شهدت صحراء تانامي النائية في الإقليم الشمالي لأستراليا حادثة جوية استثنائية، بعدما اندفعت نحوها عاصفة ترابية هائلة غطّت السماء بلون نحاسي قاتم، في مشهد غير مألوف وثّقه عمال أحد مواقع التعدين الذين وجدوا أنفسهم أمام جدار ضخم من الغبار يقترب بثبات مقلق.
وذكر العامل في المناجم لاكلان مارشانت أنه كان بين عشرات العمال الذين شاهدوا السحابة العملاقة وهي تزحف عبر الصحراء. وأوضح أن العاصفة الأولى دفعتهم للجوء إلى ملاجئ آمنة، لكن المفاجأة كانت ظهور عاصفة ثانية أكبر حجماً في اليوم التالي، واصفاً المشهد بأنه يفوق ما اعتادوا عليه في المنطقة، وقال إن حجم العاصفة «أكبر بعشر مرات مما رأيناه في اليوم السابق».
وبحلول الرابعة عصراً تقريباً، كانت السحابة قد ابتلعت الأفق على امتداد الصحراء الممتدة على بعد نحو ألف كيلومتر جنوب داروين، فيما ظهرت الطبقات البرونزية ترتفع فوق الغيوم الفضية قبل أن تغطي المخيم بطبقة كثيفة من الغبار. وأشار مارشانت إلى أن تأثير العاصفة على الجسد كان واضحاً، إذ شعر بثقل غريب في الأسنان وحرقة في العينين نتيجة الجزيئات الدقيقة.
وتزامناً مع العاصفة، دفعت أصوات الرعد والبرق اللاحقة الطاقم إلى الاحتماء داخل المباني، قبل أن تتساقط لاحقاً أمطار موحلة تاركة طبقة من الطين على المركبات والمعدات. وأشار مارشانت مازحاً إلى أن مغاسل السيارات عملت بكامل طاقتها بعد الحادثة لأن الجميع اضطر لغسل سيارته.
ويوضح خبير التربة الدكتور جون غرانت، وهو محاضر في جامعة ساوثرن كروس، أن العواصف الغبارية تنتج عادة عن أنظمة جوية قوية ترفع التربة الجافة لمسافات واسعة، مؤكداً أن المناطق النائية في أستراليا تُعد بيئة نموذجية لمثل هذه الظواهر بفعل الجفاف المزمن وقلة الأمطار.
وبحسب وسائل إعلام غربية، شهدت المنطقة انخفاضاً حاداً في الحرارة خلال العاصفة، إذ هبطت من نحو 40 درجة مئوية إلى أقل من 30 درجة خلال وقت قصير، في إشارة إلى دخول جبهة هوائية باردة أثارت كميات كبيرة من الغبار فوق السهول. ومع أن العمال تمكنوا من البقاء في مأمن، فإن الغبار تسبب بارتفاع حالات الربو التي وصلت للمستشفيات، فيما حذر الخبراء من آثار بيئية طويلة الأمد بسبب تجريد للتربة من مغذياتها الأساسية.
وتشير السجلات إلى أن وصول الغبار إلى الساحل الشرقي لأستراليا يُعد نادراً، إذ لم يشهد سكان سيدني وبريسبان سماءً حمراء كثيفة منذ عام 2009، ما يجعل حادثة تانامي واحدة من أبرز العواصف الترابية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.