وزير المالية السعودي محمد بن عبدالله الجدعان
وزير المالية السعودي محمد بن عبدالله الجدعان
-A +A
«عكاظ» (جدة)

أعلنت وزارة المالية اليوم (الخميس) البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022 بالتزامن مع إصدار تقرير الأداء المالي والاقتصادي نصف السنوي للعام 2021، وسط توقعات بأن يبلغ إجمالي النفقات نحو 955 مليار ريال خلال العام 2022، مع استمرار العمل على تعزيز كفاءة الإنفاق، والمحافظة على الاستدامة المالية، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وكذلك برامج الرؤية ومبادراتها ومشاريعها الكبرى، وإعادة ترتيب الأولويات بناء على التطورات والمستجدات، وإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية أمام الصناديق التنموية والقطاع الخاص، إضافة إلى تخصيص بعض البرامج والخدمات الحكومية، ومشاريع تطوير البنى التحتية.

ويقدّر البيان التمهيدي أن تؤدي العودة التدريجية لتعافي اقتصاد المملكة إلى تطورات إيجابية على جانب الإيرادات للعام 2022 وعلى المدى المتوسط، إذ يتوقّع أن تبلغ نحو 903 مليارات ريال، كما يقدّر أن تنعكس جهود الحكومة المستمرة على تنويع الاقتصاد، من خلال تنفيذ العديد من البرامج والمبادرات ذات الارتباط المباشر بتحقيق مستهدفات رؤية 2030، بما يؤدي إلى استمرار نمو الإيرادات، لتصل إلى نحو 992 مليار ريال في العام 2024، مدفوعة أيضاً بتوقعات التعافي الاقتصادي المحلي والعالمي على المدى المتوسط بعد انحسار آثار جائحة كورونا.

ووفقا للبيان، أشارت التقديرات المالية العامة للميزانية على المدى المتوسط بين عامي 2020-2024، إلى أن توقعات إيرادات عام 2021 الحالي ستبلغ 930 مليار ريال، مقارنة ب849 مليار كانت متوقعة، بزيادة 9.54%، في حين أن نفقات عام 2021 ستبلغ 1.015 تريليون ريال، مقارنة ب990 مليار ريال كانت متوقعة، بزيادة 2.53%.

وأوضح وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان، أنه في إطار سعي الحكومة لتحقيق المستهدفات المالية، فستتم المحافظة على الأسقف المعتمدة للنفقات للعام المالي القادم 2022 وعلى المدى المتوسط، بما يعكس النهج المُتبع في السياسات المالية الداعمة لرفع كفاءة الإنفاق، لافتاً إلى أن الدور الفاعل لصندوق الاستثمارات العامة والصناديق التنموية، وتقديم برامج التخصيص، وإتاحة مزيد من الفرص أمام القطاع الخاص للمشاركة في مشاريع البنية التحتية، إضافة إلى الاستمرار في تطوير إدارة المالية العامة، ستسهم في زيادة كفاءة وفاعلية مستويات الإنفاق.

وأشار إلى أنه بالرغم من استمرار جائحة كورونا وما تشهده من تحورات جديدة تؤثر على حركة الاقتصاد ومعدلات النمو وحجم الطلب العالمي، إلا أن السيطرة على معدلات العجز في الميزانية العامة لعام 2022 تسير بحسب المخطط له، حيث يُتوقع أن يبلغ هذا العجز نحو 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وبما يقدر بنحو 52 مليار ريال، لافتاً إلى أن هذا العجز يقدّر أن ينخفض تدريجياً في ظل التوقعات بتحقيق فوائض في الميزانية بدءاً من العام 2023.

وثمن وزير المالية استمرار تعامل الحكومة مع الجائحة باحترافية وأداء مميز، في ضوء الإجراءات الاحترازية والتدابير التي اتخذتها للحد من انتشار الفايروس، من خلال السيطرة على أعداد الإصابات، وتعزيز كفاءة النظام الصحي، وتوفير اللقاحات لجميع المواطنين والمقيمين، إضافة إلى الاستثمار الكبير في البنية التحتية وسلاسل الإمداد. كما نوّه إلى أن مبادرات تحفيز الاقتصاد ودعم القطاع الخاص ساهمت في سرعة استجابة الاقتصاد، ففي النصف الأول من عام 2021 سجل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نمواً قدره 5.4% مدعوماً بنمو الناتج المحلي للقطاع الخاص الذي سجل نموًا قدره 7.5%. وأوضح أن التوقعات تشير إلى تسجيل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً نسبته 2.6% خلال العام الحالي 2021 مدفوعاً بنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل 4.2%.

ولفت إلى أن التوقعات تشير إلى تحقيق الناتج المحلي الإجمالي للعام 2022 نمواً قدره 7.5% مدفوعاً بنمو الناتج المحلي غير النفطي وكذلك القطاع النفطي، نتيجة التوقعات لرفع حصة المملكة من الإنتاج النفطي ابتداءً من مايو 2022 حسب اتفاقية «أوبك+»، وأيضاً تعافي الطلب العالمي، وتحسن سلاسل الإمداد العالمية. كما يتوقع أن يستمر النمو الإيجابي للناتج المحلي على المدى المتوسط مدفوعاً بنمو القطاع غير النفطي.

وبين أن هناك العديد من العوامل التي من شأنها دعم معدلات نمو الناتج المحلي غير النفطي منها: استمرار التقدم في تنفيذ برامج ومشاريع تحقيق الرؤية، والمشاريع الكبرى، وتطوير القطاعات الواعدة في الاقتصاد، والتقدم في تنفيذ العديد من المبادرات المعززة للاستثمار، وتحفيز الصناعة والصادرات غير النفطية، إضافة إلى العودة التدريجية لبعض الأنشطة الرئيسة إلى معدلاتها قبل الجائحة، وكذلك تعافي الاقتصاد والطلب العالمي، واستمرارية التنفيذ التدريجي للإصلاحات الهيكلية على المدى المتوسط في إطار رؤية 2030.

وأكد أن إستراتيجية الحكومة ماضية في الحفاظ على الاستدامة المالية وتعزيز الوضع المالي للمملكة، حيث يستهدف أن يصل إجمالي الدين العام خلال العام 2022 إلى 989 مليار ريال، أي ما نسبته 31.3% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنحو 30.2% في العام 2021، مع وجود مرونة في التعاطي مع الحاجات التمويلية حسب تطورات الأسواق. كما يقدر أن تنخفض نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 27.6% في العام 2024، مع توقع استقرار حجم الدين على المدى المتوسط، في ظل التوقعات بتحقيق فوائض في الميزانية، بدءاً من عام 2023، وتوجيه الإصدارات إلى سداد أصل الدين، والحفاظ على معدلات مناسبة من الاحتياطيات الحكومية لتعزيز قدرة المملكة على التعامل مع الصدمات.

ولفت إلى أن برنامج التحول الوطني ساهم منذ إطلاقه في تحقيق العديد من الإنجازات المهمة والمؤثرة في تطوير الأنظمة الحكومية، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، مثل تطوير الخدمات العدلية، والارتقاء بالرعاية الصحية، وتحسين المشهد الحضري، وتطوير البنية التحتية للمملكة كإنشاء محطات لتحلية المياه المالحة، وتطوير شبكة الربط التكاملية لها، وتسهيل ممارسة الأعمال، والتوسع في التحول الرقمي والحلول التقنية، إلى جانب تنظيم سوق العمل وزيادة جاذبيته، وتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في القوى العاملة، وتنمية القطاع غير الربحي، وتطوير القطاع السياحي.

وأشار الجدعان إلى أن برامج تحقيق الرؤية ساهمت في تمكين تملك الأسر السعودية للمسكن من خلال تسهيل إجراءات التملك باستحقاق فوري للحصول على القرض العقاري المدعوم، بالشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص، مبيناً أن برنامج الإسكان سيواصل خلال المرحلة القادمة جهوده لرفع نسبة تملك المسكن للوصول إلى نسبة 70% بحلول العام 2030 مقارنة بنسبة 62% في عام 2020، من خلال خدمة شرائح أكبر من المجتمع واستهداف الفئات الأشد حاجة، وزيادة جاذبيته للاستثمار من قبل القطاع الخاص، مما يضمن استقراره واستدامته.

وأوضح أن برنامج التخصيص يستهدف خلال العام 2022 الاستمرار في طرح فرص التخصيص، ودعم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص على المستويين المحلي والدولي في العديد من القطاعات، أبرزها المياه والصحة والإسكان والإعلام. كما يستهدف البرنامج زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 40% إلى 65% بحلول عام 2030، مبيناً أنه من المتوقع استمرار نمو القطاع الخاص بوتيرة أعلى من السابق لقيادة النمو الاقتصادي وخلق الوظائف للمواطنين والمواطنات.

واختتم وزير المالية تصريحاته بالتأكيد على أن الحكومة ستستمر خلال عام 2022 في تنفيذ المبادرات والإصلاحات المالية المعلن عنها خلال الأعوام الماضية وذلك استكمالاً لمسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي أجرتها الحكومة، بما يُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، إضافة إلى دعم مواصلة تنفيذ خطط التحول الاقتصادي للمملكة، وتمويل النفقات ذات البعد الاجتماعي، لافتاً إلى أن العمل جار على إعداد إستراتيجية لمنظومة الدعم والإعانات الاجتماعية تحت مظلة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، تعمل في ظل مسارين أساسين متوازيين أحدهما يركز على جانب تطوير السياسات المتعلقة بجانب برامج الدعم والإعانات، والمسار الآخر يركز على جانب الميزانية بما يضمن تحقيق الأولويات والأهداف الاستراتيجية للمنظومة.

يُذكر أن البيان التمهيدي يُعد أحد عناصر سياسة الحكومة في استمرار تطوير منهجية إعداد الميزانية العامة، ووضعها في إطار مالي واقتصادي شامل على المدى المتوسط، وتعزيز الشفافية والإصلاح المالي ومفاهيم المشاركة، والتخطيط المالي لعدة أعوام.

ويهدف البيان إلى إطلاع المواطنين والمهتمين والمحللين على تطورات أداء المالية العامة خلال العام 2021، وأهم المستهدفات المالية وتقديرات المؤشرات الاقتصادية لعام 2022 وعلى المدى المتوسط، إضافة إلى استعراض المبادرات والبرامج المخطط تنفيذها خلال العام المالي القادم في إطار مستهدفات رؤية المملكة 2030. كما يشار إلى أن الميزانية عادة ما تُعتمد في شهر ديسمبر من كل عام، وقد تتضمن تعديلات على ما ورد في هذا البيان التمهيدي في ضوء ما قد يستجد من تطورات مالية واقتصادية.