ثقافة وفن

قانصو: تضخيم الأيديولوجيات الإسلاموية عارض الهويتين الدينية والوطنية !

وجيه قانصو

علي فايع (أبها) alma3e@

أكد أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية الباحث والأكاديمي الدكتور وجيه قانصو، أن الهوية الدينية ليست في مقابل الهوية الوطنية وإنما تعمل في داخلها، وأضاف، في الندوة التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي وأدارها الكاتب وحيد الغامدي، أنّ التعارض بينهما نشأ في الوعي الفكري المأزوم، وأنّ الذهنية العربية ما تزال تحمل بشكل راسخ اعتقادا بالتعارض بين الهويتين الدينية والوطنية، وهو تعارض في بنية التفكير وليس في الأداء وله علاقة بالسياق التاريخي للمنطقة، مضيفا أن من المعطيات المؤثرة في هذا التعارض سقوط الخلافة العثمانية التي كانت تعتبر الإطار الجامع بين الرمزية الدينية والقيادة السياسية الناظمة، وكذلك التقسيمات التي حدثت في المنطقة العربية نتيجة الاستعمار ونشوء كيانات لدول جديدة ضمن سياقات شكلية.

ورأى قانصو أن الفراغ الفكري والمعرفي لدى المسلمين أدى إلى ضخ الكثير من الأفكار، وبسبب حالة الضعف السائدة لم تكن هناك قدرة على مقاومتها بل حتى على فهمها، وتمت المعالجة من خلال المرجعية الفقهية واستخدام القياس كالشورى في مقابل الديمقراطية مثلا، موضحا أن الموضوعات الحديثة كالدولة والمجتمع والوطن هي مفاهيم، والمؤسسة الفقهية ذات الطبيعة العملية وليست النظرية لم تطور من أدواتها بحيث تتمكن من تشخيص المفاهيم الحديثة وأصبح هناك تداخل بين الموقف السياسي من الغرب وبين المفاهيم التي يطرحها، وتحول ذلك إلى رفض كامل للمنجز المعرفي والفكري للغرب وإلى غلبة وسيطرة التفكير السلبي تجاهه، وقال إنه نتج عن هذا التأزم تضخم للهوية وعودة للماضي لملء الفراغ الناتج من أجل خلق توازن مع الخصم، وأصبحت هناك عودة للتراث وإعادة إنتاجه والتعامل معه بقراءة أيديولوجية، ورفع الشعارات بدلا من البناء الفكري النظري.

وبين أنه بعد مرحلة الإمبراطوريات، جاءت النظم السياسية الجديدة وتشكلت الدولة الأم كتطور طبيعي للانتظام الاجتماعي والسياسي، ولم يعد الدين هو المحدد الحصري للانتماء بين الجماعة الخاصة بل مشتركات وطنية أخرى، موضحا أنّ التعارض بين الهويتين الدينية والوطنية نشأ من تضخيم الأيديولوجيات الإسلاموية، وبسبب الفكر المتأزم الذي ولد مفهوم الحاكمية، بينما الإسلام لم يكن قوالب جامدة بل مفاهيم متحركة ومرنة.

وأنهى قانصو محاضرته قائلا إننا نحتاج لنشاط ابتكاري كي يكون الدين فاعلا ليحقق حضوره داخل الوطن، ولا توجد انتماءات دينية-وطنية متقابلة أو متشابكة بل هي متكاملة، ولا توجد هوية دينية خارج الوطن، مبينا أن الدين والمذهب ليسا هوية بذاتها بل لا بد أن تتموضع داخل مجال محدد، وبدون ذلك يحدث انفصال عن المجال الموجود فيه، ولا بد من وجود هوية سياسية جامعة والاندماج فيها.