أخبار

صيف ملتهب في أوكرانيا

«داعش» على الخط.. و13 مليونا يفكرون بالقتال

عبدالله الغضوي (إسطنبول) Abdullah Alghdwi@

حملت التحركات البريطانية الأخيرة في أوكرانيا رسائل عميقة حول مسار الحرب، ذلك أن لندن التي تمتلك خرائط العالم ومفاتيحه الأكثر قدرة على قراءة المشهد، بل إن المسار البريطاني عسكريا وسياسيا يحدد مسار الحرب الروسية الأوكرانية.. فهي صاحبة حربين عالميتين وفي كلاهما انتصرت.

في التاسع من أبريل كان رئيس الوزراء بوريس جونسون أول زعيم غربي يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي في كييف، بينما توقف الرئيس الأمريكي جو بايدن على الحدود الأوكرانية البولندية مكتفيا بخطاب المساندة. جونسون الذي تجول في العاصمة برفقة زيلنيسكي، أراد أن يوجه رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفادها «نحن على الأرض».

في العاشر والحادي عشر من أبريل، وبعد زيارة جونسون كانت الرسائل البريطانية من كييف سريعة، إذ جرى تزويد أوكرانيا بآليات مدرعة وصواريخ مضادة للسفن، وفي السابع عشر من الشهر ذاته، أي بعد أسبوع فقط، شاهد العالم كله لحظة غرق السفينة الروسية «موسكفا» في البحر الأسود، بينما كان الغضب الروسي في ذروته من غرق مفخرة أسطوله في البحر الأسود.

التصعيد البريطاني الكبير في أوكرانيا بلغ ذروته، كما أوردت «الديلي تلغراف» في السادس عشر من أبريل، إذ كشفت أن مجموعة من القوات الجوية البريطانية الخاصة اتجهت إلى كييف لتدريب الجنود الأوكرانيين على قتال الروس، حيث على ما يبدو أن بريطانيا هي رأس الحربة في تلك الحرب وفق كل المعطيات السابقة.

تحويل أوكرانيا إلى مستنقع مقاتلين ضد الروس كان منذ البداية حين أعلنت كييف عن «الفيلق الدولي»، لكن الزخم الدولي لهذا الفيلق أخذ أبعادا دولية سياسية، إذ باتت بريطانيا أكبر الداعمين لمثل هذا النوع من القتال.

وفي 18 مارس الماضي، دخلت وحدات مقاتلة جورجية على خط القتال ضد الروس بقوة، إذ تزعم وزير الدفاع الجورجي السابق إيراكلي أوكرواشفيلي وحدة جورجية مقاتلة أعطبت العديد من المدرعات الروسية.

وظهر الوزير الجورجي في أكثر من فيديو في ساحات القتال وهو يحمل صاروخ NLAW المضاد للدبابات إلى جانب مئات الآلاف من المقاتلين في أوكرانيا، وهي إشارة على مستوى عال من التحريض على التطوع للقتال ضد الجيش الروسي.

والواقع أنه منذ اليوم الأول للحرب الروسية، اتجهت معظم الدول الغربية إلى إرسال المتطوعين إلى أوكرانيا لقتال الجيش الروسي، وبحسب موقع (Middle East Eye)، فإن هناك شركات أخرى توظف أشخاصاً لوظائف مماثلة بأجر يومي يتراوح بين 2000- 3000 يورو.

وقال متعاقد عسكري خاص للموقع البريطاني: المتطوعون يذهبون إلى هناك، هذا صحيح، لكن الجنود المحترفين سيذهبون أيضاً، مضيفاً أنه اعتبارا من 2 مارس 2022، تجاوز عدد المحترفين المتجهين إلى أوكرانيا ألف شخص، وأن نحو 100 منهم من الفيلق الأجنبي الفرنسي.

تنطبق حالات التطوع على العديد من الدول الأوروبية، لكن في المقدمة بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وبالطبع الشيشان وآخرون أفغان، على الرغم من عدم تشجيع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا مواطنيها لدواع قانونية وأمنية، وبلغ عدد الزائرين إلى موقع التطوع للقتال في أوكرانيا نحو 13 مليون زائر، بينما تطوع ما يقارب 20 ألف مقاتل فقط حتى الشهر الثاني من الحرب.

لم يتوقف الأمر عند أطراف الصراع والحلفاء في أوكرانيا، بل تجاوز الأمر الدوائر السياسية والجغرافيا إلى أن أشعل تنظيم «داعش» أضواء الحذر من هذا المستنقع، بظهور المتحدث الرسمي باسمه المدعو أبو عمر المهاجر الذي دعا بشكل واضح خلاياه النائمة إلى بث الفوضى والإرهاب في الدول الأوروبية.

وفي تسجيل صوتي بثته حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مقربة من التنظيم الإرهابي، أعلن إطلاق ما يسمى معركة «الثأر» لمقتل زعيمه السابق. ودعا المتحدث خلايا ومناصري التنظيم إلى اغتنام فرصة انشغال دول الغرب بالحرب التي أفرزها الغزو الروسي لأوكرانيا، وشن عمليات في أوروبا، قائلا إن «أوروبا على صفيح ساخن».

وهكذا باتت أوكرانيا ساحة عالمية للقتال الجميع على أرض القمح والزيت، لقد أخذ القتال شكلا من أشكال العولمة، إذ دفعت الدول إلى عولمة الحرب والصراع على أبواب القارة الأوروبية، ولا يبدو أن هذا الصراع سيكون محدوداً، فالفرصة للانتقام من بوتين كبيرة على الساحة الأوكرانية لإطالة أمد الحرب ومن خلال هذا التحشيد وفتح أبواب أوكرانيا أمام أسلحة الجميع والمعركة المرتقبة في دونباس مجددا، يبدو أننا أمام فصل جديد طويل من الحرب.

ولعل السؤال الذي يراود كبار المحللين والإستراتيجيين ويخيف معظم السياسيين في الحالة الأوكرانية ليس زمن الحرب فحسب، وإنما الأدوات المحتملة للحرب والخوف الأكبر من توسع دائرتها لتبلغ حدود استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، خصوصا في حال انضمت السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي.!