أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1461.jpg&w=220&q=100&f=webp

علي صالح الضريبي

«ورشة» عبده خال، و«عكاظ»، و«النابغة الذيابي»، وعصرة الليمون!

قرأت مقال الكاتب والروائي المخضرم عبده خال، الموسوم «أدب الفسيخ»، الذي وضع عبره ما يشبه «المرهم» على موضع الألم – وربما رأى البعض من غير المنصفين بأن هذا «المرهم» كان أشبه بـ«الملح»!- في الجسد الثقافي المتورم بالغث والتفاهة ليس في السعودية فقط، بل على امتداد الوطن العربي (لا جديد في توحدنا على الخيبات!)، هذا الألم المستفحل اليوم، وُفِّقَ الأستاذ عبده حينما أرّخ لإرهاصاته مع ظهور المنتديات وبعدها وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يفهم من مقالي هنا وأسمح لنفسي بالتحدث بالأصالة عن الأستاذ عبده، ومقاله، بأننا من مناهضي «السلطة الخامسة»، فنحن من مريديها والشاهد حساباتنا فيها، ولكن غاية الأستاذ عبده كانت محددة حول فوضى الكتابة والكتاب التي ما انتظم لها سير حتى لحظة كتابة مقالي ومقاله.


أنا من جيل في البحرين، تفتحت -وتنقحت- بداية مداركه الكتابية والثقافية عبر «صفحات القراء والثقافة» في الصحف المحلية.. وكما أشار الأستاذ عبده خال، كانت «الإجازة» للكاتب بنشر مقاله أو قصيدته فيهما، بمثابة كلمة «أحسنت» التي كان يذيل بها أحد أساتذتنا بمرحلة الابتدائية والإعدادية أوراق امتحاناتنا.. أما ذلك الشعور بالفرح وتقدير الذات اللذان كانا ينتاباني حين إجازة مقالي أو قصيدتي وبعدها تنشر، فلن يعيشهما اليوم من يعيش في وهم -وأكرر وهم- أنه «كاتب/ شاعر»، والسبب ببساطة في أن «إجازة» مادته إما عبر سهولة نشرها اليوم في كتاب أو عبر آلية غير عاقلة، بضغط زر «نشر/ اضغط» في وسائل التواصل الاجتماعي أغلبها إما مقتبس أو مسروق أو من صنع ذكاءٍ اصطناعي، لا تخضع لتمحيص وتقييم عاقلٍ مختصٍ!


أنا من جيل قرأ بأن الشاعر البحريني الفخم جدّاً «قاسم حداد»، كان في بداياته يبعث بمساهماته الأدبية تحت «اسم مستعار» -خوفاً من رفضها!-، إلى صحيفة الأضواء البحرينية (صحيفة بحرينية أسبوعية تأسست عام 1965، وبعدها في بداية السبعينات أصبحت يومية تحت مسمى «أضواء الخليج»، وبعدها في عام 1976، أصبح اسمها «أخبار الخليج»، التي لم تزل موجودة ورقاً وموقعاً إلكترونياً اليوم)، وكانت تصل مواده تلك إلى مؤسسها ورئيس تحريرها أستاذ الصحافة البحرينية المعاصرة المخضرم جدّاً جدّاً/ محمود المردي رحمه الله، وكان يجيز نشرها، ولم يكتفِ بذلك، بل اجتمع بعدها مع حداد، وطلب منه أن يكون متعاوناً مع صحيفته عبر إرسال مواده بشكل أسبوعي بشرط أن تذيل باسمه الحقيقي. والمردي بشهادة قاسم حداد، كان من أوائل من تنبأ بعلو كعب حداد في الشعر والأدب، ولم تخطئ فراسته رحمه الله، وأطال عمر أستاذنا قاسم حداد.


والشيء بالشيء يُذكر، والفضل لأهله يُنشر ويُشكر، لا أجرؤ أن أتجاوز ذكر الأستاذ محمود المردي دون إيفاء بعض حقه وفضله على الصحافة البحرينية والكتاب ممن بدأوا مغمورين، وبفضل موهبتهم أولاً، ثم بفضل أستاذنا المردي أصبح كثرة منهم بعدها كتاباً معروفين محلياً وإقليمياً. كان الأستاذ المردي طيب الله ذكره ومستقره، يخصص ربع عدد صفحات صحيفته «أضواء الخليج»، للكتاب الشباب الموهوبين لنشر مساهماتهم، مؤثراً ميلاد موهبة عبر صفحات صحيفته، على ما قد كان يمكن أن يحققه من دخلٍ كبيرٍ حينها فيما لو خصصت تلك الصفحات للإعلانات المدفوعة.


ومع هذا كان المردي رحمه الله أشد من «عبده خال» في نقد «كتاب وأدباء السبهللة!» دون موهبة حقة، والشاهد تلك المعركة الأدبية التي جرت بينه وبين الدكتور محمد جابر الأنصاري -رحمهما الله-، حينما كان المردي يطلق على الشعراء وكتاب القصة الشباب مسمى «المتأدبين»، مؤكدا بأنهم لا يستحقون بحكم تجاربهم الصغيرة أن يطلق عليهم مسمى «أدباء»، فيما كان الأنصاري يؤكد بأنّ هؤلاء الشباب يستحقون لقب أدباء، وتجاربهم الأدبية تعد مميزة، وأن على المردي أن يلتفت ويركز على الشؤون الصحفية المتعلقة بأسعار «البصل والطماطم ومشاكل البلدية»، وأن يترك الشؤون الأدبية للمختصين!.. ومع هذا النقد اللاذع جداً من الأنصاري، سما المردي بمهنيته الصحافية الرفيعة وسعة صدره، ونشر رد الأنصاري المذكور كما هو في صحيفته.


وعلى ذكر «البصل والطماطم»، أصل إلى لماذا أثّر فيّ شخصياً مقال الأستاذ عبده خال؟، عبر قصة شخصية جرت بيني وبين من اعتبره أحد أساتذتي الكبار من لهم فضل كبير علي وأبي الروحي، شاعر البحرين الأفخم، الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة رحمه الله وطيّب مستقره، والحديث عن علاقة الأستاذ بالتلميذ، والصداقة والمحبة بيننا التي امتدت لأكثر من عقدين، ذو شجون تقصر عن حمل تفاصيلها أي صحيفة!


والقصة باختصار كنت وما زلت مولعاً بنظم الشعر العربي الفصيح.. وفي بداياتي -التي لم أغادرها بعد!- كتبت نصاً شعرياً، وظننت بأني بذاك النص «المُخلخل» بت حينها «المُهلهل»!.. وكحال السلف من الشعراء الذين كانوا يتسابقون إلى عكاظ لعرض قصائدهم على «رئيس لجنة تحكيم شعراء عكاظ»، الشاعر الأفخم النابغة الذبياني عله يجيزها، ويجيزهم كشعراء (كما نتسابق نحن الكتاب لـ«عكاظ» لعرض مقالاتنا أولاً على «النابغة الذيابي» لعله يجيز نشرها!). «دُست بنزين» بقصيدتي إلى بستانه الوارف بمنطقة الجسرة بالبحرين، وقرأتها عليه، وهو منصت إنصات المعلم المحب، حتى أكملت قراءتها، فحينها بادرني بالقول: «سأحكي لك قصة جرت بيني وبين أستاذي إبراهيم العريض (شاعر وأديب البحرين العملاق).. عندما نظمت أول قصيدة لي أتيت منزله مثلك مسرعاً، ومثلك قرأتها على مسامعه، وعندما انتهيت من قراءتها، وجّه لي نصيحة وبدوري أوجهها لك، قال لي: يا ابني عندما تريد أن تُهدي أحدهم هدية.. إهده تفاحة أو برتقالة، وليس بصلة!».. وختم الشيخ أحمد نصيحته لي: «يا ابني أنت تمتلك الموهبة، ولكن الموهبة إن لم تصقل أولاً بالقراءة ثم القراءة ثم القراءة للمتقدمين من الشعراء قبل غيرهم (وخص ديوان المتنبي طبعاً بالتوصية)، وبعدها بالأناة وعدم الاستعجال – وهنا بادرني بالعامية البحرينية- يعني أول شيء تسويه قصيدتك تعصر عليها ليمونة ثم تضعها تحت المخدة، وبعدها بكم يوم تراجعها وتنقحها لين تستوي قصيدة تستحق النشر ويتكلم عنها النقاد». هذه النصيحة من حينها لم ولن تفارق مخيلتي عند الكتابة بشكلٍ عام، وبشكلٍ خاصٍ عندما يأتي الإلهام لكتابة قصيدة.. كنت وسأظل قبلها أجهز ليمونتي!


وهنا أصل إلى زبدة المقال وختامه، أظن ظناً أقرب إلى الجزم بأن مقال الأستاذ عبده خال، لا يختلف في زبدته عن نصيحة معلمي الشيخ أحمد آل خليفة رحمه الله.. الموهبة وحدها لا تكفي.. القراءة ثم القراءة ثم القراءة، وبعدها الأناة وعدم الاستعجال في الركض نحو نشر مادتك (أو ضغط زر «نشر»!) قبل «عصرة الليمون»!


أما ورشات الكتابة فيكفيك بأنها لم تصنع عربياً -وعالمياً- مثل «نجيب محفوظ»، وعالمياً مثل «غابريل ماركيز»!

منذ يوم

بين قنبلة إسرائيل وقنبلة إيران المرتقبة.. أين يكمن الاستقرار؟

عنوان مقالي.. يطرح الكثير من التساؤلات التي تتعارض إجاباتها العقلانية مع عنوان مقال لعالم السياسة البروفيسور الأمريكي/‏‏ كينيث والتز (8 يونيو 1924 – 12 مايو 2013)، الذي حمل عنوان: «لماذا يجب على إيران أن تحصل على القنبلة؟-Why Iran Should Get The Bomb?»، والذي نشره في عام 2012، بمجلة «الشؤون الدولية Foreign Affairs» الأمريكية المرموقة. ومقال والتز هذا في الأصل اشتق من الفكرة العامة في كتابه المنشور في عام 1981، بعنوان:

«The Spread of Nuclear Weapons: More May Be Better»، ما ترجمته: «انتشار الأسلحة النووية: الكثير منها قد يعني الأفضل».

لا زلت أستذكر واليوم قبل أي يومٍ مضى.. تلك المحاضرة في أواخر عام 2012، التي حضرتها في

Centre Européen de Recherches Internationales & Stratgégiques -المركز الأوروبي للبحوث والدراسات الدولية والإستراتيجية (CERIS)، -الذي أرأسه اليوم إقليمياً في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا- أحد أهم المراكز الفكرية والأكاديمية في أوروبا والعالم.. عندما كان الضيف المتحدث الرئيسي كينيث والتز (الذي بالمناسبة كان أستاذ أوباما في جامعة شيكاغو إبان كان تلميذاً فيها)، كانت المحاضرة تدور حول مقاله المذكور، حيث لخّص نظرته الجيوسياسية المعتمدة على نظريته «السياسة الواقعية الجديدة- neorealism»، من أن حصول إيران على القنبلة النووية سيعني بالضرورة موازنة خطر النووي الإسرائيلي وردع بلطجة إسرائيل في المنطقة ودرء الفوضى المترتبة على تصدر إسرائيل لقوى المنطقة نووياً.

وأنا استمع له يومها كانت الأسئلة تغلي بداخلي من مثل.. هل فعلا بأن موازنة إيران لإسرائيل نووياً سيبعد عن المنطقة شبح الحروب والفوضى؟ تختلف أم تتفق مع والتز، فهو ممن بنى نظرته الجيوسياسية هذه على سياسة واقعية تدعى Realpolitik أي السياسة الواقعية العملية التي تتجرد من العواطف وتنظر للوسائل -مهما وكيفما كانت- التي تحقق الغايات. يذكر بأن كينيث والتز نشر مقالته المذكورة قبيل وفاته بأشهر قليلة (توفي عام 2013)، وكانت المقالة بمثابة «وصية» إلى تلميذه الرئيس الأمريكي حينها باراك أوباما، الذي بدا بأنه سعى لتحقيقها، ففي فترة رئاسته، ولدت وازدهرت وتقدمت المفاوضات النووية الإيرانية مع مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس أمن الأمم المتحدة+ألمانيا) لصالح إيران، فيما عرف بـ«صفقة إيران»!

طبعاً أنا شخصياً اختلف تماماً مع طرح والتز، ولدي أفضلية كوني أولاً، ابن المنطقة وعرفت وشهدت ديناميكية الصراعات فيها وطبيعتها عن قرب بخلاف والتز الذي اكتفى بالتنظير من على بعد آلاف الأميال دون العيش في منطقة الشرق الأوسط والفهم عن قرب لإرهاصات وتداعيات الصراعات وأجندة القوى فيها. فمثلاً، طرح والتز تجاهل الدوافع الأيديولوجية للنظام الإيراني، كما غفل عن الطبيعة غير المتوقعة لانتشار الأسلحة النووية.

فعلى عكس نظرية والتز، فإن إيران نووية ستُصعّد الصراعات، وتدفع المنطقة إلى سباق تسلح خطير. ومن هنا ففكرة والتز القائلة بأن «المزيد من القنابل تعني المزيد من السلام» هي فكرة ساذجة إلى حد الخطورة، خصوصاً في منطقة تتغلغل فيها الفصائل غير الحكومية (المليشيات) والدوافع الأيديولوجية التي تُقوّض مبدأ الردع القائم على العقلانية، كما كان الحال في الحرب الباردة. لقد أدى انغماس والتز في التنظير الأكاديمي، وهو بعيد كل البعد عن واقع الشرق الأوسط، إلى تغافله عن حقيقة أساسية: إن السلاح النووي في يد إيران وحتى إسرائيل التي تملك بالفعل ترسانة نووية، لا يجلب الاستقرار، بل يقود إلى الفوضى، ولا أدل من الفوضى التي تشهدها المنطقة اليوم من الحرب الإسرائيلية الإيرانية، التي قصّت شريطها إسرائيل، وتلاها الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة من جانب إيران، ورد إسرائيل وتدخل أمريكا بجانبها مؤخراً بعمليات عسكرية على منشآت نووية، والذي أعقبه الرد الإيراني الأخير بقصف صاروخي ضد دولة خليجية.. قطر الشقيقة.

كل هذه الفوضى أوصلت المنطقة إلى حافة الانفجار، ولم تزل دول فيها معرّضة لخطر وجودي، وأعني تحديدًا دول الخليج العربي.. هذه الست دول.. الحدائق وسط حرائق!

ناهيك عن أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيعني بالضرورة حصول سباق تسلح، فدول مثل السعودية وتركيا ستسعى حينها لامتلاك أسلحة نووية خاصة بها. كما سيؤدي ذلك إلى شلل المسار الدبلوماسي- المشلول أساساً!- ففكرة الردع (بمعنى وجود إيران كقوة نووية رادعة لإسرائيل) لن تنجح، لأن أيديولوجيا إسرائيل تقوم على الاحتلال والتوسع تحت مثل شعار «إسرائيل الكبرى.. من النهر إلى البحر».

قبل الختام، الحل لاستقرار الشرق الأوسط لا يكمن في انتشار القنابل النووية، سواء تلك الإيرانية المرتقبة أو الإسرائيلية الموجودة. فإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية، رغم كونه هدفاً مثالي النزعة وبعيد المدى، إلا أنه يجب أن يبقى طموحاً إقليمياً مستمراً. أما على المدى القصير، فأنجع حل منطقي وواقعي وممكن التنفيذ ويفضي إلى بناء الثقة والاعتراف المتبادل هو في قبول مبدأ التعايش دون الخضوع للهيمنة الأيديولوجية، وذلك ضمن ترتيب يُعرف بــ «modus vivendi»، وهو مبدأ في العلاقات الدولية قائم على التعايش المؤقت كأمر واقع بين أطراف متنازعة (إيران- إسرائيل) دون اتفاق نهائي، وقطعاً لن يتحقق ذلك الاتفاق النهائي دون أن تحل أولاً القضية الفلسطينية، القضية المركزية في الشرق الأوسط وأساس أو «قميص عثمان» صراعاته، وذلك عبر قبول إسرائيل لمبادرة السلام العربية 2002.

يقول نيكولا مكيافيللي:

«الحروب تبدأ حينما تشاء، لكنها لا تنتهي حينما ترغب».

وأزيد على قول مكيافيللي، بأن الحروب لا تنتهي حينما ترغب، وأيضاً.. أينما ترغب، فهي لا تنحصر بعدها في الغالب بين طرفين بل تتعداهما جيوسياسياً، ليتسع ضررها البشري والمادي.

رسالة ختامية عبر هذا المنبر السعودي على أرض الشقيقة الكبرى لباقي دول الخليج العربية الشقيقة، بلسان شاعر من أرض الشقيقة الكبرى:

أخاك أخاك إنّ من لا أخاً لهُ

كساعٍ إلى الهيجاء بغير سلاحِ

وفهمكم يكفي!
00:01 | 3-07-2025

تساؤلات حول سوريا الجديدة والجولاني..!

وأنا أتصفّح بالأمس عناوين الأخبار العالمية على الإنترنت حول «حدث القرن» -في رأيي- وهو فرار بشار الأسد من سوريا، وإسقاط نظامه وآخر معاقل «البعث» أو «العبث» العربي، واستيلاء الثوار بقيادة أبو محمد الجولاني -أحمد الشرع- على زمام الأمور في سوريا.. وقعت عيني على «مانشيت» لصحيفة الواشنطن بوست الأمريكية ما ترجمته حرفيا للعربية: «عهد جديد في سوريا بعد إسقاط بشار الأسد من قبل الثوار».

فرجعت بي الذاكرة المعاصرة إلى مانشيت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، إبان الغزو السوفيتي لأفغانستان، وبروز الجماعات الجهادية حينها بقيادة أسامة بن لادن، حيث جاء حينها في المانشيت العريض الذي تضمن صورة مبتسمة لابن لادن ما ترجمته حرفيا للعربية: «محارب ضد السوفيت يضع جيشه في الطريق نحو السلام».

فدارت هذه الأسئلة في خلدي، وأحببت أن أشاركها القراء بدلاً من «التحليل المستقبلي» و«القطعيات» من على وقع «إنما أوتيته على علمٍ عندي»، التي يتمتع بها أغلب المحللين العرب!

هل التاريخ يعيد نفسه؟ هل من تعمل الصحافة الأجنبية على «أنسنة» موقفه بالأمس واليوم بمثل عبارات «محارب من أجل الحرية.. يقود الطريق نحو السلام.. ثوار»، ستعمل غداً على شيطنته بعبارات من مثل «إرهابي.. عصابات إرهابية.. نشر الإرهاب» لعلمها بإرهاصات «اللعبة السياسية» وتداعياتها في الغد؟ هل وجدت أمريكا في هيئة تحرير الشام «طالبان جديدة»؟ والسيناريو متكامل ومتطابق بين الأمس واليوم.. حرب باردة بين أمريكا وروسيا بدأت في أوكرانيا عبر استنزاف روسيا عسكرياً، ثم الإجهاز عليها سياسياً في سوريا (أفغانستان اليوم).. هل تبدأ من سوريا «اتساع خريطة إسرائيل» كما وصف ووعد ترمب؟ هل سيكذِّب أبومحمد الجولاني التاريخ وأمريكا عبر قيادة جهود وطنية متعددة الأطراف لبناء سوريا كدولة مدنية تنهض كطائر الفينيق -وأصل الأسطورة من سوريا!- من رمادها الحالي؟ هل سيغلب مضمون كلامه التقدمي المطمئن جداً لكل أطياف الشعب السوري والعالم خلال مقابلته الأخيرة مع شبكة الـCNN على شكله السلفي؟ هل الجولاني قائد سوري وطني متجرد لمصلحة سوريا فقط؟ أم أنه «منتج معلب بأمريكا» خرج من مما أسماه الصحفي الأمريكي الاستقصائي/‏‏ تريفور آرونسون، في كتابه «مصنع الإرهاب The Terror Factory: من داخل عقلية الـ(إف بي آي) في كيفية تصنيعها للإرهاب والإرهابيين»؟

وخاتمة الأسئلة.. هل تخرج من سوريا «الأعجوبة العربية السابعة»؟، بعد محمد نجيب (مصر)، وعبدالرحمن الأرياني (اليمن)، وفؤاد شهاب (لبنان)، وعبدالرحمن سوار الذهب (السودان)، وولد أحمد الولي (موريتانيا)، والمنصف المرزوقي (تونس).. في أن يكون سابع رئيس عربي يترك كرسي الحكم بسلام وبإرادته بعد فترة انتقالية حرجة؟

كل ما سبق أسئلة مشروعة مهمة جداً في فهم السياق القادم لتداعيات سوريا ما بعد نظام الأسد.. وحدها الأيام القادمة وأحداثها كفيلة على الإجابة عليها بدقة ووضوح.

قبل الختام، الإطاحة بنظام الأسد الذي قبع على أنفاس ومقدرات السوريين وسوريا لأكثر من نصف قرن، في حد ذاته، نصر كبير جداً، ودعوة للتفاؤل بغد سوري مشرق، وهذا ما نتمناه لسوريا والسوريين.

ختاماً، آمل أن لا تُسقط مجدداً «القصة التراثية العربية» المألوفة على سوريا بعد أن أُسقِطت -وتحققت- قطعاً في ليبيا والعراق واليمن، وهي قصة ذلك الحاكم العربي الديكتاتور، الذي وصّى ولي عهده وهو على فراش الموت، بأن تسير جنازته في خط مستقيم واحد، وفيما إذا صادفها عائق فيقوم الابن بإزالته مهما كان العائق من بيت أو دكان أو أو.. وعندما توفى الحاكم الظالم، عمل الابن على تنفيذ وصية والده خلال سير الجنازة فهدم عشرات المنازل والدكاكين ممن كانت تعترض خط سير الجنازة.. وهنا تصايح الناس: «رحم الله الأب كان أرحم من ابنه»!

فأرجو من الله تعالى أن لا يترحم أهل سوريا في قادم الأيام على «جحيم الأسد» بعد أن يتكشف ضباب «نعيم الجولاني» الموعود عن «جحيمٍ آخر».. وفال الله ولا فال ليبيا والعراق واليمن!
00:18 | 15-12-2024

هل تريد أن تعيش لأكثر من قرنين ونصف؟

هل تعلم بأن هناك شخصاً كان يستطيع تناول وجبة الغداء مع «إسحاق نيوتن 1643 - 1727»، ووجبة العشاء مع «ألبرت أينشتاين 1879 - 1955»؟!

طبعاً ليس في نفس اليوم، ولكن خلال قرابة أكثر من قرنين ونصف، وهي مقدار ما عُمِّر! نعم صدِّق أو لا تصدِّق لقد كان الشخص الوحيد في التاريخ الحديث الذي عاش لأكثر من 250 عاماً، وبشكل موثق، لدرجة أن الصحف والمجلات العالمية مثل (صحيفة نيويورك تايمز، ومجلة التايم) حين توفى بعد قرابة الثلاثة قرون تداولت خبر وفاته، وقصة حياته في صفحاتها الأولى.

لي تشينغ يوان Li Cheng Yeun، رجل صيني وُلد بحسب السجلات الصينية الرسمية في عام 1677، وتُوفي في عام 1933 أي أنه عاش قرابة الـ300 سنة! في حين أن أكبر المعمرين حول العالم بحسب السجلات الرسمية المعروفة وبحسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كانت المرأة الفرنسية «جين كالمينت»، وبلغت من العمر حين وفاتها في عام 1997، 122 عاماً، أي أن لي تشينغ عاش أكثر من جين بما يزيد على 134 عاماً!

الحقيقة بأنني تأخرت في كتابة هذا المقال حتى أستقي صحة قصة تعمير لي لأكثر من قرنين ونصف. وبعد بحث طويل وقفت أولاً، على تحقيق صحفي قامت به صحيفة نيويورك تايمز للتأكد من مصداقية عمر لي تسينغ في عام 1930 – قبيل وفاة لي تشينغ بثلاث سنوات، وكان يبلغ من العمر حينها 253 سنة – عثرت الصحيفة خلاله على وثيقة موجودة في السجلات الحكومية الصينية التي تؤرخ للفترة الإمبراطورية، هذه الوثيقة تعود لعام 1827، وهي عبارة عن تهنئة من القصر الإمبراطوري على بلوغ لي تشينغ عمر الـ150 سنة حينها، كما وتم العثور على بطاقة تهنئة أخرى من القصر تعود لعام 1877، على بلوغ لي عمر الـ200 عام حينها!

أما المصدر الثاني فكان عبارة عن كتاب قام بتأليفه الجنرال الصيني الشهير/‏ يانغ شين Yang Sen بعد لقائه بلي تشينغ في بداية عشرينيات القرن المنصرم، وأسماه «الرجل الخالد الذي عاش لأكثر من 250 سنة - لي تشينغ يوان»، ونشر الكتاب في عام 1927، وترجمه لاحقاً للإنجليزية الكاتب والمترجم الأمريكي المعاصر/‏ ستيوارت أولسن، الذي كان ولم يزل متيماً بأسلوب وثقافة الحياة الصينية.

وسبب إصرار الجنرال الصيني شين على لقاء لي تشينغ، كان افتتان شين نفسه بفكرة «التعمير والخلود» خاصة تلك التي تمتلئ الأساطير الصينية بقصصها. وبعد تقصٍّ تأكد الجنرال شين عن مصداقية عمر لي من السجلات الصينية الرسمية المتوفرة حينها.

وفي كتابه المذكور آنفاً، ذكر الجنرال شين بأن لي تشينغ تزوج 24 امرأة توفين قبله جميعاً ما عدا زوجته الأخيرة، وكان لديه 180 حفيداً يمتدون لـ11 جيلاً (عزيزي القارئ، وخاصة صاحب عقلية التعدد، أتمنى ألا تأخذ مقالي هذا مبرراً للتعدد.. وتبلشني!).

ووصف الجنرال شين في كتابه لي تشينغ، بأن لديه «بصراً جيداً وخطى سريعة، ويبلغ طوله 7 أقدام ولديه أظافر طويلة للغاية، وبشرة حمراء».

وبحسب ما نقله شفاهة عنه في كتابه الجنرال شين، عن سر عمر لي تشينغ الطويل، ذكر بأن لي كان طبيب أعشاب متمرساً، واعتمد لعقود في حياته على نظام غذائي مكون من أعشاب الجينسينغ البري، والتوت (وخاصة وبحسب توصية لي التوت المسمى «الغوجي Goji berries»، الذي أثبتت الدراسات الحديثة غناه بمضادات الأكسدة وبمادة تدعي الفيستين «fisetin»، التي ثبت طبياً قدرتها على إصلاح خلايا الجسم وإطالة عمرها)، وشراب ماء الأرز وعشبة الغوتو كولا.

هذا في شق النظام الغذائي، أما في الشق النفسي، فنقل الجنرال شين نصيحة عن لي وهي: «دع الهدوء يسيطر على قلبك، واجلس مثل السلحفاة، وامشِ مثل الحمامة، ونم مثل القط». كما ونقل الجنرال شين عن لي في كتابه، ممارسة لي اليومية لتقنيات التنفس العميق.

لا شك بأن المُعمّر لي، كان يحافظ في داخله على هدوء نفسي متوازن مع تقنيات التنفس والتي كانت جميعها أحد أهم أسرار الحياة الطويلة، أضف إلى ذلك نظامه الغذائي، كلها عوامل لعبت دوراً مهما في بلوغه عمر 256 سنة.

والشيء بالشيء يذكر، تذكرت خبراً ضجّت به وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية قبل فترة بسيطة، حول قيام ملياردير أمريكي يبلغ من العمر 47 سنة، بدفع ملايين الدولارات لاستعادة شبابه ليصبح بعمر 18 سنة، وذلك تحت إشراف خبراء في الطب والتغذية، وكان برنامجه اليومي الصارم المعد يتضمن تناول 20 نوعاً من المكملات الغذائية، مع تأدية 25 تمريناً رياضياً مختلفاً في اليوم، وتناول طعام نباتي فقط والاستيقاظ يومياً عند الساعة الخامسة فجراً، ليبدأ يومه بتناول عصير أخضر على الريق، وتنظيف أسنانه بزيت شجرة الشاي. وبعد مدة من اتباع البرنامج المذكور لعدة شهور، خرج تقرير الفريق الطبي بعد الفحوصات بنتائج مفادها بأن عمر قلبه عاد ليكون كما لو كان في عمر 37 سنة، وعمر وشكل جلده في عمر 28 سنة، وعمر رئتيه عاد لسن المراهقة عند عمر 18 سنة! إلا أنه وبعد خروج هذا التقرير قال في مقابلة تم تداولها عالمياً: «بعد كل ما أنجزت في سبيل استعادة شبابي.. إلا أنني أشعر بالاكتئاب وبالرغبة في الانتحار»!

الفارق بين مثالَي لي والملياردير الأمريكي نحو الوصول إلى «إكسير الشباب وطول العمر» في رأيي يتمثل، في البيئة الخام العضوية التي عاش فيها لي تشينغ، التي فرضها الزمن وأسلوب الحياة فيه، كما أن لي كان متخصصاً في علم الأعشاب تناول ما تقدمه الأرض من خيرات طبيعية دون تصنيع يتضمن مواد كيميائية بعكس ما تناوله الملياردير الأمريكي من مكملات غذائية تدخل في تصنيعها مواد كيميائية لها بلا شك أثر عكسي سلبي يتزامن مع فائدتها. أضف لذلك تفوق لي على الملياردير في ما يتعلق بموازنة الشق الجسدي مع النفسي.

قبل الختام، الإسلام – بالتحديد – تناول عبر القرآن الكريم إمكانية أن يُعمّر الإنسان في مواضع عدة من مثل «ومن نعمّره»-وقوفاً-.. «يود أحدهم لو يعمّر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر»، فلا يتعارض الإسلام مع التعمير، وتظل الحقيقة بأنك مهما أخذت بأسباب «إطالة العمر»، فتبقى الأعمار بيد الله في قصرها أو طولها.. آمنّا.

ختاماً، أعظم نصيحة مستفادة من قصة حياة تشينغ لي المديدة جداً هي، لا بد من موازنة بين تغذية الجسد بما ينفعه، وتغذية النفس بما يحصنها، والتغذيتان تحملان تأثيراً متلازماً إما إيجاباً أو سلباً.. فما تُدْخِل فيهما ستجد تأثيره في شكلك، وشخصيتك، ونفسيتك، وسنين عمرك، وعدد زياراتك للأطباء والمستشفيات! باختصار: «دع الهدوء يسيطر على قلبك، واجلس مثل السلحفاة، وامشِ مثل الحمامة، ونم مثل القط».. وحاول أن تأكل مثل «لي تشينغ».. وأعلم صعوبة ذلك خاصة في مجتمعاتنا التي يصدق في وصف حجم وطريقة أكل الغالب فيها: «وإذا بطشتم بطشتم جبارين»!.. وأعني هنا البطش بالبطون بما يدخلها من سمين ودهون عافانا الله وإياكم من مثل هذا الجنون!
01:06 | 19-09-2024

فيلم «حياة الماعز».. حيلة العاجز !

أثار الفيلم الهندي «حياة الماعز The Goat Life» الذي أنتج بتمويل هندي- أمريكي وعرض في شاشات السينما العالمية بداية هذا العام، بناء على الرواية التي حملت نفس الاسم ونشرت في عام 2008، جدلاً واسعاً خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، حول ظاهره وهو موضوع «حقوق الإنسان» في السعودية ودول الخليج العربي، وباطنه وهو قدرة السينما على تسويق قصة الفيلم على أنها الحقيقة المطلقة، بينما الواقع مختلف قطعاً. الفيلم الذي استند إلى قصة حقيقية.. إلا من ثلاثة أرباع الحقيقة!.. قدّم فقط الربع من القصة الحقيقية، وهذا الربع تمثل في قدوم عامل هندي إلى السعودية في بداية تسعينيات القرن المنصرم للعمل في وظيفة «عامل» كان قد تعاقد مع أحد مكاتب التوظيف في بلده الهند للحصول عليها، وركز عزيزي القارئ بأن محنة هذا العامل بدأت أساساً في بلده عبر «مكتب التوظيف» المحتال الذي سوّق لهذا العامل «عالماً وردياً» في انتظاره دون مؤهلات تصنع له هذا العالم الوردي! وعندما قدم للسعودية تم تركه هَمِلاً في المطار حتى قاده القدر لمواطن سعودي -رحمه الله وغفر له- تلبّس دور الكفيل، حين قدّم نفسه للعامل في المطار، ونقله للعمل في صحراء يباب راعياً لغنمه في ظروف معيشية صعبة ودون إعطائه رواتبه المستحقة بعدها لسنوات.. هنا انتهى ربع الحقيقة.. وما خفي في ثلاثة أرباع الحقيقة التالية الذكر أعظم.

هذه الثلاثة أرباع من الحقيقة، بناء على حديث الراوية السعودي المعروف الأستاذ عبدالرحمن الدعيلج، الذي وقعت له على مقطع فيديو على منصة «اليوتيوب» مدته عشر دقائق، يرجع لقبل أكثر من ثلاث سنوات أي قبل تصوير وعرض فيلم «حياة الماعز»، حتى لا يحسب حديث الدعيلج بأنه محاولة للتغطية على ما جاء في الفيلم، وبلهجة سعودية محشوم ويكرم الدعيلج عن مثل هكذا نية وتصرف. حديث الدعيلج كان عبر برنامج حواري شعبي يبث عبر قناة المجد الفضائية، وهو برنامج مشهور وله قاعدة جماهيرية كبرى ليس في السعودية فقط بل في الوطن العربي بأكمله وحتى في باقي دول العالم عند المهاجرين العرب، وفكرة البرنامج تتلخص في قصص يرويها الحضور الكرام بناءً على إما مشاهدة شخصية أو نقل عن أصحاب القصة أنفسهم أو شهود عيان. وقصة عامل «حياة الماعز» رواها الدعيلج في المقطع المذكور نقلاً عن شهود عيان، وكما ذكرت آنفاً فالمقطع يتجاوز عمر نشره على اليوتيوب أكثر من ثلاث سنوات. وسأوجزها بتصرف لا حرفياً لدواعي عدم الإطالة وكون المقطع باللهجة السعودية.

في القصة الحقيقية التي رواها الدعيلج، لم يكن الهندي مسلماً، ولم يكن له شريك في السفر -كما جاء في الفيلم- بل هو من تعرّف بعدها على هندي مثله يعمل بمرعى للحلال -الماشية - يبعد عنه بضعة أميال عندما كان يرعى أغنام الكفيل، فتصادقا، وصار يفهم منه اللغة العربية والألفاظ التي تساعده في مهنته، وبدأ يتعلم منه كيفية العمل. ولم يشجعه صديقه الهندي هذا على الهرب كما جاء في الفيلم، بل أخبره فقط أن يطالب بأجره المستحق من كفيله المزعوم. وعندما بدأ الطلب مراراً وتكراراً برواتبه المستحقة من الكفيل، رفض الكفيل أن يعطيه إياها، فطلب العامل منه أن يتركه يذهب لحال سبيله ويعود لوطنه، فرفض الكفيل أيضاً، وعندها جن جنون الهندي، وفي موقف بعدها تلاقيا فيه في موقع عمل العامل، تجادلا حول متأخرات رواتب العامل، وتدافعا بالأيدي، ليجد العامل بالقرب منه عصا من حديد التقطها وضرب بها الكفيل فقتله بها. وفرّ العامل بعدها لخيمة هندي بالجوار من مكان عمله. وخلالها حينما تأخرت عودة الكفيل لأهله جاءوا للبحث عنه ليتفاجأوا بجثته الملقاة، وعندما أبلغوا الشرطة علموا بحقيقة الجريمة وحقيقة قصة أبيهم مع الرجل الهندي. تم القبض على الهندي بعدها وحبسه حتى تنفيذ قصاص القتل فيه، ولكن عندما عرف أهل الحل والعقد بالبلدة ومحافظها قصة الهندي جمعوا له نقود الدية وقدرها 170 ألف ريال.. وذهبوا لأولاد الكفيل وورثته وأخبروهم بحقيقة قصة أبيهم مع الرجل وعزله لأكثر من خمس سنوات، وأن ما أقدم عليه الهندي من جرم قتل والدهم كان نتيجة قهره وانتقاماً لنفسه.. فتشاور أولاد القتيل وسألوا في ذلك أحد مشايخ الدين: «يا شيخ هل على أبي دين لهذا الرجل؟» فأجاب الشيخ: «نعم عليه الكثير».. فتشاوروا وأخبروا الجمع بأنهم سامحوا الهندي لوجه الله، ولا يريدون منه ديّة أبيهم المقتول علّ ذلك يغفر لأبيهم ما فعله بالهندي.. وهنا اتفق الجمع بعدها للذهاب للهندي في مكان حبسه، وهناك أخبروه في حضرة مترجم، بما جرى مع أولاد الكفيل وعفوهم عنه لوجه الله، فذُهل العامل!، وفوجئ بالجمع يعطونه الدية التي جمعوها وقدرها 170 ألف ريال سعودي، وأخبروه أن بإمكانه أن يبدأ مشروعاً في بلده بهذا المبلغ.. فاضطرب الرجل وسأل المترجم: أليس الكفيل المزيف مسلماً مثلهم؟، فأخبروه أنه فرد وتصرفه الخاطئ لا يعبر عن الإسلام أوعن أهل البلد -أنا أشهد!-، والإسلام هو من شرّع الديّة، وشرّع العطاء للمحتاج ولو كان آثماً، فإذا بالرجل يُسلم في الحال من داخل محبسه، ويعود بعدها لبلده مسلماً غنيّاً مكرماً.. يحمل اسم «نجيب محمد».. لا كما أظهره الفيلم بأنه «مسلم» من البداية، بل كان عند قدومه للسعودية على الديانة الهندوسية.. ومن هنا يكفيك فقط أن تعي بعدها بأن الفيلم أنتج -دُبّر- بليل.. ولست هنا في مقام الدفاع عن «الكفيل المزعوم الظالم»، فحسابه عند العادل سبحانه، ولكنني في مقام الدفاع عن شعب جُبِل على الكرم والفزعة للمظلوم، ولا ينبئك مثل خبير.. والقاعدة المعروفة «الاستثناء لا تُبنى عليه قاعدة».

قبل الختام، هذا الفيلم جاء ليحيي قديماً متجدداً، وهو ضرورة وجود «صناعة سينما مضادة» في السعودية خاصة وفي دول الخليج عموماً، يكون هدفها التصدي للحملات السينمائية المسيئة التي في غايتها استهدفت وتستهدف تنميط الشخصية الخليجية بشكل سلبي، والإساءة للإسلام والمسلمين.. ماذا لو أنتجت السعودية «فيلماً قصيراً» يتضمن «ثلاثة أرباع» الحقيقة المذكورة بلسان الدعيلج، وبكذا لغة رداً على مغالطات فيلم حياة الماعز؟ نعم.. فيلم قصير ينتج باحترافية ويكفي نشره بعدها على منصة اليوتيوب كفيل بأن يتلقى ملايين المشاهدات، وبطمس باطل فيلم حياة الماعز، وإظهار الحقيقة.

ختاماً، يقول المثل المصري: «ما لقوش في الورد عيب، قالوا يا أحمر الخدين»!.. ولـ«سعودة» المثل لمناسبة المقال: «ما لقوا في نخل السعودية عيب، قالوا: يا كثر عذوقها»!

اللهم كثر عذوق نخل السعودية.. قولوا آمين.. النهاية The End !
01:17 | 29-08-2024

بلاد العرب أوطاني.. من الشامِ لكيب تاونِ !

ما الذي دفع جنوب أفريقيا؛ الدولة التي يعتنق 80% من سكانها المسيحية، للوقوف قولاً وفعلاً مع فلسطين ضد المجازر الصهيونية في غزة وفي كل ربوع فلسطين المحتلة؟

ولا أدل من موقف جنوب أفريقيا الأخير العملي في (جرجرة) إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية بتهم القيام بمجازر وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.. الجريمة الوحيدة في تاريخ الشعوب كاملة الأركان والدلائل ببث مباشر أمام العالم!

الدافع الجنوب أفريقي علاوة على أنه واجب أخلاقي وإنساني، فهو مستمد قطعاً من إرث مانديلا، الذي يترادف اسمه وإرثه في الثورة ضد الاستبداد وبذل الغالي والنفيس في سبيل الحرية والكرامة والأرض والعرض.

وأسئلة هنا أحاول أنا وعبر (رأس مال الكاتب) وهو وعي القارئ أن نجيب عليها وأولها، هل خطوة جنوب أفريقيا هي الأولى في رفع قضية ضد دولة أخرى (يثقل على لساني أن أصف إسرائيل بالدولة، وقاتل الله السياق!)؟ وما مبرر جنوب أفريقيا القانوني الذي سمح لها برفع قضية نيابة عن فلسطين ضد إسرائيل، وهي لا ناقة لها ولا جمل في الموضوع؟ يعني بالدارج العربي ما الذي جمع الشامي على الجنوب أفريقي؟ وآخر الأسئلة، ما هو سيناريو المحاكمة المتوقع؟ وما مدى نجاعة المحاكمة وقرارها؟

أما كون خطوة جنوب أفريقيا هي الأولى من نوعها، فلا، وقد سبقتها قبل أعوام قليلة وتحديداً في عام 2019، ومن أفريقيا أيضاً، جمهورية غامبيا، عندما رفعت قضية في محكمة العدل الدولية، ضد قادة الانقلاب العسكري والجيش في ميانمار، بارتكاب مجازر وإبادة جماعية ضد أقلية الروهينغا المسلمة، وهي القضية التي وافقت لنظرها محكمة العدل في عام 2021.

والإجابة عن التساؤل الثاني، المتمثل في المبرر القانوني لجنوب أفريقيا اليوم لرفع قضية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بلاهاي، فهو نفس مبرر غامبيا بالأمس، المتمثل في الحق الوارد في القانون الدولي الذي يعرف بـ«بالنيابة عن الكل – Erga omnes»، والذي يعطي دولة ما بمفردها الحق في رفع قضية نيابة عن المجتمع الدولي ضد دولة أخرى أدينت بارتكاب إبادة جماعية، وذلك بحسب «اتفاقية منع الإبادة الجماعية» التي أقرتها الأمم المتحدة في عام 1948. ومفارقة هنا لا بد من ذكرها وهي أن مفردة «الإبادة الجماعية» قبل أن تصاغ، كان يطلق عليها ونستون تشرشل «جريمة بدون اسم»!.. هذه المفردة صاغها محامٍ بولندي يهودي يدعي (رافائيل ليمكن)، بعد فراره من أحد معتقلات الإبادة النازية، ورافائيل نفسه من استنهض بعدها العالم والأمم المتحدة لإقرار اتفاقية منع الإبادة الجماعية، ومات عام 1959 وفي قلبه غصة من أمريكا، التي عاش ومات بها لاجئاً، والتي رفضت رفضاً قاطعاً مقترحه أو حتى الاستماع إليه، وطبعاً تحفظ أمريكا حينها نبع من تخوفها من الملاحقة القانونية؛ سواء فيما يتعلق بالمجازر والإبادة الجماعية التي نفذتها ضد سكان أمريكا الأصليين (الهنود الحمر)، أو ما تزامن من بطشها بأقلية السود وحرمانها من حقوقها المدنية.

وأصل الآن إلى (زبدة) التساؤلات، ما هو سيناريو المحاكمة المتوقع؟ وما مدى نجاعة المحاكمة وقرارها؟

لنفترض جدلاً أن محكمة العدل حكمت بإدانة إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعي (وهي المحاكمة التي أتوقع أن تطول قبل إصدار قرارها)، فأول قرار ستتخذه سيتمثل في إصدارها قراراً يقضي بوقف عمليات الإبادة فوراً (وهو القرار نفسه الذي اتخذته ضد عسكر ميانمار في القضية التي رفعتها غامبيا المذكورة آنفاً). ليتبادر هنا السؤال، هل ستلتزم إسرائيل بقرار الوقف هذا؟ والاحتمال هنا الذي في حجم اليقين بأن إسرائيل لن تلتزم بهذا القرار. فإجرائياً بعدها ستتخذ محكمة العدل إجراءات نقل القرار لمجلس الأمن للتصويت عليه لإيقاف الحرب. وحينها ستتجه أنظار العالم للدول الداعمة لإسرائيل داخل مجلس الأمن وهي أمريكا وبريطانيا وفرنسا. ولكن تصويت هذه الدول حينها بحق النقض (الفيتو) فيما يتعلق بقرار وقف الإبادة والحرب، سيعني قانونياً أن دول الفيتو مشاركة بجريمة الإبادة، وسيضعها أمام حرج دولي كبير، وخصوصاً أمام الرأي العام العالمي بما فيها شعوب هذه الدول المعارضة لـ«مسوغ» شن إسرائيل للحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023، وإبادة الشعب الفلسطيني. كذلك سيعني قرار إصدار إدانة لإسرائيل بارتكاب مجازر وإبادة جماعية دحض وإبطال حجة الدول التي دعمت مسوغ إسرائيل الأوهى من بيت العنكبوت وهو «الدفاع عن النفس». وسيترتب على ذلك اعتبار الدول التي ستدعم إسرائيل بعد القرار عسكرياً سواء عبر تقديم الأسلحة أو المرتزقة، فسيعني ذلك قانونيا بأنها مشاركة في جرائم حرب وإبادة.

لذلك فإن إصدار قرار مقنن دولياً بإدانة إسرائيل، سيكون بمثابة سابقة تاريخية «ألفية» معاصرة وستضع إسرائيل في قائمة الدول المرتكبة للإبادات الجماعية بجانب ألمانيا النازية (حصان طروادة) الذي أدخل الصهاينة لفلسطين، وأكسبهم تعاطف أوروبا بالدرجة الأولى وأمريكا. وبالحديث عن التعاطف الأوروبي، أعلنت ألمانيا بالأمس وقوفها بالكامل مع إسرائيل خلال مداولات القضية.

وقبل الختام، وعودة لتداعيات فيما إذا صدر قرار إدانة إسرائيل، فإن شعبها، ووفقاً للقانون، سيتحول من أقلية تعرضت لعمليات إبادة فيما مضى إلى شعب ارتكب ويرتكب إبادة جماعية بحق شعب آخر. كما سيفتح طريق الإدانة إمكانية جرجرة قادة إسرائيل كنتنياهو ووزير دفاعه غالانت لمحاكمتهم في المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، وبجانبهم أيضاً مثل وزير المالية الإسرائيلي الذي دعا علناً لارتكاب إبادة جماعية، عبر إلقاء قنبلة نووية على غزة.

ختاماً، جنوب أفريقيا التي تقع جغرافيا في أسفل خريطة العالم، لم تعد «جنوباً»، بل على رأس قمة الإنسانية والاصطفاف مع الشعوب المضطهدة، وأعطت للعالم بقرارها الشجاع درساً مهماً عظيما اليوم مفاده بأن «العولمة» يجب أن تجعل من العالم «قرية صغيرة» إنسانية قبل المال والأعمال.. ومن هنا كان العنوان.. بلاد العرب أوطاني.. من الشامِ لكيب تاونِ.

ورفعة عقال واجبة للسعودية على سرعة تأييدها التام للخطوة الجنوب أفريقية.. ولا عجب، وقد جاء في «قدرها المكتوب»: «سارعي للمجد والعلياء».
23:55 | 13-01-2024

حديث سمو ولي العهد للأتلانتيك: فبُهِتَ الذي «سأل»!

تابعت ومعي الكثير حديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأخير لمجلة الأتلانتيتك الأمريكية، وبعيداً عن فحوى اللقاء المُطوّل الذي أجراه مع سموه أحد محرري المجلة بصحبة رئيس تحريرها.. وكما لم تفت بديهة سمو الأمير من ليس بالخب، ولا الخب يخدعه.. أثارت مجدداً المجلة في أحد أسئلتها على شاكلة «المثل الأمريكي»: (التلويح بقميص الدم waving the bloody shirt)، وما يقابله في العربية بـ «التلويح بقميص عثمان».. أثارت مجدداً طرح سؤال عن قضية «مقتل جمال خاشقجي» رحمه الله.. فكان الجواب من سمو الأمير حرفياً:

«السؤال الأكبر بالنسبة لي هو: لقد قُتل سبعون صحفيّاً تقريباً حول العالم تلك السنة، هل يمكنك أن تسميهم لي؟ لا؟ إذن شكراً جزيلاً، وهل فعلاً هذا إحساس بزميل صحفي؟ أم أنه مصمم ضدنا، وضدي أنا؟ إذا كان فعلاً إحساس بزميل صحفي، إذن أعطني أسماء الصحفيين السبعين الذين قُتلوا تلك السنة»... فبُهِتَ الذي «سأل» الأمير حرفياً!

كنت أستطيع إنهاء مقالي هنا وما بعد كلام سمو الأمير كلام.. وأكفي القارئ العزيز ونفسي عناء الإطالة.. وكون «شيطان الصحافة الأمريكية» يكمن في التفاصيل!.. وخاصة ما يتعلق بازدواجية معاييرها وارتهانها لأجندة أمريكا الرسمية فيما يجعلها أقرب لـ «اللوبي الصحافي» من كونها صحافة تتمتع بحرية ومهنية حقيقية مهما ادّعت عكس ذلك!.. ولكن لحاجة في نفسي أوضحها في نهاية المقال كان لزاماً الإطالة هنا.

سأسرد لكم قصة أمريكية واقعية مختصرة -نوعاً ما!- فيها المثال عن كيف «تحترم» أمريكا الصحافة وحريتها، وكيف أنها «تتقبل» طرح وتحقيقات الصحافيين.. دون أن «تتعرضهم أو تعترضهم»، ودون حتى أن «تغتالهم»:

الصحافي الأمريكي‏‏ غاري ويب، أحد الأسماء الصحافية الأمريكية البارزة خاصة في مجال الصحافة الاستقصائية، وقد حصلت من أعماله الاستقصائية على الجائزة المرموقة «بوليتزر» لتميزها ودقتها. قام ويب في عام 1996، بنشر سلسلة مقالات استقصائية في صحيفة «ميركوري» الأمريكية تحت عنوان «التحالف الأسود»، حول تسهيل وتعاون وحماية السي آي إيه قبل سنوات قليلة -حينها-، لكارتيلات المخدرات والمليشيات العسكرية في نيكاراغوا التي عرفت بـ«الكونتراس»، التي أغرقت أمريكا بالكوكايين والهيروين وخاصة داخل المجتمعات الأمريكية ذات الأصول الأفريقية، كل هذا بعلم وحماية السي آي إيه، بل وحتى أن السي آي إيه كان يتقاسم مدخول تجارة المخدرات مع هذه الكارتيلات، لتمويل أنشطته الاستخباراتية في أمريكا الوسطى!

بعد نشر سلسلة مقالاته، انتفض المجتمع الأمريكي حينها وخاصة من ذوي الأصول الأفريقية، الذين لم يشكّوا للحظة في صدق ما جاء في مقالات ويب، وهنا أوعزت الإدارة الأمريكية، للسي آي إيه مهمة إسكات غاري ويب للأبد، وعمل السي آي إيه أولاً على الضغط على صحيفة ميركوري التي يعمل بها ويب، وقامت بطرده، بل إنه حرم من ممارسة المهنة بعدها ولو حتى في الصحافة المدرسية!.. وبعدها أدخل السي آي إيه ضمن فريقه الشيطاني لإسكات ويب كلّاً من صحيفتي «نيويورك تايمز والواشنطن بوست» لتدمير سمعة ويب المهنية، في الوقت الذي كان قد تسلم جائزة «بوليتزر» المرموقة نظير مهنيته!.. هذه الملاحقة الصحفية غير المهنية لويب، من قبل النيويورك تايمز والواشنطن بوست ومعهم مجلة الأتلانتيك!، أثارت امتعاض الشارع الأمريكي، لعلمه بعدم مهنيتها، وبأنها مجرد استهداف شخصي لغاري الذي لم يصمت وقام بنشر كتاب مفصل يتضمن سلسلة مقالاته «التحالف الأسود» وما أعقب نشرها من استهدافه من قبل السي آي إيه وتجار «الكونتراس». ليختم السي آي إيه مهمة إسكات ويب للأبد، بتدبير عملية اغتياله بالتعاون مع تجار المخدرات.. وهذا ما تم (بحسب رواية عدة شهود وتحقيقات استقصائية لصحافيين من أصدقاء غاري)، وبعدها خرج التقرير الرسمي للتحقيقات حول مقتل ويب، من أنه أقدم على الانتحار بأن أطلق على رأسه رصاصتين من مسدس في غرفته.. وبالله عليكم كيف لأحدهم المقدرة على أن يطلق رصاصتين على التوالي -حيا!- من مسدس على رأسه، وثم تحسب انتحاراً؟!

أنصح بمشاهدة الفيلم الذي أنتج عام 2014 بعنوان «اقتل الرسول – Kill the Messenger» الذي يتناول قصة حياة غاري ويب ونهايتها.. ومع أن الفيلم كان واقعياً في مجمله في سرده لحقيقة قصة الصحافي ويب، إلا أنه سار مع الرواية الرسمية التي تقول بانتحار ويب بطلقتين متتاليتين أطلقهما من مسدس على رأسه!.. وهوليوود لطالما كانت جزءاً من ماكينة الإعلام الأمريكي في ترويج «وهم الحقيقة» في أمريكا والعالم! وهذا الطرح أكدّه عالم السياسة الأمريكي‏ شيلدون وولين، الذي صاغ مصطلح «الديكتاتورية المعكوسة» في بداية الألفية لوصف النظام الأمريكي بأنه لا يختلف عن أي نظام ديكتاتوري في العالم، وبأن وسائل الإعلام الأمريكية جميعها مرتهنة بالأجندة الرسمية الأمريكية، وإن أظهرت خلاف ذلك!

لا تغرنكم -ومثلكم أعرف!- شعارات أمريكا الرنانة التي تجوب العالم، وخاصة منطقتنا.. من مثل «حقوق الإنسان».. و«حرية الصحافة والصحافيين» ووو.. فأمريكا خير من تعاطى ويتعاطى السياسة على أنها «فن السفالة الأنيق»، بصياغة صحافتها!

جريمة قتل جمال خاشقجي شنعاء بكل المقاييس.. ولكنني أحترم بأن السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين وولي عهده، لم يسعوا لإرضاء أحد في العالم سوى أسرته، التي أبدت رضاها بإجراءات السعودية القانونية حول مقتل جمال، رحمه الله وتقبله في عليين.

وهنا أصل إلى الحاجة في نفسي والسبب الرئيسي في كتابتي لهذا المقال.. وفيه ما يؤكد طرحي أعلاه من أن الصحافة الأمريكية تفتقد للمهنية الحقيقية.. وتأملوا ملياً هذه العبارة التي صاغها محرر المقابلة - من خارج نص المقابلة - وجاءت بالحرف ضمن طيات النص:

«السعودية لم تكن يوماً بلداً حراً»!

كذبت ورب الكعبة، فبينما في السعودية احتفل مؤخراً بيوم تأسيس المملكة بسواعد عربية مسلمة حرة لم يطلها وأرضها يوماً الاحتلال.. تحتفل بلدك أمريكا بيوم الاستقلال كل عام من المحتل!

هل تعلمون ماذا قصد بالحرية هنا؟ أي الحرية على الطريقة الأمريكية التي ننسلخ بها من هويتنا الوطنية ونتبع أهواءهم وطريقة عيشهم كما يقال في مثلهم our way or the highway حتى يرضوا علينا!... أليس مثل هذا التطرف والفرض في الطرح كان ليلقى «تصفيقاً» عند جماعات «القاعدة وداعش» الارهابية المتطرفة! فعلاً التم المتعوس على خايب الرجا!

ختاماً، بينما تسعى السعودية وقيادتها الحكيمة نحو «تقارب الحضارات» وتلاقح أفكارها عبر العديد من الخطوات والمشاريع والاتفاقيات التي يشهد لها العالم.. تأبى مثل هذه المجلة - ومن على خط سير توجهها - إلا الترويج لـ «صراع الحضارات».. وفكرة «نحن» و«هم»!.. والتلويح بـ «قميص دم» لم يقرأ عليه محرر المقابلة الفاتحة لأنها غريبة عليه.. بينما لم يكتب منذ اغتيال زميل مهنته وبلدياته «غاري ويب» وحتى اليوم، ولو «فاتحة سطر» تندد باغتياله، والأقربون أولى بالمعروف!
00:09 | 16-03-2022

إسقاطات تاريخية على واقع أوكرانيا ورئيسها اليوم

تهديد قيام «حرب عالمية ثالثة» لم يبدأ وغزو روسيا لأوكرانيا مؤخراً، بل كان العالم قاب قوسين أو أدنى من اندلاعها في عام 1962، عندما اتفق الرئيس السوفيتي حينها خروتشوف مع الرئيس الكوبي فيديل كاسترو على نشر منصات صواريخ نووية سوفيتية على أراضي كوبا، وهو ما تم.. حينها هدد الرئيس الأمريكي جون كينيدي نظيره السوفيتي بأنه إذا لم يسحب الاتحاد السوفيتي منصات الصواريخ الموجودة فعلاً وإلغاء تلك التي بصدد إقامتها في كوبا، فإنه سيعطي الأمر للجيش الأمريكي بقصفها، ولتكن-كما هدد كينيدي- الحرب العالمية الثالثة!

وقد وافق بعدها «خروتشوف» على سحب منصات الصواريخ نهائياً من كوبا. والقليل يعلم بأن موافقة «خروتشوف» لم تكن مجانية بل كانت على شكل مقايضة -وقد كانت سرية بعيداً عن تصريحات خروتشوف وكينيدي العلنية المناكفة- تقوم على إثرها أمريكا بسحب منصات الصواريخ التي كانت أنشأتها في تركيا شريطة أن يقوم السوفيت بسحب منصاتهم من كوبا، وقد كان ذلك.. وهو الاتفاق -أو بشكل أدق المقايضة- الذي حفظ العالم من خطر قيام حرب عالمية ثالثة في آخر لحظة.

ماذا نفهم من هذا المثال الذي يعيد التاريخ اليوم بشكل أو بآخر على أرض أوكرانيا؟ في تصوري بأن حل الأزمة الأوكرانية سياسياً هو عبر اتفاق مماثل لما جرى «بين خروتشوف وكينيدي»، يقضي بوقف تمدد الناتو -وأمريكا بطبيعة الحال- على الحدود الروسية، وتعهد أوكرانيا بعدم الانضمام إلى الناتو أو الاتحاد الأوروبي -على الأقل لخمسين سنة قادمة- الذي يعني بطبيعة الحال تهديد أمن روسيا من جزئها الجنوبي الغربي، ووقف عمليات الأسطول البحري الروسي بالكامل في البحر الأسود، باعتبار ما سيكون من قوة موقف أوكرانيا والدعم المقنن للمطالبة بجزيرة القرم بعدها مركز عمليات الأسطول البحري الروسي في البحر الأسود منذ عشرات السنين. وفي المقابل تتوقف روسيا عن حربها في أوكرانيا وتتعهد بعدم العدوان مجدداً على أوكرانيا بشتى الطرق. هل مثل هذه المقايضة بين أطراف الصراع ممكنة؟ نعم.. وهل أوكرانيا ملزمة في القانون الدولي بكسب موافقة روسيا للانضمام إلى الناتو؟ لا.. ولكن عندما يكون الموضوع تهديد الأمن الوطني لدولة بحجم روسيا، فعلى أوكرانيا ورئيسها أن يتجرعا هذا الواقع السياسي من مبدأ أن السياسة «فن الممكن»، وأن يكف رئيسها عن ملاحقة سراب الدعم الأمريكي والأوروبي عسكرياً في حربه مع الروس أو فكرة الانضمام إلى الناتو، فأمريكا وأوروبا والناتو بطبيعة الحال سيعتبرون في النهاية أوكرانيا مجرد «ضرر جانبي» أمام توافقاتهم مع دولة بحجم روسيا، مهما بلغ الدعم الخطابي الغربي أو على شكل مقاطعة «ماركات» غربية لروسيا، فإن التوافقات السياسية بين الغرب وروسيا، لن تجد ضرراً من رمي أوكرانيا تحت باص المصالح! وهي حقيقة يدركها اليوم الرئيس الأوكراني وشعبه بوضوح.

وحتى نفهم جيداً مبدأ أن يعلو «تهديد الوجود» والأمن الوطني لروسيا على القانون الدولي، تخيل لو أن «المكسيك» أكبر دولة من حيث الحدود المتقاسمة مع أمريكا، جاء إلى سدة حكمها نظام غير صديق لأمريكا، وموالٍ لروسيا، وقررت روسيا أن تنشر منصات صواريخ لها داخل المكسيك وعلى مقربة من الحدود الأمريكية، وهو أمر لا يخالف القانون الدولي.. ولكن كيف تظن ستكون ردة فعل أمريكا حينها تجاه روسيا والمكسيك إزاء ما ستراه بأنه تهديد لوجودها وأمنها الوطني؟ نعم أنت الآن تتخيل السيناريو الكارثي حينها!

وضع الرئيس الأوكراني زيلينسكي اليوم، يتماهى حرفياً مع وضع المناضل المجري «لايوش كوشوت» بالأمس وتحديداً في منتصف القرن التاسع عشر.. عندما قاد انتفاضة لانفصال هنغاريا عن الامبراطورية النمساوية.. وقبل أن يقدم كوشوت على قيادة انتفاضته، كانت أمريكا وبريطانيا يقدمانه على أنه «بطل الديموقراطية في أوروبا»، وبأنهما خلف انتفاضته بكل أساليب الدعم، وما إن قاد انتفاضته التي كان يسعى فيها بالأمس كما يسعى زيلينسكي اليوم، إلى فك ارتباطه بالامبراطورية النمساوية والروسية أي الشرق، والاتجاه نحو الغرب.. تدخلت حينها روسيا بجيشها مع الامبراطورية النمساوية، وأخمدت انتفاضته. ولم تحرِّك أمريكا أو بريطانيا حينها ساكناً بأي شكل من أشكال الدعم ما عدا ذاك الخطابي سواء ذاك المؤرشف في بيانات بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي أو مجلس العموم البريطاني، وتم نفي كوشوت إلى الخارج، وسافر إلى أمريكا وبريطانيا، وحاول باستماتة أن يحصل على دعم سياسي من أمريكا وبريطانيا، لقيادة انتفاضة جديدة في هنغاريا، ولكنه لم يجد أي استجابة، على غرار «إبليس» الذي فتن الانسان، ثم قال له: «إني بريءٌ منك»!، وقد أبدى بعدها «كوشوت» -كما جاء في عدد من الكتب التي تناولت انتفاضته- شديد الندم -يوم لا ينفع ندم- عندما آمن بدعم الغرب لحراكه من أجل هنغاريا ديموقراطية بالشكل الغربي.

ومن الدرس الهنغاري التاريخي أعلاه، هناك إسقاطات منه تعنينا نحن العرب بالدرجة الأولى، أولها، بأنه يعطي مؤشراً تاريخياً لبداية تدخلات أمريكا في شؤون الدول الأخرى منذ منتصف القرن التاسع عشر وصولاً إلى فوضى تدخلاتها في منطقتنا وآخرها فوضى ما يسمى بـ«الربيع العربي»، والإسقاط الآخر بأن المتغطي بأمريكا من العربان أو غير العربان.. فعلاً عريان!

ختاماً، على رئيس أوكرانيا أن يقرأ التاريخ جيداً، وينظر إلى توازنات القوى بشكل واقعي، وإلى موقع أوكرانيا الجيو سياسي والاستراتيجي، فروسيا اليوم تقود حربها بنفسها في أوروبا، وليست حرباً بالوكالة كما حدث في يوغسلافيا بين البوسنة والهرسك والصرب وكرواتيا، فلا الجغرافيا ولا التاريخ ولا السياسة ولا المصالح نفسها تتقاطع هنا مع أزمة أوكرانيا، ولا حتى الساسة أنفسهم!
23:44 | 9-03-2022

بوب مارلي الذي تنبأ بغزو روسي !

«في الأيام القادمة، عندما تُقتل الناس مجدداً، ولا تجد في ذلك أمراً مستنكراً.. وعندما ترى الجار يحارب جاره، والأخ يحارب أخاه.. عندما ترى روسيا تبدأ بالغزو، وأمريكا توقف مساعداتها.. ستعلم حينها جيداً معنى أهمية أن تظل ويظل الناس على قيد الحياة!»...

هذه كلمات للمغني الجامايكي العالمي المشهور «الأسطورة» بوب مارلي من إحدى أغانيه النادرة جداً ويكاد لم يسمعها أحد لندرة توفرها وتداولها، والمفارقة بأن الأغنية حملت اسم «غزو روسي Russian Invasion» حرفياً!، وقد كانت إحدى آخر ما غنّى بوب قبيل وفاته قبل أكثر من أربعين عاماً! ومعلومة هنا قد يجهلها الكثير من «سمِّيعة» بوب، بأنه قبل أن يشتهر عالمياً كمغنٍ، كان يشتهر في صغره في مدينته «كينغزتاون» بجامايكا كقارئ كف، وتنبأ حتى في صغره بأنه سيموت وهو في سن (36 عاماً)، وقد كان ذلك.

قفزت إلى ذهني كلمات أغنية بوب هذه التي أحتفظ بنسخة «سي دي» منها منذ سنين، مع إعلان بدء الغزو الروسي لجاره الأوكراني، والحروب في أدبيات الشؤون الدولية تتأرجح إرهاصاتها وتداعياتها بين دولة تصنع حرباً، وحرب تصنع دولة.. والأزمة بين روسيا وأوكرانيا اليوم ليست استثناء.. والمؤكد بأن روسيا وأمريكا تتخذان وستتخذان من مقولة معروفة في عالم السياسة التي تقول: «إياك أن تدع أزمة جيدة تذهب هباءً»، محركاً في تجاذباتهما في أوكرانيا ولتصفية حساباتهما القديمة والجديدة.

وها هي روسيا اليوم قد صنعت حربا، وصنعت دولتين (باعترافها باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك التابعتين لأوكرانيا) - وربما ثالثة؟!- بحربها اليوم.. وربما تصنع هذه الحرب – إن استفحلت – روسيا جديدة إما مهزومة أو منتصرة عبر أن تنصاع لها أوكرانيا وأوروبا والناتو وحتى أمريكا، أو في المقابل أوكرانيا جديدة سواء بالكيف الروسي أو الأمريكي الأوروبي. والمراقب المختص الآن يترقب تدخلاً أمريكياً لموازنة قوى المواجهة أو ربما ديبلوماسية الصعقة والساعات الأخيرة، وربما تطرأ مراجعة روسية لما قد تتكبده اقتصادياً من حرب وعقوبات شديدة فرضت وستفرض عليها دولياً لضعضعة اقتصادها وثنيها عن خلق حرب عالمية ثالثة.

في التحليل السياسي الصرف لدافع الغزو الروسي لأوكرانيا، فروسيا تتصرف اليوم بواقعية سياسية من بسط مركزية دولتها المتمثلة في القوة، عبر تأمين حدود دولتها من خطر تمدد وتوسع «الناتو» - وأمريكا بطبيعة الحال - على أطرافها سواء بضم دول من أوروبا الشرقية لعضوية الناتو أو من تواجد الناتو العسكري فيها عبر قوات وقواعد، وهو ما تطالب بوقفه روسيا منذ أكثر من 30 عاماً من ضم الناتو لدول تقع على أطراف روسيا، وأوكرانيا تسعى منذ سنين جاهدة بأن تنضم لحلف الناتو – الذي وعدها بذلك – لتتحصن من الخطر الروسي المحدق بها، بالمادة 5 من قانون الحلف المتعلق بالدفاع المشترك وصد الحلف لأي عدوان ضد دولة عضو فيه.

والجديد في «الغزو الروسي» اليوم بأنه تدارك أخطاءه في أفغانستان، واستفاد من درس أمريكا التي حارب بالوكالة عنها يومها في أفغانستان تنظيم «القاعدة» عندما كانت أمريكا تصفهم بـ«المقاتلين من أجل الحرية»!، وأوجدت لها روسيا «قاعدة» في أوكرانيا عبر الانفصاليين في إقليمي لوغانسك ودونيتسك الأوكرانية.

حتى مع المسوغ الجيوسياسي والاستراتيجي الروسي المذكور آنفاً، تبقى خطوة غزو أوكرانيا بربرية وتهدد السلم الدولي وتنتهك القانون الدولي في ما يتعلق بسيادة الدول واحترام الجوار، هذا وروسيا عضو دائم في مجلس الأمن، ولهذا السبب بات تغيير تركيبة هذا المجلس العتيقة ملحّاً اليوم قبل أي وقت مضى!

ختاماً يقول صاحب كتاب «الأمير» الشهير «ميكافيللي»: «تستطيع أن تبدأ الحرب متى ما شئت، ولكنك لن تستطيع أن تنهيها متى ما شئت».. وهذه أفضل نصيحة قد تقدّم اليوم إلى «قيصر الحرب» بوتين.
00:34 | 25-02-2022

مساحة «عكاظ» والسفير آل جابر

استضافت بالأمس «عكاظ» الغراء، عبر حسابها على منصة تويتر «مساحة» كان ضيفها سفير خادم الحرمين في اليمن المشرف على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، محمد آل جابر.. وهي المساحة التي تداعت لها حسابات تويتر بحجم الضيف والمضيف، وكنت أحد من حرص على التواجد فيها، ولولا ضيق وقت المساحة لكانت لي مشاركة فيها بمداخلة، وإن كانت مداخلتي هناك أو هنا على شكل مقالي هذا ينطبق عليها القول.. لا عطر بعد عروس، ولكنني أجدها تساؤلات مُلحة، وفي المساحتين ما كنت لأُطيل.

توطئة مهمة ومستحقة قبل تساؤلاتي، لا ينكر مُنصف من الإنس – والجن! – نبل أهداف الحراك العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية منذ سنوات وحتى لحظة النصر – القادم قريبا بإذن الله – متمثلاً في تحالف إعادة الشرعية، هذا الحراك الذي يوازيه «مارشال» سعودي إعماري إنساني هو الأكبر في التاريخ المعاصر بعد المارشال الأمريكي في فرنسا في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية.

أما التساؤلات فأولها أوجهه إلى من يفترض توصيفهم كـ«حلفاء» للسعودية، وأعني تحديدا أمريكا وفرنسا.. لماذا «الخجل» و«التردد» في تصنيف شرذمة الحوثي، كجماعة إرهابية؟ وهذا أقل دور مساند ممكن أن يقدمه «الحليف» لحليفه في حربه ضد إرهاب الحوثي لليمن أرضاً وشعباً؟ هل تناست أمريكا سابقاً دور الحليف السعودية المساند في حربها ضد الإرهاب، الذي أشادت به أمريكا مرارا وتكرارا؟ ولعل استعادة محافظة شبوة مؤخراً من قبل قوات الشرعية، سيفاجئنا بخطوة أمريكية فرنسية – على وقع مجبر لا بطل! – لتصنيف الحوثي كجماعة إرهابية.. باعتبار استعادة التحالف لشبوة التي تتضمن «ميناء الغاز» الذي تستثمر فيه أمريكا وفرنسا وتربحان منه المليارات؟!

والتساؤل الآخر، لماذا حابى ويُحابي الغرب وأمريكا أصل منبت الإرهاب وتفرعاته في المنطقة إيران عبر إعادة التفاوض مجدداً حول برنامجها النووي، على حساب القوة الإقليمية الأكبر في المنطقة وهي بلا جدال السعودية؟ وأذكر في هذا المقام والشيء بالشيء يذكر – ولعله مدخل للإجابة عن سؤالي –، مقالاً كتبه في «الفورين بوليسي» عالم السياسة الأمريكي المشهور‏ كينيتث والتز، قبيل وفاته في عام 2013، وكان آخر ما كتب، وجاء على شكل توصية ووصية لتلميذه والرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما، حثه فيه على تمكين إيران من الحصول على القنبلة النووية، معللاً ذلك بأنها خطوة ستعمل على إعادة موازنة القوى في منطقة الشرق الأوسط، وإنهاء استئثار «إسرائيل» بكونها القوة النووية الأوحد في المنطقة.. ولكم أن تتأملوا عدم فهم مثل «والتز» لديناميكية القوى في المنطقة وتحالفاتها بل وحتى لغة الأرقام البسيطة التي تجعل من السعودية القوة الإقليمية الأكبر في المنطقة، وهو ما فهمه بخلافه «صاموئيل هانتينتغتون»، عندما صنّف القوى بحسب المناطق الجغرافية، وجعل من السعودية القوة الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وأسفلها كتهديد مضاد تأتي إيران.. ولا يلام مثل «والتز» فهو من مدرسة «واقعية» في السياسة ترى بأن توازنات القوى ومبدأ الردع يأتيان أولاً.. ويبقى واقع السياسة الخارجية السعودية ولغة الأرقام هما الفيصل في كون السعودية هي القوة الأكبروالأعقل في المنطقة.

قبل الختام، كم أحسن وأصاب معالي وزير الخارجية – آنذاك – عادل الجبير، عندما خاطب أمريكا والغرب – في لقاء/‏ محفل دولي – إبان بداية عمليات تحالف الشرعية في اليمن قائلاً ما مضمونه: «إذا تحركت السعودية لبسط النظام والأمن في المنطقة.. قلتم: (لماذا؟)، وإن لم تتحرك قلتم أيضاً: (لماذا؟)»!

ختاماً، كفيت ووفيت سعادة السفير في مساحة «عكاظ»، وكفيت ووفيت ولم تزل في «مساحة» دورك الكبير المحمود سفيراً للسعودية وخادم الحرمين في اليمن ديبلوماسيا وإنسانيا.

وشكراً «عكاظ» لمثل هذا «الزووم» الصحافي المبدع، الذي قربنا أكثر من مجريات وتطورات الأحداث في اليمن، وجعلنا على مسافة ومساحة واحدة مع مصدر رئيسي وموثوق للمعلومة، مثل السفير آل جابر.
00:19 | 26-01-2022