-A +A
بشرى فيصل السباعي
في 1990م أصيب الأمريكيون بصدمة كبرى عندما عرض فيلم وثائقي بعنوان «Child of Rage: A Story of Abuse- طفلة الغضب، قصة إساءة معاملة» وكان عن الطفلة بيث توماس «ست سنوات» التي تبنتها مع شقيقها عائلة قس وزوجته واكتشفوا لاحقا أن الطفلة تعرضت لسوء معاملة وانتهاكات من والدها بعد وفاة والدتها وهي دون الثالثة جعلتها طفلة سيكوباتية وسادية مع غضب متفجر وعنيف ورغبة جامحة بتعذيب وقتل الجميع وحتى الحيوانات كانت تعذبهم حتى الموت بأبشع الطرق، ولمحاولتها قتل شقيقها عدة مرات وقتلهم أيضا اضطروا لوضع كل السكاكين والأدوات الخطيرة في خزنة وإقفال باب حجرتها ليلا لكي لا تقتلهم أثناء نومهم، وفي 1992 أنتج فيلم بذات الاسم عن قصة الطفلة، وحالتها أظهرت مخاطر سوء معاملة الأطفال، فهي حرفيا تجعلهم أشرارا حتى وهم أطفال بكل ما لكلمة الشر من معنى، وتسمى حالتهم في علم النفس بـ(Reactive attachment disorder - اضطراب التعلق التفاعلي)، فالطفل منذ لحظة ولادته يحتاج لشخصية يبني معها علاقة ثابتة تمنحه الأمان وتتجاوب مع حاجاته المادية والنفسية، وسوء المعاملة أو الإهمال يؤدي لتطور سلوك دفاعي عدواني لدى بعض الأطفال يتمثل بسمات الشخصية السيكوباتية والسادية، وأبرزها:

* انعدام الضمير الأخلاقي


* التبلد الحسي والعاطفي.

* سلوك مناكف وعدواني وتخريبي وفاحش، والاستمتاع بإيذاء وتعذيب الحيوانات والبشر والسعي لقتلهم.

* نزعة للسيطرة والتنمر والتحرش والمكر والخبث والتلاعب بالآخرين، وولع بالنار والسكاكين

* صعوبات بالتعلم

ومما يزيد خطر تحول الأطفال إلى سيكوباتيين وساديين شيوع العنف الأسري؛ فحسب إحصائيات مركز أبحاث الجريمة بوزارة الداخلية 45% من الأطفال السعوديين يتعرضون للإيذاء بشكل يومي، 18% يتعرضون للضرب بأدوات خطيرة! وبعد أن يحولهم سوء المعاملة لسيكوباتيين فالمعالجة النفسية السلوكية للطفل تكلف مبالغ فلكية والنتيجة صنع إرهابي ومجرم حتى بصغره كما نطالع أخبار أطفال بالمتوسطة حاولوا قتل مدرسيهم وأقرانهم بالإضافة إلى قتل الوالدين وعندما يكبرون ويصبحون آباء يكونون من الذين يعذبون وينتهكون أزواجهم وأطفالهم حتى الموت، وهؤلاء تجذبهم الدعاية الإرهابية المنفرة لأي نفسية طبيعية كمقاطع ذبح وسلخ وإحراق الناس، والمدرسة هي خط الدفاع الأول لرصد الأطفال السيكوباتيين وتحويلهم للمعالجة النفسية السلوكية التي تكلفتها على الدولة أقل من تكاليف التعامل مع جرائمهم وإرهابهم لاحقا، والخبر الذي يبعث على التفاؤل أن «بيث» مع المعالجة النفسية السلوكية بالصغر والبيئة المحبة لعائلتها بالتبني تعافت من السيكوباتية والسادية وتعمل حاليا بالمجال الطبي وتخصصت بمساعدة الأطفال الذين بمثل حالتها عندما كانت صغيرة.

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com