يقترب علماء الفضاء خطوة جديدة نحو جعل المريخ موطناً للبشر، لكن هذه المرة ليست الصواريخ أو الروبوتات هي البطلة، بل كائنات دقيقة من البكتيريا. باحثون من جامعة البوليتكنيك في ميلانو بإيطاليا ابتكروا تقنية تعتمد على تحويل تربة المريخ إلى مادة بناء صلبة باستخدام نظام ميكروبي ثنائي، يحقق الاكتفاء الذاتي للبنية التحتية على الكوكب الأحمر.
وأكد الفريق العلمي أن نقل مواد البناء من الأرض يكلف ملايين الدولارات، ويعد غير عملي في ظل الظروف القاسية للمريخ، مثل الغلاف الجوي الرقيق والإشعاع الكوني المستمر. لكن الحل وفقاً للباحثين يكمن في ما يعرف بالتمعدن الحيوي، وهي عملية طبيعية تقوم فيها البكتيريا والفطريات بتحويل المعادن إلى مواد متينة، تماماً كما شكلت هذه الكائنات تضاريس الأرض على مدى مليارات السنين.
يتمحور هذا النظام حول بكتيريا Chroococcidiopsis التي تتحمل درجات الحرارة المنخفضة والإشعاع الشديد، وتنتج الأكسجين وتحمي شريكتها بمادة لزجة، بينما تتولى Sporosarcina pasteurii إنتاج كربونات الكالسيوم التي تربط جزيئات التربة ببعضها لتكوين كتلة صلبة تشبه الخرسانة.
ويتيح هذا التعاون البيولوجي نظاماً مستداماً، إذ يمكن استغلال الأكسجين الناتج لدعم حياة رواد الفضاء وإعادة توجيه المواد الثانوية مثل الأمونيا للزراعة المريخية. ورغم تأجيل إعادة عينات حقيقية من تربة المريخ لإجراء التجارب النهائية، يرى العلماء أن هذه الخطوة تمثل بداية حقيقية لاستيطان الإنسان على الكوكب الأحمر، مستفيدين من أقدم أشكال الحياة على الأرض.