بين أزقة الرباط، ومدرجات طنجة، ونبض الدار البيضاء، يعود الحلم الأفريقي ليُكتب من جديد على أرض مغربية. تستعد المملكة لاحتضان كأس أمم أفريقيا 2025، في نسخة لا تُلعَب فقط من أجل اللقب، بل لإثبات الجاهزية القارية والتاريخية للمغرب الذي يستضيف البطولة للمرة الثانية منذ عام 1988.
الحدث الذي سيشهد تنافس 24 منتخباً عبر 6 مدن و9 ملاعب عالمية، بات محط أنظار العالم؛ إذ حُطمت الأرقام القياسية ببيع مليون تذكرة، واعتماد 3,100 وسيلة إعلامية من أصل 5,500 طلب، في سابقة هي الأولى من نوعها.
تفتتح غداً بطولة كأس الأمم الأفريقية، الحدث الكروي الأهم في القارة السمراء، وسط ترقّب جماهيري وإعلامي واسع، يعكس المكانة الخاصة التي تحظى بها البطولة على مستوى العالم. فـ"الكان" لم تعد مجرد مسابقة قارية، بل تحولت إلى منصة كبرى تستعرض تطور كرة القدم الأفريقية فنياً وتنظيمياً، وتبرز عمق المواهب التي تزخر بها القارة.
النسخة الحالية تأتي في توقيت حساس، إذ تشهد كرة القدم الأفريقية مرحلة انتقالية واضحة، تجمع بين جيل مخضرم يحمل خبرة البطولات الكبرى، وجيل جديد من اللاعبين المحترفين في الدوريات الأوروبية الكبرى، ما يرفع من سقف التوقعات الفنية للمنافسات. هذا المزيج يمنح البطولة طابعاً خاصاً، ويجعل من كل مباراة اختباراً حقيقياً للمدربين والمنتخبات على حدٍّ سواء.
افتتاح البطولة لا يقتصر على الجانب الرياضي فقط، بل يحمل أبعاداً تنظيمية وثقافية مهمة. فالبلد المستضيف المغرب يسعى لتقديم صورة مشرّفة تعكس قدرته على تنظيم حدث قاري بهذا الحجم، سواء من حيث البنية التحتية، الملاعب، الجوانب الأمنية، أو حتى الفعاليات المصاحبة التي تبرز الهوية الأفريقية الغنية والمتنوعة.
على الصعيد الفني، تتجه الأنظار منذ اليوم الأول إلى هوية المنتخبات المرشحة، وقدرتها على فرض شخصيتها مبكراً، في ظل تاريخ يؤكد أن البدايات القوية غالباً ما تكون مؤشراً لمسار ناجح في البطولة.
في المقابل، تسعى المنتخبات الأقل تصنيفاً إلى استغلال مباراة الافتتاح لكسر حاجز الرهبة وإرسال رسالة واضحة بأنها قادمة للمنافسة لا للمشاركة فقط. ومع ذلك، تبقى بعض المنتخبات حاضرة بقوة في دائرة الترشيحات، وعلى رأسها المنتخب المغربي.
ملعب الافتتاح ملعب الأمير مولاي عبدالله بمدينة الرباط سيكون في قلب المشهد منذ اللحظة الأولى، إذ يمثل رمزاً تنظيمياً ورسالة واضحة عن جاهزية البلد المستضيف. الملعب، الذي خضع لتحديثات شاملة على مستوى الأرضية، الإضاءة، والمرافق، يُعد من أبرز المنشآت الرياضية في القارة، ويستوفي المعايير الدولية المعتمدة. اختيار هذا الملعب لمباراة الافتتاح يعكس رغبة اللجنة المنظمة في تقديم صورة قوية منذ البداية، سواء من حيث الحضور الجماهيري المتوقع أو الأجواء الاحتفالية التي سترافق صافرة البداية.
المنتخب المغربي، المنتخب المستضيف يدخل البطولة بطموح واضح ورغبة صريحة في تحقيق اللقب، مستنداً إلى استقرار فني نسبي، وجودة أسماء تلعب في أعلى المستويات، إضافة إلى ثقة متزايدة بعد النجاحات الأخيرة على المستويين القاري والعالمي. ورغم إدراكه لصعوبة المنافسة في بطولة لا تعترف بالأسماء، إلا أن «أسود الأطلس» يدركون أن لحظة التتويج قد تكون أقرب من أي وقت مضى.
ومع صافرة البداية غداً، تنطلق قصة جديدة من قصص كأس الأمم الأفريقية، بطولة عُرفت دائماً بالمفاجآت، الدراما، والشغف الجماهيري، لتؤكد مرة أخرى أن الكرة الأفريقية تملك نكهتها الخاصة، وصوتها الذي لا يشبه أحداً سواها.