وأخيراً تغيير رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي «المحافظ» (مثل جيروم باول) وتعيين شخصية أكثر مرونة تتبع رغبات البيت الأبيض في تخفيض الفائدة، يُعد تحوّلاً جوهرياً في السياسة النقدية العالمية، وله تداعيات معقدة تراوح بين الانتعاش المؤقت والمخاطر الهيكلية طويلة الأمد.

فيما يلي تحليل لما قد يحدث للاقتصاد العالمي بناءً على هذه المعطيات:

1- إضعاف استقلالية «الفيدرالي» والمصداقية الدولية

يُعتبر البنك الفيدرالي «مرساة» الاستقرار المالي العالمي.. التدخل السياسي المباشر قد يؤدي إلى:

فقدان الثقة: إذا شعرت الأسواق أن قرارات الفائدة نابعة من أهداف سياسية (مثل دعم النمو قصير الأجل قبل الانتخابات) وليس بناءً على بيانات اقتصادية، سيفقد الدولار جاذبيته كملاذ آمن.

ارتفاع تكلفة الديون: قد يطالب المستثمرون بـ «علاوة مخاطر» أعلى لشراء السندات الأمريكية، مما يرفع الفوائد طويلة الأجل حتى لو خفّض البنك الفوائد قصيرة الأجل.

2- عودة شبح التضخم العالمي

تخفيض الفائدة في وقت لا يزال فيه التضخم غير مستقر (خاصة مع سياسات ترمب الجمركية) قد يؤدي إلى:

دوامة تضخمية: سيولة رخيصة + رسوم جمركية مرتفعة = ارتفاع حاد في الأسعار.

تصدير التضخم: بما أن أغلب التجارة العالمية تتم بالدولار، فإن انخفاض قيمته وزيادة التضخم في أمريكا سينعكسان على أسعار السلع المستوردة في بقية دول العالم.

وهناك التأثير على العملات والأسواق الناشئة

تراجع حتمي للدولار، من المفترض أن يؤدي خفض الفائدة إلى إضعاف الدولار، مما قد يساعد الدول النامية التي لديها ديون مقومة بالدولار ( تؤدي الى تقليل عبء الدين بشكل عام ).

وقد تخرج الأموال من السندات الأمريكية بحثاً عن عائد أعلى في الأسواق الناشئة، مما ينعش البورصات العالمية مؤقتاً ولكن بشكل كبير.

قد تلجأ دول أخرى لخفض فائدتها عمداً لإضعاف عملاتها والحفاظ على تنافسية صادراتها أمام أمريكا، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار النقدي وحمى تنافسية عنيفة جداً.

انتعاش الأصول عالية المخاطر (الذهب والعملات الرقمية)

في ظل حالة عدم اليقين بشأن استقرار الدولار هي نتيجة منتظرة في ظل هذا المناخ المضطرب، وقد يتجه المستثمرون للذهب كتحوّط من التضخم ومن تسييس السياسة النقدية، مع توقعات بوصوله لمستويات قياسية (تتحدث بعض التقارير عن 5,000 دولار للأونصة في سيناريوهات متطرفة).

وقد تستفيد العملات المشفرة الرقمية كبديل «لا مركزي» بعيد عن تدخلات الحكومات في العملات التقليدية.

ويمكن أن يكون ملخص التأثيرات المتوقعة كالآتي:

النمو الاقتصادي: انتعاش قصير الأجل في أمريكا متبوعاً بمخاطر ركود تضخمي.

الأسواق المالية: تذبذب عالٍ وصعود قوي للأسهم والذهب.

التجارة العالمية: اضطراب بسبب تذبذب أسعار الصرف والسياسات الحمائية.

الديون السيادية: ضغوط على الدول المقترضة بالدولار إذا ارتفعت معدلات التضخم. هذه الخطوة تُعتبر «سلاحاً ذا حدين»، فهي قد تمنع الركود وتنشط الاستثمار، لكنها تخاطر بانهيار النظام المالي القائم على الثقة في استقلالية البنوك المركزية.