أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1568.jpg&w=220&q=100&f=webp

عبدالله بن رابح الشريف

ملَهّي (الرعيان) طائر (التيك توك)

ملَهّي الرعيان طائر يعرف في موروثنا الشعبي بهذا الاسم، وهو الاسم المحلي الذي يُطلق على طائر السبد؛ لأنه يشغل الرعاة عن مواشيهم في ملاحقته بالفلاة طمعاً بالإمساك به حتى تتيه مواشيهم أو تفترسها الذئاب بسبب اتباع الطائر كونه لا يطير إلا عندما يقترب منه الراعي على بُعد خطوات ويحط قريباً منه، ويسمى أيضاً بصرار الليل، وكل هذه التصرفات ليلاً أم نهاراً تشغل الرعاة وتلهيهم.


في القرن التاسع عشر جاء احتكاك الفكر العربي الثقافي بالثقافة الغربية عن طريق حملة نابليون بونابرت على البلدان العربية عام (1798م)، وقد عُدت حملته من أبرز الأحداث التي أثرت في الفكر الثقافي العربي الحديث، وأنا هنا لست بصدد الحديث عن مقاصدها السياسية والعسكرية وأهدافها، لكن عن أساليبها التي أثرث بها، فقد كانت مصحوبة بالعلماء والمختبرات والأدوات ووسائل الطبع والنشر والبعثات والعروض المسرحية التي استطاعت أن تدغدغ عقول المثقفين العرب آنذاك.


‏وما دعاني للحديث عن هذه الحملة وأثرها الفكري هو ما نشاهده ونسمعه اليوم في مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي من التباكي على الزمن الماضي أو الزمن المفقود وسرعة الأيام والأحداث، بينما أيامنا هي هي، لكن الأجهزة الذكية التي بين أيدينا هي من أفقدتنا الإحساس بالوقت وكل لحظة فراغ وجعلته ينقضي بسرعة، وليته ينقضي على ما هو مفيد، بل على فراغ الآخرين وتفاهاتهم، فأصبح يشاهد اليوم وبوضوح ذلك الأثر القوي الذي أحدثته مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي في الحياة، وما وفّرته لسرعة تمرير الخبر جعل وسائل الإعلام والأخبار تشرع في فتح صفحات على مواقع التواصل وتتحول إلى تطبيقات، حتى تلك القنوات التلفازية والمحطات الإذاعية لم تختلف عنها، بل بادرت في الاتجاه نفسه، فهذه قناة (الإم بي سي) تستعين بتطبيق (شاهد)، وغيرها كثير، وهذا ليس بعيب، بل ضرورة من ضرورات العصر التي أحدثتها (السوشل ميديا)، فقد أصبحت التطبيقات الرقمية العمود الفقري للعمل الإعلامي.


‏ومن ضمن التطبيقات التي اكتسحت حياتنا مؤخراً تطبيق (التيك توك) الصيني الذي أطلق عليه كثيرون ممن يحملون ثقافة شعبية أنه يقوم الآن بدور طائر السبد الصحراوي في حياتنا اليومية، والجدير بالذكر أن هناك بعض التطبيقات لا يرتادها إلا النخبة ومنها على سبيل المثال تطبيق (إكس) (تويتر) سابقا فالمتأمل لهذا التطبيق يجد نسبة كبيرة من مرتاديه من أهل الفكر والعلم والثقافة إلا قلة دخيلة يعاني منها أغلب المجتمعات يحملون أفكاراً دخيلة وعصبية لا يُلْتفت إليهم في الغالب، لكن (تيك توك) مع ما يحمله من منافع أحياناً ‏إلا أن غالبية مرتاديه من العوام ومحدودي التعليم والفكر، وهي فئة في كل مجتمع لا نقلل من شأنها، لكنها في بعض الأحيان يصعب عليها فهم الرسالة المتلقاة، وقد أثر هذا التطبيق على مناحي حياتنا كافة، أهمها الشخصية قبل الاجتماعية فكثير منا يعيشون في دوامة التشتت، سنين تمر في متابعة رسائل بلا قيمة سرقت منها أغلى لحظاتها كان مقررًا نعيشها مع من نحب وأصبح اليوم سلاحاً بيدك، إما أن تبني فيه طريقاً يقربك لأهدافك ويزرع أثراً طيباً، وإما أن تخسر ​​فيه أجمل أيامك.


‏طائر (التيك توك) أصبح أكثر خطراً مع نكهة الذكاء الاصطناعي على الفئة التي ذكرتها سابقاً، وهم أكثرنا ارتياداً له، وفي أحيان ليست بقليلة غرر بالمتعلمين والمثقفين، مما يولد الحاجة والضرورة لإعادة تأهيل المجتمع للتعامل مع مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي حتى يرتقي المتلقي بنفسه عما لا يليق به وبمجتمعه ووطنه.


وقفة: الذي لم يولد من رحم إحدى وسائل الإعلام لا يسمى إعلامياً.

00:13 | 2-12-2025

الإدارة المدرسية.. الشريان النابض في قلب العملية التعليمية

جاءت رؤية المملكة 2030م بتغييرات هائلة في معظم المجالات، شملت جميع أجهزة الدولة ووزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها، إذ أسهمت هذه التغييرات في زيادة إدراك متطلبات التغيير والتطوّر في الحاضر والمستقبل ومواكبة كل المستجدات المعاصرة، وهذا بالطبع شمل وزارة التعليم كغيرها، وجعلها تحدث أكثر من تغيير في هياكلها ونماذجها الأمر الذي جعلها تسعى من خلاله لتمكين المدرسة، الذي بطبعه يشمل مديري المدارس فجاءت الهيكلة الأخيرة للإدارات العامة للتعليم تحمل في طياتها قسماً للإدارة المدرسية تابعاً لإدارة أداء التعليم، وكان من الأولى من وجهة نظري على الأقل أن تكون إدارة مستقلة للإدارة المدرسية تبقى ما بقيت الإدارات العامة للتعليم، وهذا يستدعيه توجه الوزارة نحو تمكين مديري المدارس، الذي لن يحدث بمعزل عن الجهود الجبارة التي يقدمها مشرفو الإدارة المدرسية في الميدان التعليمي حتى يتمكنوا ويتكيّفوا ويتفاعلوا بإيجابية مع الظروف المحيطة ومن ثم تحقيق مستوى عالٍ من الأداء.

إن مديري المدارس ومشرفي الإدارة المدرسية هم أصول إدارات التعليم الواجب استثمارها في هذه المرحلة كونها إحدى المقوّمات التي تزيد من قدرة مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، فقد أصبح ضرورياً الاهتمام بقدرات هذا المورد المهم طالما أنه يرتكز عليه تحقيق الأداء المتميّز للمدرسة، مما يتطلب أن تبذل جهود تمكينية من أجل النهوض بمستوى أدائهم واستغلال أقصى ما لديهم من إمكانات.

لذلك ينبغي توفير مناخ ملائم لتمكينهم على اختلاف مستوياتهم بشكل أمثل بما ينعكس إيجاباً على روحهم المعنوية، فالإدارة المدرسية الناجحة هي عنصر حاسم في تحقيق تعليم عالي الجودة ورفع مستوى الأداء التعليمي في المدارس. إنها القوة الدافعة والمنظمة التي تلعب دوراً رئيسيّاً في توجيه الجهود التعليمية وتحفيز الفرق التعليمية نحو التميّز.

والتمكين الإداري المنشود هو التمكين الحقيقي الذي يعتبر أكثر من كونه عملية تفويض تقليدية، فهو يقوم على فلسفة جديدة قوامها ألا يكون تركيز المدير على التنظيم التنافسي، بل التركيز على العاملين في المقام الأول، وهو على صلة أكيدة باتجاهات التطوير السائدة والمتعلقة بتنمية الجانب الإنساني داخل المدرسة، وحيث شرعنا في تطبيق التمكين فعلينا أولاً أن نبدأ بالإثراء الوظيفي لمديري المدارس ثم تشجيعهم على تقديم ما لديهم من مقترحات وإشراكهم في صنع القرار والعمل في إطار الفريق والجودة لتأهيلهم لمرحلة التمكين الفعلي.

وقد يكون التمكين في صور مختلفة إما عن طريق القادة أو عن طرق الفرد أو العمل الجماعي والتغييرات الهيكلية والإجرائية، بينما هناك من يرى أنه يكون بالمنظور متعدد الأبعاد في الجمع بين القيادة والتنسيق والرقابة والدعم وإجراء التغييرات الهيكلية والإجرائية، وعلى قسم الإدارة المدرسية دعم تلك العناصر والعمل على ربط عملية التمكين بالرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية، والتغذية العكسية المناسبة، وهذا يأتي بأبعاد وعوامل رئيسية يحتاجها مديرو المدارس، في البداية العمل على اختيارهم بعناية فائقة ومن ثم تدريبهم وتطويرهم من حيث تزويدهم بالمعارف وتنمية مهاراتهم وخبراتهم باتجاه كفاءتهم الحالية والمستقبلية لاتخاذ القرارات وإدارة الصراع وحل المشكلات والاتصال الفعّال والعمل مع فرق العمل، ثم تحفيزهم التحفيز اللائق والمناسب لمهامهم الجسيمة ماديّاً ومعنويّاً الذي تزيد من إقبالهم وقدرتهم وفاعليتهم ومنحهم المعلومات اللازمة، والأهم من ذلك كله منحهم الثقة التي هم أهل لها، والثقة تشمل القناعة بهم، وحسن الظن فيهم، والاعتقاد بنزاهتهم وعدالتهم وصدقهم، بالإضافة إلى تفويض الصلاحيات التي تساعدهم في إصدار القرارات دون الرجوع إلى الرئيس المباشر.

تطوير وتمكين الإدارة المدرسية يعتبر استثماراً في مستقبل التعليم؛ لضمان تحسين جودة التعليم وتحقيق الأهداف التعليمية.

00:05 | 6-11-2025

تعليمنا والذكاء الاصطناعي

جاء قرار وزارة التعليم بتدريس الذكاء الاصطناعي في مراحل التعليم العام في وقته ومواكباً لما يعيشه العالم في عصر يطلق عليه (عصر التقنية)، وتعمل معظم الدول على تطبيقها في جميع المجالات؛ بهدف بناء مجتمع رقمي مزدهر من خلال عملها على تطوير المهارات وتمكين الطاقات الوطنية الرقمية؛ لتكون قادرةً على تسريع عملية التحول الرقمي من خلال مؤسسات تعليمية تعمل على توطين التقنية وتطبيقها، وهذا ما يدعم تحقيق التوجهات الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030م.

وازدادت أهمية تطبيق تقنية التعليم والمعلومات في سرعة تدفق المعلومات، فمن يمتلك العلم والتقنية والمعلومات هو القادر على مواكبة عصر الذكاء الاصطناعي، ولكي تحافظ المؤسسات على وجودها ومواكبة المنافسة يلزم عليها إنتاج نماذج أعمال مبتكرة وتنفيذها بسرعة وكفاءة وجودة عالية لتلبية توقعات المنتفعين، خاصة مع توافر البنى التحتية السريعة لخدمات الإنترنت، ووجود الأجهزة الذكية التي سهلت التعامل مع الشبكة العنكبوتية والاستفادة من خدماتها، بل أصبحت ضرورة لاستخدامها في تطوير الموارد البشرية.

وتخضع النظم التعليمية في معظم دول العالم لإصلاحات تربوية نتيجة للتقدم التقني؛ مما جعلها تتبنى الأساليب الحديثة في العملية الإدارية والتعليمية، فالتعليم يستخدم وسائل التقنية الحديثة لما لها من دور كبير في رفع المستوى التعليمي والإداري إلى مستوى الإبداع، ومنها التقنيات الذكية المعتمدة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي أثبتت فاعليتها في التعليم، والتي يتم من خلالها تطوير وتحديث العملية التعليمية والإدارية والاستفادة منها في تطوير نظم إدارة التعليم العام، حيث تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي على تغيير كيفية العثور على المعلومات والتفاعل معها.

وفي السياق ذاته، فإن عدداً من تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها في التعليم، مثل تطبيقات التعرّف على الصوت، والألعاب، وصياغة أداء الإنسان، والتخطيط والأتمتة، والواقع المعزز، والوكيل الذكي، وروبوتات الدردشة، ونظم التعلم الذكية، وتطبيقات الأنظمة الخبيرة وبرامج حاسوبية تقلد إجراءات الخبراء في حل المشاكل الصعبة، ويستخدم في محاكاة الخبراء في اتخاذ القرارات وحل المشكلات، ويجيب المستخدمين عن استفساراتهم ويصحح أخطاءهم ويحل مشكلاتهم كما أنها على اتصال دائم وفوري بقاعدة المعرفة.

ولذلك يجب الاهتمام والعناية باختيار إدارة مدرسية مميزة ذات كفاءة ومهارة تقنية عالية مع العمل على تمكينها ومنحها التدريب المناسب، والمزيد من الحوافز والصلاحيات التي تمكنها من اتخاذ القرارات المتعلقة بعملها وتشجعها على المبادأة والإبداع والعمل على التخطيط والتواصل والتوجيه الإلكتروني في إدارة العملية التعليمية.

ومن هذا المنطلق، تسعى المملكة العربية السعودية لتطوير مؤسسات التعليم ليصبح التعليم السعودي من بين أفضل نظم التعليم في دول العالم في عام 2030م، ولسد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل والاستثمار في التعليم وصناعة تعليم مميز والارتقاء به من خلال تحسين أداء مديري المؤسسات التعليميين والإداريين وتوفير البيانات اللازمة والأفراد المتمكنين والبنى التحتية لاستثمار المدرسة والقائد والمعلم بمحتوى الاتصال الرقمي، وتوضيح أساليب التقنية الرقمية التي يستخدمها الطلاب في التعامل مع التقنية، والعمل على توظيف وسائل الاتصال الرقمي في تعزيز قيمة الانتماء للوطن والاعتزاز به والدفاع عنه، كما يساعد الذكاء الاصطناعي في التعليم وأتمتة الأنشطة الأساسية في التعليم، مثل التصنيف وتحديد الدرجات وتقدير الواجبات المنزلية والاختبارات والتطوير المهني، ويمكن للمعلمين إجراء التصنيف التلقائي لجميع أنواع الاختبارات المتعددة، وتكييف البرامج التعليمية لاحتياجات الطلاب من الروضة إلى الدراسات العليا.
00:15 | 17-08-2025

القيادة التحويلية ونجاح موسم الحج..

حظيت القيادة باهتمام أصحاب القرار وأرباب العمل، والقائد التحويلي هو الذي يُسهم في تحفيز واستثارة وتحويل العاملين إلى منتجين فاعلين.

‏وكما هو معلوم فإن العنصر البشري من أهم العناصر في أي عمل لأنه القادر على فهم التغيرات المحيطة والاستجابة لها، وهذا يتطلب أسلوباً معيناً في التعامل لا يقتصر على إصدار الأوامر، ولكن على قدرة القائد على كسب احترام العاملين وثقتهم وتبني المبدعين منهم وأفكارهم الإبداعية، وهذا يقود إلى استدامة النجاح والإبداع وهو من أكثر العوامل التي تدفع إلى الاهتمام به لضمان البقاء والاستمرار في المنافسة الشريفة لمواكبة ما يشهده العالم من تطورات علمية وتقنية في شتى المجالات.

‏هذا النمط القيادي يهدف إلى تغيير جذري على مستوى الفرد والجماعة والثقافة من خلال إثارة دافعيتهم لما هو أبعد من مصالحهم الشخصية لصالح تحقيق رؤية ورسالة مشتركة على المدى البعيد، وبالتالي تحقيق أداء يفوق التوقعات.

‏وهذا ما لمسناه وشاهده العالم أجمع في بلادنا منذ انطلاق رؤيتها المباركة 2030 على يد ملهمنا وقائدنا التحويلي الأمير محمد بن سلمان، وهو النموذج الأنجح والأنجع على أرض الواقع، فقد قاد التحول الوطني في السعودية بكل كفاءة واقتدار، ‏وخير مثال على ذلك نجاح موسم الحج لهذا العام الذي حقق نتائج أبعد مما كان متصوراً ومما كان متوقعاً، وذلك من خلال اختياره لذوي الخبرات والكفاءات العملية والمؤهلات العلمية من القيادات الشابة من أبناء وبنات الوطن، وعمل على تطوير مهاراتهم ووضع الخطط والاستراتيجيات التي تتواءم مع التحول العالمي الذي نشهده، وتهتم بالتأثير المثالي والتحفيز الإلهامي والاستثارة ودعم قدراتهم الإبداعية، وهو القائد والقدوة الحسنة الذي غرس في أتباعه الفخر به وبقدرته وإرادته والتزامه بالقيم المثلى واضطلاعه بالرؤية المشتركة حول المستقبل ووضع الأهداف لإلهام وتحفيز مواطنيه وقاد التغيير بثقة وتمكن.

‏فحينما يصبح سلوك القائد نموذجاً للآخرين يحتذى به ينمّي مشاعر الثقة والاحترام نحوه، وحينما يستخدم أساليب التأثير الفعالة ينجح في إعطاء معنى وتحدٍ لما يقومون به حتى يتمكن من تطوير رؤيتهم المشتركة وتحسين قدراتهم على توليد أكبر عدد ممكن من الحلول للمشكلات، ويوكل لكل شخص مهماته وفق قدراته ويقدم له الدعم اللازم ويكون بجواره.

‏وبالتالي جاء موسم الحج لعام 1446 بنتائج باهرة منقطعة النظير كانت خلفها قيادة رشيدة حكيمة آمنت بواجبها تجاه الحرمين الشريفين وخدمة الحاج والمعتمر.

فسمو ولي العهد الذي يعمل بشغف كان ولا يزال خلف كل نجاح سطره أبناء وبنات هذا الوطن العظيم، وكل من تابع عن قرب وعن بعد وفي كل بقعة من هذا العالم الجهود الجبارة المبذولة لخدمة الحجيج في المشاعر المقدسة والحرمين الشريفين، يعلم أننا أمام نسخة للحج لم نرَ مثلها في السنين الماضية، وأنها ناجحة بكل المقاييس، بتوفيق من الله، وبوجود القيادة الحكيمة التي وفرت لكل العاملين والقائمين على خدمة الحجاج كل الممكنات التي جعلتهم يقدمون خدمتهم على أكمل وجه.

وإننا أمام نموذج للقيادة التحويلية الناجحة يدرّس للأجيال القادمة لزاماً علينا أن ندعمه ونقف خلفه ونسانده وندعو له،

فشكراً وشكراً لا تفي قدر هذا القائد الذي صنع الفرق في الشرق وفي الغرب، وحلّق بوطنه بين النجوم، وأدى ما عليه من واجب يفخر ويشرف بأدائه هو وكل مواطن سعودي، وشكراً لكل أبطال الوطن المخلصين.

تقبل الله من الحجيج حجهم وردهم لديارهم سالمين غانمين.
00:08 | 12-06-2025

التعليم الإلكتروني ضرورة لا ترفاً

في وطننا العظيم وطن الرسالة السماوية والحضارة والتطور، ومنذ انطلاق رؤيته المباركة ونحن نعايش القفزات وتحقيق الأحلام والطموحات والتطورات ونساير ركبها ونسبقه في كثير من الأحايين بدعم قيادة حكيمة وواعدة آلت على نفسها أن تجعلنا الرقم الأصعب والأول بلا منافس.

ولأننا لسنا بمعزل عن الآخرين فنحن جزء من عالم يشهد ثورة تقنية رائعة ومتسارعة، لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن منتج إلكتروني جديد، وهذا التسارع والتقدم التقني يعد سمة من سمات هذا العصر ووسيلة للتقدم والتميز، امتدت لتشمل مجالات مختلفة من الحياة ومن أهمها التعليم مرتكز كل التطور، الذي أولته بلادنا اهتماماً كبيراً؛ ليكون تعليماً متطوراً مواكباً لعصره وزمانه، فأصدرت قراراً بتأسيس المركز الوطني للتعليم الإلكتروني الذي صدرت مؤخراً القواعد التنفيذية للائحته، والذي فرضه الواقع المعاش سواء عن بُعد أو مدمج أو متزامن مساوٍ للاعتيادي المباشر ولا فرق في شهادتهما، ناهيك عن نجاحنا غير المسبوق في التعليم العام في منصة مدرستي والمنصات الأخرى في التعليم العالي التي فرضتها ظروف جائحة كورونا، التي جعلت مؤسسات التعليم العالي تعمل على الوفاء بمتطلبات التعليم الإلكتروني وتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس للاستفادة من التقدم التقني المعاصر، فهذه التقنية دعمت عمليتي التعليم والتعلم واتصال المعرفة وتخزينها والتواصل بين المجتمعات المختلفة ووفرت مساحة تعليمية تفاعلية تحتوي على مصادر متعددة دون تقيد بمكان أو زمان والاعتماد على التعليم الذاتي والتفاعل بين المتعلمين والمعلمين، وتطوير استخدامات الحاسب الآلي وتطبيقاته في التعليم، واستغلال الإنترنت والمناهج الإلكترونية والفصول الإلكترونية.

ولقد استخدم التعليم الإلكتروني في التعليم لما له من دور في توفير المراجع العلمية والمحتوى المقرر بشكل جذاب وعلى مدار الساعة، وإسهاماته في استيعاب الأعداد المتزايدة ودوره في تسهيل التواصل بين المعلم وطلابه من خلال الصفحات الإلكترونية.

ومن هنا يجب أن يقوم جميع المهتمين بالتعليم الإلكتروني بالعمل الجماعي؛ لكي ينشروا الوعي بين قطاعات المجتمع المختلفة بالخسائر المحتملة والسيناريو القائم نتيجة التأخر في تبني نشر وتطبيق التعليم الإلكتروني، ومؤخراً ازدادت الفرصة لمؤسسات التعليم العام والعالي للاستفادة من أدوات تقنيات المعلومات والاتصالات الرقمية وتطبيقاتها، ورغم حداثة دخول الحاسب وتطبيقاته في التعليم، واستخدام الإنترنت في التعليم والسعي لزيادة توظيف التقنية في التعليم والسعي لتطوير العلاقة بين التعليم والتقنية من خلال تقنية التعليم الإلكتروني، الذي يعتبر طريقة للتعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكات ووسائطه المتعددة من صوت وصورة، ورسومات وآليات بحث، ومكتبات إلكترونية، وكذلك بوابات الإنترنت سواء كان عن بُعد أو بواسطة التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت واقل جهد وأكبر فائدة إلا أنه في تطور مستمر، بل أصبح صناعة تهتم بها شركات عالمية محترفة كونه السوق الواعدة الأسرع نمواً، الذي يتضاعف حجم سوقه لأكثر من الضعفين كل عام، وسبب هذا التسارع والنمو لهذا النوع من التعليم ما يقدمه من خدمات للمؤسسات التعليمية ومنسوبيها من رفع الجودة لبرامجها، وتوفير مصادر متجددة للمعرفة، وزيادة الفاعلية في التدريس، وزيادة لانتشار ما تقدمه من برامج تعليمية، وتخطيها حدود المكان لتصبح عالمية، يمكن أن يدرس فيها طلاب من شتى أنحاء العالم وبتكاليف مادية، فمن مزاياه أنه يساهم في حل بعض المشكلات التعليمية الناجمة عن تزايد أعداد الطلاب وطول الوقت وحجم التكلفة والجهد وضعف مخرجات التعليم.
00:20 | 28-04-2025

مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز

كنت وما زلت من أوائل المقتنعين بمشروع تمكين المدرسة الذي شرعت فيه وزارة التعليم مع انطلاقة العام المنصرم بالمشاركة مع هيئة تقويم التعليم والتدريب وقد بذلت كلتاهما جهوداً جبارة وسارت بخطوات وثابة نحو نجاح هذا المشروع وأصدرت من أجله وزارة التعليم النموذج الإشرافي الجديد في ضوء تمكين المدرسة وأتبعته في هذا العام بنسخة ثانية بعد تحديثها وفق احتياجات المدارس التي قامت بتشخيص واقعها هيئة تقويم التعليم والتدريب في تقرير خاص عن واقع أداء كل مدرسة، وفي وقت ليس ببعيد أقامت الهيئة الملتقى الوطني للتميز المدرسي وأعلنت فيه نتائج البرنامج الوطني للتقويم والتصنيف والاعتماد المدرسي، وهي المدارس التي حصلت على التميز في تصنيفها، وتم تكريم مديري ومديرات تلك المدارس في حفل بهيج يليق بجهودهم وعطائهم وما ذاك إلا شعلة للتنافس الشريف بين مدارس مملكتنا الغالية ينعكس إيجاباً لمصلحة الطلاب ويساعد في ضبط جودة الأداء وعمليات التعليم ويرفع مستوى نواتج التعلم من خلال تبادل الخبرات الناجحة في مجتمعات التعلم المهنية ويحفزها لتحسين تصنيفها واستدامة تميزها ويجعل منها مدرسة متميزة منافسة عالمياً، وكل ذلك سيكون مصحوباً بخدمة لدعم التميز المدرسي يقودها المشرفون التربويون.

ولا يخفى على أحد أن تطوير الأداء لمديري المدارس يمثل إحدى الركائز الأساسية لتحسين الأداء الكلي داخل المدرسة لأن مدى فعالية أداء منسوبي المدرسة يعتمد على أداء إدارة المدرسة ووجود مهمة واستراتيجية وأهداف واضحة للمدرسة، حيث يتم تحديد ما يجب عليهم القيام به داخل المدرسة لتحقيق المخرجات المتوقعة والأنماط السلوكية المرغوبة، كما يتم تحديد مدى مناسبة مهاراتهم للمهام المنوطة بهم، وتحديد جوانب الأداء التي تحتاج للتحسين والإجراءات اللازمة لعلاجها، ويُعد النظام التعليمي المتسم بتميز الأداء من أهم العناصر التي تساهم في إعداد القوى البشرية وتزويدها بالكفايات والمهارات اللازمة، وإدارة التميز خاصة أحد المداخل الإدارية الحديثة التي أثبتت قدرة فائقة على تحويل المؤسسات من شكلها التقليدي إلى مؤسسات حية تعيش عصرها وتواكب متغيراته المتسارعة، وتسعى إلى تحديث نفسها ذاتيًا من خلال استغلالها الأمثل لقدراتها وإمكاناتها البشرية والمادية والتقنية، ومن خلال نظرتها إلى المؤسسات على أنها وحدة متكاملة، وقد قامت الدولة من خلال رؤية الوطن 2030م بوضع خطة استراتيجية لتطوير التعليم، والذي يأتي من ضمنها تمكين المدرسة نحو التميز الذي يُسهم في تحقيق الكفاءة والفاعلية في تحقيق أهداف المدارس، وهذا ما أكدته الدراسات من أهمية تحسين الأداء للمؤسسات التعليمية عامة، ومدارس التعليم العام بشكل خاص، ودور القيادات التربوية في تحقيق معدلات نجاح مرتفعة، الأمر الذي يُمكن المدارس من مواكبة التطور الحديث وتطبيق الأسلوب العلمي لرفع معدلات الكفاءة الداخلية، وفق النموذج الإشرافي ويُمكنها من تبني برامج تطويرية عديدة تسهم في تعزيز أداء منسوبيها. الأمر الذي يقود مدارسنا إلى تطوير أدائها من خلال خطط التحسين للمجالات التي بحاجة لذلك بالمشاركة مع مقدمي خدمة دعم التميز من المشرفين مع أهمية النضوج الفكري في تبني ذلك مبتعدين عن الإدارة التقليدية وتقادم أساليبها، وقصورها في التجديد والإبداع، وفي توفير حلول إبداعية للمشكلات والتحديات التي تواجهها، ومن ثم فإن مدارسنا بحاجة ماسة إلى ممارسة التميز المؤسسي كأحد مظاهر التجديد في العمل التعليمي والتربوي لما يمتلكه من أبعاد إدارية حديثة وفكر ابتكاري وإبداعي متميز يُسهم في تحقيق تطوير الأداء الناجح للمؤسسة التربوية والتعليمية.
00:01 | 15-11-2024

تنمية المسؤولية المجتمعية مطلب ديني وطني

‏تعتبر المسؤولية المجتمعية من القضايا الهامة جدا لأنها ترتبط بالإنسان دون غيره من المخلوقات، وتحمّل أمانة المسؤولية يترتب عليه أفعال وممارسة إيجابية أو سلبية داخل المجتمع، والمسؤولية المجتمعية خاصية إنسانية في المقام الأول، وهو الذي تنطبق عليه شروط المسؤولية لأنه مزود بالعقل والإرادة ولديه الحرية وهو الكائن الذي أجبرته فطرته على ذلك فأصبح مسؤولاً وموضع أمانة، ‏والمسؤولية المجتمعية لا تقع على عاتق الفرد لوحده بل تسهم في تنمية المسؤولية المجتمعية مؤسسات تربوية كثيرة منها الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والمؤسسات الإعلامية وغيرها لأنها تقوم بالدور التثقيفي في إعداد النشء. ‏ولا شك أن الشعور بالمسؤولية وتحمّل طبيعتها يجعل الإنسان يقترب أكثر من تحقق التكيف النفسي والتوافق الاجتماعي وتخطي العقبات الصعاب التي تعترض الإنسان، فالشعور بالمسؤولية المجتمعية هو شعور ذاتي بأن الفرد يتحمّل مسؤولية سلوكه الخاص ويقتنع بما يفعل ويتحمّس لدوره في المجتمع دون تقاعس أو تردد.

إن تحمّل المسؤولية المجتمعية يعبر عن النضج النفسي والعقلي للفرد ويكون على استعداد للقيام بما يحقق مصلحة المجتمع، فلو شعر كل فرد في المجتمع بمسؤوليته نحو غيره من الناس الذين يكلف برعايتهم والعناية بهم ونحو العمل الذي يقوم به لتقدم المجتمع وارتقى وعم الخير جميع أفراد المجتمع لأن الشخص السوي هو الذي يشعر بالمسؤولية المجتمعية نحو غيره من الناس ويميل دائماً إلى مساعدة الآخرين وتقديم يد العون لهم، ‏ومن هنا لا بد من تفعيل الدور الإعلامي والتربوي في تنمية المسؤولية المجتمعية والاهتمام بقضايا الرأي العام في ذلك وإبراز النماذج الناجحة في المجتمع التي هي قدوة في المسؤولية المجتمعية ونموذج يحتذى به من قبل الشباب ‏وتوفير الزخم الإعلامي الذي يساعد في انخراط الشباب في العمل الاجتماعي وقوافل التنمية الاجتماعية والتعاون مع مؤسسات المجتمع التي تقوم على تفعيل المسؤولية المجتمعية، ناهيك عما يزخر به تراثنا الإسلامي والوطني من النماذج الرائعة في ذلك.

كما أنه من الضروري إزالة ما من شأنه إيذاء أذهان الشباب وأفكارهم مما يشوبها من أفكار دخيلة وأخرى هدامة أو ما يطرحه البعض ممن يظهرون على مواقع التواصل الاجتماعي من محتويات بلا فائدة ولا تمت للمجتمع بصلة، خاصة وأن المجتمع يزخر بالخبراء والمختصين الذين يقدمون المعنى الحقيقي للمواطنة والهوية وهي مفاهيم ذات ارتباط وثيق بالمسؤولية المجتمعية.

إن المسؤولية المجتمعية ‏تحتاج من الجميع تضافر كافة الجهود على كافة المستويات ولعل ما تقدمه قيادتنا الرشيدة من اهتمام بالشباب والتحاور معهم ‏وتهيئة الفرص التي تساعدهم على خدمة المجتمع وخاصة ما أولته رؤية الوطن 2030 من اهتمام بهذه الجوانب وتأهيل القيادات الشابة، هو خير دليل على أهمية هذا البعد وعلى الوعي لدى القيادة الحكيمة بأهمية تنمية المسؤولية المجتمعية لدى الشباب بوصفهم رهان المستقبل.

‏لقد خلق الله الإنسان وجعله خليفته في عمارة الأرض وزوده بالمقومات التي تؤهله للقيام بهذه الخلافة ومن ثم أصبحت المسؤولية والإنسان صنوان لا يفترقان طالما توافرت فيه المقومات السابقة، ‏الأمر الذي يجعلنا نمعن النظر في مدى اضطلاع الإنسان بهذه المسؤولية تجاه نفسه وأسرته وزملائه ومؤسسات الدولة والمجتمع، ويعتبر الشباب هم أكثر شريحة تستحق التأمل في مدى قيامهم بمهام مسؤولياتهم المختلفة، خاصة أن الواقع يعكس ولا سيما في الفترة الأخيرة مع انفجار التقنية المعلوماتية ومواقع التواصل الاجتماعي وغياب القدوة الحسنة خاصة فيما يقدمه بعض مشاهير هذه المواقع.
00:13 | 15-10-2024

تمكين المدرسة بين التعليم والتقويم

كتبت في مقالٍ سابق أن الإشراف التربوي يعاني من تحديات أبرزها النماذج التي تفرض عليه ولا تتطابق مع واقعه، ولا ينكر عاقل أن التغيير مطلب وهو سنة الله في كونه مذ خلقت البشرية.

وفي هذا العام طالعتنا وزارة التعليم بالشراكة مع هيئة تقويم التعليم والتدريب، بوليد جديد ومنتج مبتكر مرتكزه المدرسة، هذا النموذج الإشرافي الجديد الذي يطمح لتمكين المدرسة صاحبة تغيير في هيكلة إدارات التعليم العامة شكلاً ومضموناً، وبما يتوافق مع متطلبات المرحلة والعصر الذي نعيش فيه.

والمطلع على هذا النموذج عن كثب يجده يضع يده على الجرح؛ الذي أعيا وزارة التعليم علاجه ولعله يضمده، ففيه اهتمام بنسب عالية بنواتج التعلم التي يدرك كل حصيف غيور على وطنه وأبنائه ومصلحته ما صاحبها من تدنٍ ومساعٍ جادة للرقي بها بشتى الأشكال والأساليب خلال الأعوام الماضية.

والمشروع الجديد الذي أقره معالي وزير التعليم مؤخراً، وضع أقدامه في الميدان، وبدأ رحلته، بعد أن قدمت له هيئة تقويم التعليم مشكورة تشخيصاً كاملاً عن واقع أداء المدارس متكئاً على كواهل مديري ومديرات المدارس فهم ركائز الميدان التعليمي وأبطاله الأشاوس؛ الذين يحتاجون مزيداً من التحفيز والمساندة والدعم. وقد جاء هذا المشروع بهدف سامٍ وهو تحسين وتطوير العملية التعليمية في كافة مجالاتها ابتداءً من إدارة المدرسة وبيئتها وعمليات التعليم والتعلم ونواتجه وبأساليب شفافة وحرية مقننة مبنية على الثقة وبمراحل أربع؛ تهيئة وانطلاق ثم تقدّم فتميز واعتماد.

والجميل فيه هو العمل الجماعي وروح الفريق والرغبة في التطوير؛ حيث يتعامل مع المدرسة كوحدة تعليمية من خلال فريق إشرافي داعم بعد تحليل كامل لواقع المدرسة، ومن المهم التطلع للإيجابية في هذا النموذج وما سيحدثه بمشيئة الله من أثر إيجابي وتغيير يرقى لتطلعات الجميع، فهو مشروع وطني كبير ينتظر الدعم من كافة المهتمين للقيام بالأدوار المناطة بعد تكاملها من قبل إدارات التعليم ومكاتبها والمدارس.

لم يقر مثل هذا النموذج إلا بعد دراسة عميقة لواقع التعليم والاطلاع على النماذج الدولية ليكون عملاً مستداماً، خاصة أن الأنظمة التعليمية خاضعة للتقويم الدولي والعالمي، فحريٌّ بنا في هذه المرحلة دعم ومساندة المدارس لتحقيق معايير التقويم والاعتماد ورفع مستوى أداءاتها لنصل لبيئة حيوية وفاعلة داخل مدارسنا ونواتج تعلم أفضل محفزين متفائلين لنجني ثمار ذلك، وأن نستفيد من أخطائنا ونصحح اجتهاداتنا؛ ليحظى المواطن السعودي بالخدمة المميزة في التعليم، ونرتقي بمستوى تطلعاتنا وطموحنا، وننهض بوطننا وطن العز والشموخ وتحقيق رؤيته 2030م بركائز مهمة؛ لتمكين المدرسة من التقويم الوطني والنموذج الإشرافي؛ الذي إذا وفقنا في تنفيذه وفق ما خطط له بشكل علمي وفعلي ووفق الأهداف المرجوة منه، ستكون النتائج مؤثرة ورائعة، فهو يهدف إلى تعزيز الإبداع والابتكار والتطوير وتحقيق نواتج تعلم مميزة، وإدارة تعليمية فاعلة تسعى لتقديم التدريب والتنمية المهنية؛ وفق احتياجات المعلمين من خلال قرارات سليمة مبنية على الواقع التعليمي.
00:03 | 4-02-2024

القيادة الرقمية والتحول في التعليم

كلما أدركنا الفرق بين القيادة الرقمية والقيادة التقليدية وتأثير القيادة الرقمية في نمو الأعمال وتفعيل الإبداع والابتكار وإخراج المنتج في أسرع وقت وأقل جهد وأكثر جودة زاد إيماننا بأهميتها النابع عن أهمية المرحلة التي يعيشها الوطن خلال رحلة التحول الوطني، فهي التي تستكشف الابتكارات اللازمة لدعم التحول وتستفيد من الموارد المتاحة لتحسين وتنفيذ التغيرات المتوقعة في ثقافة المؤسسة إلى كفاءة رقمية مشتركة تستند إلى المفاهيم المستقبلية التي يمكن تطويرها، ويعتمد التحول الناجح للمؤسسة إلى حد كبير على مدى قبول قادتها لثقافة العمل الرقمي وغرسها فيمن حولهم والتدريب على ممارساتها وإجراء التغييرات التنظيمية والديناميكية التنافسية، حيث إن الرقمنة تتطلب منا فهماً محايداً للبيئة الخارجية وإعادة صياغة رسالة المؤسسة ورؤيتها وحوكمة القيم والثقافة والقرارات والهيكلة، وكلما كانت قيادة تلك المؤسسات ذات رؤية فهي أكثر فاعلية، حيث تقدر على تخيل مستقبل يتجاوز واقعهم الحالي وتخطط للوصول إليه.

إن ثقافة التحول الرقمي تشير إلى إعطاء الأولوية للتعاون والتواصل بين فريق العمل بما يضمن التكامل الناجح بينهم، وفي التكنولوجيا وصناعة بيئة للتعلم المهني، بالإضافة إلى استمرار الاستخدام الفعّال لموارد المعلومات والتقنيات وهذا يجعل قادة اليوم مختلفين عن سابقيهم، فهم مطالبون بتحقيق المواطنة الرقمية؛ وهي النمذجة وتسهيل فهم القضايا الاجتماعية والأخلاقية والقانونية والمسؤوليات المتعلقة بالثقافة الرقمية المتطورة والتحلي بالمهارات التقنية والمفاهيمية للقيادة الرقمية الناجحة، وبالتالي فإنهم يلعبون دوراً حاسماً في إرساء أسس التحول الرقمي وتسهيله، وكذلك هم بحاجة إلى إدراك أن التقنيات الاجتماعية والرقمية تغير طبيعة العمل والتي تحتاج منهم إلى التكيف مع تلك الأعمال المتجددة وتسهيل وضع المنظمة فيما يتعلق بالتحول الرقمي ومدى استخدام محتواه وأدواته ووضع رؤية تتماشى مع التحول ودمج مفاهيمه في جميع استراتيجياتهم والمبادئ القائمة عليها، وعندما نطمح بأن يقوم القادة التعليميون بتطبيقها في حال قيامهم بأدوارهم من خلال التدريب والتأهيل والتمكين والدعم والاحتضان والابتكار فسينعكس ذلك إيجاباً في عدة نواحٍ منها توفير بيئة تعليمية ناجحة ومستدامة غنية بالتكنولوجيا ومشجعة للابتكار وممكنة لجميع العاملين من التطوير المهني، وإنتاج مجتمع للمعرفة ومعزز لثقافة الجودة وداعمة لعمليتي التعليم والتعلم الرقمي النشط الرشيق وموفرة للمرونة التي تتطلبها ظروف المرحلة غير المتوقعة والجديدة والمتغيرة في بيئات المجتمع التعليمي.
00:03 | 7-11-2023

الأثر التربوي والدور الإشرافي

بات الأثر التربوي والمعرفي حديثاً للمجالس سواء التعليمية أو الثقافية أو العامية يدور محتواه حول أن التربية والتعليم لم تعد تلك التي تلقيناها سابقاً.

وقد يرى بعضنا أن حديثهم ما هو إلا تبرئة لساحة الأسرة من دورها في التربية وإلقاء اللوم على المعلمين والمنظومة التعليمية التي عملت خلال الحقبة الزمنية الماضية بالارتكاز على جهاز وحيد فيها لقياس الأثر التعليمي والتربوي، وإن شئت «المعرفي»، ألا وهو الإشراف التربوي الذي وقع بين مطرقة التعليم وسندان المجتمع وعاش في قيامه بتلك المهمة تقاذف المسؤوليات بين منظومة التعليم والمجتمع وأحياناً بين عناصر المنظومة نفسها.

ولا يخفى على الجميع أن المؤسسة الرائدة والرئيسة في بناء الجدار التربوي الحصين الثابت على أرضية صلبة هي الأسرة، ومع هذا كله إلا أن الإشراف التربوي لا بد أن يتغير ليساير تطلعات المجتمع وغايات التربية والتعليم، فلم يعد يقتصر دوره على تقييم المعرفة وتقويمها فحسب لأننا أصبحنا في عصر المعرفة فيه متاحة للجميع.

وكما قال الجاحظ: «المعاني مطروحةٌ في الطريق يعرفُها العجميُّ والعربيُّ والقرويُّ والبدويُّ، وإنّما الشأنُ في إقامةِ الوزنِ وتخيرِ اللفظِ وسهولةِ المخرجِ وصحةِ الطبعِ وجودةِ السبكِ، وإنما الشعرُ صياغةٌ وضربٌ من النسج وجنسٌ من التصوير».

كذلك المعرفة تحتاج لوسائل وأساليب موائمة لدور المدرسة الجديد وكبر حجم مسؤولية الإشراف التربوي؛ لأن زمن إكساب المعرفة قد ولى وانتهى ونحن في زمن اكتسابها وفق مهارات القرن الحادي والعشرين والقيم المجتمعية والوطنية والاختيار والتوقع المتمحورة حول المتعلم.

الإشراف التربوي جهاز متجدد قابل للتطوير لكنه للأسف بقصد أو بغير قصد أصبح حقلاً للتجارب العالمية والأجنبية، ففي كل عام يأتينا من يلبسه ثوباً مقاساته غير مناسبة لأبنائنا ومعلمينا ومديرينا ومشرفينا وبيئتنا.

ومن هنا لا بد أن يكون العمل فيه تشاركياً تكاملياً مبنياً على أسس تربوية مستمدة من تراثنا وقيمنا ومبادئنا التي نعيشها في هذا الكم المعرفي الهائل لتقديم الكفايات المناسبة المتناغمة مع بيئتنا.

وعند رسم نسق أو اتجاه للإشراف محدد الأهداف والمخرجات ومحفزاً للشركاء ينبغي أن تكون خططه نابعة من رجالات الميدان أنفسهم معلمين ومديرين ومشرفين، ويكون لهم النصيب الأكبر في ذلك، لأنه في ظل الفجوة التي نلمسها أحياناً بين البيت والمدرسة وكذلك التباين الملحوظ في مستويات الأجيال السابقة واللاحقة.

وبما أن الإشراف هو سابر لأغوار الميدان فنتفق جميعاً على أن هناك عقبات ومعوقات تواجهه، منها على سبيل المثال لا الحصر:

ضعف في الاتصال الإداري وقواعد البيانات، قلة التحفيز المادي والمعنوي، وتسارع تطور أنظمة التعليم عالمياً، مع مقاومة التغيير من بعض المستهدفين محلياً.

وتجدر الإشارة إلى أن رؤية الوطن 2030 أولت التعليم وإصلاحه اهتماماً كبيراً، وليواكب الإشراف التربوي متطلبات ذلك لا بد أن يعمل على انتقاء الشخصية الإشرافية بعناية واستثمار الاتجاهات العالمية الحديثة في ثوب وطني مناسب لبيئتنا وإعمال نتائج الرخصة المهنية والأداء الوظيفي في الاختيارات والتركيز على الكفاءة والخبرة.

وكما شاهدنا خلال الأعوام السابقة وخلال جائحة كورونا الفائدة العظمى التي حققتها منصة مدرستي والمنصات التعليمية الأخرى، فإن الإشراف كغيره ليس له مستقبل بعيد عن التقنية ولا يمكن أن يؤدي دوره بمعزل عنها سواء في الخطط أو الزيارات أو البرامج التدريبية والعلاجية والاستشارات واللقاءات ليكون لدينا إشراف تربوي فعّال قادر على قياس الأثر التربوي والتعليمي الذي نريد.
00:24 | 2-08-2023