعاقب فيها الأب الممتنع عن دفع النفقة لأبنائه بعد صدور الحكم عليه، ومن ضمنها امتناعه عن الإفصاح عما لديه من أموال، وثبوت خفاء الأموال أو تهريبها عليه، وتهديده أو تعديه على موظف مختص بالتنفيذ، وكذبه أمام المحكمة أو تقديمه لبيانات غير صحيحة.
وحينما نسمع تعليقات المحامين والمستشارين الأسريين بناء على تجاربهم المريرة مع الفئات المظلومة من هذه الممارسات نرى أن الجميع متحمس لهذه الخطوة مؤكدا أهميتها، فأكد أحد المستشارين الأسريين مثلا بأن هذه الخطوة تشعر الآباء بجدية الدولة في التصدي لممارسات العنف ضد الطفل، كما رأى أن تشدد الدولة في هذه العقوبات بلا رحمة، وذلك من خلال إيقاف خدمات الآباء المتورطين في التعنيف هذا ومنعهم من السفر لإثبات فداحة أعمالهم.
وهنا تذكرت قصة حدثت لسيدة أعرفها ببلد خليجي مجاور، فقد طلقها زوجها بعدما تزوج أخرى وألقى أعباء أبنائها عليها لأنها موظفة، رغم مقدرته المادية. فشكته للمحكمة مقدمة الأدلة. وما حدث بعد ذلك قصة نتعلم منها.
أولا: ألزمته المحكمة بنفقة شهرية معتبرة لكل طفل تتناسب مع قدرته. ثانيا: ألزمته المحكمة بنفقة للزوجة المطلقة لأنها حاضنة للأطفال. ثالثا: نفقة الأم والأطفال تحول شهريا من حسابه البنكي لحسابها في تحويل ثابت standing order تراقبه المحكمة. رابعا: ألزمته بتوفير سكن لائق للزوجة الحاضنة والأطفال. خامسا: أرسلت الشؤون الاجتماعية مندوبين لتفقد منزل الأب نفسه مع الزوجة الجديدة ومنزل الأسرة السابقة الأصلي قبل الطلاق وقررت للزوجة المطلقة والأطفال مسكنا بنفس المستوى لا يقل عنه لئلا يتضرر الأطفال نفسيا واجتماعيا. سادسا: ألزمته المحكمة بدفع نفقات المدارس وألزمته بالتعهد بعدم تغيير مدارس الأبناء لمستوى أقل بهدف التوفير. سابعا: ألزمته المحكمة بتوفير الضمان الصحي الخاص لأطفاله من الزوجة المطلقة أسوة بأطفاله الجدد. ثامنا: منعته المحكمة من السفر قبل إيفاء الأطفال والزوجة كافة حقوقهم منذ تاريخ الطلاق وإلى يومها.
لن أقول لكم أصدقائي عن رد فعل الرجل حينما أصدرت عليه الأحكام، فقد عاد راكضا لطليقته متوددا لها ومتمنيا أن تقبل الزواج به مرة أخرى وإسقاط الدعوى ضده وحل الإشكال «وديا بينهم»، فما كان منها إلا أن أغلقت الباب بوجهه إلى الأبد.
21:50 | 1-09-2016
فوبيا زواج البنات والأبناء «2»
سبق وأن تحدثت عن مآسي بعض الزواجات المعاصرة واستشهدت بقصة توضح انقلاب مفاهيم المسؤولية والرجولة لدى بعض الأزواج ممن يظلمون زوجاتهم ويتملصون من مسؤولياتهم ويتهربون من الإنفاق ويعنفون المرأة سواء نفسياً أو لفظياً أو جسدياً وغير ذلك من المآسي التي نراها يومياً الآن والتي لم نعرفها قديماً.
ولكن إحقاقاً للحق فنحن أيضاً نرى الوجه الآخر للمعادلة، فبعض الشباب المحترمين أيضا يقعون فريسة للتعنيف من زوجاتهم وليس ذلك بالضرورة بالمعنى المجرد بل مجازياً.
فلو كان لدينا إحصائيات ديموجرافية لرأينا أيضا أن من أسباب الطلاق المعاصرة التغير الجذري في مفاهيم المرأة عن الزواج ودورها فيه كزوجة أو أم أو راعية لمنزل يعتبر الواحة التي ترتاح فيها هي وأفراد أسرتها. فبعض الشابات يركزن على حقوقهن متناسيات مقطع الواجبات. ومن أهم الحقوق بالنسبة لهن الماديات. فبعض الشابات يرين أن الزوج عبارة عن «صرافة» أو «أي تي إم ماشين»! فهي لا تكف عن الطلبات لها ولأهلها وصديقاتها وتبذخ وتتمنظر على حساب الشاب الغلبان الى أن تصل أحياناً لأن توقعه في ديون لا طاقة له بها.
أعرف شخصاً غاية في الاحترام ومن عائلة فاضلة، تزوج شابة وهي غير موظفة ولكنها ترفض الطبخ أو الاهتمام بالمنزل إطلاقاً وتقول له إن ذلك ليس دورها فهو أخذها من بيت به ثلاث خادمات. طيب جميل، قبل الشاب بذلك، وماذا عن الأطفال؟ فهم يتركون جائعين متسخين والماما نائمة للعصر تقريباً، تستيقظ لتضرب «وتلطش» فيهم لأنهم أزعجوها، وتنهر في الخادمة لإهمالها، ثم تحمل حالها وأطفالها وخادمتها وتذهب لأم زوجها وهي بنفس الحي لتأكل معها يومياً! فهي لا تطبخ، وتقرف من طبخ الخادمات! والزوج يعود من العمل متعباً جائعاً فيذهب لمنزل والدته يومياً، والمفارقة المضحكة أنه هو ووالدته ينتظران يومياً قدوم «صاحبة المعالي» الزوجة، فتأتي متأخرة متجهمة متأففة. وأحياناً تتصل لتسأل عن «المنيو» اليومي وإن لم يعجبها تقرر أن تجلس ببيتها وتطلب دليفري ولكنها ترسل الأطفال والخادمة. وحتى إن كان زوجها مسافراً للعمل فهي ترسلهم ليأكلوا ببيت أم زوجها التي تجد نفسها مجبرة أن تطبخ للأبناء والخادمة! وحينما لام الناس أم الزوج تنهدت قائلة: «يعني أترك أحفادي جيعانين أو عايشين على الدليفري وأنا أعرف أنهم يحبون طعامي، والله أنني أغص إن أكلت وحدي حينما أتذكرهم». علما بأن الأطفال يعانون من سمنة مفرطة وقال لهم الأطباء بأنهم معرضون لخطر مرض السكر ولديهم الكوليسترول مرتفع وهم أطفال صغار وذلك من كثرة أكل الحلويات والشبس ليسدوا جوعهم الدائم في ظل انعدام توفر الوجبات الغذائية الطبيعية بالمنزل!
وبعد سنوات من صبر الشاب على هذه الزوجة المتعجرفة، خيرته إما أن يشتري لها بيتا جديدا في حي راق حددته أو يطلقها، وألقت الأطفال بمنزل حماتها، ولم تنفع معها أي محاولات بالصلح فتركها أخيرا وأقسم على عدم الزواج مرة أخرى تحت أي ظروف.
وفي النهاية كل هذه القصص المحزنة «أبطالها» زوجات أو أزواج تخلوا عن مسؤولياتهم وإنسانيتهم، «وضحاياها» هم: أطفال أبرياء، وجدات وأجداد يجدون أنفسهم مسؤولين فجأة عن أحفادهم بعدما وصلوا لسن يفترض أن يرتاحوا فيه فقد أتموا دورهم الطويل المضني في تربية أبنائهم إلى أن كبروا وتزوجوا.
والآن حينما يقول لي أحد الأهل بأن لديهم «فوبيا» من تزويج أبنائهم وبناتهم، أفهم ذلك جيداً. فالزواج أصبح ليس بطيخة كما كانوا يقولون زمان، بل بعبع في الظلام، بعيد عنكم.
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303زين تبدأ بالرمز 100 مسافة ثم الرسالة
23:00 | 25-08-2016
حرامي السوبرماركت
لو ذهبت إلى أحد السوبرماركتات في دول مثل بريطانيا، فسترى بعض المتسوقين يدفعون لمشترياتهم عن طريق مكائن الدفع الذاتي؛ وهي مكائن يقف أمامها الزبون ويقوم بنفسه بتمرير كل سلعة أخذها على (السكانر) لطباعة سعرها، ثم يدفع بالكارد غالبا ويأخذ أغراضه ويخرج. ويختار الكثيرون وسيلة الدفع الذاتية عوضا عن انتظار كاشير لتوفير الوقت.
ولكن بحسب دراسة قامت بها جامعة ليستر البريطانية، بالتعاون مع علماء نفس واجتماع وبروفيسورات في علم الجريمة وفي التسويق وغيرهم، فإن ماكينات الدفع الذاتي قد قامت بخلق جيل جديد من المتسوقين (اللصوص).
وترجح الدراسة بأن الناس الذين يتصفون عادة بالأمانة يمكن أن يصبحوا فجأة لصوصا حينما يظنون بأنهم يمكن أن يفلتوا من عقاب السرقة، ويمكنهم هنا تقديم أعذار سريعة؛ مثل أن الخطأ من الماكينة التي لم تحسب السلعة وأنهم «عملوا اللي عليهم» ومرروها على (السكانر). والمحصلة النهائية من الدراسة التي أجرتها جامعة ليستر استنتجت بأن خسائر السوبرماركتات تصل الى «أكثر من الضعف» وبالضبط تصل إلى 122% أكثر من العادة وذلك عند استخدام تكنولوجية الدفع الذاتي!.
والمثير في الموضوع هو أنني حينما قرأت الخبر على النت، قرأت تحته في مساحة نقاش القراء تعليقات مثيرة، فكتب أحدهم قائلا: «السوبرماركتات الكبيرة تستنزف أموال الناس باستمرار ولن يضرها فقد عائد سلعتين أو ثلاث، ولذا أقوم كل أسبوع (بتمثيل) أنني أمرر سلعة على (السكانر) وآخذها مجانا لمكافأة نفسي وأعود للبيت مهنئا نفسي على ذكائي وانتصاري على جشع التجار». بينما يقول تعليق آخر: «أتناسى -قصدا- تمرير بعض السلع، وحينما نجحت معي المحاولة، صارت عادة ولا يؤنبني ضميري عليها، فقد عشنا سنوات طويلة ندفع في سلع السوبرماركت أكثر مما تستحق، فأنا أستعيد بعض حقي منهم». وبحسب دراسة جامعة ليستر «ينسى» بعض المتسوقين تمرير ما يقارب 10% من مشترياتهم.
والمخيف في الموضوع هو أن الكثير ممن اعترفوا بالسرقات -عند تجميع الداتا للقيام بالدراسة- هم ممن لم يسبق لهم سرقة أي شيء قبلها. وتكمن العقدة في صعوبة معرفة دوافع المشتري، فبعض الناس فعلا لا يقصد السرقة ولكنه لا يملك المعرفة الكافية في التكنولوجيا، خاصة في حالات استخدام التكنولوجيا المتقدمة في بعض المحلات التي يستخدم فيها المشتري (السمارت فون) خاصته لتمريره على السلع كسكانر والدفع بنفس الوقت. وبعض الناس فعلا يكون مشغول البال فلا يمرر كل سلعة يضعها في سلته على (السمارت فون) أو في ماكينة الدفع الذاتي لدفع ثمنها. وهؤلاء الأبرياء ينحرجون جدا حينما تصدح مكبرات الصوت في ماكينة الدفع الذاتي قائلة: «لديك سلعة غير متوقعة» إشارة لمرور سلعة دون دفع.
ويصرخ آخرون قائلون بشماتة: «هذا درس ممتاز للسوبرماركتات الجشعة التي سرحت آلاف الموظفين ونكبت آلاف الأسر بغرض التوفير».
بينما قرأت أحد الأصوات اليمينية المتطرفة تعلق: «تستقبل بريطانيا آلاف اللاجئين من اللصوص ومحترفي الجرائم، فهل تتوقع من هؤلاء الدفع لسلعهم؟»، ويهاجم أحدهم أنجيلا ميركل بسبب سياسة فتح الأبواب للاجئين وانتشارهم بأوروبا ويؤيد فرحا قرار البريكزيت الذكي بالنسبة له قبل أن تفسد بريطانيا للأبد.
ما الذي حدث في العالم؟ أتذكر جيدا في بعض دول أوروبا كنا نمر على بعض المزارع فنرى طاولة مليئة بالفواكه في سلال صغيرة وعليها أسعارها، ولم يحرسها أحد أبدا، وكان الناس يمرون ويدفعون لسلعهم ولا يسرق أحد لا الفواكه ولا الأموال الموضوعة بوضوح في سلة أخرى. ونحن في العالم العربي نضرب الأمثلة ونروي القصص التاريخية في الأمانة والضمير وغيره، لكننا اليوم نرى من يأكلون ويشربون في السوبرماركت ولايدفعون لذلك. يظهر أن انعدام الأمانة ظاهرة من ظواهر العولمة. وصدق إحسان عبد القدوس الذي كتب: «يا عزيزي كلنا لصوص».
20:49 | 11-08-2016
الحياة تبدأ بعد الستين
في صغري كنت عادة أقضي إجازة الصيف بمدرسة داخلية بمدينة لوزان السويسرية. وهناك تعرفت على إحدى المعلمات الكنديات وتوطدت علاقتنا وظللنا أصدقاء رغم فارق العمر الشاسع ورغم انقضاء السنوات، فهي من الشخصيات الفرفوشة التي لا تشعرك بأنها من جيل آخر ولدينا الكثير من الاهتمامات المشتركة. وكنا نتراسل بالبريد ثم أصبحنا نتراسل بالإيميل وكنت كلما أذهب إلى سويسرا أحرص على رؤيتها ولو لشرب كوب قهوة فهي من الأشخاص الإيجايبين والمسلين جدا.
وكنت كل مرة أراها أتحسر على السيدات المتقدمات بالعمر لدينا. فصديقتي هذه الآن على الأقل في نهايات الستينات أو بدايات السبعينات من عمرها، تأتي لرؤيتي على دراجة رياضية، بملابس جميلة زاهية وحذاء رياضي وكل مرة أراها أجدها تمارس هواية جديدة أو تتعلم شيئاُ جديداً أو لديها أصدقاء جدد. حياتها عبارة عن كرنفال ألوان وآكشن ماشاء الله فهي لا تتوقف عن الضحك والحركة والتمتع بالحياة. نجلس سويا لتتحدث معي عن آخر رحلاتها وتريني صورها: مرة على ظهر فيل في سيريلانكا، ومرة على قمم الهملايا، ومرة مدفونة في الرمل إلى رأسها في رمال الموريشيوس. تحدثها في أي مجال فتجدها ملمة به أو مهتمة به: من أخبار عالمية إلى آخر الكتب إلى الفنون إلى الهوايات. تريني صور حفلاتها وأعمالها الفنية ومشاركاتها الإنسانية مع جمعيات الأيتام حول العالم في الهند ونيبال وتخيط الثياب لأيتام العالم الثالث، تهتم بحديقتها وتحدثني بحماس عن آخر الأزهار التي حاولت زراعتها وكيف أنها اضطرت لحمل كيس تراب مخصوص على ظهرها لتغذية زهراتها العزيزات. وحينما نلتقي نتقاسم أنا وهي أحيانا قطعة جاتوه واحدة فهي تحرص جداً على وزنها وتقول لي إنها دائما تقوم من الطاولة وهي مازالت جائعة لأن أكثر شيء يخيفها هو السمنة والأمراض. لم تعمل عملية تجميل واحدة وإنما تهتم بنفسها وتؤمن بأنها يجب أن تتقبل التجاعيد والشعر الأبيض في كبرها مثلما تقبلت حب الشباب في مراهقتها.
لم أسمعها ربما أبداً تشكو من المرض رغم أنها تعاني من بعض الاضطرابات الصحية، ولا تشكو من المادة رغم أنها تعيش على التقاعد، ولكنني أكاد أجزم بأن نظرتها المتفائلة للدنيا سبب سعادتها وصحتها. لديها أصدقاء من كافة أصقاع العالم، فتريني حقيبتها المطبوعة بأزهار التيوليب وتقول لي هذه من صديقتي الهولندية، وبالمناسبة لو تريدين زيارة هولندا فيجب أن تقابليها ولو ذهبت إلى بلجيكا سأعطيك عنوان صديقة أخرى ولديها أخت في اليابان زرتها أيضا ولديهم أصدقاء رائعون في أمريكا الجنوبية وهم من أصل لبناني وأكلت لديهم أطيب تبولة وألذ حمص، ومن خلالهم تعرفت على أصدقاء آخرين زرتهم في أستراليا ولهم أقارب بأفريقيا الجنوبية ودعوني لبيتهم وأنت تعرفين أنني لا أبالي أن أنام على صوفا في منزل أصدقائي فالمهم عندي المرح والرفقة الطيبة.
وأذكر جيدا ذات مرة حينما قابلت هذه الصديقة في كافيه وتحدثنا لمدة ساعتين جميلتين من الزمن، أشعرتني خلالها بأن الحياة «بمبي» خرجت وأنا منشرحة أغني لإديث بياف «لا في آن روز» وإذا بي أقابل في نفس الكافيه صديقة لي ووالدتها قادمتين من ربوع بلادي، فدعتاني للجلوس فجلست وأنا في حالة النيرفانا تلك، وسرعان ما عالجتني والدة صديقتي (وهي بالمناسبة أصغر من صديقتي الكندية سناً) بأخبارها:
«ركبي توجعني، ومفاصلي ملتهبة، وشغالتي كسلانة معذبتني، واللي تطبخ هربت، ويوم قررنا نسافر ونغير جو ضربت مواسير الماء ببيتنا وغرق الدور الأرضي، وأول ما وصلنا المطار انسرقت شنطتي، وبعدها أسمع خبر أختي اللي كسرت حوضها ودخلت المستشفى، وابن خالي انصدم بالسيارة وفي العناية المركزة، وأكلت سمك وثارت علي الحساسية. أكيد أكيد أحد «ضاربنا عين» على سفرتنا هذه! ما هم عارفين إنني يادوب بأمشي بالدف، غير ضرسي المتورم اللي لازم أخلعه»، ولم تتردد لحظة في فتح فمها كاملا واسعا وتركه مفتوحا لفترة كافية تأكدت خلالها أنني رأيت بأم عيني ضرسها المضروب.
خرجت مهرولة وأنا أقارن بين هذه النظرة للحياة وتلك، ولكن ماذا أقول؟ إنه اختلاف ثقافات لا أكثر!
21:13 | 4-08-2016
أمك ثم أمك .. ثم الحقيقة التي تغمك
انتقل زوج إحدى صديقاتي العربيات للعمل ببلد خليجي ملاصق. وترك زوجته وأطفاله ببلدهم إلى أن ينهي أوراق إقاماتهم. وعندما تقدم لطلب إقامات لأطفاله بالبلد الخليجي الملاصق، سألوه: «أين الأم؟» فقال لهم إنها مع الأطفال خارج البلد. فكانت الإجابة: «يجب أن تحضر الأم بنفسها وتوافق على منحك حق إصدار إقامات لأبنائك باسمك، فهي شريكة لك في الولاية الشرعية على هؤلاء الأطفال. والآن وهم صغار، هي في الحقيقة أولى منك بالوصاية عليهم».
حاول الأب أن يشرح لهم الموقف ولكن لم تختلف الإجابة. قالوا له بحزم: «لا يمكن قانونيا أن نمنحك حق نقل أبنائك من بلدك إلى بلدنا دون موافقة أمهم؟ فكيف نضمن أنك لم تهربهم أو تخطفهم؟ ولو وافقنا أن نعطي هذه الحالات إقامة لأبنائهم لسهلنا عملية تهريب الأطفال في ظروف أسرية معينة عند اختلاف الأب والأم - والاستثناء الوحيد الذي نقبله هو أن يكون لك صك ولاية شرعية صادر من المحكمة ينص على أنك الولي الشرعي الوحيد عليهم بموجب قرار من القاضي».
حاول هذا الأب مرارا وتكرارا وكانت الإجابة واحدة وحاسمة. مما اضطر الأم لمغادرة بلدها للحضور شخصيا للبدء في إجراءات إقامات أبنائها مع الأب فموافقتهما هما الاثنان ضرورية وبدون ذلك لا تتم المعاملة.
انتهت القصة.
وأخذت أقلبها في دماغي ببطء شديد وحسرة كبيرة وأنا أتذكر عشرات القصص المؤلمة لأمهات حولنا. تحمل وتلد وتربي وحينما «يغضب» عليها زوجها لا يرميها فقط بإهمال كما ترمى فرشاة الأسنان القديمة بل وأهم ما يحرص عليه هو «حرق قلبها» وكلنا نعرف كيف؟ كيف يا ترى؟ طبعا باستخدام الورقة الرابحة: الأطفال! فيأخذهم منها أحيانا ليس حبا وطربا بل لؤما وجكرا. والجميل أن الموضوع يمكن أن يمر بكل سلام ولا يعترض طريق الأب أحد. وأعرف حالات انتزع الأب فيها أبناءه بالقوة من الأم فقط ليحرق قلبها - وترك الأبناء يعيشون في شقة وحدهم مع الخادمات لأن زوجته الجديدة لا تريدهم. فهل من معترض؟ ترى هذه الأعاجيب ولو أنك شاطر اتكلم. من سيرد عليك؟ الرعاية الاجتماعية التي تضمن حق الأطفال ؟ أو القانون الذي يصف مع الأم؟
أعرف شخصيا أما حرمها زوجها من رؤية أبنائها فأصبحت تضطر أن تقف بالشارع لترى أبناءها الأولاد عند خروجهم من المدرسة. وأما ابنتها فلكي تراها كانت تضطر أن تذهب إلى المدرسة لتراها. وبعد جهد جهيد وافقت المديرة بضغط من المشرفة الاجتماعية على السماح للأم بزيارة ابنتها خلال الفسحة المدرسية. وحينما رأت «قريبة الأب» الأم تزور ابنتها بالمدرسة قامت «بعمل الواجب» وتبليغ الأب الذي هدد المديرة وتوعدها فخافت تلك الأخرى ومنعت الأم من الزيارة!
وهكذا أصدقائي، نفهم درس اليوم: حينما لا يكون الزوج أو المطلِّق ذا إحسان وشرف وأخلاق، وحينما يقرر أن يهين المرأة ويعذبها ويحرمها من حق رؤية أبنائها - تتكالب الظروف كلها ضدها وتجتمع كل الأطراف لسحقها حتى المؤسسات الأكاديمية التي في صميم عملها التعليم والتربية والرعاية النفسية والاجتماعية للطلاب - فرضا.
منذ صغرنا ونحن نردد في المدارس المقطع المعروف من الحديث الذي يؤكد تعظيم حق الأم: «أمك ثم أمك ثم أمك» ولكن واقع الحال المخزي والمحزن جعلنا في الحقيقة لا نرى للأم أحيانا لا تقديرا ولا احتراما ولا قيمة.
20:54 | 28-07-2016
لم يكن مسلماً
«لم يكن مسلما على الإطلاق فقد كان يتعاطى المخدرات ويتناول لحم الخنزير ويضرب زوجته ولم يذهب يوما إلى المسجد». وصفت هذه الأسطر القليلة «محمد لحويج بو هلال» إرهابي نيس، والذي وصفه هنا هو قريب زوجته «المضروبة» معددا بعض مخالفاته الصريحة للإسلام.
وفي غضون أيام قليلة سمع المجتمع العالمي عن هجمات إرهاب متعددة بأماكن متفرقة من العالم وقارات مختلفة ولا يجمع بينها للأسف إلا اسم «الإسلام» الذي هو بريء منها ومن مرتكبيها. فمن أرض بين النهرين، لملتقى أوروبا بآسيا، للأرض المقدسة بنخيلها المسالم ومثوى نبينا الكريم، لنخيل آخر بشواطئ نيس الفرنسية، مساحات شاسعة وخلفيات متباينة بين أماكن مرح أو عبادة أو سفر أو معيشة، متباعدة لو نظرنا لجوجل مابس، ولكن لغة الإرهاب قربتها وأصبحت اللغة العالمية الجديدة ذات الهوية التي للأسف تلتصق بالإسلام والمسلمين.
ولكن لنضع أنفسنا بمكان أي شخص بالعالم، شخص لا يعرفنا ولا يعرف شيئا عن ثقافتنا إلا عن طريق الإعلام، فماذا سيكون شعور ذلك الشخص حينما يقرأ ويسمع ويشاهد بتكرار ارتباط اسم الإسلام بهذه الجرائم.
والشيء الذي يغيظ أنه بمجرد انطلاق خبر انفجار نيس المفخخ قالت إحدى الفرنسيات من صديقاتي: «الآن طبعا سنقرأ أن اسمه محمد أو عبدالله» ويا ليتني صمت حينما قالت ذلك ولم أدافع وأتهم رد فعلها بالعنصرية ففي اليوم التالي مباشرة قرأت خبر اكتشاف المنفذ واحزروا ماذا كان اسمه؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله شيء محزن ومخزٍ. «وخير تعمل شر تلقى» فهذا الإرهابي هاجر لفرنسا التي احتضنته وقدمت له الكثير ثم عض اليد التي مدت له.
الآن فهمت لم قالت لي صديقة مسلمة تعيش في أوروبا إنها تحرص على اختيار أسماء بعيدة عن الهوية الدينية لئلا يؤذى أطفالها في المدارس. فأسمتهم خالد وكريم بدلا من محمد وعبدالله مثلا. فبالنسبة لها أسماء محايدة ستنقذهم من عنصريات تربط الإسلام بالإرهاب.
ومهما يكن رأينا في هذا الموضوع فلا نملك إلا التسليم بالواقع.
ولو فكرنا في كلام صديقتي الفرنسية الحانقة فلنعترف بشيء بيننا الآن: فكم من شخص عربي أو عائلة عربية هاجرت للغرب ووجدت هناك تسهيلات لم تحلم بها في بلدها الأم: من تعليم وسكن وعلاج وترفيه وعمل وحياة. ترك البعض أحوالا معيشية قاسية ليهاجر ويفتح صفحة جديدة من الأمل. فوجد بلدانا فتحت له أذرعها وقاسم أهلها خيرات ميزانيات التعليم والصحة والتنمية والبنية التحتية والتكنولوجيا والمواصلات والعمل وغير ذلك من المزايا، في دول تحترم آدمية الإنسان وحريته وتكافئ المجد وتساعد المتميز، ثم بعد أن نما ريشه قليلا نسي تاريخه وماضيه الضنك وبدأ يتذمر وينتقد نظام الدول التي استقبلته ويقوض أمنها ويفجر أهلها ومرافقها ويفسد فيها ويسفك الدماء.
اختيار العيد الوطني الفرنسي في 14 يوليو وهو ذكرى مهمة لكل الفرنسيين بشعارات المساواة والحرية والأخوة، جعل الحادث الصادم أكثر استفزازا فهو يوم يتجمع فيه الناس من فرنسيين وغيرهم لمشاهدة الألعاب النارية والاحتفالات بذكرى الهجوم على سجن الباستيل والثورة الفرنسية. أما الآن فللأسف سيصبح هذا التاريخ بأذهان كل من فقد عزيزا عليه في هذا الهجوم ذكرى تؤكد الكليشيه الذي قرفنا منه، بأننا كمسلمين برابرة إرهابيون دمويون غادرون.
20:17 | 21-07-2016
اقرأ المزيد