أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1706.jpg&w=220&q=100&f=webp

منى الدحداح

الفصل السابع.. وحلٌّ بقيادة سعودية لسلام لبنان

يرى الكثير من اللبنانيين أن الشعب اللبناني قد تعب من الفساد المستشري، الذي أكل مؤسسات الدولة من الداخل، سلاحٌ خارج الشرعية عطّل سيادتها وقراراتها، وحروبٌ متلاحقة دفعت بالأجيال إلى الهجرة واليأس. بات اللبنانيون اليوم يقفون على حافة الانهيار الكامل، بعدما فقدوا الثقة بالطبقة السياسية وبقدرة الداخل على إنقاذ ما تبقى من وطن أنهكته الصراعات.

لقد آن الأوان للاعتراف بالحقيقة كما هي: الشعب اللبناني تعب؛ تعب من الفوضى، من انهيار الاقتصاد، من غياب الدولة، ومن كل من يجرّه إلى صراعات لا تشبهه ولا تُعبّر عن تطلعاته في العيش الكريم والحرية والازدهار. وفي ظل هذا العجز الداخلي، تتزايد الأصوات المطالِبة بتدخّل دولي مُنظَّم يضع لبنان على مسار الإنقاذ الحقيقي.

من هنا تبرز دعوة شريحة واسعة من اللبنانيين إلى وضع لبنان تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بما يضمن حماية الشعب، وتثبيت السلم الأهلي، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس من الشفافية والحوكمة والاستقلالية عن أي سلاح أو نفوذ خارجي. فالفصل السابع، رغم صعوبته، قد يكون الخيار الوحيد القادر على إنهاء الفوضى وإعادة فرض سلطة الدولة كاملة على أراضيها.

وفي هذا السياق، يرى كثيرون أنّ وجود قوات دولية بمرجعية عربية واضحة يمكن أن يمنح هذا التدخّل بعداً أكثر قبولاً لدى اللبنانيين. وهنا تبرز المملكة العربية السعودية، بقيادة ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، قوة سلام واستقرار في المنطقة، أثبتت خلال السنوات الماضية أنّ رؤيتها ترتكز على التنمية، ومحاربة الفساد، واحترام سيادة الدول، دون أطماع استعمارية أو هيمنة، قد يمثّل خياراً يؤمل منه أن يحقق التهدئة ويضمن احترام سيادة لبنان ووحدته.

إنّ رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى نشر نموذج الاستقرار والتنمية في المنطقة، قد تشكّل فرصة تاريخية للبنان للخروج من أزمته، بدلاً من اللجوء للحروب، وذلك من خلال قوة دبلوماسية وعسكرية معتدلة ومسؤولة.

تطبيق هذه الرؤية في لبنان من خلال قيادة قوات دولية لم تكن طموحاً بعيداً، بل يمكن أن تكون خطوة استراتيجية نحو استعادة الأمن والاستقرار في بلد يعاني من الفوضى والانسداد السياسي. فالسعودية، برؤيتها القائمة على دعم السلام والازدهار، يمكن أن تساعد لبنان في نزع سلاح المليشيات، مكافحة الفساد، وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الحكم الرشيد.

إضافة إلى ذلك، الدعم السعودي للبنان يمكن أن يشمل مشروعات تنموية لتحسين الاقتصاد وخلق فرص عمل، حيث تركّز الرؤية السعودية على الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل السياحة، الطاقة المتجدّدة، والخدمات، ما يوفر نموذجاً قابلاً للتكيّف في لبنان لمواجهة أزماته الاقتصادية والاجتماعية.

في الأخير، الشعب اللبناني يريد أن يرى بلاده تعود إلى عهد السلام والتنمية بعيداً عن الأزمات المزمنة. وهذا يتطلب قبولاً بمبادرات دولية جذرية من قبيل إدراج لبنان تحت الفصل السابع ووجود قوات دولية برئاسة المملكة العربية السعودية التي يسعى ولي عهدها للسلام والاستقرار والازدهار، بعيداً عن الصراعات والحروب في جميع الدول دون أي أطماع.

00:26 | 28-11-2025

السياسة السعودية.. الموقف الرسمي فقط..!

في الآونة الأخيرة، شهدت الساحة الإعلامية والسياسية تداولاً واسعاً لتصريحات وتغريدات تؤكد بأن السياسة السعودية تجاه حزب الله وسلاحه قد تغيّرت وحتماً أن هذه التغريدات الفردية لا تمثّل توجه المملكة العربية السعودية ولا تمثّل أي سياسي سعودي، وأن السياسة السعودية لا يُمثّلها سوى المسؤولين الرسميين المعتمدين من قبل الدولة.

حيث إن السعودية دولة مؤسساتية عريقة في تنظيم عملها السياسي والدبلوماسي، حيث تتولى القيادة العليا للمملكة، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، والوزارات المختصة وعلى رأسها وزارة الخارجية، رسم السياسة الخارجية والإقليمية بناءً على مصلحة المملكة العليا ومبادئها الثابتة.

التصريحات الفردية التي قد يصدرها أشخاص لا تعبّر بالضرورة عن مواقف المملكة الرسمية. هذه الآراء الذاتية لا تعكس السياسات المعتمدة ولا الاتجاهات الرسمية التي تتبناها الدولة في التعامل مع مختلف القضايا، وخاصة الحسّاسة منها كملف حزب الله في لبنان.

السياسة السعودية تجاه حزب الله وسلاحه واضحة وثابتة وتعتمد على المبادئ التي تم التأكيد عليها في اتفاق الطائف. فقد أشارت المملكة منذ بداية الأزمة اللبنانية إلى ضرورة التزام الدولة اللبنانية بسيادتها على كامل أراضيها، ورفض السياسات التي تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، بما في ذلك استخدام السلاح خارج إطار الدولة. اتفاق الطائف يُعتبر المرجعية الأساسية التي تؤكد ضرورة نزع سلاح المليشيات والالتزام بالدولة كونه الضامن الوحيد لسلطة القانون. وفي هذا السياق، توضح السياسة السعودية موقفها الثابت بضرورة احترام سيادة لبنان وعدم السماح لأي طرف بتحدي هذا المبدأ، مع التأكيد على دعم الحوار الوطني والنهج الرسمي اللبناني الذي يحترم هذا الاتفاق.

يُضاف إلى ذلك أن بعض الإعلام اللبناني يركّز بشكل ملحوظ على هذه التصريحات والتغريدات، مما يسهم في زيادة الالتباس لدى الجمهور اللبناني ويخلق تصوّراً خاطئاً عن تحوّلات في الموقف السعودي. وهذا يفرض مسؤولية إضافية على الفاعلين الإعلاميين والسياسيين لتفكيك هذا الالتباس والتمييز بوضوح بين المواقف الرسمية والتصريحات الشخصية والتفاهم الصحيح لهذه الفروق يعزز من الثقة بين الشعبين اللبناني والسعودي ويؤكد حرص المملكة على استقرار لبنان وازدهاره دون أن يكون هناك أي تغيير في المبادئ التي تحكم سياساتها.

إن الاعتقاد بأن مواقف شخصية لفرد معيّن، مهما كان مؤثراً، يمكنها أن تعبّر عن سياسة دولة، هو حكم خاطئ. السياسة السعودية تسير وفق خطة واضحة موحدة، وتُعلن عنها من خلال قنواتها الرسمية التي لا تحتمل اللبس أو التفسير الخاطئ. هذا الوضوح يعزز دور المملكة كركيزة أساسية للسلام والاستقرار في المنطقة، ويوضح أن الحديث عن السياسة السعودية يحتاج إلى العودة إلى مصادرها الرسمية وعدم الاكتفاء بالآراء والتصريحات الفردية التي قد تضفي بُعداً شخصياً لا يعبر عن حقيقة المواقف.

00:01 | 4-11-2025

السعودية ودورها في توحيد الموقف السنّي في لبنان..!

لطالما شكّلت المملكة العربية السعودية أحد أبرز الداعمين للبنان في مختلف المراحل السياسية والاقتصادية، مستندةً إلى روابط تاريخية وثقافية عميقة مع الشعب اللبناني. ويبرز دورها بشكل خاص في دعم الطائفة السنّية التي تربطها بالمملكة علاقات وثيقة قائمة على القيم المشتركة والاعتدال الديني والسياسي. ومع تفاقم الأزمات السياسية في لبنان، برزت جهود المملكة لتوحيد الموقف السنّي والحفاظ على دوره الوطني ضمن الصيغة اللبنانية القائمة على التوازن والتعايش.

المملكة العربية السعودية تلعب دورًا محوريًا وجهودًا بارزة في تهدئة الأوضاع السياسية في لبنان، مع اهتمام خاص بالتهيئة لحوار وطني بين جميع الفرقاء السياسيين، وبالأخص بين السياسيين السنّة في لبنان. يرتكز الدور السعودي في هذا السياق على تحفيز تيارات سياسية سنّية لبنانية على التعاون والابتعاد عن التأثيرات التي قد تزيد من الانقسامات، مع دعم تحالفات سياسية تعزز من الاستقرار الوطني.

تأتي هذه الجهود ضمن إستراتيجية سعودية شاملة تتمثل في دفع السياسيين السنّة نحو تكوين تحالفات تدعم الاستقرار وتمثّل مصالح الطائفة بطريقة توازن القوى في لبنان، بعيدًا عن تدخلات خارجية أو هيمنة غير دستورية، مع التشديد على تطبيق اتفاق الطائف وحصر السلاح بيد الدولة. السعودية أيضًا تؤكد أهمية استمرار التنسيق مع لبنان في القضايا الإقليمية والدولية، وتدعو إلى ضبط أي مواقف سياسية تؤدي إلى تأزيم الوضع اللبناني. هذه الجهود السعودية تشمل دعم السلطات اللبنانية في مواجهة محاولات العبث بأمن المواطنين، وتعزيز التعاون بين القوى السياسية داخل لبنان لإقامة بيئة سياسية مستقرة وآمنة.

تسعى الرياض بهدوء ودون ضجيج إعلامي إلى رأب الصدع داخل البيت السنّي من خلال تشجيع الحوار، واستقبال الشخصيات اللبنانية في المملكة، ودعم المبادرات التي تعيد ترتيب العلاقة بين القيادات السياسية والدينية. وهي تحاول من خلال ذلك إعادة التوازن إلى الساحة اللبنانية، لأن غياب الصوت السنّي الموحد أضعف حضور الطائفة في المعادلة الوطنية وفتح المجال أمام قوى أخرى لتملأ الفراغ.

كما تولي السعودية اهتمامًا خاصًا بدار الفتوى في بيروت، باعتبارها المرجعية الجامعة لكل المسلمين السنّة في لبنان، وتشجع على الالتفاف حولها بعيدًا عن الصراعات السياسية الضيقة. فالمملكة تدرك أن استقرار لبنان يبدأ من وحدة مكوّناته، وأن الطائفة السنّية المعتدلة تشكّل عنصر توازن ضروري في مواجهة التطرف والانقسام.

إن الدور السعودي يبقى أساسيًا في حماية التوازن اللبناني، وفي دعم أي مبادرة تصب في مصلحة الدولة ومؤسساتها. فالسعودية لا تبحث عن نفوذ بقدر ما تسعى إلى استقرار بلد عربي شقيق، له مكانة خاصة في وجدانها وتاريخه المشترك معها.

من الواضح أن المملكة العربية السعودية تتحرك اليوم في لبنان بدافع الحرص أكثر من الطموح، وبأسلوب يختلف عن المراحل السابقة، حيث يتركز الجهد على إعادة بناء الثقة داخل الطائفة السنّية ومن ثم داخل الدولة اللبنانية ككل. هذه المقاربة الهادئة والعقلانية قد تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ التوازن السياسي في لبنان، شرط أن تجد تجاوبًا حقيقيًا من الداخل اللبناني، بعيدًا عن الحسابات الضيقة. فالمملكة تفتح الباب، لكن مسؤولية العبور تبقى على اللبنانيين أنفسهم.

00:04 | 24-10-2025

الأحزاب اللبنانية بين الأزمة والإصلاح..!

تُسجل الأحزاب في لبنان تحت إطار «الجمعيات»، وليس بموجب قانون خاص بالأحزاب، حيث يُطبق عليها قانون الجمعيات العثماني الصادر عام 1909. ينظم هذا القانون تأسيس الجمعيات، بما في ذلك الأحزاب السياسية، ويشترط على هذه الكيانات تقديم «العلم والخبر» للحكومة، مما يعني إعلامها بتأسيسها. إلا أن هذا القانون لا يمنح تراخيص بمفهومها الحديث، مما يضع الأحزاب في وضع قانوني غير واضح.

تعتبر معظم الأحزاب اللبنانية مسجلة كجمعيات سياسية وفقًا لهذا القانون القديم، مما يخلق حالة من الغموض القانوني ويعوق تطوّر العمل السياسي. فالقانون لا يتماشى مع التشريعات الحديثة التي تتطلب الشفافية المالية ومصادر التمويل. بالإضافة إلى ذلك، تنشط العديد من الأحزاب دون وجود أوراق رسمية معروفة، مما يعرضها لاحتمالية اعتبارها جمعيات سرية إذا لم تلتزم بالتسجيل والإفصاح الدوري عن الموازنة وأسماء الأعضاء.

مرّ لبنان بتجارب مريرة من الحروب الأهلية التي مزّقت نسيجه الوطني وألحقت به أضرارًا كبيرة على مستويي المجتمع والدولة. خلال هذه النزاعات، لعبت الأحزاب السياسية الفاعلة دورًا مركزيًا، حيث كانت جزءًا من الأزمة بدلاً من أن تكون جزءًا من الحل. بعد انتهاء هذه الحروب، تم التوصل إلى اتفاق الطائف في عام 1989، الذي كان يُفترض أن يمثل بداية حقيقية لإنهاء الصراعات الداخلية وتنظيم عملية حكم أكثر شفافية ونزاهة. لكن، وللأسف، لم تُنفذ بنود هذا الاتفاق بشكل كامل حتى اليوم بسبب تواطؤ الأحزاب السياسية التي ما زالت تضع مصالحها الحزبية فوق مصلحة الوطن.

تتشارك هذه الأحزاب في تقاسم السلطة، حيث تملك تأثيرًا مباشرًا على رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي. هذه السيطرة الحزبية المتبادلة أدّت إلى توزيع المناصب والقرارات بعيدًا عن مصالح الشعب، مما أعاق إجراء الإصلاحات الضرورية لإنقاذ لبنان من أزماته العميقة. إن استمرار هذه الأحزاب في حكم لبنان من خلال تقسيم المناصب وتحصيل المصالح الضيقة يمنع البلاد من تحقيق الاستقرار والتنمية.

تتداخل أدوار الأحزاب مع الدولة نفسها، حيث تتولى تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين مثل التوظيف، والتعليم، والرعاية الصحية. هذا الوضع يجعل المواطن تحت رحمتها ويزيد من تبعيته لهذه الأحزاب، مما يعزز من نفوذها ويقوي سيطرتها. من خلال هذا الدور، تفرض الأحزاب نفسها وتوجه قرارات الدولة، وتقترح سياسات تخدم مصالحها، مما يعزز من وجودها على الساحة السياسية.

لذا، يُعتبر من الضروري أن تتخذ الدولة قرارًا جريئًا بحل هذه الأحزاب وإعادة تشكيلها، مع إقرار قانون جديد يحدد معايير واضحة للتمويل والشفافية والمساءلة. هذا القانون يجب أن يضمن أن تعمل الأحزاب بما يتماشى مع متطلبات العصر. إن إعادة بناء المشهد السياسي على أسس جديدة، تضمن مشاركة حقيقية للشعب وترسّخ دولة القانون والمؤسسات، هي خطوة حاسمة لا بد منها.

إن إعادة بناء نظام سياسي جديد ومعالمه واضحة تُعد السبيل الوحيد لإحياء الحياة السياسية وضمان مستقبل أفضل للبنان وشعبه، كما تمثّل خطوة أساسية لإنقاذ البلاد من أزمتها المستمرة.
00:03 | 3-10-2025

شيعة لبنان ليسوا «حزب وأمل» فقط..!

من الخطأ الوقوع في تبسيط مجتمع كامل عبر حصره في حزبين أو قائمتين سياسيتين فقط، كما هو الحال مع الطائفة الشيعية في لبنان التي يختزل كثيرون وجودها في حزب الله وحركة أمل.

في الحقيقة، هناك نسبة كبيرة من الشيعة تعبّر عن رفضها وتباعدها عن هذين الحزبين اللذين يسيطران على المشهد السياسي الشيعي منذ عقود. هذا الرفض لا يعني بالضرورة تقليلاً من دورهما أو تأثيرهما، لكن ما يؤكد وجود هذا الانقسام هو المشاركة المحدودة والانتقادات المتزايدة ضد هذه القوى، خصوصاً في الأحداث السياسية والاجتماعية الأخيرة.

أبرز دليل على ذلك كان في انتفاضة 17 تشرين الأول ٢٠١٩، حيث برزت خارطة جديدة لمطالب أهلية وشعبية كانت مناهضة للطريقة التقليدية في الحكم والسيطرة السياسية، وشهدنا مشاركة عدد كبير من الشباب والقطاعات الشيعية الذين عبّروا عن رفضهم للاحتكار السياسي والإقصاء الذي تفرضه هذه القوى. كما أن معدلات المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية التي حصلت مؤخرًا، لطالما كانت مؤشرًا واضحًا على حالة الاستياء وعدم الرضا، حيث اختار كثير من الشيعة عدم التصويت أو الانسحاب من العملية الانتخابية احتجاجًا على واقع الفساد والمحسوبية.

لا يمكن تجاهل الانتهاكات السياسية التي تعرّض لها معارضو الحزبين، والتي بلغت ذروتها في اغتيالات سياسية كان من أبرزها اغتيال الناشط لقمان سليم، الذي كان صوتًا معارضًا ومطالبًا بالشفافية والعدالة في لبنان. هذه الجرائم رسالة واضحة بأن الطريق نحو التغيير السياسي خارج سلطة هذه الحركات ليس سهلاً، وأن هناك محاولات ممنهجة لقمع أي صوت يخالف توجهات السلطة القائمة.

بالإضافة إلى ذلك، يُمنع أو يُعيق كثيرًا استعمال الميغا سنتر وآليات التصويت المتقدمة في الانتخابات البلدية والنيابية، ما يحد من شفافية ونزاهة العملية الانتخابية ويؤثرعلى تمثيل الكتل المعارضة. كما يتم عمدًا عدم إفساح المجال الكافي للمغتربين في الخارج للمشاركة بالتصويت في هذين الاستحقاقين.

من جهة أخرى، تشهد البيئة الشيعية هجرة واسعة النطاق، حيث غادر وهاجر العديد من أبناء الطائفة خلال السنوات الماضية بحثًا عن فرص عمل واستقرار أفضل في الخارج، بالإضافة إلى إحساسهم بالإحباط من الوضع القائم وعدم القدرة على التغيير ضمن النظام السياسي الحالي.

من الضروري أيضًا توضيح أن العقيدة الشيعية في لبنان ليست فارسية وليست مرتبطة إلحاقًا بأي هوية قومية أو ثقافية أخرى، بل هي جزء من الهوية الإسلامية اللبنانية العريقة. الشيعة اللبنانيون يجسّدون تقليدًا إسلاميًا أصيلاً يمتد عبر التاريخ، ويحتفظون بتنوعهم الثقافي والاجتماعي المحلي بعيدًا عن التعميمات التي تربطهم بثقافات أو أجندات خارجية بشكل مطلق.

الشيعة في لبنان هم أكثر من حزب الله وأمل فقط؛ توجد حركات مجتمع مدني وشخصيات سياسية مستقلة تنشط ضمن البيئة الشيعية، تستقطب اهتمام فئات واسعة من الطائفة.

في الختام، على الدولة اللبنانية أن تسعى لوضع قانون انتخابي عصري وشفّاف يضمن لكل اللبنانيين التعبير عن آرائهم بكل حرية ونزاهة، بعيدًا عن المحاصصة والاحتكار، ليس فقط داخل البيئة الشيعية، بل في كل الطوائف والمناطق، لكي يتحقق التمثيل الحقيقي ويُبنى لبنان على قواعد المشاركة الفعلية والمساواة السياسية.
00:02 | 12-09-2025

واقع حزب الله وأثر سلاحه على لبنان..!

في لبنان، كانت قضية السلاح محور نقاش مستمر وسط الأزمات المتتالية التي ضربت البلاد خلال العقود الماضية. يُفترض أن السلاح يُستخدم لحماية الوطن والدفاع عن سيادته، ولكن المثل القائل: «السلاح عدو صاحبه»، يحمل في طياته حقيقة مؤلمة، لا سيما حين نتمعّن في تجربة «حزب الله» وسلاحه في الواقع اللبناني.

يرفع حزب الله شعار امتلاكه لترسانة عسكرية ضخمة تهدف بحكم التصريحات الرسمية إلى حماية لبنان من التهديدات الخارجية، خصوصاً الإسرائيلية. إلا أن الوقائع أثبتت محدودية هذا السلاح حتى في حماية قادة الحزب أنفسهم. فقد تعرّض الأمين العام حسن نصرالله وعدد من كبار قادة الحزب لمحاولات استهداف وتهديدات متكررة، ولم تكن تلك الترسانة الأمنية قادرة على صدها بشكل كامل كما يُدَّعى. سواء عبر الاعتداءات المباشرة أو الضربات العسكرية، أظهرت التجارب أن هذا السلاح لم يحل دون وقوع انتهاكات بحق قادة الحزب وبيئتهم الحاضنة.

ومن هنا يتجلى السؤال المحوري: إذا كان هذا السلاح يعجز عن حماية من يديرونه ويمثلونه، فكيف يمكن الوثوق بقدرته على حماية الشعب اللبناني بكل مكوّناته، والدفاع عن لبنان كدولة؟ الواقع أن اعتماد لبنان على هذا السلاح كضمانة أمنية ساهم في تعميق الانقسامات الداخلية وزيادة وتعقيد دائرة الصراعات والأزمات، بدلاً من أن يخلق شعوراً بالأمان والوحدة.

وفيما يتعلق بالأراضي اللبنانية المحتلة، مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لم يُشهد يوماً استخدام هذا السلاح لتحرير هذه المناطق التي تعتبرها لبنان أراضي محتلة.

كما أن حرب إسناد غزة التي خاضها حزب الله أدى إلى احتلال 5 تلال جدد من قبل إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، وهي تلة الحمامص وتلة النبي عويضة وجبل بلاط واللبونة والعزية. وهذا يطرح تساؤلات جدية حول فعالية هذا السلاح ودوره الحقيقي في حماية اللبنانيين والدفاع عن سيادة وطنهم.

أما على صعيد الملف البحري، فقد ظهر تنازل واضح من حزب الله في قضية حقل كاريش النفطي. ففي المفاوضات، قبل لبنان ترسيم الحدود البحرية وفق الخط 23 بدلاً من الخط 29 المعتمد من الأمم المتحدة، وهو الخط الذي يمنح لبنان حقوقاً أكثر في هذا الحقل الغني بالغاز. هذا التنازل أتاح لإسرائيل السيطرة الكاملة على حقل كاريش، في حين حصل لبنان على حقل قانا الذي يتطلب لاستخراج موارده موافقة إسرائيل حسب الاتفاق الدولي. هذا المؤشر يعكس تراجعاً واضحاً عن المواقف السابقة التي كانت تؤكد على حماية الحقوق اللبنانية دون تنازل.

وعلى الرغم من التهديدات المتكررة التي أطلقها حزب الله بضرب المنشآت الإسرائيلية في حقل كاريش خلال فترات التوتر، إلا أن هذه التهديدات لم تمنع إسرائيل من مواصلة التنقيب والإنتاج، مما يبرز محدودية قدرة هذا السلاح على حماية سيادة لبنان وأراضيه وحماية مصالحه الوطنية.

إذا كان السلاح الذي يُعلن عنه كأداة لحماية لبنان عاجزاً عن تحرير أراضيه المحتلة، ولا ينجح في حماية حقوقه السيادية، ولم يقِ حدوده من التنازلات التي تسلب جزءاً من ثرواته لصالح العدو، فكيف يمكن أن يكون ضمانة لحماية جميع اللبنانيين؟

بناءً على هذا الواقع، أصبح واضحاً أن هذا السلاح لا يكتفي بعدم حماية صاحبه فحسب، بل صار فعلياً «عدو صاحبه» و«عدو الوطن» والمواطنين. لذلك، على حزب الله أن يُسلم سلاحه للجيش اللبناني قبل نهاية العام الجاري، كما طالبت الحكومة اللبنانية رسمياً استناداً إلى اتفاق الطائف والبيان الوزاري.

الدولة اللبنانية وحدها تتحمّل المسؤولية الحصرية في حماية لبنان وأمنه، ولا بد من أن تكون هي الجهة الوحيدة التي تمتلك السلاح، بعيداً عن أي أدوات أو ميليشيات خارج إطار الدولة، لأن وجود مثل هذه الأسلحة خارج إطار الشرعية يغذي الانقسامات ويؤدي إلى تصاعد الأزمات والتنازلات.
00:02 | 22-08-2025

تلومون المملكة.. وأنتم المذنبون !

في السنوات الأخيرة، تحوّلت أنظار العالم إلى منطقة الشرق الأوسط مع بروز قيادة جديدة وطموحة في المملكة العربية السعودية، حيث يقود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروعاً للإصلاح والنهضة يهدف إلى تحويل المنطقة إلى ما يُشبه «أوروبا الجديدة». وبينما تتعرّض المملكة لانتقادات أو حتى «ملامة» في بعض المسائل، يتضح أن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق قيادات المنطقة التي تتقاعس عن الإصلاح ومكافحة الفساد.

يسعى سمو الأمير محمد بن سلمان لنقل الشرق الأوسط إلى مرحلة جديدة من الحداثة والازدهار، مستلهمًا النماذج الأوروبية في الحكم الرشيد، والاستثمار في الإنسان، والاعتماد العلمي والتكنولوجي.

أطلق سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المملكة تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتحسين بيئة الاستثمار، وتمكين المرأة، والحد من سلطة المؤسسات التقليدية التي تعرقل التنمية.

شنّ حملات غير مسبوقة لمواجهة الفساد المالي والإداري، وطالت شخصيات نافذة في الدولة، وأُعيدت أموال كبيرة إلى الخزينة العامة، ما عزّز الثقة في المسار الإصلاحي.

يطالب الأمير محمد بن سلمان علنًا قادة المنطقة باتخاذ خطوات مماثلة في الإصلاح ومحاربة الفساد، مؤكداً أن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق في ظل الفوضى والفساد والمحسوبيات.

أصبح دعم السعودية ومساعدتها مرهونين بتنفيذ إصلاحات جدية، وليس مجرد وعود أو تغييرات شكلية، سواء في الاقتصاد أو السياسة أو الإدارة.

يبرز لبنان مثالاً واضحًا على هذا المنهج، حيث جعل ولي العهد أي دعم سعودي مشروطًا بتحقيق الإصلاحات الحقيقية، وانطلاق مسار شفاف لمحاربة الفساد.

المملكة العربية السعودية أكدت أنها لن تقدم مساعدات للبنان ما لم تُجرَ إصلاحات حقيقية وجدية على المستويات الاقتصادية والمالية والقضائية، بالإضافة إلى ضرورة حصر السلاح غير الشرعي بيد الدولة فقط ومحاربة الفساد بشكل فعّال ومحاسبة الفاسدين، باعتبار أن السلاح خارج الشرعية يمثل حاجزًا أساسيًا أمام الاستقرار.

هذه الشروط وضعتها السعودية لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه وعدم استغلاله من قبل جهات فاسدة أو مليشيات خارج إطار الدولة، خصوصًا في ظل التدهور الاقتصادي الحاد والفساد المستشري في لبنان. المملكة ترى أن هذه الإصلاحات شرط أساسي لاستقرار لبنان وتنميته، ولتمكينه من استعادة دوره الطبيعي في المنطقة، كما أكد قادة السعودية خلال لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين.

كما حدث داخلياً في المملكة، تلتزم السعودية بتحويل المساعدات ودعم بناء الدول القوية فقط بعد التزامها بالإصلاح الحقيقي وتخطي المعوقات السيادية.

السعودية لا تعارض دعم أي دولة عربية أو مساعدة شعب شقيق، لكنها تصر على أن الأموال لا تضيع في الفساد أو تعزيز المليشيات على حساب الدول.

التقاعس عن الإصلاح واتخاذ المواقف الحاسمة السبب الحقيقي للأزمات المستمرة، وليس موقف المملكة المشروط والداعي لبناء أنظمة رأسمالية مستدامة.

طموح سمو الأمير محمد بن سلمان لجعل الشرق الأوسط أوروبا الجديدة ليس حلماً فردياً، بل رؤية عصرية تتطلب شجاعة في اتخاذ القرارات وتطبيق الإصلاحات. ومن يلوم المملكة عليه أن يدقق في بيته الداخلي أولاً: فعهد الهبات والدعم غير المشروط انتهى، وأصبح مفتاح التنمية هو الجرأة في مواجهة الفساد، وتسليم القرار لقوة الدولة الشرعية لا للمليشيات والفاسدين.
00:09 | 1-08-2025

النداء الأخير.. للبنان

يمر لبنان اليوم بمنعطف تاريخي خطير، وسط تصاعد الضغوط الدولية والعربية عليه، وخصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية. أتت زيارتا المبعوث الأمريكي توم براك، والأمير السعودي يزيد بن فرحان إلى بيروت في هذا السياق الحسّاس، حيث حملا رسائل واضحة حول مستقبل لبنان وشروط الدعم الخارجي.

حمل المبعوث الأمريكي توم براك معه إلى بيروت ورقة أمريكية تتضمن خارطة طريق واضحة لإنهاء الأزمة اللبنانية. أبرز بنود هذه الورقة تتعلق بمصير سلاح «حزب الله» وضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، مقابل وعود بانسحاب إسرائيلي من الجنوب وبدء ورشة إعادة إعمار واسعة. كما تضمنت الورقة ضمانات دولية بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وإطلاق سراح الأسرى، والإفراج عن أموال إعادة الإعمار، بشرط التزام لبنان الكامل بتنفيذ المطالب الأمريكية.

حذّر براك المسؤولين اللبنانيين من أن هذه الفرصة قد لا تتكرر، مشدّدًا على أن المجتمع الدولي لن يدعم إعادة إعمار لبنان ما لم يتم تسليم السلاح للدولة، وأن أي تهاون أو مماطلة في الرد سيؤدي إلى عواقب وخيمة على مستقبل لبنان السياسي والاقتصادي.

تزامنًا مع زيارة براك، حضر الأمير السعودي يزيد بن فرحان إلى بيروت في لحظة سياسية دقيقة. حملت زيارته رسائل دعم مشروط من المملكة العربية السعودية، حيث أكد على ضرورة تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية، والالتزام بمسار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، إضافة إلى معالجة ملف سلاح «حزب الله» وتطبيق اتفاق الطائف بكافة بنوده.

أشارت مصادر سياسية إلى أن السعودية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، تنتظر من لبنان خطوات عملية وجدية، معتبرة أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى وقف أي دعم مالي أو سياسي من الخليج للبنان، ما يعمق عزلته ويزيد من أزماته الداخلية.

واليوم أتى المبعوث الأمريكي توم براك مجدّداً إلى بيروت ليتسلم رد الدولة اللبنانية على الورقة الأمريكية، وبعد اجتماعه مع الرئيس اللبناني جوزيف عون، أعرب براك عن رضاه بأن الاجتماع كان بناءً ومرضيًا، وأكد على تقديره للهجة المتوازنة التي ظهرت في الرد على المطالب الأمريكية. وأشار إلى أن هناك فرصة متاحة، واللبنانيون أكثر من غيرهم قدرةً على اختيار السُبل الأمثل لاستغلالها، معبّرًا عن رضاه التام عن الرد اللبناني. وأضاف أنهم بحاجة إلى فترة للتفكير والتقييم، وعلى لبنان التعلم من دروس اتفاق الطائف، وأنّ الآلية التي كانت موجودة بين لبنان وإسرائيل لم تسر في المسار الصحيح.

فهو يشير هنا إلى أهمية الاستفادة من تجربة اتفاق الطائف كوثيقة وطنية أنهت الحرب الأهلية اللبنانية وأرست مبادئ الوحدة الوطنية وسيادة الدولة، مع التأكيد على أن الآليات أو الاتفاقات السابقة بين لبنان وإسرائيل لم تحقق النتائج المرجوة.

إن لبنان اليوم أمام «النداء الأخير»: إما الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي والعربي، واتخاذ قرارات جريئة تضمن حصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ الإصلاحات، أو مواجهة عزلة وانهيار قد يكونان الأخطر في تاريخه الحديث. الكرة في ملعب الدولة اللبنانية، والوقت يضيق أمام اتخاذ القرار المصيري.
00:02 | 11-07-2025

إسرائيل وإيران.. أخطر معارك التاريخ الحديث

تشهد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أخطر المعارك في تاريخها الحديث، مع اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران، بعد عقود من «حرب الظل» والعمليات غير المباشرة. هذه الحرب ليست مجرد نزاع عسكري تقليدي، بل صراع وجودي تتداخل فيه الأبعاد السياسية والعقائدية والتكنولوجية، وتنعكس تداعياته على كامل الإقليم والعالم.

بدأت جذور هذا الصراع منذ انتصار الثورة في إيران عام 1979، حين اعتبرت طهران إسرائيل «العدو الأول»، بينما رأت تل أبيب في إيران التهديد الإستراتيجي الأخطر. وتحول الصراع إلى مواجهات استخباراتية واغتيالات وهجمات سيبرانية.

لكن في يونيو 2025، انفجر الوضع إلى حرب مفتوحة. شنّت إسرائيل هجمات جوية مكثفة على مواقع حساسة في إيران، استهدفت منشآت نووية وعسكرية، وأدّت إلى مقتل كبار القادة العسكريين الإيرانيين. وردت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية والمسيّرات، مستهدفة العمق الإسرائيلي، وأوقعت إصابات ودماراً في تل أبيب وحيفا.

ليست هذه الحرب مجرد صراعات في الميادين العسكرية من صواريخ وطائرات، بل هي معركة إرادات، اختبار لقدرة الأطراف على التحمّل، والسيطرة على السرد الإعلامي الذي يوجه الرأي العام المحلي والدولي. تتطلع إسرائيل إلى ترسيخ تفوقها الجوي، واستهداف البنية الأمنية والنووية الإيرانية، في حين تسعى طهران إلى كسر هيبة الردع الإسرائيلية، وتهديد العمق المدني والعسكري لدولة الاحتلال.

ويُعد استهداف المنشآت النووية من أبرز المخاطر المحتملة، حيث قد تؤدي الضربات إلى تسرب مواد مشعة من المفاعلات أو منشآت تخصيب اليورانيوم، خاصة إذا تعرّضت خزانات الوقود أو أنظمة التبريد لأضرار. وعلى الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم ترصد تسربًا إشعاعيًا بعد الهجمات على مواقع في أصفهان، فإن هناك تحذيرات من احتمال وقوع سيناريوهات أسوأ، خاصة إذا أصيبت منشآت مثل «بوشهر» التي تحتوي على مفاعلات نشطة. انتشار التلوث الإشعاعي عبر الهواء أو المياه الجوفية قد يهدّد صحة السكان في إيران والدول المجاورة، ويؤثر على البيئة بشكل خطير.

كما أن استهداف منشآت مثل محطات «بوشهر» قد يعطل إمدادات الطاقة في إيران، الأمر الذي يهدد استقرار أسواق النفط العالمية ويزيد من حالة عدم اليقين على الصعيد الاقتصادي الدولي.

وبينما تتزايد أعداد الضحايا ويتوسع الدمار والشلل في البنى التحتية، تصبح هذه الحرب واحدة من أخطر النزاعات الحديثة، ليس فقط بسبب عنفها العسكري، وإنما أيضًا لاحتمالية تغير موازين القوى في المنطقة والعالم، وتأثيرها الكبير على حياة الملايين. وتُحتّم على المجتمع الدولي بذل جهود مضاعفة للحيلولة دون تحوّل الصراع إلى مواجهة مفتوحة يصعب السيطرة عليها. إذ إن تطورات هذه الحرب تُشير إلى أن الشرق الأوسط يعيش لحظة مفصلية، تحمل في طياتها مخاطر إعادة رسم خريطة النفوذ وتغيير موازين القوى، مع تداعيات مباشرة على استقرار المنطقة والعالم أجمع.
00:21 | 20-06-2025

شراكة سعودية - أمريكية غير مسبوقة

زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى السعودية حملت معها مشاريع ضخمة واتفاقيات استراتيجية شملت مجالات متعددة مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث تم توقيع صفقات استثمارية ضخمة تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، بالإضافة إلى أكبر صفقة أسلحة في التاريخ بين البلدين. كما تميزت الزيارة بمفاجأة سياسية كبيرة تمثلت في إعلان ترمب رفع العقوبات عن سوريا بناءً على طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

حضر المنتدى الاستثماري السعودي - الأمريكي الذي تزامن مع زيارة ترمب إلى المملكة العربية السعودية أهم نساء ورجال أعمال في الولايات المتحدة والعالم مثل:

- إيلون ماسك الذي أسّس عدة شركات تقنية رائدة منها سبيس إكس، وتيسلا موتورز، كما شارك في تأسيس باي بال، وأوبن أيه آي، ونيورالينك، وذا بورنج كومباني.

- أليكس كارب هو المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة بالانتير للتكنولوجيا، التي تختص في استخراج وتحليل البيانات الضخمة.

- سام ألتمان، يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، وهي الشركة التي طورت منصة الذكاء الاصطناعي الشهيرة «تشات جي بي تي».

- لورنس د. فينك، المعروف بـ«لاري فينك»، هو المؤسس والرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، وتتمتع بنفوذ اقتصادي وسياسي كبير عالميًا.

- جين فراسر هي الرئيسة التنفيذية لمجموعة سيتي جروب، إحدى أكبر المؤسسات المالية في العالم.

كما حضر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو.

حضور هؤلاء القادة من قطاعات التكنولوجيا والمال جاء لدعم وتوقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة وصفقات اقتصادية، مما يعكس توجه السعودية لتكون مركزًا عالميًا للأعمال والتكنولوجيا المتقدمة. كما أن وجودهم يعكس أهمية الشراكات الاستراتيجية والتعاون في مجالات التكنولوجيا الحديثة ضمن رؤية التحول الاقتصادي السعودي.

زيارة ترمب كانت بداية لإطلاق شراكات استثمارية ضخمة، مع تركيز خاص على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومن أبرز هذه الاتفاقيات:

التزام السعودية باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، في مجالات متنوعة تشمل العقارات، الصناعة، التكنولوجيا، والطاقة النظيفة، ضمن تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

توقيع «وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية» بين السعودية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى 12 اتفاقية ثنائية في مجالات الطاقة والدفاع والتقنية.

أكبر صفقة أسلحة أمريكية للسعودية بقيمة تقارب 142 مليار دولار، تشمل تحديث القدرات الجوية والفضائية والدفاع الصاروخي والأمن البحري والحدودي، وتطوير القوات البرية وأنظمة الاتصالات.

توقيع اتفاقيات في مجالات التعدين والموارد المعدنية، إضافة إلى شراكات مع شركات أمريكية كبرى مثل أمازون وأوراكل، مع توقعات بصفقات تجارية بمليارات الدولارات.

تمثل هذه الاتفاقيات الاستثمارية والتجارية الضخمة التي أُبرمت خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى السعودية نقطة تحول استراتيجية في العلاقات بين البلدين، تعزز من مكانة السعودية على الساحة الاقتصادية العالمية. ويبرز في هذا السياق الدور الريادي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يقود رؤية طموحة لتطوير بلاده وتحويلها إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والاستثمار ضمن رؤية 2030. من خلال هذه الشراكات التاريخية، تؤكد السعودية التزامها بالتنويع الاقتصادي وتعزيز التعاون الدولي بما يضمن مستقبلًا مزدهرًا ومستدامًا للأجيال القادمة.
00:01 | 23-05-2025