في تطور تاريخي يعكس تحولاً جذرياً في النظرة العالمية إلى الرعاية الصحية، أكدت منظمة الصحة العالمية على الإمكانيات الهائلة للطب التقليدي في تعزيز الصحة والرفاهية، مع التركيز على بناء قاعدة أدلة علمية قوية باستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والجينوميات، وتصوير الدماغ.
مديرة مركز الطب التقليدي العالمي في الصحة العالمية الدكتورة شياما كوروفيلا، أوضحت أن نقص الأدلة التاريخي الذي أدى إلى تجاهل العديد من الممارسات التقليدية يمكن تجاوزه الآن من خلال استثمارات أكبر وتقنيات متقدمة.
ما هو الطب التقليدي؟
ويُعرف الطب التقليدي بأنه أنظمة صحية سابقة للطب الحيوي الحديث، تشمل تنوعاً واسعاً مثل الشاي العشبي في أفريقيا، والإبر الصينية لعلاج الصداع النصفي، واليوغا والتأمل في الهند، بالإضافة إلى نظام الأيورفيدا الشهير.
إستراتيجية الطب التقليدي (2025 - 2034)
وفي وقت سابق هذا العام، اتفقت الدول الأعضاء في المنظمة على إستراتيجية عالمية جديدة للطب التقليدي والتكميلي للفترة من 2025 إلى 2034، تهدف إلى تسخير إمكانياته بناءً على أدلة علمية موثوقة.
وتشمل الخطط إنشاء قواعد بيانات قوية، تنظيم العلاجات والممارسين، ودمج الممارسات الفعالة في الرعاية الصحية الرئيسية.
وتصف الدكتورة كوروفيلا هذا التطور بأنه «مثير للغاية»، مشيرة إلى فرصة استكشاف ما يعمل فعلياً على نطاق واسع.
تايلند والعلاجات العشبية
تايلند تُعد نموذجاً ناجحاً، حيث يوثق الباحثون الممارسات التقليدية ويجرون تجارب عشوائية لإدراج العلاجات العشبية، مثل نبات الكراتوم، في قائمة الأدوية الأساسية الوطنية.
ومع ذلك، أثارت الإستراتيجية مخاوف بشأن دخول ممارسات غير علمية مثل المعالجة المثلية إلى التيار الرئيسي، لكن كوروفيلا أكدت أن المثلية لا تندرج تحت تعريف الطب التقليدي، ولا توجد أدلة قوية تدعمها.
وشددت على أن المنظمة تتبع مبدأً أساسياً: الدعم يعتمد على أدلة موثوقة في السلامة والفعالية، سواء للطب الحيوي أو التقليدي.
استطلاعات الصحة العالمية
وكشفت استطلاعات منظمة الصحة العالمية، أن غالبية خدمات الطب التقليدي خارج النظام الرسمي في معظم الدول، مما يعرضها لمخاطر عدم التنظيم رغم شعبيتها الواسعة، وترى كوروفيلا أن عدم التدخل لم يعد خياراً، لضمان السلامة.
وفي هذا الأسبوع، أُطلقت مجموعة استشارية فنية جديدة خلال القمة العالمية الثانية للطب التقليدي في نيودلهي (17 - 19 ديسمبر 2025)، حيث يُنظر إلى الطب التقليدي كـ«كنز محتمل» يساعد في مواجهة نقص القوى العاملة الصحية وتعزيز التغطية الشاملة، خاصة مع تراجع المساعدات الدولية.