أشعل الممثل الأمريكي جورج كلوني مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بتصريح مفاجئ عن زوجته، المحامية اللبنانية البريطانية أمل علم الدين، مؤكداً أن لها دوراً في صياغة الدستور المصري خلال حكم الإخوان المسلمين.
وخلال مقابلة تلفزيونية، قال كلوني إن خبرة زوجته القانونية لم تقتصر على حقوق الإنسان والقوانين الدولية، بل امتدت لتشمل العمل على ملفات دستورية في فترة سياسية حساسة. وسرعان ما أحدث تصريحه ردود فعل متباينة بين المؤيدين والمتشككين، وسط تضارب المعلومات حول حقيقة مشاركتها الرسمية في صياغة دستور 2012.
ويشير محللون سياسيون إلى أن حساسية الموضوع تتعلق بدستور 2012 نفسه، الذي واجه انتقادات شديدة في مصر باعتباره منحازاً لبعض القوى السياسية آنذاك، ما جعل أي ربط بين أمل علم الدين والملف الدستوري مادة جدلية فورية.
وتبين أن أمل علم الدين لم تُسجل ضمن أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، ولا توجد وثائق رسمية تؤكد مشاركتها في صياغة مواد الدستور، إذ ركز عملها في تلك الفترة على قضايا حقوق الإنسان، والمشاركة في لجان استشارية دولية.
وحتى الآن، لم يصدر أي توضيح رسمي من أمل علم الدين أو مكتبها بشأن تصريح زوجها، فيما استمرت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تحليل مدى صحة هذا الربط وتأثيره على الصورة العامة للمعنية بالقضية.
قيادي إخواني يعترف بكتابتها الدستور
وتزامناً مع الجدل الذي أثارته تصريحات الممثل الأميركي، خرج القيادي في جماعة الإخوان وعضو الجمعية التأسيسية لدستور عام 2012 عمرو عبد الهادي ليدعم جزءاً من رواية كلوني. وأقرّ في منشور عبر منصة «إكس» بالاستعانة بالمحامية البريطانية اللبنانية الأصل أمل علم الدين خلال مرحلة إعداد الدستور، وقال إن «وجود خبرات دولية في تلك الفترة لم يكن خروجاً عن المألوف، بل محاولة للاستفادة من نماذج دستورية ناجحة حول العالم». وأشار إلى أن لجنة الصياغة استعانت أيضاً بعدد من الخبراء المتخصصين في الفقه الدستوري المقارن، بهدف تقديم دستور «حديث» يستند إلى تجارب متعددة، على حد وصفه.
لكن هذا الطرح لم يمر من دون ردود قوية داخل الإعلام المصري. فقد استند عدد من الإعلاميين إلى تصريحات كلوني باعتبارها دليلاً إضافياً على أن جماعة الإخوان سمحت بتدخل خارجي في ملف سيادي شديدة الحساسية. وذهب بعضهم نحو هجوم حاد على الجماعة، من بينهم الإعلامي أحمد موسى الذي وصف تلك المزاعم بأنها «فضيحة جديدة» تضاف إلى «سجل من الأخطاء السياسية والتنظيمية» خلال فترة حكم الإخوان. واعتبر هؤلاء أن مجرد الإيحاء بوجود دور لشخصية قانونية دولية في كتابة دستور البلاد يعد أمراً غير مقبول، حتى لو لم تثبت صحته رسمياً.
ومع اتساع النقاش، دخلت مؤسسات إعلامية دولية على الخط، إذ أظهرت مراجعة أجرتها «بي بي سي» أن دور علم الدين خلال تلك الفترة لم يكن مرتبطاً بلجنة صياغة دستور 2012 فحسب، بل بإعداد تقرير متخصص لمعهد حقوق الإنسان التابع لرابطة المحامين الدولية عام 2014. وركز التقرير على استقلال القضاء والنيابة العامة في مصر، مستعرضاً التشريعات ذات الصلة والتحديات المؤسسية التي تواجه السلطة القضائية، أي أن عملها كان قانونياً بحثياً أيضاً وليس دستورياً فحسب كما جاء في تصريحات كلوني.
كما أعيد إحياء الجدل القديم حول علاقتها بالقضية الشهيرة لصحافيي «الجزيرة الإنجليزية»، بعدما تداولت صحف غربية أن السلطات المصرية حذّرتها من الدخول إلى البلاد. غير أن علم الدين كانت قد نفت ذلك لاحقاً، مؤكدة أن التحذير صدر من «خبراء بملف القضاء المصري» وليس من جهات رسمية، وأن الأمر جاء على خلفية تقريرها الخاص باستقلال القضاء قبل انضمامها لطاقم الدفاع في تلك القضية.
وفي خضم هذا كله، عاد الحديث في مصر إلى تاريخ الدساتير المتعاقبة، من دستور 56 الذي جاء بعد ثورة يوليو، وصولاً لدستور 71 الذي خضع لعشرات التعديلات، ثم دستور 2012 المرتبط بحكم الإخوان، فدستور 2014. ومع كل هذا التاريخ المعقد، بدا أن تصريحاً عابراً من نجم هوليوودي أعاد فتح ملفات سياسية ودستورية لا تزال مثار سجال حتى اليوم.