أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1771.jpg&w=220&q=100&f=webp

تركي الذيب

هيئة شؤون الحرمين.. من خدمة المكان إلى صناعة التجربة الإيمانية !

في كل موسم من مواسم الخير، يتجدد مشهد الحرمين الشريفين كأنه لوحة حيّة ترسمها العناية الإلهية، وتعتني بتفاصيلها مؤسسات مخلصة تعمل بصمت وإتقان. ومن بين هذه المؤسسات، تبرز الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بوصفها أحد النماذج السعودية الملهمة التي نقلت مفهوم «الخدمة» من أداء الواجب إلى صناعة التجربة الإيمانية المتكاملة.

ما تقوم به الهيئة، اليوم، لا يمكن اختزاله في إدارة الحشود أو تنظيم الدخول والخروج، بل هو تخطيط إستراتيجي لتجربة ضيف الرحمن، تُبنى على أركان الراحة، والسلامة، والانسيابية، والتقنية الذكية. وفي عام 2025 تميّزت الهيئة بحصدها جائزة الحكومة الرقمية لأفضل مبادرة في الشمولية الرقمية عن مشروع «التنقّل الموحّد»؛ وهو إنجاز يؤكد أن الخدمات لم تعد عشوائية أو متفرقة، بل باتت منظومة رقمية متكاملة تُدار بعقلية المستقبل.

ومن المبادرات التي لاقت إعجاب الزائرين، خدمة العربات الإلكترونية داخل المسجد الحرام، التي أطلقتها الهيئة عبر منصة «التنقّل الموحّدة»، حيث تتيح المنصة حجز العربات الكهربائية والعادية مسبقاً وبسهولة، وتوفّر أكثر من ثلاثة عشر موقعاً للتشغيل داخل أروقة الحرم، إلى جانب فريق ميداني يوجّه المعتمرين بلغات متعددة. ولأن الحرم قبلة لكل الأجناس والأعمار، فإن الهيئة جعلت الخدمة شاملة لكبار السن وذوي الإعاقة، لتتحول رحلة الطواف والسعي من معاناة جسدية إلى رحلة روحانية آمنة ومريحة، تجمع بين العتق من التعب والسمو بالإيمان.

وفي سياق تحسين التجربة الميدانية، أطلقت الهيئة أربعة مراكز لحفظ الأمتعة ضمن مشروع متكامل يراعي سهولة الحركة داخل المسجد الحرام. وأبرز ما يميز هذه الخدمة أن الزائر لم يعد مضطراً للذهاب بنفسه إلى مراكز الإيداع، إذ وفّرت الهيئة مكاتب أمامية بجانب أبواب العمرة الرئيسية يتولى فيها موظفو خدمة العملاء استلام الأمتعة، وتزويد الزائر بسوار ذكي يحمل بيانات الحقيبة والموقع، ليتم نقلها بأمان إلى مركز الحفظ نيابة عنه. هذه الخدمة تجسّد فهماً عميقاً لمعنى «الضيافة الذكية» التي تراعي أدق احتياجات الزوار وتختصر عليهم الوقت والجهد.

كما وجدت الهيئة أن من أكثر النقاط التي ينخفض فيها قياس الرضا لدى المعتمرين -بحسب تقارير مركز أداء- هي صعوبة وصولهم بعد الانتهاء من أداء نسكهم إلى محلات العناية بالشعر، فقامت بابتكار حل ميداني مريح تمثّل في عربات متنقلة مجهّزة بفرق متخصصة للتحلل من النُسك أمام باب المروة، تقدّم خدماتها للمعتمرين دون مقابل. هذه الخطوة تعكس عمق فهم الهيئة لتفاصيل تجربة الزائر، وحرصها على معالجة التحديات الصغيرة التي تصنع فرقاً كبيراً في رضا ضيف الرحمن وانطباعه العام.

وما يميّز الهيئة اليوم أنها لم تعد تكتفي بإدارة المرافق، بل أصبحت تُدير التجربة بكاملها؛ من لحظة وصول الزائر حتى مغادرته. كل خطوة، وكل تفصيلة، وكل مبادرة تُترجم رؤية السعودية 2030 التي تجعل خدمة ضيوف الرحمن شرفاً ومسؤولية وابتكاراً. في مشهد الحرمين، لا تمر لحظة دون أن تشهد تطوراً جديداً؛ عربات ذكية تتحرك بانسيابية، خدمات رقمية متصلة، مراكز حفظ متقدمة، عربات للتحلل أمام المروة، وسلوك مؤسسي يليق بمكانة البلد الحرام.

إن ما تصنعه هيئة شؤون الحرمين، اليوم، ليس مجرد تطوير خدمات أو تحسين إجراءات، بل هو صياغة جديدة لتجربة الإيمان ذاتها؛ تجربة تجمع بين الطمأنينة والتنظيم، بين التقنية والروح، وبين العناية بالمكان والرعاية بالإنسان. فكل مبادرة تُطلقها الهيئة تنبع من إدراكٍ أن ضيف الرحمن لا يبحث فقط عن أداء المناسك، بل عن رحلة استثنائية يعيش فيها معنى القرب من الله وسط بيئة تليق بقدسية الحرم ومكانته.

ومع استمرار هذا النهج المتوازن بين الأصالة والتحديث، تمضي الهيئة بخطى واثقة نحو مستقبلٍ يجعل من الحرمين الشريفين نموذجاً عالمياً في إدارة المقدسات، ومختبراً حياً لأفضل الممارسات في الضيافة الروحية والخدمة الذكية. فحيث يلتقي الإيمان بالتقنية، تتجلّى روح الرؤية السعودية في أبهى صورها: أن تكون خدمة ضيوف الرحمن شرفاً لا ينتهي، آلة لا تنقطع، وواجباً يتجدد كل يوم.

00:02 | 9-11-2025

السعودية مصدر رئيسي للخطاب الإعلامي الحديث

برعاية كريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – يشهد فبراير المقبل انطلاق المنتدى السعودي للإعلام ومعرض مستقبل الإعلام، بمشاركة أكثر من 250 شركة محلية وعالمية، وبحضور صنّاع القرار الإعلامي وروّاد التقنية والابتكار.

هذا الحدث لا يمثل مجرد تظاهرة إعلامية كبرى؛ بل هو إشارة واضحة إلى أن المملكة تعيد رسم خريطة الإعلام العربي والإقليمي، واضعةً نفسها في قلب صناعة القرار الإعلامي العالمي. فالإعلام اليوم لم يعد مجرد أداة نقل للخبر، بل أصبح صناعة متكاملة تمزج بين التقنية، والتحليل، والتأثير المجتمعي، وهو ما تسعى المملكة لتحقيقه ضمن مستهدفات رؤية 2030.

ويأتي هذا التحول مدفوعًا برؤية ملهمة ودعم لا محدود من سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – الذي جعل من تطوير قطاع الإعلام جزءًا أساسيًا من مسيرة التحول الوطني، مؤكدًا أن الإعلام الحديث هو شريك في التنمية، وأداة لتعزيز مكانة المملكة عالميًا، ورافد مهم لتطلعاتها المستقبلية.

وفي هذا السياق، يبرز الدور الكبير الذي تقوم به وزارة الإعلام بقيادة معالي الوزير سلمان بن يوسف الدوسري، الذي أسهم بخبرته ورؤيته العملية في إطلاق حراك إعلامي نوعي يعزز مهنية القطاع، ويفتح المجال أمام تبادل الخبرات الدولية، وتمكين الإعلاميين، وتهيئة بيئة جاذبة لصناعة المحتوى الإبداعي.

ما يميّز المنتدى هو أنه يتجاوز حدود النقاش التقليدي، ليصبح مختبرًا للأفكار الجديدة ومنصة لإبرام الشراكات الاستراتيجية بين الإعلاميين، والشركات التقنية، والجهات الحكومية. كما أنه فرصة ثمينة للوقوف على أحدث ما توصلت إليه صناعة الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

إن هذا الحراك يؤكد أن المملكة لا تكتفي بدور المستهلك للمحتوى العالمي، بل تسعى لأن تكون منتجًا مؤثرًا ومصدرًا رئيسيًا للخطاب الإعلامي الحديث، بما يتوافق مع طموحاتها الوطنية ومكانتها الدولية.

لقد آن الأوان لأن ينظر الإعلام السعودي إلى أبعد من دوره التقليدي؛ فالمستقبل للإعلام الذي يبني المعرفة، ويصنع التأثير، ويواكب التغيرات العالمية المتسارعة. وهنا تكمن أهمية المنتدى القادم: رسم طريق جديد لإعلام سعودي حديث، مبتكر، وقادر على المنافسة عالميًا.
00:03 | 12-08-2025

العدالة المؤسسية بين التمكين والإقصاء

في بعض الشركات والمؤسسات التي يُفترض بها أن تقود التغيير وتجسِّد الكفاءة، يتكرر مشهد إداري عبثي: مسؤول جديد غير مُلم يعتلي المنصب، لا ليعزز الموجود، بل ليهدم ما بُني، ويعيد تشكيل المنظومة على مقاس دوائر معارف قديمة. يُقصي الكفاءات المتميزة، ويستقدم فريقًا جديدًا لا بناءً على احتياجات أو مؤهلات، بل بناءً على توصيات وعلاقات شخصية سابقة، تحت ذريعة «بناء فريق منسجم».

حينها، تبدأ في دفع الأثمان؛ يتراجع الأداء، ويُهدر الوقت والجهد والمال، وتتهاوى الروح المعنوية. والمفارقة أن استبعاد الأكفاء لا يكون لقصور في أدائهم، بل لأنهم خارج دوائر الولاءات الضيقة. يدرك بعض المستقطبين ضعف كفاءتهم، فيرون في زملائهم تهديدًا، فيشرعون في تشويه سمعتهم، وتلفيق الشكاوى ضدهم، بل وبناء تحالفات مع إدارة الموارد البشرية، التي يفترض أن تكون جهة ضامنة للعدالة المؤسسية تحمي الموظفين، لكنها تُستغل أحيانًا لتسخير صلاحياتها في تصفية الحسابات الشخصية.

وتحت شعارات التحول المؤسسي، وإعادة الهيكلة، والحوكمة، تبدأ عمليات الإقصاء الممنهج. وتُستخدم المصطلحات البرّاقة لتضليل المجالس العليا وخداع الواقع. بعضهم يُتقن ترديد خطاب الاحتراف، لكنه لا يفقه مضمونه، ويرتدي قناع المهنية الزائفة ليُقنع من لا يرى الميدان.

ويُضاف إلى ذلك تعيين مسؤولين في إدارات ذات طبيعة فنية معقدة بلا خلفية أو خبرة في مجالها، فتغيب الرؤية، وتُتخذ القرارات على أساس تصورات سطحية، وتتحول الاجتماعات إلى مساحات استعراض لا صناعة قرار.

الأخطر حين تتحول إدارات الموارد البشرية من ضامن للعدالة إلى أداة بيد المتنفذين، تبرر التجاوزات وتلوّح بعبارات مثل «الباب مفتوح»، في غياب ثقافة التمكين والتحفيز، وسيادة نهج الإقصاء والإخضاع.

تتكرر الدورة: يُجلب قائد، يفشل، يُستبدل، ولا مساءلة. بينما تدفع الشركة الثمن من ميزانيتها، وسمعتها، واستقرارها الداخلي، وثقة موظفيها وشركائها.

أيها القادة، التغيير الحقيقي لا يكون بتدوير المقاعد وتبديل الوجوه، بل بردّ الاعتبار للكفاءة، وتحقيق العدالة المؤسسية، ووقف هدر الطاقات والخبرات. المسؤولية لا تُمنح بالعلاقات، بل تُكتسب بالكفاءة.

وقد آن الأوان لمراجعة معايير التعيين، وتفكيك شبكات التوصيات، واستعادة الشركات من قبضة المصالح الضيقة.

قال تعالى: «إن خير من استأجرت القوي الأمين» (القصص: 26).

فخير القادة من يجمعون بين القوة والأمانة، وإن كنا لا نعمم بما جاء في المقال، فإن المؤسف أن مثل هذه الممارسات ما زالت حاضرة في القليل من المؤسسات، وهي بحاجة إلى تصحيح لا تأجيل.
00:15 | 29-05-2025

أمانة العاصمة المقدسة.. استشعار عظمة المكان

في كل موسم حج، تتألق مكة المكرمة بمشهدها الإيماني والتنظيمي، وتبرز أمانة العاصمة المقدسة كأحد أهم أركان هذا النجاح المتكرر، بما تبذله من جهود ميدانية واسعة النطاق، وخطط تشغيلية محكمة تلامس كل تفاصيل حياة الحاج، بدءاً من النظافة والإصحاح البيئي، مروراً بالبنية التحتية، وانتهاءً بالخدمات البلدية اليومية التي تصنع الفارق في تجربة الحجيج.

وقد رفعت الأمانة هذا العام من وتيرة استعداداتها، معززةً حضورها الميداني بطواقم بشرية كبيرة ومعدات متقدمة تغطي المشاعر المقدسة ومكة المكرمة، وتعمل وفق منظومة دقيقة على مدار الساعة. وتضمنت الخطة دعم المراكز البلدية بعدد من المواقع الإضافية والنقاط الخدمية، إلى جانب توزيع المعدات والآليات في المواقع الحيوية لضمان الاستجابة الفورية والفعالة.

وفي مشهد يعكس فهماً عميقاً لاحتياجات ضيوف الرحمن، تولّت الأمانة الإشراف المباشر على نظافة مجازر مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي؛ بهدف تسهيل أداء نسك الهدي والفدية، وتوفير بيئة صحية وآمنة داخل المجازر وحولها، مدعومة بفرق ميدانية ومعدات متخصصة وخبرات تشغيلية مدرّبة.

كما عززت الأمانة أعمال الإصحاح البيئي بمسح شامل لمواقع انتشار الحشرات والقوارض وتجمعات المياه، مصحوبة برش ميداني وتقييم دوري للمبيدات المستخدمة، في وقت يتزامن فيه موسم الحج مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الكثافة السكانية المؤقتة.

وفي محور البنية التحتية، واصلت الأمانة جهودها في تشغيل وصيانة الطرق، والأنفاق، والجسور، وشبكات تصريف السيول، وشبكة الإنارة الممتدة على كامل نطاق مكة والمشاعر، مما يضمن بيئة حضرية جاهزة لاستيعاب ضيوف الرحمن بأمان وسلاسة.

ومن الخطوات اللافتة هذا العام، توسيع نطاق لجنة مكافحة الذبح العشوائي لتشمل كامل العاصمة المقدسة، بمشاركة عدد من الجهات المعنية، وذلك في خطوة تهدف إلى تنظيم عمليات الذبح، والحد من الممارسات غير النظامية التي تؤثر على الصحة العامة والمشهد الحضري للمدينة.

وإلى جانب الأدوار التنفيذية، تولي أمانة العاصمة المقدسة جانب التوعية أهمية خاصة، من خلال تنفيذ حملات إعلامية توعوية تستهدف ضيوف الرحمن بعدة لغات، عبر الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة، وذلك لتعزيز الوعي بالإجراءات البلدية والصحية، وتوجيه الحجاج نحو السلوكيات السليمة التي تضمن سلامتهم وسلامة البيئة من حولهم.

إن ما تقوم به أمانة العاصمة المقدسة ليس مجرد تنفيذ لمهمات بلدية، بل هو نموذج وطني يعكس تكامل العمل المؤسسي، واستشعار عظمة الزمان والمكان، وتجسيد حيّ لما توليه الدولة من اهتمام بالغ بالحرمين الشريفين وضيوف الرحمن.

وتأتي هذه الجهود ضمن رعاية كريمة ودعم مستمر من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- اللذين جعلَا من خدمة الحجيج أولوية وطنية، ووجها بتسخير كل الإمكانات البشرية والتقنية لإنجاح الموسم. ولهذا باتت المملكة أنموذجاً عالمياً يُحتذى به في إدارة الحشود، وحسن الضيافة، والتفوق في كل موسم.
00:05 | 19-05-2025

رؤية تتحقق.. ووطن يزدهر بقيادة حكيمة

مع بلوغ رؤية مملكتنا الحبيبة 2030 عامها التاسع، تتجلى أمام العالم أجمع صورة وطنٍ استثنائي، رسمت قيادته الحكيمة ملامح المستقبل بثقة وعزم، وقادت أبناءه نحو تحقيق إنجازات غير مسبوقة في مختلف المجالات.

لقد شكّل عام 2024 عامًا مفصليًا في مسيرة الرؤية، إذ حققت المملكة العديد من مستهدفاتها قبل أوانها، وتجاوزت سقف الطموحات، لترسخ بذلك مكانتها كواحدة من أبرز الاقتصادات وأكثرها ديناميكية على مستوى العالم. فقد شهد المشهد الاقتصادي نموًا قويًا في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 3.9%، مع استمرار تزايد مساهمة القطاع الخاص وارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما يدل على متانة بيئة الأعمال وجاذبيتها.

وفي مضمار التنمية المجتمعية، سجلت المملكة قفزات نوعية؛ حيث ارتفعت نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن إلى 65.4%، متجاوزة مستهدفات العام، وتمكنت من رفع عدد المتطوعين إلى أكثر من 1.2 مليون متطوع، في حين قفز ترتيب المملكة 25 مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية. كما حصدت المملكة مكانة عالمية جديدة بتسجيلها ثمانية مواقع في قائمة التراث العالمي لليونسكو، لتؤكد مجددًا عمقها التاريخي والثقافي.

هذه النجاحات لم تكن وليدة المصادفة، بل كانت ثمرة رؤية واضحة، وعمل دؤوب قادته قيادة استثنائية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، يحفظهما الله. قيادة جعلت الإيمان بقدرات أبناء وبنات الوطن أساس التحول، وسخرت كافة الإمكانات لاستثمار الفرص وتعزيز التنمية المستدامة.

إن ما تحقق خلال هذا العام من مكتسبات نوعية لم يكن مجرد أرقام بل هو شهادة حية على نضج التخطيط الاستراتيجي، ومتانة الحوكمة، وإصرار المملكة على أن تكون نموذجًا عالميًا في التحول الاقتصادي والاجتماعي. والأهم من ذلك أن رؤية المملكة 2030 لم تكتفِ بتحقيق أهدافها المرحلية، بل أطلقت مرحلة جديدة من العمل الطموح لاستكمال مسيرة البناء لما بعد عام 2030.

وختامًا، ونحن ننظر بإعجاب إلى ما تحقق، نزداد يقينًا بأن بلادنا تسير بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا. ونُجدد العهد على أن نواصل العمل بروح الطموح والإصرار، خلف قيادتنا الرشيدة، لبناء وطن يليق بتاريخه المجيد، ويحقق تطلعات شعبه الوفي، ويظل مركز إشعاع حضاري وإنساني للعالم أجمع.
15:25 | 29-04-2025

مركاز البلد الأمين: منصة تجمع الأصالة والحداثة

من قلب مكة المكرمة، وفي أجواء رمضان المبارك، انطلقت النسخة الثانية من مركاز البلد الأمين مطلع الشهر الفضيل، لتكون منصة تجمع المسؤولين، المستثمرين، ورواد الإعلام والأعمال، بهدف تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق الشراكة الفاعلة والتعاون بين مختلف القطاعات. يستلهم المركاز رؤيته من بركة مكة المكرمة وفضلها، ليكون نموذجًا حديثًا للحوار والتعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع، في سبيل تحقيق مستقبل أكثر ازدهارًا للعاصمة المقدسة. كما يعزز المركاز الهوية الوطنية والثقافة المحلية من خلال استلهام قيم المجالس الحجازية التقليدية، مما يجعله مساحة تحتفي بالأصالة والتاريخ، وتربط الماضي بالحاضر في إطار حديث يخدم التنمية.

لقد تشرفت بتلقي دعوة كريمة من المنظمين لزيارة مركاز البلد الأمين، وأسعدني ما شاهدته من تنظيم متميز يعكس روح مكة وخصوصيتها، حيث التقيت بنخبة من المسؤولين وأصحاب المشاريع ورواد الأعمال الذين يجتمعون في هذا الحدث لتبادل الأفكار وصناعة المستقبل. كان من الرائع أن أرى كيف نجح المركاز في أن يكون مساحة تجمع بين الأصالة والحداثة، وبين التراث والابتكار، مما يعكس الرؤية الطموحة لتطوير مكة المكرمة والارتقاء بجودة الحياة فيها.

يهدف المركاز في نسخته الثانية إلى تعزيز الحوار والتفاعل المجتمعي بين القطاعات المختلفة، وفتح آفاق الشراكات الاستثمارية والتنموية لدعم اقتصاد مكة المكرمة، بالإضافة إلى تحسين جودة الحياة من خلال تطوير الخدمات والمبادرات، وتمكين رواد الأعمال والشركات الناشئة عبر خلق فرص جديدة للتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة. كما يسهم في تعزيز مكانة مكة المكرمة كمدينة عالمية مستدامة تتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

شهد المركاز بداية انطلاقته في رمضان الجاري توقيع عدد من الاتفاقيات والمشاريع المهمة، أبرزها عقد المحفظة الإعلانية لمكة المكرمة (الحزمة الأولى) بقيمة تتجاوز 600 مليون ريال، بين شركة البلد الأمين، الذراع التنموي والاستثماري لأمانة العاصمة المقدسة، وشركة روتانا ساينز، مما يعزز الاستثمار الإعلامي والترويجي للمدينة المقدسة. كما تم إبرام شراكات مع 21 جهة شريكة وراعية وداعمة، مما يعكس أهمية المركاز كمنصة للربط بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز التكامل بين الجهات المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة. وحظي الحدث بحضور رسمي رفيع المستوى، مما يؤكد الدعم الكبير الذي تحظى به المبادرة على أعلى المستويات، ويعكس مدى اهتمام القيادة بتنمية مكة المكرمة ورفع جودة الخدمات فيها.

إلى جانب كونه منصة للحوار والتعاون الاقتصادي والتنموي، يسهم مركاز البلد الأمين في إبراز الهوية الوطنية وتعزيز الثقافة المحلية، حيث يعكس أصالة مكة المكرمة وتاريخها العريق، ويعيد إحياء مفهوم المجالس الحجازية التي كانت ولا تزال رمزًا للحوار والتشاور في المجتمع. كما يوفر المركاز مساحة تعزز الفخر بالتراث الوطني، وتتيح الفرصة لمختلف فئات المجتمع للمشاركة في بناء مستقبل المدينة المقدسة بروح مستمدة من تاريخها العريق.

إن إطلاق النسخة الثانية من المركاز في شهر رمضان المبارك، يجعله فرصة لتعزيز قيم التعاون والتكافل التي يرمز إليها هذا الشهر الفضيل، حيث أتاح اللقاءات المباشرة بين المسؤولين والمجتمع، وأسهم في تحفيز الاستثمار، وتسهيل تنفيذ المشاريع، ودعم رواد الأعمال، مما يعزز مكانة مكة المكرمة كمدينة تحتضن الابتكار والتنمية المستدامة.

مع استمرار نجاحه، يواصل مركاز البلد الأمين مسيرته في بناء مستقبل أكثر إشراقًا لمكة المكرمة، حيث يترجم روح الشهر الفضيل إلى مبادرات وشراكات تحقق التنمية والازدهار والتكامل بين القطاعات المختلفة. وكما كانت مكة دائمًا مهدًا للحضارات والتجارة، فإن هذا المركاز يعزز دورها كمركز عالمي للتنمية والاستثمار، مستنيرًا برؤية المملكة 2030، ومستلهمًا من قدسية المكان وزمانه المبارك، ومسهمًا في إبراز هويتها الوطنية وثقافتها الغنية.
00:06 | 14-03-2025

الإعلام السعودي والاحترافية العالمية

تشهد المملكة العربية السعودية حراكًا تنمويًا غير مسبوق في مختلف القطاعات، حيث باتت مسيرة التطور جزءًا لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030، التي وضعت أسسًا راسخة لبناء اقتصاد متنوع ومستدام. ومن بين المجالات التي شهدت نقلة نوعية، يبرز قطاع الإعلام باعتباره ركيزة أساسية في عملية التنمية، نظرًا لدوره الحيوي في نقل الحقائق وتعزيز الوعي وبناء الصورة الذهنية عن المملكة عالميًا. وفي هذا السياق، يأتي انعقاد المنتدى السعودي للإعلام 2025 في العاصمة الرياض خلال الفترة من 19 إلى 21 فبراير، ليؤكد على أهمية الإعلام في دعم التحولات التي تعيشها المملكة وتعزيز موقعها الريادي إقليميًا ودوليًا، حيث يجمع المنتدى أكثر من 200 من أبرز الإعلاميين والخبراء، إلى جانب مشاركة 250 شركة عالمية متخصصة في الإعلام والتقنية.

لم يكن التطور الذي شهدته المملكة محصورًا في قطاع معين، بل شمل جميع المجالات من الاقتصاد إلى التكنولوجيا، ومن البنية التحتية إلى الثقافة والسياحة. هذا التقدم فرض على الإعلام السعودي مسؤوليات كبرى لمواكبة التطورات ونقل الصورة الحقيقية عن النهضة التي تشهدها البلاد، حيث أصبح الإعلام أداة فعّالة في إبراز إنجازات المملكة وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية. وقد انعكس هذا التحول على طبيعة المحتوى الإعلامي السعودي، الذي بات أكثر قدرة على المنافسة عالميًا من خلال الاستثمار في الإعلام الرقمي، الذكاء الاصطناعي، وصناعة المحتوى الإبداعي. وأصبح الإعلام السعودي اليوم قادرًا على تقديم محتوى يواكب معايير الاحترافية العالمية، مدعومًا بسياسات حكومية تهدف إلى تطوير الكفاءات الإعلامية وتعزيز دور الإعلام في تحقيق مستهدفات الرؤية.

تلعب وزارة الإعلام دورًا محوريًا في قيادة هذا التحول، من خلال تطوير بيئة إعلامية متقدمة تسهم في دعم القطاعات المختلفة وتعزز الحضور الإعلامي السعودي إقليميًا ودوليًا. وقد عملت الوزارة على إطلاق مبادرات نوعية تدعم تطوير الكوادر الإعلامية، وتمكين المؤسسات الإعلامية من مواكبة التغيرات العالمية في صناعة المحتوى، إضافةً إلى دعم التحول الرقمي في القطاع الإعلامي عبر تبني أحدث التقنيات والابتكارات. كما تعمل الوزارة على تعزيز الشراكات مع الجهات الإعلامية العالمية، مما يسهم في تبادل الخبرات ونقل المعرفة، ورفع مستوى التنافسية في السوق الإعلامية السعودية. وفي هذا السياق، أكد معالي وزير الإعلام خلال افتتاح المنتدى أن قطاع الإعلام سيخلق قرابة 150 ألف وظيفة بحلول عام 2030، ليكون حاضنًا للمواهب ومسرّعًا للابتكار، وهو ما يعكس التزام الوزارة بتطوير هذا القطاع ليصبح أحد المحركات الرئيسية في التنمية الاقتصادية.

يُعد المنتدى السعودي للإعلام 2025 أكبر تجمع إعلامي في المنطقة، حيث يضم نخبة من الخبراء وصنّاع القرار في مجال الإعلام لمناقشة التحولات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي. ويأتي المنتدى هذا العام تحت شعار «مستقبل الإعلام في ظل التحول الرقمي»، ليعكس مدى تأثير التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة على صناعة الإعلام. يشتمل المنتدى على أكثر من 80 جلسة وورشة عمل متنوعة تتناول قضايا رئيسية مثل مستقبل الصحافة والإعلام التقليدي في عصر الرقمنة، الإعلام والذكاء الاصطناعي، التضليل الإعلامي وأهمية الموثوقية، صناعة الترفيه والبث الرقمي، ودور الإعلام كأداة لدعم التنمية الاقتصادية. كما يضم المنتدى معرض مستقبل الإعلام (FOMEX)، وهو الحدث الأضخم من نوعه في الشرق الأوسط، حيث يجمع أكثر من 250 شركة عالمية متخصصة في الإعلام والتكنولوجيا لعرض أحدث الابتكارات في الصناعة.

إلى جانب الجلسات الحوارية والمعرض، يتيح المنتدى للمشاركين فرصة خوض ست تجارب تفاعلية فريدة تسلط الضوء على أحدث أدوات وتقنيات الإعلام الرقمي، مما يمنحهم فرصة لاكتشاف مستقبل الإعلام بشكل عملي وتجريبي. كما يوفر المنتدى فرصًا تمويلية مبتكرة لدعم رواد الأعمال في القطاع الإعلامي، مما يسهم في تمكين الشركات الناشئة والمشاريع الإعلامية الطموحة من تحقيق نمو مستدام وتعزيز حضورها في السوق.

مع تسارع خطوات المملكة نحو تحقيق أهداف رؤيتها الطموحة، أصبح الإعلام أكثر من مجرد ناقل للأحداث، بل أضحى شريكًا في صياغة المستقبل. فالإعلام السعودي اليوم ليس فقط وسيلة لنقل الأخبار، بل هو منصة لتعزيز الهوية الوطنية، ودعم الاستثمار، والترويج للمشاريع الكبرى مثل نيوم والقدية ومشاريع الطاقة المتجددة. كما أن الإعلام الحديث، بمختلف أشكاله، يمثل جسرًا بين المملكة والعالم، حيث يساهم في تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتعزيز الصورة الإيجابية عن التطورات التي تشهدها البلاد. وتأتي جهود وزارة الإعلام لتعزيز هذا الدور من خلال تطوير السياسات الإعلامية، وتقديم الدعم اللازم للمؤسسات الإعلامية، وتمكين المواهب الوطنية لصناعة محتوى يعكس التطور الذي تعيشه المملكة.

يُشكّل المنتدى السعودي للإعلام 2025 حدثًا محوريًا في مسيرة الإعلام السعودي، حيث يرسّخ مكانته كقطاع حيوي يسهم في دفع عجلة التنمية وتعزيز موقع المملكة على خارطة الإعلام العالمي. ومع استمرار المملكة في تحقيق قفزات نوعية في مختلف المجالات، يظل الإعلام شريكًا استراتيجيًا في هذه الرحلة، مسخرًا أدواته الرقمية والتقنية لدعم المسيرة التنموية وترسيخ صورة المملكة كدولة رائدة في الابتكار والتقدم، وذلك بجهود متكاملة من المؤسسات الإعلامية وبدعم استراتيجي من وزارة الإعلام.
00:00 | 21-02-2025

التواصل الداخلي.. ركيزة الولاء المؤسسي

في بيئة العمل الحديثة، أصبح التواصل الداخلي أحد أهم الركائز التي تعتمد عليها المنظمات لتعزيز التماسك والارتباط بين أفرادها. فهو ليس مجرد أداة لنقل المعلومات، بل عملية استراتيجية تهدف إلى بناء جسور الثقة وتحقيق الولاء التنظيمي الذي يضمن استمرارية النجاح المؤسسي.

التواصل الداخلي يتجاوز دوره التقليدي كوسيلة لتوجيه الموظفين، ليصبح محركًا رئيسيًا يعزز الشعور بالانتماء، ويرسّخ قيم الشفافية والوضوح في بيئة العمل. عندما يشعر الموظف بأنه جزء من كيان أكبر يسعى لتحقيق أهداف مشتركة، فإنه يصبح أكثر التزامًا بأداء دوره، وأكثر ولاءً تجاه المنظمة التي يعمل بها.

الولاء المؤسسي لا يُبنى على الحوافز المادية وحدها، بل يتطلب شعور الموظف بالتقدير والاحترام والمشاركة. وهنا يأتي دور التواصل الداخلي كأداة فعّالة لتحقيق هذه العناصر. فمن خلال قنوات الاتصال المفتوحة، يمكن للإدارة بناء علاقة ثقة متبادلة مع الموظفين، تجعلهم أكثر استعدادًا للمساهمة بفعالية في تحقيق رؤية المنظمة.

التواصل الداخلي يُتيح أيضًا فرصة للاعتراف بمساهمات الأفراد والفرق، وهو أمر يُعزز من شعورهم بقيمة ما يقدمونه. فالاعتراف بالجهود المبذولة لا يتطلب تكلفة مادية، لكنه يحمل أثرًا كبيرًا في رفع الروح المعنوية وتحفيز الأداء.

لتعزيز فعالية التواصل الداخلي، يجب على المنظمات تبني ممارسات تحقق التفاعل الإيجابي بين الإدارة والموظفين. من أبرز هذه الممارسات الشفافية في مشاركة المعلومات المتعلقة بأهداف المنظمة وتحدياتها وإنجازاتها، واستخدام أدوات رقمية فعّالة مثل النشرات الداخلية والبريد الإلكتروني والمنصات التفاعلية، وتنظيم لقاءات دورية للتفاعل المباشر، بالإضافة إلى التقدير المستمر لجهود الموظفين وإبراز إنجازاتهم.

إلى جانب ذلك، من الضروري أن تمنح المنظمات إدارة التواصل الداخلي الصلاحيات الكاملة التي تمكّنها من أداء دورها بفعالية. كما يجب أن يكون لها موقع واضح ومؤثر في الهيكل التنظيمي للمنظمة، إلى جانب توفير كوادر متخصصة تمتلك المهارات والخبرات اللازمة في هذا المجال. هناك منظمات أدركت أهمية هذا الدور الاستراتيجي، فقامت بإنشاء إدارات أو إدارات عامة للتواصل الداخلي، مما ساهم في تحقيق قفزات نوعية في بناء ثقافة العمل وتعزيز الولاء المؤسسي.

مع التطور المستمر في عالم الأعمال، سيظل التواصل الداخلي محورًا أساسيًا في تحقيق الاستدامة المؤسسية. ومع تزايد الاعتماد على التقنيات الحديثة، فإن المنظمات أمامها فرصة لتطوير قنوات تواصل مبتكرة تعزز التفاعل اللحظي بين جميع المستويات التنظيمية.

التواصل الداخلي ليس مجرد عملية نقل معلومات، بل هو فن استراتيجي يُحقق الولاء ويبني ثقافة تنظيمية قوية تعتمد على الشفافية والتقدير والمشاركة. حينما تستثمر المنظمات في تطوير تواصل داخلي فعّال، فإنها تضمن بناء بيئة عمل ملهمة تساهم في تحقيق أهدافها وترسيخ مكانتها بين منافسيها.
00:01 | 6-01-2025

مشروعات النقل.. قفزات نوعية نحو المستقبل

تشهد المملكة العربية السعودية نهضة غير مسبوقة في قطاع النقل، الذي يُعد أحد المحركات الرئيسية للتنمية المستدامة، وذلك بفضل الرؤية الطموحة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظهما الله. ويمثل الدعم السخي والتوجيهات الحكيمة من القيادة الرشيدة الأساس الذي يرتكز عليه هذا التحول النوعي، الذي يعزز مكانة المملكة عالميًا كمركز لوجستي يربط بين القارات الثلاث.

أحد أبرز الإنجازات في هذا القطاع هو افتتاح مشروع «قطار الرياض»، الذي يُعد العمود الفقري لشبكة النقل العام في العاصمة، ويتميز بتصميمه التقني الفائق وشبكته المكونة من 6 مسارات بطول 176 كيلومترًا و85 محطة، بما فيها 4 محطات رئيسية. هذا المشروع الضخم، الذي جاء تتويجًا لرؤية خادم الحرمين الشريفين منذ أن كان رئيسًا للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، يُعد نموذجًا عالميًا يعكس الالتزام بتحقيق أعلى معايير الجودة والابتكار.

وفي مجال النقل الجوي، تتصدر المملكة المشهد العالمي بمشروعات طموحة مثل «مطار الملك سلمان الدولي» الذي يهدف إلى استيعاب 120 مليون مسافر بحلول عام 2030، مع إمكانية التوسع ليخدم 185 مليون مسافر مستقبلًا. المشروع يعزز مكانة الرياض كوجهة عالمية ومركز لوجستي محوري يجمع بين التقنيات المتقدمة وتصميمه المتكامل مع «رؤية المملكة 2030».

كما برز مشروع «طيران الرياض» كإضافة نوعية لقطاع النقل الجوي، حيث يهدف إلى تعزيز ربط العاصمة الرياض بالعالم من خلال شبكة واسعة من الوجهات الدولية. ويركز المشروع على تقديم خدمات متطورة وتجربة سفر عالمية، مما يعزز تنافسية المملكة في سوق الطيران العالمي ويجعلها وجهة مفضلة للمسافرين.

إلى جانب ذلك، شهدت المملكة توسعًا في تطوير مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة ومطار الملك خالد الدولي بالرياض، إضافة إلى استقطاب خطوط طيران وتدشين وجهات دولية جديدة. هذه المشروعات تهدف إلى تحقيق أهداف رؤية 2030، التي تسعى إلى جذب أكثر من 100 مليون زائر سنويًا وتعزيز موقع المملكة كمحور رئيسي للحركة الجوية العالمية.

أما على مستوى النقل البري، فقد أصبحت شبكة الطرق السعودية واحدة من الأفضل عالميًا، حيث تربط الطرق السريعة بين مختلف مناطق المملكة، مدعومة بتقنيات النقل الذكي لتعزيز كفاءتها وسلامتها. هذه المشروعات لم تقتصر على تحسين البنية التحتية، بل شملت أيضًا تطبيق أنظمة رقمية مبتكرة تسهم في إدارة الحركة المرورية بكفاءة عالية.

وفيما يخص شبكات القطارات، أطلقت المملكة مشروعات نوعية تعكس حرصها على تسهيل حركة التنقل وربط المدن والمناطق الرئيسية. أحد أبرز هذه الشبكات هو قطار الحرمين السريع الذي يربط بين مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة ومدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة. ويُعد هذا المشروع الأول من نوعه في المنطقة بتقنية القطارات عالية السرعة، حيث يسهم في نقل ضيوف الرحمن والمسافرين بكل راحة وكفاءة.

كما تمتد شبكة القطارات لتشمل قطار الشمال الذي يربط مناطق المملكة الشمالية بالعاصمة الرياض ويدعم حركة النقل التجاري والمجتمعي. هذه المشاريع تعزز من تكامل قطاع النقل في المملكة وتسهم في تحقيق رؤية 2030.

وفي قطاع النقل البحري، عززت المملكة مكانتها كمركز عالمي للنقل والشحن، من خلال تطوير موانئها التجارية والصناعية، مثل ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام وميناء جدة الإسلامي. وتُمثل هذه الموانئ ركائز أساسية لدعم التجارة العالمية وتعزيز مكانة المملكة في الأسواق الدولية.

وتلعب وزارة النقل والخدمات اللوجستية دورًا محوريًا في قيادة هذه التحولات النوعية في مختلف قطاعات النقل، حيث تمكّنت من تنفيذ العديد من المشروعات الطموحة التي عززت تنافسية المملكة عالميًا. ونجحت الوزارة، بقيادة فريق عمل متميز، في تحقيق التكامل بين النقل الجوي والبري والبحري والسككي، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030 ويضمن الاستدامة وجودة التنفيذ.

إن الدعم السخي الذي تقدمه القيادة الرشيدة، إلى جانب الجهود المتميزة لوزارة النقل، يعكس التزامًا واضحًا بتحقيق نقلة نوعية شاملة في قطاع النقل. هذه المشروعات لا تهدف فقط إلى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين، بل تسهم أيضًا في تعزيز جودة الحياة وجعل المملكة مركزًا عالميًا للنقل والخدمات اللوجستية.
00:01 | 6-12-2024

«الاحتراق الوظيفي».. تحديات جديدة وحلول متخصصة..!

الاحتراق الوظيفي هو ظاهرة متزايدة في عالمنا اليوم، حيث يواجه العديد من الموظفين ضغوطاً متزايدة في بيئات عملهم مما يؤدي إلى حالات من الإرهاق الشديد والإجهاد النفسي. هذه الحالة التي تعرف بالاحتراق الوظيفي تتّسم بفقدان الحماس تجاه العمل، والإحساس بالإجهاد الدائم، والانعزال عن الحياة الشخصية، مما يؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية للموظف.

الاحتراق الوظيفي يظهر بشكل تدريجي حيث يبدأ الموظف بفقدان القدرة على التعامل مع التحديات اليومية في العمل، مما يجعله يشعر بالإرهاق الجسدي والنفسي. تصبح المهام التي كانت في السابق سهلة أو ممتعة عبئاً ثقيلاً يصعب التعامل معه، وتبدأ العلاقات المهنية بالتدهور نتيجة لانخفاض مستوى التركيز والاهتمام. هذا الشعور المستمر بالتعب والإرهاق يؤدي إلى تراجع الإنتاجية ويصبح الموظف أقل كفاءة في أداء مهامه اليومية.

ولا يتوقف تأثير الاحتراق الوظيفي عند حدود العمل، بل يمتد ليؤثر على الحياة الشخصية للموظف. الموظف الذي يعاني من الاحتراق يجد صعوبة في الاستمتاع بالحياة خارج العمل، حيث يؤثر التوتر على علاقاته الشخصية، ويصبح أكثر عرضة للانعزال والابتعاد عن الأنشطة الاجتماعية. كما قد يواجه الموظف صعوبة في النوم والتركيز، مما يزيد من حدة الإجهاد ويعمّق شعوره بالتعب.

إلى جانب التأثيرات النفسية، فإن الاحتراق الوظيفي قد يتسبّب وفق آراء الأطباء في ظهور مشكلات صحية جسدية مثل الصداع المزمن وآلام العضلات، وقد يتفاقم الأمر ليشمل مشكلات صحية أكثر خطورة كارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات القلب. هذه التأثيرات السلبية على الصحة تجعل الموظف أقل قدرة على الاستمتاع بالحياة وتزيد من تدهور حالته النفسية والجسدية.

مع تزايد الوعي بمشكلة الاحتراق الوظيفي وتأثيراتها السلبية، بدأت تظهر لدينا في السعودية خدمات متخصصة تهدف إلى مساعدة الموظفين في التعامل مع هذه المشكلة. تقدم هذه الخدمات استشارات نفسية وعلاجية تهدف إلى تخفيف التوتر والإجهاد المرتبط بالعمل، كما تقدم برامج مخصصة لمساعدة الأفراد على استعادة توازنهم النفسي والجسدي.

من أهم العوامل التي شجعت على ظهور هذه العيادات في المملكة هو تزايد الإدراك بأن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وأن الموظف السليم نفسياً هو أكثر قدرة على مواجهة تحديات العمل والإنتاج بفعالية. تقدم العيادات المتخصصة برامج علاجية تعتمد على استراتيجيات مثل العلاج السلوكي المعرفي وتقنيات إدارة الإجهاد، وهي أساليب أثبتت نجاحها في تحسين الحالة النفسية للموظفين.

هذه الخطوة تعد تطوراً مهماً في مجال الصحة النفسية والوظيفية في المملكة، حيث تساعد هذه العيادات في خلق بيئة عمل صحية ومستدامة تعزز من رفاهية الموظفين وتخفف من آثار التوتر والإرهاق. بفضل هذه المبادرات، يمكن للموظفين الآن الحصول على الدعم اللازم للتعامل مع الضغوط الوظيفية واستعادة التوازن بين حياتهم المهنية والشخصية.

وجود عيادات متخصصة لعلاج الاحتراق الوظيفي يمثل نقلة نوعية في التعامل مع هذا التحدي الذي يواجه العديد من العاملين. هذه العيادات لا تقدم فقط العلاج والدعم، بل توفر أيضاً استراتيجيات وقائية تساعد الموظفين على التعرّف على العلامات المبكرة للاحتراق الوظيفي واتخاذ التدابير اللازمة قبل تفاقم الوضع. تعزيز الوعي بأهمية التعامل مع الاحتراق الوظيفي يعد خطوة أساسية نحو تحسين جودة حياة الموظفين وزيادة إنتاجيتهم، وهو ما يصب في مصلحة الفرد والمؤسسة على حد سواء.

في الختام، يعد الاحتراق الوظيفي تحديّاً حقيقياً يواجهه العديد من الموظفين في العالم اليوم، ولكن مع تزايد الوعي ووجود العيادات المتخصصة في المملكة، أصبح من الممكن التعامل مع هذه المشكلة بفعالية أكبر. تقدم هذه العيادات الدعم اللازم للموظفين لاستعادة طاقتهم وحيويتهم، مما يسهم في تحسين بيئة العمل والحياة الشخصية على حد سواء.
01:08 | 31-10-2024